شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2016-03-15 |
الحزب وأهالي الكورة والشمال شيعوا الدكتورة مي عبد الله سعادة في مأتم حزبي وشعبي مهيب |
شيع الحزب ومنطقة الكورة والشمال الشاعرة والأديبة الدكتورة مي سعادة بمأتم حزبي ورسمي وشعبي مهيب في اميون الكورة، يليق بمناضلة أعطت أجمل سنوات عمرها في الصراع من أجل قضية تساوي وجودها، فلم تعتب عليها السجون، وهي التي وقفت وقفات عز إلى جانب زوجها الرئيس الأسبق للحزب الراحل الدكتور عبد الله سعادة، وهي التي انضمت في وقت مبكر إلى موكب أمهات شهداء الحزب، يوم قدمت فلذة كبدها نقولا شهيدا من أجل وحدة الوطن. قضت عقودا طويلة في ممارسة أنبل مهنة، تداوي آلام المرضى، وتقدم العافية للمحتاجين، مخيمات الفلسطينيين في شمال لبنان تعرفها، وأحزمة البؤس المحيطة بمدينة طرابلس وأحياء المدينة خبرت براعتها ومحبتها للناس، تقدم العلاج والدواء، وهي السيدة التي ما توانت يوماً عن واجباتها تجاه أسرتها، فأعطت للأمة شباباً مارسوا الحياة بعزة وإباء. وشارك في وداع الراحلة الدكتورة مي سعادة إلى جانب عائلتها ونجلها عضو المكتب السياسي الأمين سليم سعادة وأهالي أميون والكورة، قيادة الحزب، وممثلوا الرؤوساء والرسميون ورجال الدين وطيف واسع من والأصدقاء، أطباء أدباء شعراء وأساتذة مدارس وجامعات، ووفوداً من مختلف مناطق الكورة، ومن طرابلس والبترون وزغرتا وعكار. وتقدم المشييعن رئيس الحزب الأمين أسعد حردان، نائب الرئيس الأمين توفيق مهنا، رئيس المكتب السياسي المركزي الأمين علي قانصو، الرئيسان السابقان للحزب الأسبق الأمين مسعد حجل، والأمين جبران عريحي وعدد كبير من اعضاء القيادة الحزبية. ومثّل دولة رئيس المجلس النيابي نبيه بري ودولة رئيس الحكومة تمام سلام النائب اسطفان الدويهي، وتمثّل رئيس تيار المردة النائب النائب سليمان فرنجية بنجله طوني فرنجية والوزير السابق يوسف سعادة، ومثّل قائد الجيش العماد قهوجي العميد فوزي خوري، ومدير مخابرات الجيش العميد الركن أدمون فاضل المقدم نجيب النبوت. وشارك في التشييع، وفد من حزب الله والمقاومة تقدمه عضو المجلس السياسي الحاج محمد صالح، عدد من ممثلي الأحزاب والقوى والهيئات، وفاعليات المنطقة ورؤوساء بلديات ومخاتير وحشد قومي وشعبي. سار في مقدمة موكب التشييع حملة الأعلام والأكاليل، بينها إكليل باسم رئيس الحزب، وأكاليل اخرى باسم رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء، وقد رفعت ثلة من "نسور الزوبعة" النعش على الأكف ملفوفا بعلم الزوبعة. الموكب المهيب سار على طول الاوتوستراد وسط هتافات "يا أبناء الحياة"، صعودًا إلى كنيسة مار جاورجيوس، حيث كان حشد كبير ينتظر وصول الجثمان، الذي اخترق الصفوف إلى داخل قاعة الكنيسة. بعد الصلاة، ألقى الأب الياس نصّار كاهن بلدة أميون، كلمة عدد فيها مزايا الراحلة، ورحب بالحضور وبالمسؤولين. وألقى عبدالله ديب كلمة جاء فيها: ها نحن اليوم نلتقي في وداع الزوجة التي ذاقت مرارة الاعتقال، الأم التي فاخرت بابنها نقولا يوم استشهاده، السيدة التي اعتبرها كل من التقاها أمه، حتى أسماها القوميون الاجتماعيون أمنا، إنها باختصار مي سعادة. في الطب برعت، في الشعر أبدعت، في الرسم أشرقت، في المجتمع رائدة، في البطولة قائدة، هي السيدة المتكاملة، هي مي سعادة التي قالت لحضرة الزعيم أنطون سعاده عند زيارته لطرابلس عام 1948: أزعيم سوريا وباعث روحها إن الرجاء سعادة بك يعقد! إنا وثقنا مذ رجعت إلى الحمى أن الحياة لنا وأنت لها الغد وألقت كلمة العائلة إبنة الراحلة، الدكتورة ليلى سعادة فرح فقالت: من أين أبدأ يا أمي؟ وعلى ماذا أُضيء يا غطاء أيام الصّقيع؟ وما هي حدود عائلتك يا أمي؟ أفرادها؟ شموخ أميونها؟ اعتزاز كورتها؟ كِبَرُ طرابلسها؟ امتداد شمالها؟ تراب وطنها؟ أو جحافل شهدائها يا أمّ الشهيد، أمّ الشهداء.. كيف أُنصفكِ يا أمي في يوم الرّحيل إلى جنة الخلد، جنة الحبيبين؟ كيف أنصفكِ يا ذاكرة القرن لمجتمعٍ باسره؟ كيف أُنصفك؟ طبًا وشعرا، أدبًا وفكرا، نضالاً وأسرا، صعوباتٍ مرّة، مواقف كبرى، شموخًا وفخرا... كيف أنصفكِ يا أمي، يا سيدة المنبر والكلمة؟ كيف أُنصفكِ؟ قِيماً حرة، وفاءً بِرّا، إيماناً وِفرا، عطاءً بحرا، حناناً وسحرا... ويا " بطل الشياح" ماذا تروم؟ في عرس خلودها هذا فلا الفراق فراقا، ولا الرحيل رحيلا، لا الغياب غيابا ... لأنها سكنت روحها في أرواحنا وقلبها في قلوبنا وتاريخها المجيد في ذكرياتنا ... فكم طببّت يا أمي، فناحت قلوب مرضاك شذى وشكرا... وكم نظمت، فتمايلنا على أبياتك المتألقة سكرى ... وكم أحببت، فضمّتنا أجنحة مشاعرك أروع غمرة ... وكم زرعت، فسكبتِ خيراتك لتنبتي زهورا... وكم أبدعت، فتلألأت عيوننا سعادة ونورا... وكم ناضلت، فشاركك مسيرتك الأبطال نسورا ... وما تعبت، فحملت الصليب الكبير عمرا ... وتمنّيتُ يا أمي لو أنّ لديَّ موهبتك الشعرية، لأردَّ لك اليوم بعضاً من بعض ما لك عليَّ ... ورحت ألملمُ فتات موائدك الأدبية السخيّة، وغمستُ ريشتي في حبّي المتناهي وذكرياتي الغنية، واليوم، قررت أن أطلق العنان لمشاعري وأن أقلّد وقفتك الأبية، فكانت هذه الأبيات لك أميرتي، نظمها قلبي ولونتّها محبتي الوفية . إنّ الذي بين أمي وبيننا لمختلف جداً، قوامُه محبّة، عصبُه أصالة، لن يعرفَ البعدَ.. صاغه حلمُ نمرٍ أبرصٍ وخيالُ، روته دماء نقولا وآمالُ، داوته يداها، رفدته أجيالُ، نظمته شعراً، نسجه الكمالُ، حاكتهُ بودِّ سنين طوالُ، ملعبه الإباء، شمسه الوفاءُ، حدوده السماءُ، يعانق الرّبَّ... أمي جبَلْتِ الطبّ بالمُثُلِ، والنضالَ بالأملِ، سقيتِ طفولتنا العطشى لأبي بالقُبلِ، ثابتةٌ أبدا، بلا كللٍ ولا وجلٍ، بنيتِ للبطولةَ منبرا، وللشهادةِ معبرا، وللمواطنةِ مهدا... ما رضيتِ الرضوخَ لواقع الحالِ، مارستِ التحدّي، سعيتِ للأعالي، صهرتِ النفوسَ ما بعدَ المُحالِ، زرعتِ الإيمانَ، صقلتِ الإنسانَ، فكنتِ الردَّ.. أنتِ أمٌّ رسَمَها حُلُمُ، تلبّي الدّعوةَ وللصعاب تبتسمُ، نورها ببريق الشمسِ يلتئمُ، جبينها بقمم العزّ يلتحمُ، قوّتُها التزامُ، سعيها سلامُ، حياتها إقدامُ، حقَّقتِ المجدَ... ما بيننا لن يطاله مرورُ الزمانِ، ولن يغيِّرَ فيه تبديلُ المكانِ، أصيلٌ، ثابتٌ، ونَسَجَتْهُ الأماني، مَرْبَضُه القلبُ، مكنَزُهُ الحبُّ، نثرتِهِ وردا، لذا، فالذي بين أمي وبيننا لمختلفٌ جدّا... وختمت: أيها الأحباء والاصدقاء، العائلة بأسرها تشكركم عميق الشكر على حضوركم ومشاركتكم ومؤاساتكم ومحبّتكم، وتشدّ على أياديكم وتقبّلكم فرداً فردا، وتطلب من الله تعالى أن يحفظكم، ويبعد عنكم كلّ مكروه، وتتمنّى أن تردّ لكم الجميل في مناسبات الفرح والسعادة والعزّ والخير، وتتمنّى عليكم وبإصرار كبير خلعَ السوادِ لأنّ تلك مشيئة الوالدة. نشكركم... ثم نعودُ فنشكركم... فنعودْ... ثم ألقى كلمة الحزب نائب رئيس الحزب الأمين توفيق مهنا فقال: في أية مناسبة أو زمانٍ أو مكان، يذكر اسم الدكتورة مي سعاده يحضر إلى الذهن تلقائياً رمزية أيقونة تحيط بها هالةٌ من الاحترام والهيبة والعنفوان والكرامة. الدكتورة مي سعاده هي جوهرةُ نهضوية في فضائنا الانطاكي المشرقي الرحب، يأخذك بريقها المضيء وتسحرك ومضات أشعتها من أي زاوية نظرت اليها. هي مثال الإنسان الجديد في أمتنا الذي تكاملت في شخصه الصفات الراقية واتحدت: هي الطبيبة الناجحة والرائدة، والمناضلة الملتزمة والخطيبة المفوهة والمقاومة الصلبة والشاعرة المرهفة، هي الزوجة الوفية للرئيس الراحل والقائدٍ التاريخي اللماحُ في مزاياه، الأمين الدكتور عبدالله سعاده، كانت شريكته في تحمل أعباء مسيرة الحزب والنهضة والقضية، ولم تلتفت او تتهيب أية مصاعب او تحديات او أهوال. هي الأم التي ربت ورعت أسرة قومية اجتماعية متسلحة بالعلم والمعرفة والثقافة والأخلاق والمناقب، أسرة شقت طريقها وتبوأت مراكز مرموقة على المستوى المهني والسياسي والأكاديمي، من الدكتور حنا إلى الشهيد المهندس نقولا، ومن النائب السابق الامين سليم, الى الدكتورة ليلى العميدة في الجامعة اللبنانية، فأضافت إلى رصيد البيت الكبير أرصدةً كبيرة بجهدها وتفانيها. الدكتورة مي أم استثنائية أنجبت شهيداً، لم ترثه شعراً، بل غزلت له أبياتاً من الشعر بأحرف العز ووهج الشهادة ووجدان الأمومة الصادقة. وصدح صوتها امام جثمان البطل نقولا المسجى تحت مرأى نظرها شعراً: أيا بطل الشياح اني فخورة ٌ ........... ورأسي ما بين السحاب مقيمُ الحياة في قاموس أمهات شهدائنا وقفة عز في ابجدية لغتها الشهداءُ أحياء لا أموات وهم طلائع الانتصارات الكبرى. هي صورة الأم المعطاءة في أمتنا، قدوة نضالية متألقة، كما أمهات أبطالنا وشهدائنا وأجيال النصر الاتي في فلسطين والجولان والشام ولبنان والعراق، يحملن أجساد أبنائهن الطاهرة فوق الراحات ويعدن بمزيد من قوافل الشهداء، كي لا يضيع الوطن والأرض والهوية. في قاموس أمهاتنا الحياة لا تكون إلا وقفات عزٍ من أجل القضايا النبيلة، وهل من قضية أنبل من قضية الأمة ومقام أعلى من مقام الوطن مكللاً بالشهادة والكرامة. أضاف نائب رئيس الحزب مخاطبا الراحلة: ترحلين ويبقى حضورك يشع في وجداننا. وأنت ابنةٌ بارة لكورة العلم والنور والنهضة، الكورة المخضوضرة بزيتونها الدهري في كل الفصول، ما غبت عنها يوماً، لا عن عائلاتها، ولا بيوتاتها، ولا عن هموم أبنائها وتطلعاتهم، ولم يجبرك في أي ظرف مد التطرف الظلامي على مغادرة مدينة الفيحاء طرابلس عاصمة الشمال، مدينة العلم والعلماء والانفتاح والانتماء، حيث كنت تمارسين مهنة الطب بأخلاقٍ رفيعة، وتزاولين عملك في أصعب الظروف وأقساها، وتتنقلين بين احيائها وفي المخيمات الفلسطينية المحيطة تعاينين المرضى وتسعفينهم بالدواء، من طهر يديك رأت النور اجيالٌ جديدة، وأبدعت اناملك أشعاراً مغناة. نأتيك من كل مكان من هذا الوطن، حاملين رسالة النهضة وباعثها الزعيم أنطون سعاده، محطمين الأصفاد والأغلال التي تمزق وحدة شعبنا وتعيق نموه وتقدمه وتطوره. أضاف: صفوفنا صفوف أبناء النهضة القومية الاجتماعية، برهان قاطع أن لبنان جديد قد ولد من خميرة مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي، التي جددت حياتنا ووضعت قيماً لمفاهيم جديدة، وأن كل ادعاء أو ترويج لأستحالة تجاوز لبنان النظام الطائفي وتركيبة الديمقراطية الطوائفية ساقط حتما، ويحمل الغش والتزوير ويصادرُ إرادة التجديد والتطوير ويمنعُ العبور الى الدولة الديمقراطية المدنية العلمانية المرتجاة التي هي قارب النجاة الوحيد من بحر الظلمات وموجه القاتل. إنها أغلال التعصب الطائفي والمذهبي، وأصفاد الحقد الجاهلي المتخلف، وقيود قوى الرجعة والتبعية والارتهان التي تمعن تمزيقاً وتفتيتاً وتشتيتاً، وتحول الدولة حطام، والمؤسسات حطام، والهوية الوطنية الجامعة حطام. الى متى يستمر الاستنزاف والتدمير الذاتي لمقومات الدولة والمجتمع؟ الى متى يستمرُ بث السموم وطعن المقاومة وتشويه صورتها، وهي أنبلُ ظاهرة ومخزون يعبرُ عن إرادة شعبنا وعن القوة التي قهرت عدو المصير القومي العدو اليهودي الصهيوني. الى متى هذا الانحطاط في وصم المقاومة إرهابا ترى من يقاتل الإرهاب إذاً أهي الانظمة التى تموله وتغذيه وتدربه ونفتح له المعابر، ليضرب محور المقاومة في أمتنا خدمة مجانية مفضوحة لعدونا؟ وحدها المقاومة ومحورها يؤسس معادلة الانتصار ويصنع فرقاً في قواعد الاشتباك مع العدو ويعد بالنصر الدائم. واستطرد قائلا: في أول صباها تظاهرت الدكتورة مي مع مجموعة من الرفيقات والمناضلات داعيةً الى إطلاق حرية المعتقلين القوميين الاجتماعيين في ثلاثينات القرن الماضي، واستضافتها سجون النظام اللبناني في الثورة القومية الاجتماعية الثانية عام 1962. لم يرهبها سجنٌ أو سجان، خرجت من السجن أكثر صلابة ًوعناداً ووجهت رسالتها التاريخية الى زوجها رئيس الحزب الدكتور عبد الله سعاده وخاطبته في سجنه قائلةً: (إن وقفة جريئة واحدة في الحياة تكفي. كرامتك ومصير حزبك أهم عندي منا، ومن حياتك رغم أنها غالية ٌ جداً على قلبي) . هذه مي هذه شخصتها ومسيرتها المتألقة حيث كانت على الدوام مسيرة صعودٍ نحو القمم. لأن اقدامها مشت على ( درب القمر). أليست دروب الكورة الخضراء كلها درباً للقمر، كما اختصرها الأديب القومي الكبير فؤاد سليمان، أبن النهضة القومية الاجتماعية وأبن الكورة الشامخة؟ الوفاء كل الوفاء لك، والامتنان لمسيرتك وبصماتك الحية, وعهداً أن نكمل المسيرة وان تلهمنا سيرتك الناصعة لنوحد كل قدراتنا وإرادتنا، لتبقى راية حزبنا مرفوعة وتنتصب هاماتنا كالبنيان المرصوص وحدة قومية قادرة على مصارعة تنين المفاسد والإرهاب والتخلف والجهل، حتى نقضي عليه ونحرر شعبنا من براثنه القاتلة. تحية اكبار لروحك يغيبُ الجسد وتبقين انت دائمة الحضور. |
جميع الحقوق محفوظة © 2024جميع المقالات التي تنشر لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع |