شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2016-03-18 |
مـن تـاريـخـنــــا - الرفيق حنان المقيم في مخيم الطلبة والأشبال في بلدة بولونيا |
مئات بل آلاف الألاف من أشبال وزهرات، طلاب وطالبات، رفقاء وأصدقاء، ممن خضعوا لدورات في المخيم الصيفي الذي كانت تقيمه عمدة التربية والشباب في بولونيا، تعرّفوا الى رفيق أقام في المخيم، صيفاً شتاءً، شبه ضرير، ذكي جداً، يفوح طيب الحزب من كل كلمة وتصرف، أحبوه كما أحبهم، وكانوا يأنسون الى حديثه وحكاياته ومروياته الحزبية. هذا الرفيق الذي كنت أسأل عنه كلما زرت المخيم، فيعرفني فوراً من صوتي، لم أعد أراه بعد ان انتقل المخيم الى مكان آخر. الى من يلتقي به، حيث هو في أي مكان، آمل أن ينقل له تحيتي القومية والكثير من تقديري لنضاله الحزبي، ولتجسيده الحزب في تصرفاته وتعاطيه. وآمل من الذين عرفوه في المخيم ولهم معه ذكريات ومرويات أن يكتبوا الى لجنة تاريخ الحزب. في كتاب "سراديب النوم" ينقل الأمين شوقي خيرالله إفادة الرفيق كمال عبدالحنان أمام محكمة التمييز العسكرية في العام 1963. بدورنا ننقلها بالنص الحرفي كما وردت في الصفحات 219-222. فهل هو نفسه الرفيق حنان المذكور أنفاً؟ سيدي الرئيس ، أنا الرفيق كمال عبدالحنان كردي، وأصلي من جبل الأكراد. في جبل الأكراد خمس طوائف: سنيون، ويزيديون، وعباد الشيطان وعباد النار وعباد الأصنام. ومن يلعن الشيطان أمام عباد الشيطان يُذبح فوراً. الطوائف الخمس على خلاف مستمر. ولما ظهرت حركة القومية العربية في جبل الأكراد أسرع الأكراد بالمطالبة بدولة كردية مستقلة، برغم علمهم أن هذه الدويلة ضرر بالغ عليهم وثم على غيرهم. فلما تعرفتُ أنا على العقيدة القومية الاجتماعية خفّت شوفينيتي الكردية وعنصريتي الجامحة وتصالحت مع المجتمع السوري الذي يحضن الجميع في إطار القومية الاجتماعية، وفي اطار العروبة الواقعية. في القومية الاجتماعية لم أعد معنفصاً بكرديتي على جميع ما عداها، ولا عدت محتقراً إزاء الآخرين. بل الجميع سواسية في المعتقد والانتماء والأخلاق. وشعرت بالمساواة الجوهرية والحقيقية ما بيني، أنا شبه الأمي، وبين المتعلمين والأساتذة على أن بيننا الاحترام الرفاقي والعصبية والمحبة. قبل انتمائي الى الحزب كانوا ينادونني "يا كردي" فلما انتميت وتعرف علي الرفقاء في المديرية والمنفذية وغيرهما صار اسمي الرفيق كمال. وقد تعلمت مكارم الأخلاق في معشري بالمديرية والحي، وحسن المعاملة والأمانة في العمل والحفاظ على العرض والجار، وعلى كل مواطن وعلى الوطن. في العام 1956 حصل الاعتداء الثلاثي الاستعماري على مصر والسويس وعبد الناصر ففتح الحزب باب التطوع لنجدة مصر فتطوعت مع أكثر رفقائنا في المنفذية. وفي العام 1958 تطوعنا في الميليشيا الحزبية للحفاظ على الحي والمواطنين والنظام الاجتماعي وأمّنا التموين للجميع بدون زعبرة ولا مافيات. في العام 1961 تطوعنا للدفاع عن تونس ضد الاستعمار(1) وعقدنا مهرجاناً للتأييد ولكن الدولة منعتنا من التظاهر ويا ليتها تمنع التظاهر مع اسرائيل.
سيدي الرئيس، أنا مديون للنهضة التي علّمتني حبّ بلادي جميعاً وشعبي كله سواء أكانوا أكراداً أم أرمن أم مسيحيين أم عرباً أم من مطلق طائفة ومذهب ومنطقة. النهضة صالحتني مع العروبة الحقيقية بغير أوهام دينية أم عرقية أم لغوية بل بسبب الرابط الاجتماعي والشراكة في الأرض والانتاج والقيم. وصرت مستعداً من كل قلبي وعقلي لأن أضحّي لها وأن أموت لأجلها. وكم سررت عندما زرت أهلي في جبل الأكراد فوجدت منفذية من شبابنا وفتياتنا يبلغ عددها حوالي 400، وقد تحرروا من سخافات التوهّم العرقي وأدركوا معنى الانتماء الاجتماعي والولاء القومي المنبثق من المجتمع، لا من طائفة ولا مذهب ولا قبلية بدائية ولا من انتماء اقطاعي. فلماذا لا أحب عقيدتي ونهضتي والحزب وكل عضو فيه؟ سأل رئيس المحكمة: فهمنا. فهمنا. أنت من أي طائفة؟ - الجواب: أنا قومي اجتماعي - طيب. طيب. ما هي طائفتك قبل دخول الحزب ؟ - قبله وبعده، وأنا مسلم سني مؤمن وأنا قومي اجتماعي مؤمن، ولا خلاف بين الإيمانين أبداً، كما هي الحال تماماً مع الرفقاء المسيحيين. - طيب. فهمنا. خبرني عما فعلت ليلة الانقلاب. - جواب: ليلة الأحد كنت سأنام عند الرفيق شفيق طعان(2)، فذهبت الساعة 7:30 مساءً لأقصّ شعري عند الرفيق عادل الطفيلي حيث يجتمع الرفقاء عادة. فهمت منهم أن الأمينة الأولى قدمت من الشام الى ديك المحدي. ويجب أن نصعد للسلام عليها. فصعدنا الى ديك المحدي وبقينا حتى الساعة 11 فوصل رئيس الحزب ومعه الرفيق عبدالله جبيلي(3) . وأمرنا الرفيق عبدالله بالانقسام الى مسلحين وعزّل. فدخلنا الصفوف بحسب الأوامر. أنا كنت أعزل فسلمني الرفيق عبدالله رشاشاً. وأنا أعرف الرفيق عبدالله وخدمت معه العام 1958 في الشمال حيث كان يتعاون مع الجيش اللبناني والنقيب شوقي خيرالله لحفظ المجتمع والنظام. بعد فترة توزعنا الى مهمات متعددة. أنا أمرت أن التحق بسيارة الرفيق صبحي أبو عبيد(4). فتحركت القافلة الى وادي الجماجم. وعند بسكنتا أوقفنا الجيش اللبناني وقبض علينا، وكان معي ثلاث ليرات لبنانية وعدة قروش سورية صودرت مني. ولكني فوجئت بعد يومين أن الإذاعة الرسمية في الدولة اللبنانية تقول إنهم ألقوا القبض على كمال حنان وصادروا منه أموالاً طائلة وبعملات أجنبية مختلفة. ثم أذاع صوت العرب من القاهرة أن المجرم الكبير كمال حنان كان على رأس قوة في مرفأ بسكنتا(5) منتظراً وصول الأسطول البريطاني الى هذا المرفأ لينقله مع الأموال والمقاتلين الى عرض البحر والى بلاد أخرى. والأغرب أن والدي جاء يزورني في السجن وراح يطالبني بمقدار من الأموال التي لا تزال معي عندما تأخر الأسطول البريطاني عن الدخول الى مرفأ بسكنتا. سألته: من أين هذه الأخبار؟ أجابني: من صوت العرب/القاهرة ، وكتبتها جميع الصحف والمجلات في لبنان. سيدي الرئيس، هذه جريمتي. ولست نادماً على تنفيذ أوامر المسؤول الحزبي. فاحكموا عليّ بحسب القانون! ولتحي سورية. هوامش (1) يوم بنزرت: مراجعة ما كتبت عن الموضوع في قسم ارشيف تاريخ الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info (2) شفيق طعان: عرفته متولياً مسؤولية ناموس منفذية بيروت، وكان خرج مع العفو في 19 شباط 1969 (3) عبدالله جبيلي: من ابطال الحزب. تمكن من الوصول الى الشام بعد فشل الثورة الانقلابية. ثم الى عمان. غادر الى فنزويلا مستقراً فيها الى أن وافته المنية. قاد معركة الدفاع عن الكورة في حوادث العام 1958. (4) صبحي ابو عبيد: من بلدة معاصر الشوف. تولى مسؤولية عميد للداخلية. شارك في الانقلاب. وكانت مهمته أن يكون دليل القوة القومية الاجتماعية المتوجهة الى منزل رئيس الجمهورية اللواء فؤاد شهاب في منطقة الكسليك/جونية، لاعتقاله. (5) هذا من جملة حملة الاكاذيب الي كانت تستهدف الحزب. اذ الجميع يعلم أن بلدة بسكنتا تقع في سفح جبل صنين في اعالي المتن الشمالي، حيث لا بحر ولا مرفأ ولا مراكب في عرض البحر. |
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |