شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2016-08-05 |
حلب: هل ما جرى نتيجة اتفاق؟ |
ربما هو الهجوم الأخير الأخير على حلب لتغيير الواقع وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء قبل الالتزام بتفاوض من نوع ما بين موسكو وواشنطن حول سورية، وخطة قيل مراراً إنه اتفق عليها، حتى وصل البعض إلى استنتاج مفاده أن الكاستيللو والليرمون تم تسليمهما، وأن المجموعات المسلّحة انسحبت بموجب اتفاق ضمنيّ وأمر عمليات من أنقرة وواشنطن، لا تحت ضربات الجيش السوري والحلفاء والغطاء الجوّي الروسي. المشكلة أننا نتابع ملفاً أو حالة بشكل مجتزأ على الدوام، فنقع في الخطأ ونربط التطوّرات ببعضها، متعامين عن الترتيب الزمني لهذا التطوّر أو ذاك، ومدى مأسسة أيّ تطور وتمهيده لظهور التطوّر الآخر. هذا ما جرى في حلب المدينة بالتحديد. فعملية الكاستيللو وقطع الطريق بالنار جواً، في المرحلة الأولى، ليسا وليدَي اتفاق روسيّ ـ أميركيّ، ولا حتى انعطافة في السياسة التركية مهّدت له، هما نتيجة فشل رهان روسيا على الهدنة الشاملة في سورية طمعاً في اتفاق سياسي مع الإدارة الأميركية الحالية، هدنة قلنا مراراً إن أساسها كان مدينة حلب باعتبارها الخطّ الأحمر الذي يجب على القوات السورية عدم تجاوزه، هذا ما قاله جون كيري قبل شهرين في معرض تثبيته سياسياً للانجازات التي حققتها «النصرة» في ريف حلب الجنوبي، لمنع الجيش العربي السوري والقوات الرديفة من التقدّم والردّ. اليوم انهارت الهدنة في حلب، وباتت المدينة والريف غير خاضعين لها، وما جرى من انقلاب في تركيا، وتوتر في العلاقة بين أنقرة والغرب، لا يعفي أنقرة من مسؤولية إسقاط المروحية الروسية على الخط الفاصل بين ريفي إدلب وحلب، بصاروخ حراري محمول على الكتف من نوع «ستينغر» الأميركي أو «إيغلا» الروسي، نوعان من السلاح سهّلت الاستخبارات الأميركية مرورهما بتمويل قطري سعودي عبر الكوريدور التركي إلى سورية. حادثٌ لا يخفي الطموح باستعادة سيناريو أفغانستان عندما أسقطت مروحيات الاتحاد السوفياتي بصواريخ «ستينغر» الأميركية. الصراع الروسي ـ الأميركي مستمرّ في حلب. فبعد الطائرة، غطّت أوروبا والولايات المتحدة الهجوم الذي يشنّه ما يسمّى «جيش الفتح» على حلب من الغرب تحديداً لتطويق الجيش السوري واجتياح أحياء حلب الغربية، بعد تلاشي الأمل في تحقيق اختراق نوعيّ من جبهة شرق حلب، وتحوّل طريق الكاستيللو إلى طريق الموت بعد استكمال الطوقين الجوي والبري، حيث تستند العملية الأخيرة لكسر الطوق على تحقيق الآتي: ـ دعم الموقف الأميركي التفاوضي في جنيف. ـ التحضير لزيارة رجب طيّب أردوغان إلى سان بطرسبرغ تحت ضغط النار في الملف الحلبي تحديداً. ـ تطويق الطوق والدخول إلى أحياء حلب الغربية من جبهة الراشدين، حيث استطاعت التنظيمات الوهابية إحداث خرق محدود في المشرفة ومدرسة الحكمة والحويز، التي استطاع الجيش السوري استعادة تلتها الحاكمة. ـ قطع طريق الراموسة الذي يربط حماة بحلب وعزل الجيش السوري داخل مدينة حلب. إن الكثافة والحشد الذي ميّز الهجوم، وحجم التغطية السياسية الدولية له عبر التركيز على الملف الإنساني في حلب، ورفض «الممرّات الإنسانية» التي اقترحتها موسكو ودمشق، والإصرار الأممي على إبقاء المدنيين دروعاً في حلب تحت بند عدم أحقية اي طرف بإفراغ الميدنة وتحديداً أحياءها الشرقية، فضلاً عن إسقاط المروحية الروسية، هذه الأمور مجتمعة تسحب فرضية التوافق الروسي ـ الأميركي من الطاولة، خصوصاً حول حلب التي تعدّ بالنسبة إلى الأطراف كافة المعركة الأكثر محورية وأهمية في تحديد شكل الحل في سورية وشكل توازن العلاقات الدولية والإقليمية في مرحلة ما بعد إدارة الرئيس أوباما. فالحل للميدان والعسكري هو الذي يحدد القادمات مما يسمى سياسي تحت بند التعاون الروسي الأميركي القائم على معطيات الميدان الحلبي على وجه الخصوص. هنا يحضر ردّ سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، على انتقادات وزير الخارجية الأميركي لعملية حلب، ليختصر شكل العلاقة والتفاوض الروسي الأميركي، حيث قال: «فور حصول تقدم فعلي في المعارك ضد الارهابيين حققه الجيش السوري بدعم منا، بدأ الأميركيون اعتماد اساليب ملتوية وطالبونا بوقف قتال الارهابيين»، معتبراً أنه «من غير المناسب على الإطلاق تأمين غطاء» للفصائل المسلحة. |
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |