شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2017-04-22 |
أردوغان يفوز بالدستور ويلتقي ترامب |
كان فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الاستفتاء حول التعديلات الدستورية فوزاً بطعم الهزيمة، فالرجل كان يتوقع الحصول على نسبة تصل الى الـ60 بالمئة، هو الذي تعوّد منذ 2002 على الفوز بنسب عالية من أصوات الأتراك من الفئات كلّها، وفي جميع الدورات الانتخابية التي خاضها مع حزبه، من بلدية وبرلمانية ورئاسية. لكن هذا الاستفتاء لا يشبه أيّ انتخابات سابقة، هو استفتاء على نوعية الحياة السياسية والنظام والقوانين التي ستعيش في ظلها تركيا المستقبل، أيّ انه دستور يقرّر مصير البلاد من جهة، ومن جهة أخرى هو الدستور الذي شكّل حلم أردوغان، منذ توليه السلطة 2003 وسعيه الى بناء الجمهورية الثانية بعد الجمهورية الأولى أي جمهورية اتاتورك. عاشت تركيا استقطاباً حادّاً، إذ جاء الطعن بصدقية سير الاستفتاء وبنتائجه من أحزاب ثلاثة هي حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي وحزب الوطن الذين أكدوا انّ النتائج شابها التزوير وانّ أوراقاً غير مختومة جرى احتسابها بقرار من المجلس الأعلى للانتخابات وهو السلطة العليا التي تشرف على الانتخابات، لكن هذا القرار اتخذ أثناء فرز الأصوات واعتبر عدد كبير من الأوراق غير المصدقة شرعية، ما أثار الشكوك لكون هذا المجلس رفض في الانتخابات السابقة أوراقاً مماثلة كانت لمصلحة حزب الشعب الجمهوري. كذلك وجّهت منظمة الأمن والتعاون الأوروبية نقداً حول مسار الاستفتاء قبل النتائج وبعدها ركّز على تسخير كلّ الوسائل الإعلامية التي تقع تحت سلطة الدولة لحزب العدالة والتنمية وعدم إعطاء فرص متساوية للمعارضة وشكّكت بصدقية النتائج. رفعت المعارضة شكاوى موثقة وطعنت بنتائج الاستفتاء، لكن المجلس الاعلى قرّر بعد ان اجتمع رئيسه بالرئيس التركي رفض هذه الطعون، الامر الذي حمل رئيس حزب الشعب الجمهوري على التهديد برفع الشكوى الى المحكمة الأوروبية واتخاذ خطوات اضافية بهذا الشأن، فيما اعتبر اردوغان انّ الموضوع قد انتهى. صوّت 80 في المئة من محازبي الحركة القومية في المدن الكبرى ضدّ التعديلات الدستورية، على الرغم من التحالف الذي بناه رئيس الحركة القومية باهشلي مع اردوغان، لكن الحزب انقسم على نفسه. نال أردوغان 5 في المئة من أصوات حزب الشعب الجمهوري و9 في المئة من اصوات حزب الشعوب الديمقراطي كانت من نصيب الدستور، لكن الحزب نفى الأمر وقال إنها دعاية اعلامية من جماعة اردوغان وإنّ في الأمر تزويراً. وتقدّر نسبة محازبي العدالة والتنمية الذين صوّتوا بـ«لا» بنحو 10 في المئة. تشير النتائج إن كانت صادقة، الى تصويت مناطق كردية عدة في شرناق وديار بكر وغيرها من المناطق ذات الأغلبية الكردية بـ«نعم» للتعديلات الدستورية. لكن حزب الشعوب الديمقراطي اتهم الحكومة بالتزوير في هذه المناطق، حيث منعت لجان من الحزب من مراقبة عمليتي التصويت والفرز. وأكد أنّ الاكراد المتواجدين في أزمير وانقرة واسطنبول وأضنة صوّتوا ضدّ التعديلات، مع أنّ هناك هجرة داخلية في المناطق الكردية بسبب الحرب التي شهدتها تلك المنطقة بين حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية. اتهم زعيم الحزب و10 من النواب ورؤساء بلديات ومحافظين من المناطق الكردية، الحكومة بسجنهم من أجل منعهم من التواصل مع محازبيهم للاستفراد بالساحة الكردية ودعم الأحزاب الكردية الإسلامية، حزب الله الكردي، والهدى بار المقربة من العدالة والتنمية من أجل الحصول على أصوات الشعب الكردي، لا سيما في منطقة ديار بكر، إلا انّ 70 في المئة من الأكراد صوّتوا ضدّ التعديلات. وأشارت النتائج إلى أنّ 59 في المئة من الأصوات التي رفضت التعديلات تعود الى المدن الكبرى اسطنبول، ازمير، انقرة، اضنة وانطاليا، فيما 62 في المئة من الموافقين على التعديلات هم من الأرياف. وفيما تعيش تركيا أجواء من التوتر حول مستقبل البلاد في ظلّ هذه التعديلات. فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب المعارضة التركية والأوروبيين باتصاله بالرئيس التركي أردوغان وتهنئته، ما أثار الاستغراب وكأنه يقدّم له صكاً بمصداقية الاستفتاء الأمر الذي حمل الصحافة الأميركية على مهاجمة الرئيس الذي لا تهمّه الديمقراطية لكونه يهنّئ الرجل الذي أعطى الصلاحيات كلّها في تركيا لنفسه. لكن مستشارة ترامب قالت بانّ الادارة الأميركية تنتظر تقرير منظمة الأمن والتعاون، وهي تثق بأنّ تقريرها سيكون موضوعياً وهي ستأخذ به. وأكدت انّ الموضوع بين الرئيسين هو سورية وانّ الرئيس الأميركي كان قد اتفق مع أردوغان بشأن اتهام الرئيس بشار الأسد بالقصف بالكيميائي. وهذا أعطى أردوغان فرصة للتعبير عن رغبته بالتخلص من الأسد. لكن اردوغان من جهته كسب موافقة الرئيس الاميركي على مشروعه الرئاسي بالرغم من الحملة الاوروبية ضدّه، ومن جهة ثانية استعاد المطالبة برحيل الأسد كذلك تمّ الاتفاق بين وزيري الخارجية التركي والاميركي جاويش أوغلو وريكس تيلرسون على زيارة أردوغان واشنطن في نهاية شهر أيار. فهو ينتظر هذا اللقاء بعد ان استقبل ترامب كلّ الرؤساء العرب ورئيس الوزراء «الإسرائيلي». يبدو الأمر متعلقاً بخطط البنتاغون الذي لا يتفق مع اردوغان حول كيفية تحرير الرقة، فالجنرالات لا يريدون تغيير خططهم ويعتمدون على اكراد سورية ووحدات الحماية الكردية في التحرير ومحاربة داعش، لكن اردوغان طرح عليهم خطة للاستغناء عن التعاون مع الاكراد وينتظر الردّ. يحاول ترامب عبر هذا الاتصال استيعابه. لكن أردوغان في مقابلة أجريت معه على قناة «الجزيرة» القطرية انتقد اوباما الذي تراجع عن وعده بالوقوف ضدّ حزب العمال الكردستاني وتعاون مع وحدات الحماية الكردية، وقال إنه يأمل بأن يكون ترامب مختلفاً، كما انتقد المستشارة الالمانية ميركل واعتبر أنها تعيش حالة وخز الضمير، لذلك لم تتصل به للتهنئة. خطا اردوغان خطوة سياسية تؤشر الى استعداد أنقرة التعاون مع واشنطن، اطلق تصريحاً ضدّ إيران واتهمها بنشر الإرهاب في العالم العربي في خطوة تلاقي تهديد ترامب لإيران بإمكانية تراجع واشنطن عن الاتفاق النووي، كما هاجم الحشد الشعبي في العراق واعتبره إرهابياً يعمل لخدمة إيران ما أثار العبادي وحمل الجعفري على استدعاء السفير التركي في بغداد والاعتراض على تدخل تركيا في الشأن العراقي. تراهن واشنطن على إقناع أردوغان بضرورة الاكتفاء بحكم الداخل التركي والعمل على تهدئة الأوضاع. إلى أن تعقد طاولة المفاوضات حول سورية. فهل ستتمكّن من ذلك وهل سيستكين أردوغان، بعد الاستفتاء الذي تراه واشنطن هزيلاً ومشكوكاً فيه ويرى الاتحاد الأوروبي أنّ تطبيقه سيؤدّي الى ابتعاد تركيا عن أوروبا؟ |
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |