شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2017-05-16
 

أميركا والسعودية و«إسرائيل»... بدء الإعداد لتنفيذ المرحلة الأخيرة من المشروع الصهيوني

اياد موصللي - البناء

مسار الأحداث والتحركات التي تجري في المنطقة في هذه المرحلة جميعها توحي وتشير الى محاولات جديدة لتنفيذ المشروع الإسرائيلي في جزئه النهائي وذلك عبر مخطط موضوع وجاهز للتنفيذ في الوقت المناسب.

من أجل هذا لاحظنا الخطوات المتسارعة التي قامت بها «إسرائيل» عبر مدّ خطوط التفاهم مع السعودية ودول الخليج والأردن… والزيارات المتبادلة.

فبعد الزيارات لـ»إسرائيل» من قبل مسؤولين وعسكريين سابقين سعوديين، واللقاءات في المؤتمرات بالخارج، وزيارة وفد «إسرائيلي» مؤخراً إلى البحرين، والتنسيق مع قطر، لم يعد الأمر مبهماً ولا غامضاً…

ومن أجل تغيير المسار في الشرق الأوسط وإبدال الأدوار لتسهيل الطريق أمام المشروع الإسرائيلي التوسعي جرى ترتيب وتركيب سيناريو جديداً… فبدلاً من الصراع القومي بين شعوب المنطقة و»إسرائيل» التي اغتصب فلسطين وشرّدت أهلها عبر مؤامرة دولية صيغت بدقة وحنكة منذ عام 1917 يوم أطلق بلفور وعده لليهود بإعطائهم فلسطين، وساعدوهم على تكوين جيش يحارب الألمان في الحرب العالمية الأولى، ويبقى نواة للقوة التي سوف تحارب أهل فلسطين بعد انتهاء الانتداب عام 1948.. بدلاً من كلّ هذا تمّ الإعداد لتحويل الصراع الى حرب مذهبية دينية بين شعوب المنطقة.. ما يجري اليوم يعيدنا الى تلك الفترة التي دبّرت فيها المؤامرة بجعل فلسطين موطناً لليهود يتحوّل في ما بعد إلى دولة تتغاضى الأمم والدول عن كلّ ارتكاباتها وتجاوزاتها وما أشبه اليوم بالأمس ويبقى اللاعب الأساسي في هذه المؤامرة السعودية أو الحجاز أو المملكة الهاشمية كما كان اسمها في عهد مؤسّسها الشريف حسين.

ففي عام 1918 التقى الأمير فيصل ابن الشريف حسين بالصهيوني الشهير وايزمن… التقيا في العقبة في الرابع من تموز وبحضور الكولونيل جويس الضابط البريطاني المرافق لوايزمن.. وتمّ التباحث في استيطان اليهود وسكنهم في فلسطين، ونتيجة لهذا اللقاء رأى فيصل إمكان تنفيذ البرنامج الصهيوني إذا كان كما حدّده وايزمن ولا يؤدّي الى توطين اليهود في فلسطين… إذا كان البرنامج يقضي بسكن وزيارة اليهود لفلسطين فماذا بقي؟ 1 . كذلك فعل والده الشريف حسين الذي استجاب لفكرة إقامة اليهود في فلسطين مع اعتراضه على تكوين دولة يهودية فيها. وكتب الشريف الى ابنه فيصل في العقبة والى أتباعه يخبرهم بأنه تلقى تأكيداً بريطانياً بأنّ وجود اليهود في فلسطين لن يتعارض مع استقلال العرب 2 .

منذ البداية لم نكن نؤمن بقضية بقدر ما كنا نرسم لمصالح فردية آنية، فنهب الأرض والأوطان كما نهب «نعجة» او جملاً ونذبح شاة لضيف قادم! هكذا كان يفعل أهل الحلِّ والربط فينا، هكذا بكلّ بساطة وسذاجة وتواطؤ وغباء ودون ايّ تفكير بمصير أبناء شعبنا في فلسطين، وتغلّب اليهود العددي عليهم بفعل اتساع نطاق الهجرة، كما حدث فعلاً في ما بعد. واذا عدنا الى العام 1914 وتابعنا حركة التزايد السكاني لتكوّنت لدينا صورة واضحة شاملة، ففي حين لم يتجاوز عدد اليهود في فلسطين كلها عام 1914 ستين ألف شخص نرى أنّ عددهم بلغ في أيار 1948 716.699 ألف شخص يقابلهم 156.000 ألف فلسطيني في ما يسمّى «المنطقة اليهودية» حسب قرار التقسيم.

بعد هذا الاتفاق نجد تزايداً هائلاً مخيفاً قد جرى لصالح اليهود، ويقول الكاتب الأميركي ديفيد ديوك عضو الكونغرس الأميركي الأسبق في كتابه «الصحوة» صفحة 351:

دققت الأرقام التي أشار إليها الإحصاء البريطاني عام 1922 كان اليهود في ذلك الوقت يشكلون 10 من السكان، وفي آخر إحصاء مماثل أجري في العام الذي سبق إنشاء دولة «إسرائيل»، كان اليهود قد بلغوا حوالي 50 من سكان المنطقة التي أصبحت في ما بعد تسمّى «إسرائيل». وكان الفلسطينيون حينذاك يملكون 93.5 من الارض. كانت الحقائق دامغة لقد شقّ المهاجرون الصهاينة طريقهم بالقوة عبر فلسطين دون إرادة شعبها، ومن ثم قاموا بطرد السكان من بيوتهم بقوة السلاح، وسرقوا أرضهم وممتلكاتهم.

ويتابع: لا يمكن ان تكون الحقائق أكثر وضوحاً، لقد سرق الصهاينة بمساعدة عصاباتهم في جميع أنحاء العالم شعباً بأكمله، وأطلقوا على أنفسهم اسم «إسرائيل» فلا التلاعب بالمعاني المزدوجة، ولا جبال الدعاية المؤيدة لـ»إسرائيل» ولا أدوار الخروج التي تذاع بالراديو ولا ملايين الأفلام من هوليوود التي تبيّن العرب إرهابيين متوحشين، وتبيّن اليهود ضحايا أبرياء بقادرة على تغيير الحقائق الواضحة التي لا مفرّ منها.

كانت الدعاية المؤيّدة لـ»إسرائيل» والتي قرأتها توحي بأنّ فلسطين كانت أرضاً خالية من السكان، فماذا يُقال لأكثر من مليون نسمة طردوا منها منذ عام 1948.

لم يخف اليهود نواياهم وأعلنوها صراحة وبوضوح منذ القرن التاسع عشر بإقامة دولة يهودية واعتبار فلسطين قاعدتها والتي حدودها من الغرب شمالاً الى النيل جنوباً زاعمين أنها «موطن إسرائيل التاريخي الأول»، والتي رأوا أنها الوسيلة الوحيدة التي تؤدّي الى انتظام اليهود في سلك الأمم الأخرى، ومن أهدافها أيضاً قطع الصلة القومية بين فلسطين وامتدادها المجاور.

هذه الخطوات التآمرية قال عنها لورنس في الصفحة 388 من كتابه «أعمدة الحكمة السبع» ما يلي: «لقد صدّق هؤلاء العرب رسالتنا وآمنوا بتحقيقها فارتضوا الموت لأنفسهم في سبيلها…»

إنّ قصة الثورة العربية من أولها لآخرها ليست سوى قضية حياة أو موت بالنسبة للعرب، أما نحن فقد تبنيناها حباً بأنفسنا، أو على الأقلّ طمعاً بكسب مستقبل ولم يكن في مقدورنا تحاشي ذلك إلا بخداع انفسنا في ما نشعر ونحسّ به».

ويقول في الصفحة 392 من نفس الكتاب: «نثر الوعود في كلّ الاتجاهات والى كلّ الفرقاء بعد وعدها أ للشريف حسين ب ووعدها للحلفاء ج وللجنة العربية، طلعت الحكومة البريطانية بوعد رقم 5 أطلقه اللورد روتشيلد للقوة الجديدة فدغدغت أحلامها بمكاسب ممكنة في فلسطين، ويعني به «وعد بلفور لليهود…»

ما يجري اليوم إتمام لما جرى ونفذ منذ ما يقارب المئة عام قبل النكبة وبعدها… وخطوة على طريق تحقيق الحلم الإلهي الاسرائيلي «أرضك يا إسرائيل من الفرات الى النيل».

بلفور وعد اليهود بوطن في فلسطين، ولكن أميركا نفذت وحققت هذا الوعد وساعدت على تحقيق المشروع الصهيوني وإنشاء دولة لإسرائيل على الأرض العربية.

هذه الأميركا.. تغاضى الأعراب عن كلّ ارتكاباتها، وها هم اليوم كما الأمس شرّابات خرج في ركابها يجدّدون التآمر لإتمام ما لم ينفذ من المخطط الصهيوني.. فسلّحوا وأرسلوا الإرهابيّين وشاركوا في القتال ضدّ العرب وبلادهم، وصحّ فيهم القول: «ظلم ذوي القربى أشدّ مضاضة».

اليوم نشهد تسارعاً في الخطى الأميركية وتنسيقاً دقيقاً من الأطراف ذات الأهداف المتقاربة مع «إسرائيل»… وتسارعت اللقاءات من تركيا الى السعودية… والموقف التركي من أمتنا نعرفه ونشأنا على وقائعه العدوانية وتربّينا في المدرسة القومية على الحذر من هذا العدو حيث قال سعاده: «انّ الخطر اليهودي هو أحد خطرين أمرهما مستفحل وشرّهما مستطير والثاني هو الخطر التركي.. وهذان الخطران هما اللذان دعوت الأمة السورية جمعاء لمناهضتهما…»

الرئيس الأميركي سيستقبل الرئيس التركي وينتقل بعد ذلك الى السعودية ثم «إسرائيل»… برنامج متناسق مع أطراف أشهرت عداءها..

وليبقى السيناريو سائراً بترتيب ونجاح حوّلت البوصلة من الخطر الصهيوني إلى خطر جديد مزعوم هو «الخطر الإيراني».. اي تحويل الصراع القومي إلى صراع مذهبي، وإغراق المنطقة في حروب طائفية مذهبية تحرق الأخضر واليابس وتفتت الشعوب بين سنة ووهابية وشيعية وعلوية ودرزية وإسلامية ومسيحية… فتبقى اسرائيل تراقب من بعيد ويصحّ المثل العامي: «فخار يكسّر بعضه…»

وكتبنا منذ يومين عن التحضير للمناورة الأردنية والتمدّد نحو الحدود في جنوب الشام… المخطط واضح تحريك الحدود العراقية الإيرانية، تحريك تركيا في الشمال بحجة محاربة الاكراد… التمدّد في الصحراء وبادية الشام بما يتيح لـ»إسرائيل» إكمال سيطرتها على الجولان.. بين تركيا شمالاً و»إسرائيل» جنوباً يتمّ تقطيع أوصال سورية والعبور نحو العراق أردنياً.. مشروع حاولت «إسرائيل» تحقيقه فلم تتمكن خاصة بعد هزيمتها في حرب 2006 في لبنان.

اليوم لاحت بيارق المؤامرة وتطاير شرارها.. ويمارس الأردن نفس الدور.. الحكومة السورية وإيران وروسيا والمقاومة والشعب بكامل وعيه يقفون بوجه هذه المؤامرة… التي رفع اليهود شعارها القائل: «عقيدة هذا الشعب المختار انه يستطيع ان يفسد العالم ويعطله ويخرّبه ويقيم على أنقاضه ملكاً يهودياً داوودياً يتفرّد بحكم العالم بأسره وما الأمم والشعوب إلا حيوانات متخلفة العقل والذهن والفهم».


نعود فنكرّر ما سبق وحذر منه ونبّه إليه أنطون سعاده حينما قال: «لعلكم ستسمعون من سيقول لكم انّ إنقاذ فلسطين، أمر لا دخل للبنان فيه، انّ إنقاذ فلسطين أمر لبناني في الصميم كما هو أمر فلسطيني في الصميم كما هو أمر شامي في الصميم، انّ الخطر اليهودي على فلسطين هو خطر على سورية كلها. كلمتي اليكم هي العودة الى ساحة الجهاد».

1 ـ أنيس الصايغ ـ «الهاشميون وقضية فلسطين».

2 ـ محمود حسن صالح منسي «الشرق العربي أثناء الحرب العالمية الثانية».


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه