شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2017-06-05 |
الحصاد الأميركي السعودي من زيارة ترامب... والنتائج |
أثارت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمملكة العربية السعودية والقمم الثلاث المزعومة التي انعقدت شكلاً بحضوره، السعودية الأميركية، والخليجية الأميركية، والعربية الإسلامية الأميركية وما نتج عن هذه الزيارة، أثار اهتمام العالم أجمع، دولاً ورأياً عاماً، لا سيما لناحية حصول ترامب على مبالغ مهولة قدّرت بـ 480 مليار دولار من السعودية تحت عناوين صفقات بيع سلاح وعقود اقتصادية وتجارية واستثمار. في حين أنّ البيان الصادر عن القمة الإسلامية الأميركية ركّز هجومه على الجمهورية الإسلامية الإيرانية واتهمها بدعم الإرهاب ووصف حركتي المقاومة في فلسطين ولبنان بالإرهاب، وتجاهل تماماً كيان العدو الصهيوني وعدوانه المتواصل في فلسطين المحتلة. والأسئلة التي تُطرح في هذا السياق… ـ ماذا تعني هذه النتائج أميركياً وسعودياً، وعلى مستوى المواجهة في المنطقة؟ ـ وإلى ماذا تؤشر؟ ـ وما هو المطلوب في مواجهتها؟ أولاً: على الصعيد الأميركي: من دون أدنى شك فقد حقق ترامب ما لم يتمكن من تحقيقه أيُّ رئيس أميركي سابق، فهو حصل على ما يقارب النصف تريليون دولار في أكبر صفقة في التاريخ تعقد بين دولتين. هذا يعني أنّ ترامب نجح في تحقيق ما وعد به الأميركيين خلال وبعد الانتخابات من أنه سيُجبر السعودية على دفع ثمن الحماية التي تقدّمها أميركا لها، لأجل إنعاش الاقتصاد الأميركي وإعادة تأهيل البنية التحتية في الولايات المتحدة وتوفير مئات الآلاف من الوظائف للأميركيين. إنّ نجاح ترامب في تحقيق هذا الهدف يُسهم في تعزيز موقفه في مواجهة معارضيه في دوائر صنع القرار في أميركا الذين يسعون إلى تقويض إدارته ومنعه من تنفيذ سياساته التي أعلن عنها بعد وصوله إلى البيت الأبيض. وفي هذا السياق سارع ترامب إثر عودته إلى الولايات المتحدة إلى التفاخر بإنجازه الذي حققه من زيارته إلى السعودية غير أنّ ما يلفت الانتباه هو أنّ ترامب لم ينجح في تحقيق أيّ وعدٍ من الوعود التي أطلقها خلال حملته الانتخابية سوى وعدِ حصولهِ على المال من السعودية. فهو فشل في بناء جدار مع المكسيك، فيما القضاء الأميركي أوقف مرسوم الهجرة الذي وقعه، ولم يتمكن من تمرير مشروع إلغاء الرعاية الصحية في الكونغرس. ثانياً: على الصعيد السعودي أراد الحكم السعودي من زيارة ترامب والأموال الطائلة والهدايا التي منحها له، وكذلك انعقاد القمم في الرياض، تحقيق هدفين أساسيين: الهدف الأول: حماية نظام آل سعود عبر زيادة منسوب الالتزام الأميركي بتوفير هذه الحماية، ومن خلال تجديد الصفقة التاريخية التي عقدها آل سعود مع أميركا عام 1945، النفط مقابل ضمان أمنهم وبقائهم متربّعين على عرش حكم المملكة. الهدف الثاني: تعويم الدور السعودي المتراجع في المنطقة والقول إنّ السعودية لا تزال هي مركز القرار العربي والإسلامي، والعمل على تحويل الصراع من صراع عربي إسلامي مع كيان العدو الصهيوني إلى صراع عربي إسلامي مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومحاولة وصم المقاومة في لبنان وفلسطين بالإرهاب ومساواتها بتنظيم داعش الإرهابي. غير أنّ أيّ مدقق في الوقائع يلحظ أنّ أميركا لم تقدّم بشكل واضح أيّ التزام بالقتال نيابة عن السعودية لا ضدّ إيران، ولا في اليمن ولا في سورية. وظهر ذلك بوضوح في تصريح ترامب إثر مغادرته السعودية بقوله، نحن لن نقاتل عنكم، أنتم عليكم أن تقاتلوا. فالسعودية تعاني من حرب استنزاف من العيار الثقيل في اليمن، وهي فشلت في تحقيق أهدافها العسكرية والسياسية، أما في سورية فإنّ المعطيات كلّها تشير إلى أنّ سورية نجحت في إحباط أهداف الحرب الإرهابية المدعومة سعودياً وهي تقترب من لحظة تحقيق النصر على قوى الإرهاب. أما رهان السعودية على الدول العربية والإسلامية التي حضرت القمة لنجدتها وإرسال جنودها للقتال في اليمن نيابة عنها، فإنّ هذا الأمر غير ممكن التحقق، لأنّ كلّ هذه الدول اليوم لديها أولوية مواجهة الإرهاب على أراضيها، وهي تدرك بأنّ قوى الإرهاب التكفيري تلقى الدعم الأساسي من السعودية. وبخصوص تشكيل جبهة عربية إسلامية ضدّ إيران، فإنه سرعان ما أدّى انفراد الرياض بإصدار بيان ضدّ إيران وقوى المقاومة ضدّ الاحتلال، إثر مغادرة قادة الدول العربية والإسلامية أرض المملكة، إلى تفجير خلافات بين هذه الدول والسعودية، لأنّ معظم هذه الدول لا توافق على معاداة إيران، أو وصم المقاومة ضدّ الاحتلال بالإرهاب، مثل لبنان، اندونيسيا، السنغال، ماليزيا، الجزائر إلخ… في حين أنّ تركيا لم تحضر القمة، حتى أنّ دول مجلس التعاون الخليجي غير متفقة على معاداة إيران، وهو ما تجسّد في انفجار الخلاف السعودي القطري، في حين أنّ من المعروف أنّ سلطنة عُمان على علاقات جيدة مع إيران، والإمارات تربطها علاقات اقتصادية وتجارية مزدهرة مع طهران، أما الكويت فإنها طالما كانت تقوم بمساعي الوساطة بين إيران والسعودية. ما تقدّم يؤشر إلى فشل الحكم السعودي في تحقيق الأهداف التي أرادها من زيارة ترامب وانعقاد القمة العربية الإسلامية الأميركية. وهذا يعني أنّ هذه الدول ومعها أميركا ليست في وضع متماسك كما كانوا عليه في قمة شرم الشيخ التي عقدت عام 1996 وحضرتها نحو ستين دولة، بل هم في حالة استنزاف، فأميركا باتت أقلّ قوة مما كانت عليه، والسعودية غارقة في حرب استنزاف في اليمن أما محور المقاومة فقد أصبح أقوى وهو يتقدّم بوتائر سريعة في ميدان محاربة الإرهاب في سورية والعراق، ومَن يقف وراء الإرهاب أصبح في حالة تراجع مستمرّ. ثالثاً: النتائج إنّ النتيجة المؤكدة التي تحققت من زيارة ترامب، عدا عن حصوله الأموال الطائلة، هي تجديد ارتهان نظام آل سعود للولايات المتحدة، وإنهاء مرحلة التمايز أو التباين التي طبعت العلاقات في السنوات الأخيرة على خلفية توقيع واشنطن وحلفائها الغربيين الاتفاق النووي مع إيران، وامتناع إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عن شنّ الحرب ضدّ سورية عام 2013، ولقد تجسّدت عودة ارتهان الحكم السعودي للولايات المتحدة بالآتي: 1 ـ رهن ثروات السعودية لأميركا لعقود مقبلة، فالصفقات التي وقعت خلال زيارة ترامب أدّت عملياً إلى نفاد الاحتياط المالي للمملكة والمحقق من عائدات النفط، بعد أن أهدر القسمَ الأكبر من الاحتياط في تمويل الحرب العدوانية على اليمن، فيما جرى رهن العائدات التي ستتحقق من استخراج النفط وبيعه في المستقبل. هذا دليل واضح على أنّ حكام آل سعود لا يتوانون عن مواصلة هدر ثروات الشعب العربي في الجزيرة العربية لأجل الحصول على تعهّد أميركي بحماية نظامهم، فيما الكثير من المناطق في المملكة محرومة من التنمية وتعاني من الفقر والحرمان، في وقت بات من المعروف أنّ هناك أزمة اقتصادية ومالية تعصف بالبلاد نتيجة هدر الأموال الطائلة في تمويل الحروب الإرهابية في سورية والعراق وليبيا وغيرها، إلى جانب شنّ الحرب على اليمن، مما يتسبّب في تدمير هذه الدول وانتشار الفقر والبطالة وتشريد الملايين. في المقابل فإنّ الكثير من الدول العربية ومنها لبنان ومصر وتونس إلخ… تئنّ من الديون والعجز في موازناتها، ولو أنّ هذه الأموال الطائلة التي أهدرت على الحروب الإرهابية والتي منحت للسيد الأميركي أنفقت في الجزيرة العربية، وإقامة المشاريع التنموية، وفي دعم الدول العربية للخروج من أزماتها الاقتصادية والمالية، لما كانت لا الجزيرة العربية ولا الدول العربية تقبع اليوم في الأزمات والفقر والحرمان، ولما كانت الحكومة السعودية مضطرة إلى فرض الضرائب على الشعب لمواجهة العجز المتنامي في الموازنة، ولكانت السعودية حصلت على مكانة متقدّمة بين العرب، ولكان اليمن سعيداً فعلاً. 2 ـ إمعان حكام السعودية في سياسة التآمر على المقاومة في لبنان، وفلسطين، وقوى التحرّر، والأنظمة الوطنية المستقلة الرافضة للهيمنة الاستعمارية الأميركية الغربية، وظهر ذلك في إصرار هؤلاء الحكام على حرف الصراع العربي الإسلامي مع العدو الصهيوني، ومحاولة تحويله إلى صراع مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية لكون إيران تقف إلى جانب المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني، وتدعم سورية والعراق في حربهما ضدّ القوى الإرهابية التكفيرية. وهذا يجعل حكام آل سعود متحالفين في خندق واحد مع كيان العدو الصهيوني، ذلك أنّ أهدافهما باتت واحدة ولا يوجد أيّ خلاف بينهما. فكلاهما يقاتلان قوى المقاومة، والدول التي تدعمها، وكلاهما مرتبطان ارتباطاً عضوياً بالولايات المتحدة الأميركية ويدوران في فلك سياساتها الاستعمارية في المنطقة والعالم. رابعاً: إنّ هذه السياسات للنظام السعودي في هدر الثروات والتآمر على قضية فلسطين وقوى المقاومة يجب أن تدفع أبناء الجزيرة العربية وباقي الدول العربية إلى وعي خطورتها على حاضرهم ومستقبلهم وقضاياهم العادلة والمحقة، وبالتالي عليهم التكاتف والنضال لفضح هذه السياسات والعمل على إسقاط هذا النظام وغيره من الأنظمة الرجعية التابعة والمستعمرة اقتصادياً وعسكرياً وأمنياً من الولايات المتحدة الأميركية الداعمة الأولى لدولة الاغتصاب الصهيونية، وعدوة الشعوب وقيم الدين والأخلاق والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان. |
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |