شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2018-01-03 |
استراتيجية توسّع النفوذ التركي تثير مصر والسعودية |
منذ تولّيه الحكم في تركيا اتّبع حزب العدالة والتنمية سياسة انفتاحية هدفت إلى التوسّع في الساحتين الإقليمية والدولية، أتى التوجه إلى أفريقيا في البداية ضمن إطار التوسّع الاقتصادي من أجل إيجاد أسواق جديدة لتصدير البضائع التركية، وتمّ عام 2003 إقرار استراتيجية تطوير العلاقات الاقتصادية مع الدول الأفريقية، وأعلن عام 2005 «عام أفريقيا»، ومن ثمّ قام الرئيس رجب طيب أردوغان الذي كان رئيساً للوزراء بزيارة رسمية إلى أفريقيا الجنوبية، ليكون أوّل رئيس تركي يزور بلداً أفريقياً. سعت تركيا عام 2008، لنيل العضوية فى بنك التنمية وصندوق التنمية الأفريقي، وأصبحت فى المرتبة الخامسة والعشرين فى عضوية الدول من خارج القارة، كما تصاعدت بوتيرة متسارعة المساعدات التنموية التى قدّمتها تركيا للقارّة السمراء، عبر المشاريع والاستثمارات والتبادل التجاري. وأصبحت عام 2014 ثالث أكبر داعم للإغاثة هناك. ووقعت مع غانا ونيجيريا وغينيا عدة اتفاقيات في مجالات مختلفة. فتحت تيكا ايّ وكالة التعاون والتنسيق التركية في عام 2005 أوّل مكتب لها في اثيوبيا، ومن ثم توسّع نشاط هذه الوكالة في دول قارة أفريقيا ليصل عدد مكاتبها إلى 11 مكتباً. بنت تركيا تحالفاً قوياً مع الصومال، قدّمت أنقرة دعماً إنسانياً وبنت مستشفيات وشيّدت شوارع العاصمة، وبنت مطار العاصمة الرئيسي وغيرها الكثير من المنشآت الحكومية والخدماتية. كذلك أنشأت قاعدة عسكرية للجيش التركي في الصومال حيث جرى افتتاح القاعدة بحضور رئيس أركان الجيش التركي وذلك تحت ستار تولي تدريب وتأهيل قوات الأمن والجيش الصومالي الذي يواجه حركة الشباب، وتتمتع القاعدة العسكرية في الصومال بأهمية كبيرة كونها تطلّ على خليج عدن وتعتبر الصومال بمثابة بوابة القرن الأفريقي. تقع القاعدة العسكرية التركية على ساحل المحيط الهندي، وتطلّ على خليج عدن، وتبلغ مساحتها 4 كيلومتر. سعت تركيا لتعزيز تواجدها في الشرق الأوسط فأنشأت قاعدة عسكرية في قطر نظراً للأهمية الجيوسياسية التي تتمتع بها. وقعت الاتفاقية في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2014، ونصت على تشكيل آلية لتعزيز التعاون بين الجانبين في مجالات التدريب العسكري والصناعة الدفاعية والمناورات العسكرية والتي قيل آنذاك إنها تشمل إقامة قاعدة عسكرية تركية سوف تكون بمثابة مركز لتدريب وتطوير قدرات القوات القطرية. وبالفعل جرى إنشاء هذه القاعدة وإرسال أعداد محدود من الجنود والعربات العسكرية إليها، لكن التطوّر الأبرز حصل بالتزامن مع الأزمة الخليجية مع قطر حيث أرسل الجيش التركي عدداً أكبر من القوات الخاصة وأعداداً من الدبابات والعربات المصفحة إلى القاعدة لا سيما مع الخشية من حصول تحرك عسكري خليجي ضدّ الدوحة، يتوقع أن يصل عدد القوات التركية في القاعدة إلى 3000 جندي. تقع القاعدة في قلب منطقة الخليج العربي، الذي يتمتع بأهمية سياسية وأمنية واقتصادية كبيرة. كذلك تحاول تقوية نفوذها في القارة السمراء وهو ما ظهر فعلياً قبل أيام في السودان، إذ انه قبل انتهاء زيارته إلى السودان أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنّ الرئيس السوداني عمر البشير وافق على خصخصة جزيرة سواكن التاريخية والتي تتمتع بأهمية جغرافية وسياسية استراتيجية لتركيا. أفصحت تركيا عن نيّتها إقامة قاعدة عسكرية وميناء عسكري تركي في السودان وأعلن وزير الخارجية التركي رسمياً أنه سيجري إقامة ميناء لـ«صيانة السفن العسكرية». وتتمتع الجزيرة والسواحل السودانية بشكل عام بأهمية استراتيجية كبيرة من حيث إطلالتها على البحر الأحمر ومقابلتها للسواحل السعودية وهي أقرب موانئ السودان إلى جدة استخدمها الحجاج الأفارقة طريقاً الى مكة وخلال الحكم العثماني كانت تابعة لولاية الحجاز ثم مقراً لحاكم ولاية الحبشة العثمانية التي تشمل مدينتي حرقيقو ومصوع في أريتريا الحالية، وهي ومجاورة لمصر. وتشكل المعبر الرئيس للتجارة بين دول شرق آسيا، ولا سيما الصين والهند واليابان مع أوروبا. مساحة مدينة سواكن 20 كلم وتعتبر حالياً الميناء الثاني في السودان. أثارت هذه الأنباء مخاوف السعودية والإمارات ومصر. أرسل الرئيس التركي، رئيس وزرائه بن علي يلدريم الى السعودية من أجل تطمينها والتشديد على التحالف القائم معها، ونفى النية حالياً لإقامة ميناء عسكري، وأكد انه سياحي. اما مصر فلقد أثارها لقاء كلّ من القادة العسكريينلكلّ من تركيا وقطر والسودان واعتبرت انه اجتماع لم يكن متوقعاً وانّ الجزيرة تقع على الحدود الجنوبية لمصر، وهو أمر يهدّد الأمن القومي المصري وقد يؤدّي إلى تغيير يؤثر على قناة السويس ويمكن أن تؤثر على الدخل القومي المصري. وكانت مصر في بداية الأحداث في اليمن قد أرسلت قوة عسكرية مصرية إلى باب المندب وتعتبر وجود تركيا البعيدة تغييراً جوهرياً في استراتيجية البحر الأحمر. تتواجد تركيا اليوم في خمس دول عربية تتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة لها. منها في العراق في بعشيقة، حيث على الرغم من الخلافات مع الحكومة العراقية أصرّت أنقرة على البقاء في القاعدة. كذلك نشر الجيش التركي قواته في مناطق مختلفة من شمالي سورية خلال العامين الأخيرين في مناطق جرابلس ودابق والباب وقام بعملية انتشار واسعة في محافظة إدلب ضمن اتفاق مناطق خفض التوتر. لكن التواجد العسكري في قطر والصومال والسودان يأخذ بعداً أكثر أهمية استراتيجياً حيث يكون للجيش التركي موطئ قدم على البحر الأحمر السودان وخليج عدن الصومال والخليج العربي قطر وجميعها محاور استراتيجية في الشرق الأوسط… |
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |