شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2018-03-03 |
عفرين.. صمت دولي مريب |
من الواضح أن العدوان التركي على منطقة عفرين، بات في المشهد السوري مفتوحاً على العديد من الاحتمالات والسيناريوات بعد الاستهداف الذي طال أمس القوات الشعبية. وكانت حصيلته شهداء وجرحى لتمتزج دماؤهم مع دماء أخوتهم من أهالي منطقة عفرين، مترجمين بذلك أهزوجة الأهالي خلال استقبالهم القوات الشعبية التي دخلت لمؤازرتهم «واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد». ولكن هذه الاحتمالات والسيناريوات تعكس أيضاً، صراع القوى الإقليمية والدولية لتحقيق أقصى ما يمكن من المصالح ومناطق النفوذ في هذا المشهد الذي تحولت فيه الجماعات السورية الى أدوات بيد هذه القوى، بعد أن تخلت عن هويتها الوطنية ومؤازرتها للدولة السورية، ورهنت مصيرها بالخارج بحثاً عن مكاسب معينة، لتجعل من سورية ضحية صراعات تلك القوى، بطريقة تحويلها الى ساحة صراع لتحقيق مصالحها، وإلا ما هو الدافع الذي يجبر هذه القوى على شن الحروب المدمرة والمكلفة بشرياً ومادياً، لولا أنها تريد اعادة انتاج سورية وفقاً لمصالحها عبر فرض وقائع ميدانية جديدة تعزز مكتسباتها واوراقها التفاوضية في المسارات السياسية لرسم مستقبل سورية من قبل الأطراف الدولية والإقليمية المتنافسة. كان من الممكن تجنيب عفرين مصائر «الميادين» السورية الأخرى. كان الأمر يتوقف إلى حد كبير على «وحدات حماية الشعب» التي أخطأت وفوّتت على نفسها، وعلى مئات الآلاف من السوريين في أكثر من 300 قرية في ريف المدينة، فرصة النجاة من العملية التركية الواسعة التي جاءت وكأنها قدرٌ لا بد منه، على ضوء تمسك «الوحدات» بخيار نحو كيان وهمي. وبعدما جاء تدريجياً بناء مؤسسات الأمر الواقع ليدعم هذا الوهم ما يذكرنا بأوهام الإدارات المحلية التي كان قد أقامها بشير الجميل وبعده سمير جعجع ووليد جنبلاط فترة الحرب الأهلية في لبنان، ولكن سرعان ما تخلّى عنهم الغرب بعد فرض التسوية على الجميع. ولكن هل وقعت تركيا في لحظة الجنون الأخيرة؟ سؤال بدأ يردده عدد من المراقبين الغربيين وهم يتابعون رادارات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ بدء أزمة «عفرين». وقد تبيّن لهم أن هذه الرادارات كانت تعمل على الديزل، وها هي حسابات هذا المجنون تصطدم دائماً بسيناريو شمشون ليس إلا؟ ولكن هذا التصعيد التركي الإجرامي والمجازر اليومية ضد الأهالي في منطقة عفرين لن يمنع من النظر إلى الصمت المريب للغرب تجاه هذه المذبحة، كما على نفاق «المجتمع الدولي» الذي يساعد بصمته على ذبح «الكرد» في الوقت الذي تتحدّث فيه تقارير إعلامية «مليئة بالأكاذيب»، حول الوضع في الغوطة الشرقية، وهي تشير إلى معاناة السكان، في حين يتم تجاهل و«غض الطرف» عن جرائم الإرهابيين. لاحظ وزير الخارجية السابق يفغيني بريماكوف الذي كان على قيد الحياة لدى اندلاع الأزمة، أن سورية هي القاعدة الجيولوجية للمنطقة العربية، وهي القاعدة الجيوستراتيجية، إن تصدَّعت أو انهارت تصدَّعت وانهارت المنطقة بأسرها… وقال بريماكوف لأردوغان «أسوار دمشق مثل أسوار فيينا، لماذا تُصرّ على أن تحطّم رأسك مثلما حطّم آباؤك رؤوسهم هناك؟». لا نزال نتذكّر صرخة الكاتب التركي الشهير، جنكيز شاندار، «تعالوا نبحث عن أردوغان بين الأنقاض في سورية». |
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |