شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2018-09-13 |
أنقرة ترتب أوراق إدلب: تقسيم «إرث الجولاني» |
يشهد الحراك التركي نشاطاً متزايداً يهدف إلى «إعادة ترتيب الأوراق الجهاديّة» في محافظة إدلب. وفيما راجت سريعاً أنباء حول إعلان مُنتظر عن «تشكيل فصيل جديد» يحمل اسم «جيش حلب»، علمت «الأخبار» أنّ اتصالات تركية مكثّفة قد جرت في خلال الأيام الأخيرة مع قادة «جهاديين» ما زالوا محسوبين على التيار «القاعدي» في سوريا لقاءات مكثفة وجلسات تشاور، مبعوثون، وانعقادات متتالية لـ«مجالس شورى» مختلفة، خطط «هيكلة» وعروض تمويل ودعم عسكري، صيغ تفاهمات مقترحة وملاحظات عليها، وتفاصيل أخرى مشابهة. هذه هي الأجواء وراء كواليس إدلب، لا سيما «الجهادية» منها، في ظل سعي تركي محموم إلى «إعادة ترتيب الأوراق» هناك. وسط هذه المعمعة طفا على السطح حديث متزايد عن تشكيل مرتقب لفصيل جديد يحمل اسم «جيش حلب»، ويقوده «جهادي» ذو تاريخ حافل، هو أبو أحمد زكور. وتداولت صفحاتٌ ومواقع إعلامية معارضة حديثاً عن استعداد أحد مؤسّسي «جبهة النصرة» لإطلاق التشكيل الجديد، وسط تضارب في الأقاويل حول موقف هذا التشكيل من «النصرة» ومؤسسها. ويبدو لافتاً حرص بعض الجهات الإعلاميّة على الترويج للخطوة المرتقبة على أنّها «انشقاق عن هيئة تحرير الشام»، بعدما صُنّفت الأخيرة على لوائح الإرهاب التركية، مع العزف على وتر خلافات سابقة بين أبو أحمد زكّور وأبو محمد الجولاني، في تلميح إلى أنّ التشكيل الجديد سيقف حال الإعلان عنه على الجهة المضادّة للجولاني. في الوقت نفسه، صنّف بعض المصادر الخطوة المُنتظرة في سياق «ألاعيب الجولاني»، مع الإشارة إلى أن الأخير يشرف بنفسه على هذه الخطوة في مسعى إلى خلق كيان موازٍ لجماعته، يكون متحرّراً من عبء «التصنيف الإرهابي». على أرض الواقع، تأتي الخطوة الموعودة حلقةً في سلسلة من الإجراءات التي تسعى أنقرة إلى إنفاذها في إدلب، وتهدف إلى معالجة الواقع المعقد الذي فرضته على نفسها من جراء إعلان «تحرير الشام» مجموعة إرهابية بفعل الضغوط الإقليمية. وتتركز أهداف أنقرة في المرحلة القادمة على ضرورة تحقيق أهداف عدة، على رأسها عدم خسارة «القوّة الضاربة» لـ«جهاديي تحرير الشام» مع الحرص في الوقت نفسه على عدم اختلاط هؤلاء ببقية المجموعات اختلاطاً «تنظيميّاً». وتفيد معلومات «الأخبار» بأنّ الأتراك قد حرصوا طوال المرحلة الماضية على عدم السماح بدخول مقاتلين «ذوي عقيدة جهادية صرفة» إلى صفوف «الجبهة الوطنية للتحرير» التي باتت إطاراً تنظيمياً يضم في الدرجة الأولى «مقاتلين إسلاميين محسوبين على جماعة الإخوان». وتصرف أنقرة اهتمامها حالياً في «تفكيك إرث الجولاني» إلى ثلاثة أقسام أساسيّة: «المهاجرون» (الجهاديون غير السوريين) ويتم التعامل معهم على مستويين، عبر العمل على «إعادة تأهيل» بعضهم تمهيداً لربطهم بأنقرة دون سواها في أي معارك «جهاديّة» قادمة، وتسليم بعضهم إلى دولهم بعد استخلاص كل المعلومات المفيدة استخباريّاً منهم (راجع «الأخبار» 6 أيلول 2018). ويضم القسم الثاني المسلحين السوريين الذين التحقوا بـ«جبهة النصرة» لأسباب غير أيديولوجيّة (مالية في الدرجة الأولى) وسيكون هؤلاء من حصة «الجبهة الوطنية للتحرير». **يرتبط زكّور بعلاقة «تاريخية» مع أبو ماريا القحطاني منذ أيام «الجهاد في العراق»** أما القسم الثالث فيضم «الأنصار»، وهم «الجهاديون» السوريون، وقد خلصت الخطط إلى إنشاء كيان مستقل يضمهم، ويرتبط بتحالفات وتفاهمات مع تنظيم «حرّاس الدين» (الممثل الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا) من دون ارتباط تنظيمي معه. وضمن هذا الإطار، جاء اقتراح اسم أبو أحمد زكور لتزعم التشكيل الجديد (أيّاً كان اسمه) نظراً إلى تمتّعه بـ«مزايا» كثيرة، على رأسها تحقيقه شرطين أساسيين: الباع «الجهادي» الطويل، والصلة الوثيقة بأنقرة. أما الشرط الأول فقد حققه لأسباب تتجاوز كونه أحد مؤسسي «جبهة النصرة» إلى كونه واحداً من السوريين الذين «جاهدوا» في العراق، تحت راية أبو مصعب الزرقاوي أوّل الأمر، قبل أن ينشقّ عنه لاحقاً و«يعتزل العمل الجهادي». ومع تشكيل تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق»، سارع زكّور إلى الانخراط في صفوفه منهياً «اعتزاله»، ما أهّله لاحقاً ليكون أحد مؤسّسي «النصرة». ينحدر زكّور (واسمه الحقيقي جهاد الشيخ) من مدينة حلب، مثله في ذلك مثل «رفيق جهاده» حمزة سندة (اسمه الحركي عبد الله حلب). يُعد الاثنان مقرّبين من أنقرة، وبقيا في الأحياء الشرقية لحلب حتى اللحظة الأخيرة. وعلاوة على الصداقة الوطيدة بين الرجلين، يرتبط كلاهما بعلاقة «تاريخية» مع «الجهادي» العراقي أبو ماريا القحطاني (ميسرة الجبوري) تعود إلى أيام «الجهاد في العراق». وكان زكور وسندة قد أعلنا في مطلع العام الماضي انشقاقهما عن «تحرير الشام»، على خلفية الاقتتال بينها وبين «هيئة تحرير سوريا»، قبل أن يلعب زكور دوراً في «وأد الفتنة» بينهما، ما يُدلّل على المكانة الخاصة التي يحظى بها لدى مختلف الأطراف. وسبق لزكور أن شغل مناصب مهمّة في «جبهة النصرة»، أبرزها «مسؤول الملف الاقتصادي». وتفيد معلومات «الأخبار» بأن اجتماعات عدة قد عُقدت في الأيام الأخيرة بين قادة في «حراس الدين» وممثلين عن المخابرات التركية. وتهدف الاجتماعات إلى تهيئة الأجواء لتحالف وطيد بين التنظيم والكيان العتيد من جهة، وبين التنظيم وأنقرة من جهة أخرى. وعلمت «الأخبار» أن قادة التنظيم كانوا متردّدين أول الأمر في مسألة عقد تحالفات مع مجموعات جديدة لأسباب متداخلة، مثل «الخوف من الاختراق»، والتعهّدات التي قطعوها على أنفسهم أمام زعيم تنظيم «القاعدة» بعدم الإقدام على أي خطوة من دون التنسيق معه. وثمة أسباب أخرى «شخصية» وترتبط بعلاقة محتملة لأبو ماريا القحطاني بالتشكيل الموعود، لا سيما أن علاقة الجناح الأردني في «حراس الدين» سيّئة بالقحطاني (راجع «الأخبار» 30 نيسان 2018). ويبدو أنّ عروض أنقرة «المغرية» بفتح خطوط إمداد وتسهيل حركة التمويلات قد فتحت شهيّة القادة، فانعقدت اجتماعات متتالية لـ«مجلس الشورى» نجم عنها قرارٌ بعرض الأمر على قيادة «القاعدة» وانتظار موافقتها. |
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |