شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2019-02-04 |
الادارة الأمريكية . . . حنين إلى زمن القراصنة ...!. |
منذ القديم كان للدول جيوشها من الفرسان يوم كان السيف والرمح هو السلاح وتطورت لاحقا فامتلكت المدافع ثم الأساطيل والبنادق البدائية ، وعلى الدوام شكل فائض القوة عند الكثيرين الدافع لممارسة الغزو ونهب ثروات الآخر واحتلال أرضه واخضاع شعبه واشتهرت الكثير من الدول بأنها استعمارية وعلى رأسها بريطانيا التي كانت امبراطورية لا تغيب عنها الشمس حتى أنها كانت تحتل أغلب أراضي القارة الأمريكية الشمالية والتي منها اليوم الدولة الأعظم . البعض من الفرسان أو ضباط الجيوش القديمة بعد أن امتلكوا السفن التي تحمل أربع وعشرين مدفعا أو أكثر مارسوا عمليات اعتراض السفن التجارية أو الإغارة على الجزر الصغيرة بقصد الاستيلاء على الثروات ومن المعلوم أن الكثير من السفن التجارية كانت تحمل المعادن والمواد الثمينة وبينها الذهب أو الفضة ، وأطلق على هؤلاء لقب القرصان وكثير منهم أصبحوا من المشاهير عبر التاريخ وتروى عنهم القصص ، ثم جاء عصر التوافق الدولي للقضاء على القراصنة وفرض الأمن الملاحي وتحديد الخطوط والممرات وحدود الدول بما يمكن تسميته عصر الأمن والأمان وسيادة القانون الدولي ، لكن ذلك لم يمنع الحروب وطموحات التوسع ومحاولات السيطرة على الآخر ونهب ثرواته أو استمرار عمليات الاستعمار رغم حركة التحرر الواسعة التي شملت معظم أنحاء الكرة الأرضية ، وكان من أهم تلك الحركات تحرر أمريكا من الاستعمار البريطاني وما تلا ذلك من حروب داخلية بين الشمال والجنوب إلى أن تبلورت بشكلها الحالي " الولايات المتحدة " والتي تطورت بعد حربين عالميتين لتصبح القوة الأعظم بما تملك من ثروات وتطور أسلحة . تنشر الدول قواتها العسكرية على حدودها لحماية نفسها ، وتركز هذه القوات على المناطق التي تتعرض لخطر الهجوم أكثر من غيرها ، وتلجأ بعض الدول إلى عقد اتفاقيات دفاع مع دول قوية لحماية نفسها وهذا ما فعلته دول أوروبا الغربية حيث تعهدت الولايات المتحدة بحمايتها فأنشأت على أراضيها القواعد البحرية والجوية والمعسكرات والتزمت أغلب هذه الدول بدفع مقابل ولو بشكل رمزي ، لكن الولايات المتحدة لم تكتف بذلك بل وبسبب الصراع والحرب الباردة ، والساخنة أحيانا كما في جنوب وشرق أسيا لجأت إلى احتلال بلدان كثيرة وأقامت فيها قواعد ، واستمرت على هذا النهج إلى يومنا هذا بحيث لم تعد أي من القارات أو الدول تخلو من قاعدة أمريكية جوية أو بحرية ونموذجها الأوضح على مساحة الدول العربية والكثير من دول اوروبا الشرقية التي كانت تشكل جزءا من محور الشرق أو ما عرف بحلف وارسو ، هذا الانتشار لم يعد لضمانة الأمن والسلم الدوليين وهو المبدأ الذي قامت علية الادارة الأمريكية في بداياتها ، بل تجاوز ذلك بكثير وهذا يحصل نتيجة فائض القوة التي لم تعد حاجة دفاعية أمريكية ، أو ما يحتاجه الحلف الذي أنشأته ( الناتو ) بل إنه وعلى المكشوف أصبح لفرض سلوك تريده هذه الادارة على العالم أجمع ولتظل الدولة الأعظم دون منافس وهذا يدخل في باب المستحيل بوجود قوى أخرى ترفض هذا الإملاء سواء بالنسبة لها أو لدول أخرى تتحالف معها وتشكل مداها الحيوي والاستراتيجي أو مصدر لموادها الأولية وسوق لمنتجاتها بما في ذلك الأسلحة ، وهنا يبدو الوريث الشرعي للاتحاد السوفيتي – الاتحاد الروسي - هو المؤهل بعد فترة من الركود السياسي – العسكري والاقتصادي . العدو الآخر ( حسب تصنيف الادارة الأمريكية ) هو الصين التي تجتاح بصناعاتها العالم ، وهي تطورت على كافة الأصعدة وبضمنها العسكرية والفضائية ، ولم يحدث ذلك بغفلة من الزمن بل بتعاون مع الروسي وأمام أنظار ورقابة الأمريكي المدين لهذه الدولة بترليونات الدولارات ولهذا ليس من مصلحة الطرفين الروسي والصيني انهيار الدولار وايجاد بديل فقد لا يقتصر تأثير ذلك على الولايات المتحدة بل يطالهما أيضا إضافة إلى اضطراب التجارة العالمية وانهيار الكثير من اقتصادات الدول الصغيرة والمتوسطة ومن هذا المنطلق تبدو سياسة الدولتين متناغمة وهذا ما تدركه وتراهن عليه الادارة الأمريكية المدينة والتي تقع تحت عجز هائل بسبب الانفاق المتزايد على انتشارها الكوني وقواعدها وجيوشها العديدة التي تحتل نصف العالم . بعد مجيء الرئيس الجديد – ترامب – وهو رجل مال وأعمال ولا علاقة له بالسياسة الدولية ولا يفكر أبعد من الصندوق والأبواب والمنافذ التي توفر لدولته المزيد من الدخل وهو من اعتبر بعض الدول أنها بقرة حلوب ، وأنها ثرية يجب أن تدفع أثمان حمايتها ، وكذلك تقوم مراكز أبحاثه باختلاق أعداء لحلفائه ليزداد ارتباطهم به والتعلق أكثر بحمايته ولو كلفهم ذلك ثروات بلادهم أو افقار شعوبهم ، اضافة لخلق حروب داخلية بينية لتصريف المزيد من السلاح المكدس في المستودعات الأمريكية خصوصا أنه لم يعد صالحا للحروب الحديثة وآخر الأمثلة الحرب الكونية بواسطة المرتزقة على سورية والعراق ، أو بواسطة جيوش التحالف على اليمن الدولة الفقيرة بقدراتها العسكرية والمالية ، والتي رفض شعبها منذ فجر التاريخ الاحتلال الغريب على أرضه تتفاقم الأزمة المالية للادارة الأمريكية ، ولأن الجباية الحالية والموارد لا تتناسب مع الحاجة تجد هذه الادارة نفسها أمام خيارين ، الأول: هو الحد من الانتشار على مساحة العالم وتقليص القواعد العسكرية وخفض الانفاق – وهذا ما لا يوافق عليه غلاة المحافظين وحكومة الظل العالمية ، الثاني : المزيد من الجباية ولو بطرق قسرية يتم فيها استخدام فائض القوة وهذا ما يمكن ملاحظته من محاولات السيطرة على فنزويلا وقبلها البرازيل وأيضا ليبيا والعراق وايران ، وأيضا سورية لأن هذه الدول لا تشكل مصادر دخل كبيرة للشركات الأمريكية التي لها أذرعها السرية عن طريق شركات أخرى أوروبية ، لكن بنسبة أقل بكثير من الشراكة المباشرة ، وأيضا لأن هذه الدول لا تشكل سوقا رئيسة للمنتجات الأمريكية وخاصة العسكرية . هل تتجه القوة الأمريكية بسبب الغطرسة لممارسة عمليات القرصنة على الساحة العالمية ، على مساحة البحار وفي الأجواء .؟. هذا الأمر أصبح في حكم المؤكد بعد أن خرجت القوة الأمريكية على القانون الدولي وكل الشرائع والاتفاقيات المعمول بها ، فهي تعترض مسارات التجارة العالمية وحركة السفن في البحار والطائرات في الأجواء وتفرض العقوبات بشكل افرادي بعيدا عن المنظمة الدولية يساعدها على ذلك سيطرتها على البنوك الدولية ورقابة مشددة على حركة الأموال وتحالفات ملزمة لعديد من الدول رغم مظاهر التمرد الخجولة من بعض دول اوروبا واعلانها النية لتشكيل جيش اوروبي والتزامها الاتفاق النووي مع ايران ، وهذه البوادر تثير ردود أفعال أمريكية عنيفة يعلنها أكثر من مسؤول وعلى رأسهم ترامب الذي يطالب الاوروبيين بدفع كامل نفقات قواته وقواعده على مساحة القارة بما في ذلك طعام كلاب ضباطه وجنوده واجور انتقالهم وما إلى ذلك . في الشأن السوري ، فشلت الخطط العسكرية في احداث التغيير المطلوب لوضع الشعب السوري تحت الوصاية الأمريكية أو ادخاله حظيرة الشرق الأوسط الجديد بما يخدم المصالح الصهيونية ، وهكذا بدأت حرب من نوع آخر تستخدم فيها عمليات القرصنة بأجلى صورها ، منع حاملات الوقود – الغاز والمشتقات النفطية – والمواد الغذائية من الوصول إلى الموانئ السورية ، منعها من عبور باب المندب أو قناة السويس بمساعدة كل من البحريتين المصرية والسعودية ، وما توارد من أخبار ضرب واغراق ناقلة سورية وفقدان العديد من بحارتها في المياه الاقليمية ما يدفع للاعتقاد بتدخل البحرية الصهيونية تحت ستارة أمريكية كأن تقوم غواصة بعملية الاستهداف ، وأيضا احتراق ناقلتين في البحار الدولية ، واحتجاز ناقلتين في المياه القبرصية ، وكلها عمليات مشبوهة خارجة على القانون ما يبعث الحياة ناشطة بإعادتها إلى زمن القراصنة . القرصان الأمريكي يقول أنه يراقب وزارة الصحة اللبنانية ..! أمر يدعو للسخرية إذ لم يعد مكتفيا بمراقبة الدول والحكومات ليدخل في التفاصيل الصغيرة . أما الجواب الذي سوف يتلقاه من كل المستهدفين ، وقد يكون منهم حلفاءه الاوروبيين : لم نعد نخشى من الأعداء ، فهم ضمن ادارتكم ، سنتحمل ونصمد ولن نساوم ، كما لن نكرس حياتنا وعملنا وانتاجنا وثرواتنا لخدمة قواعدكم وأساطيل القراصنة التي تهددون بها .
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |