شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2019-04-02 |
تركيا أمام الاستحقاقات الداخلية والخارجية بعد الانتخابات المحلية |
جعل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان من الانتخابات المحلية حدثاً سياسياً بامتياز وكأنه استفتاء حول شعبية حزب العدالة والتنمية بعد اعتماد النظام الرئاسي. قال لجمهوره إن حزب العدالة وقف الى جانبكم فقفوا الى جانبه وهو يعد بأنه سوف يتخطى الازمة الاقتصادية. قاموسه الهجومي لاذع. هاجم المعارضة واتهمها بالوقوف الى جانب الإرهابيين، ولم يتوان عن تهديد حزب الشعوب الديمقراطي بإسقاط ممثليه وإن فازوا لأنهم يمثلون حزب العمال الكردستاني. وكالعادة كان لمن له صلة يوماً مع جماعة محمد فتح الله غولن النصيب الأكبر في الاعتقالات. حرّض على الولايات المتحدة واتهمها بالضغط على الليرة التركية لأغراض سياسية وبالتلاعب بالعملة مع دول عربية. خاض معركة شد عصب الاسلاميين من جمهوره حيث أدان موقف الصين من الايغور وارسل وفداً الى الحكومة النيوزيلندية إثر جريمة المسجد ضد المصلين. تبادل الاتهامات مع نتنياهو وأدان توقيع ترامب على إعطاء الجولان لـ«إسرائيل». جرت الانتخابات المحلية بعد فترة غير طويلة من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في يونيو/حزيران 2018 لم تهدأ تركيا فهي مرّت في دوامة الانتخابات خمس سنوات متتالية، واحدة رئاسية وثلاث انتخابات برلمانية واثنتين محليتين، فضلاً عن الاستفتاء الأهم الذي غير نظامها من جمهوري الى رئاسي الا انها بعد هذه الانتخابات سترتاح لغاية 2023. انتهاء الضغط الانتخابي سيفتح الطريق لمعالجة الأزمة الاقتصادية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بأزمات في العلاقات التركية مع الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الاميركية. أصبحت السيناريوات الاقتصادية موضوعا للنقاش نظرًا لخضوعها للاتجاهات الشعبوية منذ فترة طويلة. كانت الحكومة قد أصدرت في سبتمبر 2018 برنامجها الاقتصادي الجديد على المدى المتوسط ، ووضعت مجموعة من الاهداف لانعاش الاقتصاد، لكن جرى تأجيلها بسبب الاجراءات الشعبوية التي اتخذتها من اجل جذب الناخبين، وتهدئة الغضب الشعبي بسبب الغلاء وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين إذ زادت خلال العام الأخير، الأسعار بنسبة 16.33 ، وارتفعت أسعار المنتجين المحليين بنسبة 27.01 ، كما ارتفع معدل البطالة إلى 11 بزيادة 0.1 عن العام 2017، بينما بلغ عدد العاطلين عن العمل 3 ملايين و537 ألف شخص، بزيادة 83 ألفاً عن العام 2017، حسب الإحصاءات الرسمية. تخطّت نسبة التضخم 25.24 خلال العام 2018 قبل أن تتراجع إلى 20.3 مع نهاية العام، لتنخفض إلى 19.5 في مارس/آذار الحالي، بحسب بيانات الإحصاء المركزي التركي.. يتوقع وزير المالية التركي بيرات البيرق أن يواصل التضخم تراجعه ليصل إلى 10 في سبتمبر/أيلول المقبل. أعطى حزب العدالة والتنمية منذ وصوله إلى السلطة في نوفمبر 2002 الأولوية للرضا الشعبي وبالتالي رفض أردوغان التخلي عن سياسات النمو الاقتصادي على الرغم من الحقيقة بأن مثل هذا النمو ستتبعه الأزمات، رغم مخاطرها، فشل في مواجهة الاضطرابات الاقتصادية والمالية واضطر للذهاب إلى الانتخابات عام 2018 في بيئة أزمة. عانى الاقتصاد التركي بشدة خلال العام 2018 من تقلّبات حادة هوت بسعر صرف الليرة أمام الدولار الأميركي. يختلف الخبراء على تحديد مشاكل الاقتصاد التركي منهم من يحدّدها بثلاثة عناوين كبرى، هي التضخم وانخفاض قيمة الليرة وزيادة الطلب على العملة الأجنبية. لم يعد الحفاظ على هيمنة الحزب مهمة سهلة. منذ عام 2015، لم يتمكن حزب العدالة والتنمية من الحفاظ على هيمنته إلا بدعم من حزب الحركة القومية وما زال لغاية اليوم. وهذا مؤشر على تراجعه بعد ان كان يفوز من دون تحالفات تذكر. بعد أزمة تقرير بنك جي بي مورغان وكشف وضع الاحتياط المالي للبنك المركزي ونصيحة البنك لزبائنه بالتداول بالدولار. حاولت الحكومة إلقاء تهم بالتآمر على الخارج، لكن يدرك المقرضون الأجانب للاقتصاد التركي أن الوضع وصل إلى مستويات خطيرة. لا يمكن لاقتصاد يتمتع باحتياطات ضئيلة في البنك المركزي أن يتمتع بثقة المستثمرين الأجانب. لذلك من المتوقع أن تعطي أنقرة أولوية لاستعادة الثقة الخارجية.. وتأخذ خطوات فورية تؤدي الى تشديد السياسة النقدية والانضباط المالي، ولذلك نتائج صعبة لكنها ضرورية. الاولوية اذا ستكون لتعزيز الاقتصاد التركي الهش والمتقلب من خلال الإصلاحات الهيكلية التي حددها مختلف المراقبون الاقتصاديون الدوليون. أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان ووزير المالية بيرات البيرق في 28 مارس أن الحكومة تعمل على حزمة إصلاح يمكن الكشف عنها في الأسبوع الثاني من أبريل/ نيسان دون إعطاء تفاصيل حول الحزمة. ولكن مع الاعتراف بنقاط الضعف في حالة الاقتصاد من المتوقع أن يلتقي وزير المالية لاحقًا بممثلي المؤسسات المالية الأجنبية في الولايات المتحدة للترويج للإصلاحات واستعادة ثقة المستثمرين. الازمات والتوترات مع الولايات المتحدة تزيدان المخاطر المتراكمة، لذلك احتمال البحث في ترميم العلاقة مع واشنطن تمليه الحاجة إلى أموال خارجية وحوار محتمل مع صندوق النقد الدولي.. لكن من غير المرجح أن تطرق انقرة باب صندوق النقد الدولي، على الأقل في النصف الأول من العام. بدلاً من ذلك، من المتوقع أن تتبنى الحكومة «برنامجًا قاسياً أي ان تتخذ تدابير مشددة بحيث تأمل أنقرة أن تفوز بتقدير صندوق النقد الدولي». لم تتوقف المحاولات عن توظيف اللوبي التركي في واشنطن من اجل تحسين العلاقة مع انه لم يتم إحراز أي تقدم في المحادثات الخاصة بمنطقة آمنة داخل سورية حتى الآن، كما ان خطة تركيا لنشر نظام الدفاع الجوي الروسي S-400 في يوليو هي القضية الأكثر إلحاحًا بالنسبة الى الولايات المتحدة، حيث اوضحت أن مثل هذه الخطوة ستؤدي إلى عواقب وخيمة. هدّدت بفرض عقوبات على تركيا ما أثار الريبة من تشكيل التهديد ضربة قوية للاقتصاد التركي، فيما المساعي جارية من أجل لقاء أردوغان مع ترامب اواخر شهر نيسان. تراجعت العلاقة مع الاتحاد الأوروبي منذ 2014 مع تلاشي الآمال بحصول تركيا على العضوية الكاملة، لكن من المتوقع عقد قمة بين الرئيس أردوغان وكبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي، في يونيو/حزيزان من اجل مناقشة المشاكل العالقة والتطورات الأخيرة في شرق البحر الأبيض المتوسط في ما يتعلق بالاحتياطيات الهيدروكربونية التي جمعت «إسرائيل» واليونان وقبرص اليونانية ومصر. بعد بوادر التوتر بين تركيا واليونان، من المتوقع ان يلتقي الجانبان في منتصف أبريل / نيسان لمناقشة تدابير بناء الثقة في بحر إيجه، فضلاً عن سبل لاستئناف المحادثات بين الجانبين القبارصة الأتراك واليونانيين للتوصل إلى تسوية فيما يتعلق بسورية. لا تزال تركيا على موقفها حيث انها تنتظر ما سيؤول اليه الانسحاب الاميركي من شرق الفرات وهي لا تزال ترى ان إطلاق عملية عسكرية ضخمة جديدة في ادلب ضد المنظمات الإرهابية ستؤدي إلى نزوح اهالي المنطقة الى تركيا وهذا ما تريد تجنبه. الا ان زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان لموسكو في 8 أبريل/نيسان ستشكل مكانًا مهمًا لإجراء محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول القضايا الثنائية والإقليمية، وخاصة وقف إطلاق النار المستمر في محافظة إدلب. |
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |