شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2019-08-28 |
الرفيق مكرم سعد المميّز في كل تعاطيه القومي الاجتماعي |
يحكى الكثير عن الرفيق مكرم سعد. مناضلاً، ومثقفاً قومياً اجتماعياً، ورفيقاً يملك الكثير من الكفاءات، ويتمتع بالقدرات القيادية التي أهّلته لأن يتبوأ المسؤوليات المحلية والمركزية، لذا فإن حضوره في أي مجال تواجد فيه، كان لافتا ومؤثراً وترك بصمات عديدة لفائدة العمل القومي الاجتماعي. من المؤسف ان الرفيق مكرم لم يترك مذكرات، ولم يدوّن معلوماته الكثيرة عن العمل الحزبي في "عين عنوب"، في "ليبيريا" التي تواجد فيها لفترة غير قصيرة وتولى فيها مسؤوليات، منها مسؤولية منفذ عام، وفي تورنتو (كندا) التي ترك فيها بصمات لا تمحى من العمل القومي الاجتماعي، الجاد والمضيء. في هذه النبذة نحن لا نتكلم عن " كل " الرفيق مكرم سعد، إنما نقدم، ما يصح أن نضيئ به على مسيرته وسيرته، آملين من أمناء ورفقاء عرفوه في كل من الوطن، ليبيريا وكندا، أن يزوّدوا لجنة تاريخ الحزب بما يغني النبذة عن الرفيق مكرم، فنصدر في ملحق واحد أو أكثر، ما نأمل أن يردنا من رفقاء أو ما يمكن أن نجمعه لاحقاً من معلومات. إلى روح الرفيق مكرم الذي كنت أكنّ له الكثير من المحبة، والاعجاب، والتقدير، ارفع التحية. * بعض من نبذة شخصية - مكرم سليمان سعد - مواليد عين عنوب 28/4/1937 - انتمى في مديرية الشويفات في 9/5/1952 - اقترن من الرفيقة نجاح زين الدين (شقيقة الرفيق الشهيد وسيم - أبو واجب). ورزقا بكل من نهلا، مازن، ورشاد، وجميعهم مواطنون أصدقاء. * المسؤوليات الحزبية: تولى الرفيق مكرم المسؤوليات الحزبية التالية: - محصل مديرية حمورابي في مدينة بانغا (ليبيريا) - ناموس فمدير مديرية جوزدفينا، - ناظر إذاعة فناموس منفذية ليبيريا، - منفذ عام ليبيريا، - مندوب مركزي لافريقيا الغربية، - مفوض مفوضية لاس بالماس، - ومذيع مديرية تورنتو في كندا. حصوله على رتبة الامانة كان الرفيق مكرم قد منح رتبة الأمانة من جانب التنظيم الحزبي المستقل، ثم سقطت عنه الرتبة مع عودة الحزب إلى وحدته آواخر السبعينات. بتاريخ 3/7/1998 رفعت مديرية تورنتو اضبارة معلومات للرفيق مكرم وفيها يورد المدير الرفيق سهيل الحلبي المطالعة التالية: " الرفيق مكرم سعد مثال الرفيق الذي يستحق رتبة الأمانة، فهو لم يتغيّب يوما عن العمل الحزبي ولم ينقطع عن حضور الاجتماعات الدورية. متمماً لواجباته الإدارية والمالية. طيلة فترة وجوده في مديرية تورنتو، كان عاملا ايجابيا جداً بين الرفقاء. * تشييعه والحفل التأبيني. بتاريخ 25/4/2012 عممت عمدة شؤون عبر الحدود في نشرتها المعلومات التالية عن تشييع الرفيق مكرم وعن الحفل التأبيني الذي أقيم له.
من التشييع " اقامت مديرية تورنتو والنادي السوري- الكندي الثقافي في تورنتو حفلا تأبينياً للرفيق الراحل مكرم سعد وذلك يوم الثلاثاء الموافق 17 نيسان 2012، حضره حشد غفير من الرفقاء والاصدقاء وابناء الجالية. ابتدا الاحتفال بالتعريف بسيرة الراحل قدمها الرفيق جلال مرعي تم القت الرفيقة سمر شجاع حماده كلمة "رفقاء
واصدقاء الفقيد" قالت فيها: " رفيقي مكرم اتحدث عنك واتحدث اليك لانقل لك تحية من رفقائك في الوطن وعبر الحدود الذين فقدوا برحيلك قدوة في الاخلاق والمناقبية، في الثبات والتضحية، في العلم والثقافة وسعة الاطلاع، فكنتَ المثال الاعلى لنا جميعا في الصدق وحرية الضمير، في الصراحة المتناهية وفي تحمّل المسؤوليات الصعبة من اجل نهضة وعزة امتنا. غيابك سيترك فراغا كبيرا بين عائلتك الصغيرة والكبيرة، سيفتقد لك ولحنوتك وتوجيهاتك نهلا ومازن ورنا ورشاد، ستفتقدك كثيرا رفيقتك ورفيقة عمرك، رفيقتي نجاح، ولكن سيرتك وحياتك المملوءة بالعطاء والتضحية ستكون مشعلا تنير طريقهم وتضيئ حياتهم بقيم الحق والخير والجمال. كنتَ بعيداً عن الوطن بالجسد فقط ولكن الوطن وهمومه لم يفارقوا ذاكرتك وضميرك يوما واحدا. لقد كنت تجاهد وتجاهر وتكتب وتعمل دوما لنصرة وعزة قضيتنا ولنشر فكر سعاده. انتميت للحركة السورية القومية الاجتماعية فكنت دائما المخلص لانتمائه ولقسمه ولعقيدته والوفي لوطنه وامته، وكنت القدوة والمرجع للرفقاء والمواطنين. بوداعك الاخير نعاهد روحك الابية الطاهرة بانك ستبقى معنا مثالاً نقتدي به ومشعلا يضيء طريقنا وطريق اجيال آتية.
والقى بعد ذلك الرفيق راجي سعد كلمة "المديرية والنادي السوري- الكندي الثقافي" تحدث فيها عن مزايا الفقيد الاخلاقية السامية وقيمه العليا وسيرته النضالية الطويلة. قال الرفيق سعد: في قرية وادعة في جبل لبنان ومع بداية الربيع رُزقت عائلة المفوض في الشرطة سليمان محمود سعد بولدها الثاني في 18 نيسان 1937. ترعرع الطفل مكرم على كنف امه ياسمين التي كانت تعتني بشؤون العائلة في عين عنوب، وعلى كنف أبيه الذي كان رئيسا لمخفر "حبيش" في راس بيروت ومن ثم اصبح رئيساً لدائرة الاخلاق والآداب العامة نتيجة نظافة كفه واخلاقه العالية. كان الاب سليمان يرجع الى البلدة في نهاية كل اسبوع وكانت العائلة والاقارب ينتظرونه بفارغ الصبر ليستمعون الى احاديثه عن هموم الوطن وشجونه. كان الاب قدوة للابن، فمن ناحية تعلّم منه قيم الصدق والشجاعة والعنفوان، ومن ناحية اخرى تعرّف من خلال احاديثه معه كيف وقفت الاقطاعية والحسابات الطائفية في وجه ترقيته لمدة سبع سنوات رغم تفوقه على جميع منافسيه. راى الفتى مكرم كيف لم يستطع والده تخطي النظام الاقطاعي والطائفي الفاسد، رغم شهادة رئيس الجمهورية آنذاك بشارة الخوري فيه بانه انزه موظف مدني في الدولة اللبنانية، وراى ايضا بعد ذلك كيف دفع والده ثمنا باهظا لمواقفه المبدئية وشهامته من صحته التي بدات تتدهور بعد ترقيته أخيرا في العام 1950، عندما بدا المرض العضال ينتشر في جسمه ففارق الحياة بعد اقل من سنة عن عمر يناهز 47. النظرات الاخيرة كان لغياب والده وقع الصاعقة على الفتى مكرم الذي لم يبلغ الرابعة عشر من العمر بعد. فجاة فقد مكرم مثله الاعلى وبدات تضعط عليه هموم العائلة والحياة فأوقف تحصيله العلمي رغم ان اسمه كان مدرجا على لائحة الشرف، وتبخرّت احلامه بالدراسات الجامعية العليا فرحل عن الوطن الى ليبيريا لتامين مستقبل العائلة ومستقبله. قبل سفره الى ليبيريا كان مكرم قد تعرّف على افكار جديده تُتَداول بين الشباب في عين عنوب وتتحدث عن بناء امة ووطن جديد خال من الطائفية والاقطاع وتتحدث ايضا عن بعث نهضة فكرية تنويرية تعيد المجد والعز لهذا المشرق الغارق في سباته العميق. تعرف مكرم ايضا كيف اغتالت الدولة اللبنانية غدراً زعيم هذه النهضة أنطون سعاده بمحاكمة صورية في 8 تموز 1949 وكيف اختارت ستة من رفقائه من كل الطوائف لاعدامهم وكيف لم يستطع والده التدخل بطلب من الاهل للاعفاء عن الشهيد معروف موفق لانه يجب ان يكون واحدا من هؤلاء درزيا. راى مكرم كل هذا في مطلع شبابه فلم يعد ضميره يتحمل السكوت والخنوع فقرر الانتماء الى الحزب السوري القومي الاجتماعي في 9 ايار 1952 قبل بلوغه السادسة عشر، السن القانوني للانتماء. بعد هذا التاريخ بدات سيرته النضالية الطويلة في الحزب الذي اعتبر قضيته قضية شعب تواق الى الحرية والحق والعدالة الاجتماعية وجديرة بان تساوي وجوده. آمن الرفيق مكرم بالبطولة المؤيدة بصحة العقيدة فعرفته كل ساحات الجهاد الفكرية والسياسية قائدا قدوة لرفقائه ومحاضرا عليما في فكر سعاده وممارسا مؤمنا للقيم العليا التي تمثلها النهضة. لم يتردد في تحمل المسؤوليات الحزبية في احلك الظروف وخاصة بعد المحاولة الانقلابية ضد النظام الطائفي في 1961 واضطهاد القوميين وزجهم في السجون، فكان مذيعا وناموسا ومديرا لعدة فروع حزبية ومنفذا عاما لليبيريا. ادرك ان معركتنا الحقيقية هي معركة الوصول الى الشعب كما قال المعلم، فراى ان اقصر الطرق لتحقيق هذه الغاية هي في ممارسة القوميين لقيم النهضة العليا من اخلاق وصدق ودفاع عن حق الوطن في الحياة والعز. دمج القول بالفعل وقاد المعركة الانتخابية للجامعة اللبنانية الثقافية في ليبيريا في العام 1971 على هذا الاساس، واظهرت النتائج صحة منهاجه ففاز الحزب باكثر من 70% من اعضاء مجلس الادارة وكُرر هذا الفوز في الدورتين القادمتين بانتخاب الجالية رئيسا قوميا للجامعة واصبح الحزب القومي اهم مرجعية في الجالية والسفارة اللبنانية. لم يكن هذا النجاح ليتكرر لسبعين قوميا فقط في جالية يزيد عددها عن العشرة آلاف الا بفضل نبذ القوميين للطائفية والعنصرية بكل اشكالها وتَحَليهم بالاخلاق والقيم السامية التي زرعها روّاد كبار امثال رفيق الحلبي(1)، حسن ريدان(2)، فؤاد كامل صعب(3)، فؤاد خليفة(4)، عادل شجاع(5)، جوزف حداد والرفيق الذي نشيّعه اليوم، مكرم سعد، وكثيرين غيرهم. بعد نضال مجيد في ليبيريا شاءت الاقدار ان يستقر الرفيق مكرم مع عائلته في تورنتو في الثمانينات، فتابع مسيرته النضالية الى ان اجبره وضعه الصحي الى الحد من نشاطه لكنه ابى ان يستسلم للقدر فاكمل نضاله بكتابة المقالات في الصحف المحلية وصحف الوطن والتي تساءل فيها متى ستستفيق شعوب العالم العربي وترقى الى مستوى فكر انطون سعادة؟ . خلال وجوده في تورنتو اتيح لي ان اتعرف على الخال مكرم عن قرب، فكان اباً وصديقاً ورفيقاً قدوة وكنا نمضي الساعات الطويلة معا نصول ونجول في هموم الوطن فكانت كلماته موسوعة في الوعي القومي والتاريخ والدين وعلم الاجتماع والسياسة المؤيدة بصحة العقيدة. كانت كلماته صرخة حق ايضا ضد الذين عينوا انفسهم وسطاء بين اهل الارض والسماء وضد كل النفعيين والانتهازيين أياً كانوا واينما كانوا، وكانت وصيته دائماً: الصدق الصدق ومن ثم الصدق مهما كانت الحقيقة قاسية وجارحة فهي اقصر الطرق للنصر. ايها الامين على مبادئك والرفيق القدوة: ان الرجال الكبار امثالك لا ينتهون بماتم، فيا صاحب وقفات العز وابن العز والمنتمي الى مدرسة العز ستبقى مسيرتك فخرا للامة ومثلا اعلى للاجيال القادمة ليسيروا على الدرب القويم صفوفا بديعة النظام الى النصر الآتي. باسم الحزب السوري القومي الاجتماعي والجمعية السورية الثقافية في تورنتو نشكر للجميع حضوركم معنا ونتقدم من عائلة الفقيد بالتعازي الحارة بفقيدنا الكبير لان الامة التي تنجب من امثالك ايها الرفيق القائد ستبقى منبعا للخير والجمال ولا بد لها ان تحيا من جديد.
في الختام القت ابنة الفقيد نهلا سعد كلمة "اهل الفقيد" فشكرت الجميع على مشاركتهم وقالت: اليوم هو من أحلك الأيام. الكلمات تهرب مني، وأنا أكافح لكي اعبّر عن شعور عميق بالخسارة. هذه الخسارة التي كنا نستعد لها منذ اعوام ولكن كيف يمكن للمرء ان يستعد لفراغ من هذا القبيل؟ كيف ومتى فقدنا الحامي الاكبر لنا؟ أبي - بابا - الذي كان اللطف والخير متجسدا. كم يبدو الآن صحيحا قول جبران خليل جبران : "لا يعرف الحب مدى عمقه الا عندما تحين ساعة الفراق." في هذه اللحظة، وأنا مطاردة في كابوس رهيب يجري في مكتبة أفرغت من جمالها ... مكتبة بلا كتب، عندما أجد نفسي غارقة في أعماق الحزن واليأس، عندما يغمرني شعور بالفراغ لا يقهر، أقول لا أستطيع،لا أستطيع ..." ألمح كنوز أبي. أرى امي (يا جوهرة يا ماما، يا جوهرة). أرى أخي وطفليه، أرى أختي واخي الاصغر. أرى فيهم ثمار حياة الخير وأرى إرث أبي. لم أعد أرى مكتبة فارغة. أرى كتب ابي في الجسد - منقوش عليها كل ما كانه - كل ما هو خير وجمال. * في اليوم التالي (الاربعاء) اقيمت مراسم الدفن فلفّ النعش بعلم الزوبعة وادى الرفقاء تحية الوداع للرفيق مكرم قبل ان ينقل الجثمان الى مثواه الاخير. في كل الوطن، وكل مناطق عبر الحدود اليد ترفع زاوية قائمة والهتاف واحد تحيا سوريا. * هوامش: (1) رفيق الحلبي: مؤسس العمل الحزبي في كل من بشامون وغانا. للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى قسم "من تاريخنا على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info (2) حسن ريدان: مراجعة الموقع المذكور آنفاً (3) فؤاد صعب: كما آنفا (4) فؤاد خليفة: كما آنفا (5) عادل شجاع: كما آنفاً * إليكَ، ارجوكَ : توقف عن تناول رفقاءك كلما صاح ديك |
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |