شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2020-01-03 |
أميركا بعدوانها الأخير تريد فتح الطريق لـ «إسرائيل» لتتمدّد جغرافياً واقتصادياً |
العدوان الأميركي على قوات الحشد الشعبي في العراق هو جزء من مخطط وهدف من الأهداف الأساسية لأميركا. فتدمير العراق وتفتيته كانا ولا يزالان على رأس الأولويات الأميركية ـ “الإسرائيلية”. فإذا رجعنا الى كتبه جوناثان كوك اليهودي المقيم في الناصرة بفلسطين والعضو السابق في هيئتي تحرير صحيفتي “الغارديان” و”الاوبزرفر” البريطانيتين ومجلات وصحف أخرى منذ ما يزيد على العشرين عاماً… قرأنا ما يلي: “انّ غزو العراق واحتلاله واحتمال خوض حرب أخرى مع إيران تأتي ضمن سياق تفتيت العراق ونشر الفوضى والحرب الأهلية فيه…” وهو الهدف الذي سعت “إسرائيل” لتحقيقه في إطار إعادة صياغة الشرق الأوسط على نحو يسهّل السيطرة عليه والتلاعب بقدراته. فتدمير العراق وتفتيته كانا ولا يزالان على رأس الأولوية الأميركية “الإسرائيلية”. “فالمطامع الأميركية بالعراق هي تلبية وتحقيق لرغبة إسرائيل”. هذا ما كتبه جوناثان كوك. نجاح نتنياهو في الانتخابات الحزبية التي تفتح له باب الاستمرار في تولي رئاسة الوزارة شكلت فصلاً من فصول العدوان الأميركي على العراق. فالعراق هدف من الأهداف الأميركية “الإسرائيلية” والغاية المهمة في صفقة القرن والتطبيع مع “إسرائيل” حيث انّ أبرز وأهمّ بنود التطبيع هو توطين اللنازحين الفلسطينيين في الأقسام الشمالية من الموصل ومحافظة صلاح الدين… فقد حدّد نتنياهو بعد فوزه الإنجازات التي ينوي تحقيقها خلال السنوات المقبلة بالآتي: اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على غور الأردن وشمال البحر الميت، وكذلك على جميع التجمعات السكنية اليهودية في “يهودا والسامرة” (أيّ المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة)، إضافة الى السعي لتوقيع حلف دفاعي تاريخي مع الولايات المتحدة، وصدّ إيران نهائياً، وتطبيع مع الدول العربية، وإبرام تحالفات واتفاقيات سلام معها. اذ انّ “كلّ الإنجازات المقبلة هي فرص في متناول اليد”. وفي طليعة تلك الإنجازات التي تعمل “إسرائيل” على تحقيقها تنفيذ صفقة القرن وبدايتها توطين الفلسطينيين النازحين في الأقسام الشمالية من العراق. وما نشاهده اليوم من قلاقل واضطربات ذات رداء سياسي محلي هي الستار والتمهيد للمشروع الذي رسموا خطوطه مستفيدين من تخاذل الدول العربية… فما حدث في البحرين بشكل واضح هو جزء من هذا المخطط الذي شارك فيه أهل العمالة والخنوع وفي مقدّمهم البحرين التي سارعت لتأييد ما قامت به أميركا و”إسرائيل”. لم تعد المسألة تحليلاً وتبصيراً… انها واقع مرحلة طويلة تتيح لهم هضم ما ابتلعوه وتنظيم أوضاعهم الاقتصادية وتوفير مناخ آمن لمجموعاتهم كي توطد أقدامها وترسّخ وجودها وتنمّي مواردها. وقد بدأ الاستيلاء على القرى والأحياء الفلسطينية وهدم مبانيها وإتلاف مزارعها تمهيداً لإقامة المستوطنات متجاوزين القوانين الدولية والوطنية. ويشكك المؤلف في صدق الأعذار الرسمية التي تبرّر بها الولايات المتحدة الشراسة التي تبديها إزاء كلّ من إيران وسورية ولبنان والمناطق الفلسطينية وقبلها كلها العراق.. فلم يكن أياً من هذه الدول يشكل خطر على الولايات المتحدة أو “إسرائيل” المدجّجة بالسلاح النووي كما كتب. وهنالك رأي آخر قدّمه أستاذان جامعيان أميركيان هما جون ميرشايمر وستيفن والت من خلال مقالة نشراها في مجلة “لندن ريفيو او بوكس”. وقد ذكرا فيها انّ اللوبي الموالي لـ “إسرائيل” في الولايات المتحدة، نجح في دفع السياسة الخارجية الأميركية في اتجاه مدمّر للذات تماماً، وجعلها تضع المصالح “الإسرائيلية” فوق مصالح واشنطن، وتسعى لتحقيق الأهداف «الإسرائيلية” متخطية الأهداف الأميركية. وكما قال هذان الأستاذان: “لقد عملت الحكومة “الإسرائيلية» والجماعات الموالية لـ “إسرائيل” في الولايات المتحدة معاً لتشكيل سياسة الإدارة الأميركية إزاء العراق، وسورية وإيران، وكذلك تشكيل خطتها الكبرى الرامية إلى إعادة ترتيب الشرق الأوسط”. وما جعل ذلك ممكناً هو النفوذ الطاغي الذي يمارسه اللوبي الموالي لـ “إسرائيل” على السياسة الأميركية. فقد بدأت المؤسسة العسكرية “الإسرائيلية” تطوير رؤية طموحة لـ “إسرائيل”، تقوم على اعتبارها امبراطورية صغيرة في الشرق الأوسط، قبل أكثر من عقدين من الزمن. وبعد ذلك سعت إلى العثور على راعٍ لذلك في واشنطن ليساعدها في تحقيق رؤيتها، ووجدت ذلك الراعي، متمثلاً في المحافظين الجدد. ويوضح لنا هذا الأسباب التي جعلت ترامب يحتلّ مناطق البترول السوري ويقوم بسرقة النفط منها وبيعه وقبض ثمنه.. وهذا ما يحاول القيام به في العراق أيضاً. مخطط “إسرائيل” اليوم لا يحتاج للجيوش لتحقيقه، انها تحتاج للهدوء للسلم للطمأنينة وهذه عقيدة أساسية في الفكر اليهودي والوجود القائم عليه. هذا الفكر أساسه السيطرة بالمال والإعلام، ثم بالحرب والقتل والتدمير ويخلق الفتن والاضطرابات الداخلية وتدمير الوحدة الوطنية، وتفتيت المناعة القومية والوطنية بما يؤدّي لتقسيم البلاد وتحقيق السيطرة وضمان استمرارها. وكجزء من هذا المخطط بدأ الستار يزاح عن المشيخات لبعض دول الخليج وفي طليعتها البحرين التي تعتبر الواجهة التي تختفي وراءها البقية. وكلّ ما يحدث من مواقف عابرة او خطوة مبتسرة ما هي إلا من أجل ان يعتاد عليها أبناء الأمة وتصبح أخباراً مألوفة. وهذا بالتحديد ما يطبق اليوم في بلادنا من فتن وأحداث، وهذه الشام والعراق أمامنا خير شاهد ومثال.. كما انها أيضاً الجواب والرد على فعل الأحرار الذين يملكون قوة لو فعلت لغيّرت مجرى التاريخ. الآن وبعد ان استكملت الصهيونية مرحلة بنائها بالاستيلاء على فلسطين كلها وأقامت ما أقامت من منشآت وصناعات واستقرّ المهاجرون ووفرت لهم أماكن الإقامة، وبعد ان اخذت من الولايات المتحدة الهبات المالية والقروض الميسّرة، بدأت تبحث في تنفيذ المرحلة الثانية من خطتها لفرض سلام على أعدائها ونشر فترة من الاسترخاء والهدوء تمهيداً للدخول في حرب جديدة برايات بيضاء هي الحرب الاقتصادية والسيطرة الصناعية التجارية على الأسواق المجاورة واقتسام المياه. انّ كلّ الإنتاج اليهودي و”الشطارة اليهودية” ستصبّ بهذا المدّ الكبير لتغرف من خيراته وثرواته، وبذلك تؤمن اليهودية لنفسها الديمومة والبحبوحة والاستمرار ولأجيالها المقبلة النمو بهدوء وسعة مؤهّلين لاستكمال مشاريعهم بقوة واقتدار. ما يجري يتمّ بهدوء وصمت بفعل التعتيم المتعمّد في تاريخها وصحافتها وإذاعتها وبفعل الاختلاط الهادئ بين السكان وبفعل السيطرة المتنامية للعدو الخفي.. عقوبات وقرارات تتخذ بحق دولنا، تجمّد أموالنا، تمنع تجارتنا، تحارب المصارف والمؤسسات والبنوك من أجل تعبيد الطريق لإمرار مشاريعها. تصدر القرارات بحق دولنا وقيادتنا اذا تجرأت واتخذت قراراً فيه بعض الكرامة الوطنية ويتعارض مع مخططات “إسرائيل” واهدافها البعيدة. حتى البث التلفزيوني لا سلطة لفاعليه عليه في بلادنا. الخليج ولاية أميركية – غربية بكلّ معنى الكلمة تكفي إشارة من وكيل وزير الخارجية الأميركية ليصدر القرار والموقف. منذ الثورة العربية الكبرى الى يومنا هذا وقياداتنا عمالة وتبعية من تمرّد سحق، وشارك أبناء جلدته في سحقه. كما حدث للعراق، وما جرى للعراق حاولوا تطبيقه على الشام بأدوات عربية صرف.. بدأ من جامعة الدول العربية انتهاء بالسعودية وقطر التي تسلّح وتموّل المسلحين الإرهابيين.. نعاقب ونحن نملك المال ومن ملك المال ملك القوة.. لماذا تغيّرت المعادلة عندنا؟ وأصبحنا صورة الضعف الوحيدة في العالم تتفنّن بشكل لا مثيل له في الخضوع، أفريقيا تتمرّد، وتتمرّد أميركا اللاتينية ونحن نركض لنيل البركة والمباهاة والظهور بالصور.. أموال البترول بدلاً من ان تكون سياج الأمان ذهبت لأميركا تبرّعات بالمليارات وعادت الينا سلاح ضغط وطعن وإذلال وعصابات قتل وإرهاب. لا ما كنا ولن نكون بهذا الذلّ، “ليس عاراً ان ننكب ولكن العار ان تحوّلنا النكبات من أمة قوية الى أمة ضعيفة”. لن يتحقق الانتصار الا متى ما آمن كلّ منا على هذه الأرض بأنه ليس لنا من عدو يحاربنا في ديننا ووطننا الا اليهود. وليس من حركة تضمر لنا السوء والعداء وتسعى لتخريب مجتمعنا وأخلاقنا وقيمنا الا الحركة الصهيونية. فالأمة التي تسلّم نفسها للسلم تسلّم نفسها للعبودية. لقد بدأ الجزء الثاني من المشروع الإسرائيلي في الحرب ضدّ امتنا.. هذا الجزء هو تثبيت وجود “إسرائيل” السياسي والعسكري والاقتصادي في جغرافية التمدّد والسيطرة. انّ “إسرائيل” اليوم لا تحتاج للجيوش لتحقق بواسطتها مشروعها وتنفذ نواياها. انها تحتاج للهدوء، للسلم، للطمأنينة، انها ليست مسألة زمـن إنها عقيدة أساسية يبنى عليها الفكر والوجود اليهودي كله… وجود يسيطر بالمال والإعلام، ثم بالحرب والقتل والتدمير، ثم بالمساومة والملاينة أحياناً ثم أخذ الباقي بالمفاوضات، او خلق الفتن والاضطربات وتدمير الوحدة الوطنية بالدسائس والمؤامرات وتفتيت المناعة القومية والوطنية لتقسيم بلادنا وشعوبنا فتحقق السيطرة والأمان. كما يجري الآن في وطننا من فتن وأحداث سموها “الربيع العربي”… فالاضطرابات والقلاقل التي يشهدها لبنان والعراق والشام هي تطبيق للجزء الثاني من الحرب الإسرائيلية الصهيونية ضدّ أمتنا ووطننا والتي بدأت عسكرية حربية في فلسطين عام 1948 وهي الآن سياسية واقتصادية، وذلك انطلاقاً مما جاء في المجلد الاول من بروتوكولات حكماء صهيون حيث قال: “عقيدة هذا الشعب المختار انه يستطيع ان يفسد العالم ويعطله ويخرّبه ويقيم على أنقاضه ملكاً يهودياً داودياً يتفرّد بحكم العالم بأسره وما الأمم والشعوب إلا حيوانات متخلفة العقل والذهن والفهم…” وجاء في البروتوكول الثاني: “انّ غرضنا الذي نسعى اليه يحتّم ان تنتهي الحرب بلا تغيير حدود ولا توسع إقليمي وينبغي تطبيق هذا ما أمكن فإذا جرى الأمر على هذا قدر المستطاع تحوّلت الحرب الى صعيد اقتصادي، وهنا لا مفرّ من ان تدرك الأمم من خلال ما تقدّم من مساعدات ما لنا من قوة تغليب فريق على آخر ومن التفوّق وفر اليد العليا الخفية، وهذا الوضع من شأنه ان يجعل الفريقين تحت رحمة عملائنا الدوليين الذين يملكون ملايين العيون اليقظة التي لا تنام ولهم مجال مطلق يعملون فيه بلا قيد وحينئذ تقوى حقوقنا الدولية العامة على الحقوق القومية الخاصة في نطاق المعنى المألوف لكلمة حق، فيتنسى لنا ان نحكم الشعوب بهذه الحقوق تماماً كما تحكم الدول رعاياها بالقانون المدني داخل حدودها”. جميع المؤشرات على الساحة الدولية تشير الى انّ الاصبع الإسرائيلي وراء جميع ما يجري.. والدور الأميركي الحاضن والداعم واضح بارز فجّ وقح سواء عندما برز في التصريح ان “أميركا هي إسرائيل وإسرائيل هي أميركا” او في المخططات التي رسمها لها الرئيس الأميركي الحالي ترامب وقراراته بشأن القدس والجولان امتداداً للحدود اللبنانية. لذلك بدأت الاضطرابات تظهر عنيفة قاسية التحركات الجماهيرية التي نشاهد فصولها في لبنان والعراق حيث اندسّت اليد “الإسرائيلية” السرية وتحرك العملاء لاستغلال المطالب الوطنية المحقة ككلمة حق يريدون من ورائها باطلاً بإحداث تصادم وتناقض في المطالب لتبقى الفوضى منتشرة ويتهدّم الاقتصاد وتسود حالة الهلع. فخلق الفتن ونشرها هي عقيدة أساسية عندهم. فـ “إسرائيل” تستغلّ المطالب الوطنية وتحرك عملاءها ليقوموا بأعمال التخريب والتدمير.. لقد وعد نتنياهو أتباعه وناخبيه بأنه سيعمل على تحقيق إنجازات تاريخية خلال السنوات المقبلة. وتحرك العملاء دون خجل أو حياء وكشفوا عن فسادهم وخياناتهم كما فعل حكام البحرين متبعين القول: اذا لم تستح فأفعل ما تشاء. وانّ ما جرى مؤخراً في العراق هو تنفيذ لما قرّرته أميركا و”إسرائيل” في مشروع التطبيع ومحاولة إيجاد المناخ المناسب والقبول الخانع لتوطين القسم الأكبر من الفلسطينيين فيه.. ورغم كلّ هذه الأهداف الواضحة لدى العدو نجد من يندّد بسلاح المقاومة ويطالب بنزعه وتعرية لبنان أمام عدو طامع.. ونعود لما قاله سعاده: “ما أقوله في صدد لبنان والشام أقوله في صدد فلسطين، فالسياسيون الكلاسيكيون هناك لم يتمكّنوا من إيجاد ايّ دفاع مجد يصدّ الخطر اليهودي، لأنّ اساليبهم لا تزال من النوع العتيق المسيطر فيه الصفة الاعتباطية والأنانية والمغرّرة للشعب. ولا بدّ لي من التصريح في هذا الموقف انّ الخطر اليهودي هو أحد خطرين أمرهما مستفحل وشرّهما مستطير. والثاني هو الخطر التركي. وهذان الخطران هما اللذان دعوت الأمة السورية جمعاء لمناهضتهما. انّ الخطر اليهود لا ينحصر في فلسطين، بل يتناول لبنان والشام والعراق أيضا، لا لن يكتفي اليهود بالاستيلاء على فلسطين، فلسطين لا تكفي لإسكان ملايين اليهود. الذين أثاروا عليهم الأمم النازلين في أوطانها، وهم منذ اليوم يقولون: “الحمد الله أننا أصبحنا نقدر ان نمارس الرياضة الشتوية في ارض إسرائيل ويعني التزحلق على الثلج في لبنان، فليدرك اللبنانيون ما هي الأخطار التي تهدّد الشعب اللبناني”. وكرر التحذير في عام 1947 اذ قال: “لعلكم ستسمعون من سيقول لكم انّ إنقاذ فلسطين، أمر لا دخل للبنان فيه. انّ إنقاذ فلسطين أمر لبناني في الصميم كما هو أمر فلسطيني في الصميم كما هو أمر شامي في الصميم… انّ الخطر اليهودي على فلسطين هو خطر على سورية كلها. كلمتي ليكم هي العودة الى ساحة الجهاد”. |
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |