شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2020-01-03 |
هـرطـقـة الكتابة – السياسية ، زمن السقوط . . ! . |
الكتابــة : ممارسة التفكير بصوت عال مع التدوين ، دافعها شعور داخلي بالحاجة للتعبير أولا ومحاولة توعية وتنبيه الآخر الذي نعتقد أنه بحاجة لذلك ، الكتابة ، تحتاج لدوافع ومشاعر ومعاناة ، الأهم الرغبة فيها كما الرغبة في الطعام .!. لكننا نشعر أحبانا بعدم الرغبة في الطعام وإن كان شهيا ..!. هل ينطبق ذلك على الكتابة ، ولماذا .؟. في زمن مضى وقبل عشرات السنين كنت أستيقظ من نومي في ساعة غير محددة ، أهرع إلى حاسوبي الذي أتركه شغالا في أغلب الأحيان ، أدون مشاعري وإحساسي وما كنت أفكر فيه خلال نومي ، ربما كان حلما ، حتى الكلمات والتراكيب اللغوية في الحلم تختلف عنها في اليقظة وقد تكون أكثر جمالية وابداعا . . وفي أحيان جاءت نثرا أقرب إلى الشعر ، أهو الإلهام أم الوحي .؟. أفضل الكتابة هي غير الوظيفية ، بمعنى أنك لا تكتب لتنفيذ مهمة أو عمل ولا أقصد ما يمكن تسميته تقرير عمل ، بل أقصد التعبير عن الرأي مثل التحليل سواء الاقتصادي أو السياسي ، الكتابة الوظيفية تأتي رتيبة دون إبداع في أغلب حالاتها ، لكن الكتابة للأمر الآخر تحتاج إلى المتابعة والاطلاع على الأحداث والمقارنة والعودة إلى التاريخ والمقارنة مع أحداث الواقع ، فهل هذا ما يفعله الكتاب . . أغلبهم أو بعضهم .؟. لمن نكتب .؟. طبيعة التنوع الاجتماعي واختلاف الاهتمامات تجعل من طبقة المثقفين في المجالات الهامة قلة ، أو أعداد محدودة ، من مهامها نشر الثقافة التي يحتاجها الوطن والمجتمع ، التوعية ، وتقديم المعلومة مبسطة ومختصرة فلا يبحث عنها الانسان العادي ولا ينقب ، وهكذا لا يصرف وقته بغير عمله ، المعلومة وتحليلها عمل كبير تظهر نتائجه عند تحقيق الوعي العام وهي مهمة الطبقة المثقفة المسؤولة عن هذا العمل سواء كانت مؤطرة أو متحررة من أي ارتباط رسمي ، يدفعها الالتزام والوفاء للوطن . دافع الالتزام الوطني هو الأصل في العمل الكتابي بغرض نشر الثقافة الوطنية والتوعية من مؤامرات الخارج والدعوة للوعي وتفضيل المصلحة الوطنية العامة على كل ما عداها ، وهكذا تكون الكتابة أو المحاضرة أو الندوة غايتها المجموع العام من عامة الشعب والذي أغلبه لا يهتم ، وبعض المثقفين يردد . . أن توجه دعوة لمحاضرة لن يلبي عشرات ، وأن تقرع طبلا . . يأتيك الآلاف . . وأن تكتب فأنت القارئ وحدك أو معك البعض وهم . . !. من يقرأ .؟. بعد تجربة طويلة نوعا ما ، سنوات ، أخرج بنتيجة تقول بأن من يقرأ ، نوعان ، الأول وهو قلة من المهتمين أصحاب العلاقة الشخصية المتميزة ، وهؤلاء متابعون نشطاء ، وأغلبهم ليسوا من العامة الذين تستهدفهم الكتابة بالدرجة الأولى ( ويصدق القول : أننا شعب لا يقرأ .!. ) الطرف الثاني هو أيضا من المثقفين وبطبيعة الحال ليسوا بحاجة لما تكتب أو تطرح إلا من باب المقارنة والبحث عن الاختلاف في وجهات النظر أو البحث عن الجديد في كل ما تطرح ، وهنا يكون النقد ، معتدلا أو لاذعا وبحسب وجهة النظر والموقف من الكاتب ووجهة النظر التي يمثلها أو يؤيدها . أسابيع عديدة أفتقد القابلية للكتابة ، وليس من سبب سوى الاحباط أو التفكير بالنتائج المتحققة حتى على الصعيد الأقرب ، أن تكتب أو تحاضر ، أو تشارك بالمنتديات وترى بعد ذلك أن الفهم العام قاصر عن استيعاب أبسط عناصر المرحلة مع ضعف القدرة على التفريق بين العدو الحقيقي والعدو الزائف ، بين الصديق الوهمي والصديق الصدوق ، وبالتالي عدم الاستجابة لامتلاك الوعي كأن يقول أحدهم . . يا أخي التركي مسلم مو متل الأمريكي ، وين المشكلة إذا دخل أو حكمنا ، هو يقوم بحماية الدين وقسم كبير من شعبنا ، أمر يدفعك للكفر .!. عقود من عمليات التربية " الوطنية" عقود من الفشل والخيبات ، أنتجت أجيالا مشوهة المفاهيم ممزقة الروابط ، مغسولة الأدمغة في التجمعات السرية ، للأسف أغلبها جرى في مدارس شرعية ، مراكز تحفيظ ، وجوامع ، وحتى مراكز من الديانات الأخرى على قلة عددها ، تحطم بنتائج عملها الرابط الوطني لصالح الروابط العرقية والمذهبية رغم مئات السنين ، فلماذا فشلنا .؟. ولماذا يجد العدو من يخدمه في أوساطنا بقليل من الرشى ماليا أو معنويا أو على الوعد يا كمون أوليس هذا هو عين الفشل في الالتزام بالرابط الوطني .؟ عقل جمعي مشتت .!. كل مثقف وطني حقيقي يمكنه التمييز بين المخاطر المحدقة ، ومعرفة أولوية العمل في مواجهتها ، لكن العامة أبدا ، يبحثون عن اللقمة ، ومستلزمات العيش اليومية ، الوقود ، الكهرباء . . الخ . من يدفعهم لهذا .؟. أوليس هذا كافيا ليكون العذر في عدم التفكير بما هو أبعد ، بالهم الوطني ، بالمخاطر على الوجود ، والجوع هو الخطر الأكبر ، وهل السياسيون في عالمنا المتخلف – الثالث أو الثالث عشر لا فرق ، يهتمون بغير جمع الثروات وايداعها في بنوك العالم وأغلب ما لكيها من اليهود ، وهل يكذب قطب يهودي ماسوني عالمي عندما يقول: سنجعل قادتهم يسرقون ثرواتهم ويودعونها في بنوكنا ، قد نعطيهم منها القليل ، لكنها ستكون من نصيبنا بالنهاية .!!!. المليارات في أمريكا وسويسرا وحتى في بنوك الدول المجاورة ، لن تعود ويجب علينا قراءة الفاتحة على روحها . في كيانات العالم العربي دون استثناء خليط من الأعراق والأجناس والمذاهب ، وهذا التنوع يشكل مضمارا تلعب عليه القوى المعادية محافظة على تخلفه ومنع تجانسه ، 1400 عام مضت وما زال سيف علي ورمح معاوية مشرعان ، ورأس الحسين يجول مع صرخة من تخلوا عنه . . لبيك يا حسين ، فكيف لا يلعب الأعداء بهذه العقول المتعصبة المتصلبة ويدفعونها للحرب والاقتتال كما في اليمن والعراق ولبنان والشام وكل مكان على وجه الكرة الأرضية ، وهل تسلم الهند والسند والأفغان عندما يريد المخطط الصهيو – أمريكي وتقضي مصلحته بإشعالها .؟. - كيف لنا أن نقنع البعض بأن التركي عدو تاريخي وأنه استولى على مساحات من بلادنا تفوق مساحة ما بقي منها ولم يزل يطالب بإدلب وحلب وقسم من الجزيرة السورية ومن العراق .!. - كيف لنا أن نقنع البعض الآخر بأن بلاد نجد والحجاز تحكمها عائلة رجعية من أصول يهودية وأنهم أتباع للصهيو – ماسونية العالمية ومهمتم لا تتجاوز حراسة النفط وثروات شبه جزيرة العرب وتحويل عائداتها إلى بنوك الغرب الصهيوني .!. - كيف لنا أن نقنع البعض أن الدولار أو الريال أو غيره لا يوضع في الميزان مقابل الاخلاص الوطني والوفاء لأرض نبت منعا وعاش على خيراتها . - كيف لنا أن نقنع كل هؤلاء وهم لا يقرأون وانطبق عليهم قوله " أمة إقرأ . . لا تقرأ – وهو عنوان برنامج يشارك فيه علماء كبار .!. - لنعترف إذا أننا فشلنا على مدى عقود طويلة بتربية جيل وطني يكون الأكثر بين شرائح المجتمع ، جيل يكون هو صاحب الكلمة الراجحة في تقرير المصير والاستقلال عن كل تبعية خارجية ، ولاؤه سوري خالص .!. - كيف لنا أن نقنع القطعان أن الراعي يهتم لحماره ، ويدلل كلاب الحراسة حوله ثم ينسى أنه خرج يوما من ظروف القطيع وأنه لم يعد واحدا منه ... تشكو القطعان من الرعاة واستغلالهم لها لكن كل قطيع يقاتل مدافعا عن من يعتبره زعيمه أو راعيه .. يستمرون بتبعية المرياع والجرس وحمار الراعي . الـوداع : أكثر من شهر وأنا أحاول كتابة مقالي الأخير هذا ، أحاول فأشعر بالضيق ، بالقرف ، بالإحباط فأعزف عن الكتابة ، في هذه اللحظات يتابع القطيع الكبير وقائع لقاء مع " فلكي ، عراف ، متنبئ " لا أستطيع تعريفه بأكثر من كونه من المنجمين على الطراز الحديث ، تسوق له محطة التلفاز ... يقول أن المستقبل القريب سيحمل للعالم ولادة " دولة لبنان الكبير .. وتصل حدوده لأكثر من سبعين ألفا من الكيلو مترات المربعة ..!!. ويستمر الهذيان ، أشعر بالحجم المتضائل للتفكير . . كثيرا ، كثيرا . فأضحك في سري حتى لا يقول من حولي .. جن الرجل . أقول وداعا ، للعمل في السياسة ، وداعها للعمل في المجال الخدمي العام ، فنحن مجرد أرقام على الساحة ولسنا أصحاب كلمة مسموعة ، سأبرئ ذمتي احتراما لمعتقدي وايماني وأنزوي بعيدا عما أعتبره هرطقة كاملة في الكتابة والسياسة ، الكتابة لمن لا يقرأون ، والسياسة في أوساط لا تكون فيها أكثر من عازف نشاز .
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |