شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2021-01-28 |
سعاده الغائب الأكبر في حزبه (5) تعديلات شكلت إعتداءا على حقوق القوميين! |
كنت وضعت دراسة مستفيضة (80 صفحه) عنوانها :"سعاده وثوابت فكره الدستوري" نشرتها في الكتاب القومي في جزئيه السابع والثامن. تناولت فيها اضافة الى الثوابت، المؤسسات التي كان من الواجب التشريع لها بعد غياب سعاده وسلسلة الرتب. في الحقيقه - كما ارى- ان سعاده اشار لنا إلى الطريق التي يجب سلكها لعهد مابعد الزعامة في المادتين 12 و 13 من الدستور الاساسي. وطوال الأعوام الماضية لم ألحظ إقامة ندوة من رفقاءمختصين بالقانون الدستوري للتداول في فكر سعاده الدستوري. وانما كتب العديد من الرفقاء وبعضهم من المحامين ، لكن من غير المختصين بالشأن الدستوري الذي هو فرع حديث من فروع الحقوق وهو "يعنى بالاحاطة القانونية بالظاهرات السياسية " كما يقول اندريه هوريو في كتابه " القانون الدستوري والمؤسسات السياسية". تشير الفقرة الأخيرة من المادة 10 الى حق المجلس الأعلى في عهد سعاده بتعديل "الدستور الحالي" فهو كان مجرد مجلس استشاري في حياته، ليصبح في المادة 11 في موقع انتخابي نتيجة غياب سعاده الطارىء، ليتحمل المسؤولية التشريعية في المادتين 12 و 13 من الدستور الاساسي. تعتبر فترة حياة سعاده الحزبية بكاملها فتره تأسيس فهو مؤسس النهضة كما ورد في مقدمة الدستور. كما جاء في المقدمة ان اعضاء الحزب يؤيدون الزعيم تأييدا مطلقا في كل تشريعاته وادارته الدستورية. فالعضوية في الحزب مشروطة بتأييد الزعيم كونه شرع العقيدة ودستور الحزب الاساسي والمراسيم المستنده الى الدستور الاساسي، مما يعني ان إيمان العضو بالزعيم يستمر بعد غيابه، - فلا زعيم بعده- فهو من شرع أولى المراسيم. وايضا هناك ربط محكم في المقدمة في مسألة التعاقد فمن جهة هناك الشارع وصاحب الدعوة يقابلها المقبل على الدعوة ثم هناك واضع اسس النهضة الذي يتحمل مسؤولية الزعامة، يقابلها العضوية في الحزب. فالزعامة مستمرة بحضور سعاده وغيابه. من جهة اخرى، جاء في رسالته الى القوميين اواخر العام 1947 التي حجبتها الأدارة المنحرفة انذاك قوله : "في كل هذه المدة الطويلة، وبعد كل هذه المحن العظيمة، لم يضعف ايماننا بل قوي. أيمانكم بي وايماني بكم. آمنتم بي معلما وهاديا للامة والناس ومخططا وبانيا للمجتمع الجديد وقائدا للقوات الجديدة الناهضة الزاحفة بالتعاليم والمثل العليا الجديدة الى النصر." فهو يدعو القوميين للايمان به بوصفه المعلم والهادي والمخطط والباني للمجتمع والقائد لهم. فسعاده يعبر عن الارادة العامة لكل الشعب السوري ومسألة زعامته غير مرتبطة بحياته الجسدية، بل بما انتج من فكر وعمل وربى ودرب وجاهد. ويقول في رسالته الى انطون ضاحي (2. 3. 1946) متحدثا عن الزعامة "من هداكم الى قوميتكم، وجاء يعلمكم الحق والعدل والمناقب السامية والاخلاق الراسخة، برسولكم في القومية الاجتماعية ومحجتكم في اليقين بها، وقدوتكم في مكارمها ومرجعكم في مسؤولياتكم وفي كل ما أشكل عليكم وحصنكم ومعتصمكم كلما اشتدت عليكم الشدائد." ومن متابعتنا كيفية معاملته لفخري معلوف من خلال رسائله الى غسان تويني. واهتمامه بمطالعة - في زحمة إنشغالاته - كتب عن الفلسفة الفردية لبردييف و كيركارد ليوضح لفايز صايغ والقوميين معنى الفلسفة الفردية وان فلسفتنا المدرحية تتجاوزها، وهي التي تحتاجها أمتنا وهي مستخلصة من المبادئ القومية. هنا نرى خلو سلطة سعاده من معنى القوة والسيطرة والتسلط لنجد مقابلها عملية بناء الإنسان وتعليمه وتدريبه ليكون صالحا لمجتمعه. والحقيقة ان هناك عدة استخدامات لكلمة سلطة، كما يختلف معناها من مجتمع لآخر، من تعدد صفاتها ووظائفها مما يجعلها مثقلة بالدلالات. فالسلطة هي ذلك النمط من القيادة والامارة البشرية النابعة من نظام شرعي والتي تستغني من حيث المبدأ على الاكراه والاقناع في آن واحد. وينقلها المترجمون بمعنى الحجة او المرجع المتلائم مع حاجات الشعب. وورد في كتاب جون كينيث غالبرايت " تشريح السلطة" (صفحه 17) انها تعني تلاؤم الرأي والمعتقد عن طريق الاقناع والتثقيف والالتزام وهذا متوافق مع السياسة المعاصرة. ويقول تامر الخزرجي في كتابه "النظم السياسية الحديثة والسياسات العامة" ( صفحه 177) :ان السلطة تعني التوافق مع القيم والمصالح الاساسية في المجتمع مما يحفظ للمجتمع تماسكه" . واختم في مسألة السلطة عن انها ظاهرة يصعب تعريفها وتحديد مفهومها كونها ظاهره معقدة ومركبة لتعدد صفاتها ووظائفها وطبيعتها. إضافة الى تطورها المستمر، ويرجع فهمها الى كونها تعود الى الزمانية وهي ملازمة لها في كل حقبه تاريخية مؤكدة حضورها الفاعل. وترجع الى فعل تأسيس اي الى اصول نشأة الحياة المشتركة كما جاء في دراسة الدكتور إحسان عبد الهادي النائب "في مفهوم السلطة وشرعيتها: إشكالية المعنى والدلالة". مما سبق ،تبرز سيرة حياة انطون سعاده كل وقائع سلطته التي ما كانت تستعمل التسلط والعنف او القوة. بل كانت سيرة المعلم الذي يربي وينشيء ويرفع النفوس لبناء جيل جديد يأخذ على عاتقه نهضة أمته. من هنا، اقول إنه قد حصل تعدي، حين إجراء تعديل على قسم العضوية من خلال شطب عبارة "تأييد الزعيم وسلطته" وإستبدالها بعبارة " مقتديا بمنشئه الزعيم" لان الاقتداء يكون بالشخص لا بالفكر. من هنا يجب العودة عن هذا التعديل باعتبار ان قسم العضوية هو من ثوابت الفكر الدستوري عند سعاده. ثانيا: بعد غياب سعاده، يصبح القوميون الاجتماعيون هم مصدر السلطات. وبالتالي يتحملون مسؤولية صيانة الدستور من التعديات، كونهم متعاقدين مع الزعامة القومية. ورد في المادة العاشرة ان من صلاحيات المجلس الاعلى الاستشاري" تعديل الدستور الحالي". فسعاده اعطى لاول مجلس أعلى حق تعديل دستور عهد الزعامه فقط. واعطى هذا المجلس تحديدا حق "غير دستوري" لاجراء اول تعديل لانه سيتعرض لدستور عهد الزعامة لاسيما المادة الرابعة التي ستصبح : "القوميون الاجتماعيون هم مصدر السلطات". واستكمال البناء الدستوري والتشريع لمؤسسات لم يلحظها دستور عهد الزعامة. والمجلس الاعلى بعد اجراء اول تعديل يؤمن "الاستقرار" الدستوري كما كان الأمر في زمن سعاده، وتكون صلاحياته محددة في الدستور عبر إلغاء عبارة "غيردستورية". تماهيا مع صلاحية الزعامة التي كانت محددة في الدستور. هكذا كل المؤسسات ايضا يجب ان تكون محددة الصلاحيات والمهام، إذ لا يمكن إبقاء هذه العبارة لئلا تكون مؤسسة المجلس الاعلى فوق الدستور. فلا يوجد دستور في العالم لا يحدد صلاحيات ومهام أية مؤسسة. كما حصل في أول تعديل عام 1951 حيث لم يحدد المجلس الأعلى صلاحياته! . وفي هذا الخصوص اقول ان المجلس الأعلى هو أعلى المجالس وليس الأعلى سلطة. وسعاده مع مبدأ فصل السلطات، على أن تكون ثلاث سلطات متساوية ومتوازنة ومتعاونة. من جهة ثانية ان اي تعديل يجب ان لا يتخطى ثوابت الفكر الدستوري للزعامة القومية. فلا يحق للقوميين مجتمعين اجراء تعديل مناقض أو مخالف للفكر الدستوري لانهم طرف ثان في التعاقد. وما يجري في المؤتمرات التي تقام موسميا والتي يصدر عنها توصيات معظمها مخالف للاتجاه الدستوري للزعيم بدءا من ملكارت. وفي هذا المجال أرى ان يصار الى الغاء مؤسسة المؤتمر العام الموسمية واستبدالها بمؤتمرات اختصاصية لاصحاب اختصاص وادراك عالي حين تدعو الحاجة، كمؤتمر المدرسين الذي عقده الزعيم عام 1948، او عقد مؤتمر لدرس تنفيذ خطة او مشروع ما لأية مؤسسة من مؤسسات الحزب. فيما عدا ذلك لا حاجة لمؤسسة دائمة للمؤتمرات. وعلى سبيل المثال أعاد مؤتمر عام 1984 اصدار توصية باشتراكية الحزب مجاراة لقرارات سابقة للمجلس الأعلى في الستينات والسبعينات في هذا الشأن!. هذه التعديلات، وغيرها شكلت إعتداءا على حقوق القوميين الاجتماعيين. و يجب اعتبارها باطلة بحكم التعاقد مع الزعيم. من هنا ، أدعو الرفقاء لدراسة دستور سعاده الذي أعتبره كاملا ولا يشوبه اي نقص. وأن نتعاطى في مسألة عملية التعديل بعقلية اخلاقية عالية. وأن اي تعديل يقدم عليه المجلس الاعلى - الذي هو مؤسسة من مؤسسات الحزب - يجب ان لا يتعدى "السلطة التشريعية العامة" للزعامة القومية. (رسالة الزعيم الى تويني4.8.1946 ) هذه التعديلات على الدستورالتي كان يجريها "القيمون" على الادارات الحزبية لتأمين استمرارية " وضع اليد" على الحزب وتسييره وفقا لرغباتهم الفردية البعيدة عن "الصالح العام" للحزب والمجتمع السوري مما ابعدنا عن ساحة الصراع الاساسية في فلسطين حيث يرقد هناك عدو لأمتنا يخطط باستمرار لاقامة حروب داخلية بين ابناء المجتمع الواحد، ليغرق شعبنا اكثر فاكثر في آتون الكيانية والمذهبية والأثنية، مما يبعدنا جميعا عن ساحة الصراع القومي. رفقاء ،نحن مسؤولون عن كل واقعنا الفاسد، تحاصرنا الازمات الداخلية التي لا مهرب من حلها حلا مشرفا يليق بعضويتنا بارقى حزب يسعى لاقامة نهضة في سوريانا الحبيبة. الى اين نسير ونحن نعرف تمام المعرفة، ان جسمنا المعتل لا قدرة له على المقاومة وتحقيق انجاز بسيط. أن نوقف- مثلا- زحف العدو والفساد عند حد ما.؟! ليس لدينا خطة لشيء، نخبط خبط عشواء، نهرب من حفرة صغيرة لنقع في حفرة اكبر. ان الظروف الرهيبة التي تحيط بالامة تستوجب منا التلاقي والتحاور باستثناء اهل المفاسد والإفساد - الذين يعرفهم القوميون حق المعرفة- هؤلاء الذين أقاموا الحواجز والمعوقات بوجه الصفوف القومية بديلا عن "وحدة الروح" التي اقامها زعيم النهضة في صفوف القوميين، هذه الصفوف الصافية والنقية والعاملة بايمان عال بزعيمها ومبادئ العز التي تؤهل العضو معرفة وإرادة واخلاقا لانشاء حياة جديدة بنظام جديد تعبيري الاتجاه ينقذ سورية والبشرية. فوحدتنا في تعاقدنا مع الزعامة القومية ، وكل ما عدا ذلك باطل الاباطيل. التزامنا بالعقد مع سعاده يزيل كل الحواجز والعوائق. فلا شتات هنا او هناك، ولا تنظيمات تمنع لقاء من توحدوا بايمانهم مع زعيم النهضة. الالتزام بالعقد يضع حدا لوقوع بعض الاعضاء "ضحايا" يجب ان يضحى بها على مذبح الفرديات والانانيات للادارات الحزبية الفاسدة. هؤلاء الاعضاء الذين رهنوا حياتهم لامتهم فرهنتها الادارات لصالحها الخاص. ويرفض هؤلاء الاعضاء ان يبقوا "رعايا" في بعض المناطق مؤكدين على حقيقه ما أطلقه زعيمنا في خطابه المنهاجي، اننا "اصبحنا امة بعد أن كنا قطعانا بشرية". ان الحل العلمي والعملي لواقعنا الحالي ، والمؤيد بتعاقدنا مع الزعيم، يدفعنا للعمل وبتصميم عال من اجل إقامة ادارة موقتة ممن يملكون وعيا واخلاقا ونضالا قوميا صرفا لاعادة الوحدة الى الصفوف المشتتة، فالاخطار والكوارث والمحن التي تجتاح بلادنا تستدعي من القوميين الصادقين ان يتكاتفوا لازاحة طاغوت الفردية والانانية والفساد عن صدر الحزب والأمة. وهي مهمة شاقة لن يعجز عنها من اعتنقوا مبادئ الحياة ونذروا انفسهم وحياتهم لخلاص بلادهم، وستذكرهم سورية في صفحات تاريخها المجيد. |
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |