شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2021-05-01
 

أنطون سعاده الغائب الأكبر في حزبه (7)

طه غدار

** بين "أمناء" الخراب الحزبي وأمناء الجهاد القومي **

يذكر سعاده في مقالته "الزعيم في سانتياغو" (25/05/1940)، أن الديمقراطية نشأت في سورية "التي ظهرت لأول مرة في التاريخ البشري بواسطة انتخاب الملوك في الدول السورية"، وأن سورية كانت "الينبوع الأول" لعوامل عمرانية عديدة. بعدها رأى أفلاطون ان الفلاسفة هم من يجب أن يحكم الدول. و مع محمد كان حُكم أولي الحل والعقد .

ورسم الفارابي صورة بهية لـ"المدينة الفاضلة". ونهضت سورية مع سعاده في العصر الحديث، لتغرف من معينها، فتقدّم حاملو "الأمانة" من يتولى الحكم في سورية. و"الأمانة" بمعنى النزاهة والأخلاق السامية، والصدق والإخلاص والاستقامة والوفاء،و وردت بمعنى العقل والثبات على العهد، وتأدية الحقوق لمن استأمنك عليها وقت حاجته لها تامة غير ناقصة. و روي عن محمد كنيته بالصادق الأمين قبل نبوته. فالأمناء هم الأكثرتمسكا و التزاما بالعقيدة. و إن الأمانة لا يستطيع حملها الا الرجال العظام، و انها تثقل كاهل الوجود كله. و جاء في القرآن (سورة الأحزاب الآية 72):"إنا عرضنا الأمانة على السموات و الأرض و الجبال فأبين ان يحملنها و أشفقن منها و حملها الإنسان انه كان ظلوما جهولا". فالأمناء هم المؤهّلون لحكم سورية بعد سعاده. يقتدون به وبمسيرته الفذّة، وبوقفات البطولة والعز التي وقفها فكان مفخرة القادة العظماء. ويكون هؤلاء "أمناء" على العقيدة والنظام. فهم على طريق سعاده إخلاصاً ووفاءً، كما تعهدوا عند أداء القسم لمن يُمنح هذه الرتبة العليا. فيكونوا كما الزعيم الخالد الذي "وقف نفسه على أمته ووطنه سورية".

يتولى الأمناء شؤون الحزب والأمة، ويقيمون أوثق العلاقات مع العالم العربي. ويضعون الخطط والاستراتيجيات... التي تساهم في تحرير سورية من كل مغتصبي أراضيها. ليُعاد الحق للشعب. ويعملون لتقديم مساهمات جليلة للبشرية تساعدها على حلّ مشاكلها العالقة، لا سيما بعد جائحة كورونا، والجدل الحاصل في الاتحاد الأوروبي حول الشكل الجديد للاتحاد. كما في سائر أنحاء العالم حول شكل العلاقة التي يجب أن تقوم بين الدول الغنية والفقيرة. كما يعمل الأمناء على إرساء قواعد جديدة في العلاقات بين الدول، قائمة على العدل والسلام وعدم التعدّي، وحلّ المشاكل بالوسائل السلمية. ويطرحون الحلول لإصلاح الوضع الدولي كما كان يفعل سعاده تماماً عندما طرح حلولاً لما أُطلق عليه "الجامعة العربية"، كما طرح حلولاً "لمنظمة الأمم المتحدة". وجرياً على هذا الحال، نذكر المذكّرة التي وضعها الأمين هنري حاماتي في أول السبعينات لحل المشكلة القبرصية، وأخرى لحل مسألة النزاع على الحدود بين العراق والكويت لاحقاً، ومذكرات أخرى في نفس المنحى.

تلك هي صورة "الأمين" وفقاً لفكر سعاده ونظامه، وكل ما دون ذلك "هياكل" تتزيّا بأثواب مزركشة تخفي بشاعة الهيكل.

والحقيقة المرّة، أن سورية لم تشهد ــ منذ غياب سعاده ـــ عملياً صورة "الأمين" حقاً، سوى حفنة رجال امتلكوا بعضاً من الشروط الخمسة الواردة في المرسوم السابع! لم يُسمح لهم بتبوّء المناصب العالية في الإدارة الحزبية، لسبب بسيط، هو أن إدارة الحزب لم تتبع خطى سعاده بعد استشهاده. وهو القائل لمسعد حجل بعد عودته إلى الوطن عام 1947 إنه يفكر "بحل الحزب"! ولم تسمح له للظروف لإعادة بناء "أمناء" يحلّون محل "الأمناء" الذين انحرفوا خلال فترة اغترابه القسرية.

كان سعاده ـــ كما أعتقد ـــ قد قرّ رأيه على الاستغناء عن "أمناء" الإدارة الفاسدة والمنحرفة، وكان قد خطّط مع قائد جيش الإنقاذ فوزي القاوقجي، أثناء لقائه به في القاهرة في شباط 1947، لعمليات عسكرية وأخرى انقلابية في بعض الكيانات.

لذلك كان بعدها، لقاء سعاده في مرجعيون مع عدة ضباط من عدة كيانات سورية وكان بينهم شوقي خيرالله. واعتقد ـــ جازماً ـــ أن شخصاً ما قد أفشى بسرّ لقاء الزعيم ـــ القاوقجي في القاهرة، فكان ما كان من مذكرة التوقيف للزعيم في 4 آذار. وبعدها بيومين جرت عملية استقبال القاوقجي في طرابلس ذهب ضحيتها قتلى وجرحى على مدى ثلاثة أيام على حدّ ما ذكرت جريدة "النهار" يومذاك.

كان سعاده مستعجلاً لبناء إمكانيات حزبية سليمة عقدياً ونظامياً ونهجاً تليق بالمرحلة القادمة، وتحمل وزر المواجهة بكل أنواعها على مختلف الجبهات لا سيما فلسطين... ولكن...!

وهكذا عاد "أمناء" الإدارة الحزبية السابقة بعيد استشهاد سعاده عام 1949 إلى تسلّم زمام الأمور في الحزب.

سبق أن أوردت، أن سعاده كان فعلاً يعمل للاستغناء عن هؤلاء "الأمناء". فقد ذكر لي الأمين (ع. م) في إحدى جلساتي الممتعة معه، حيث كنّا نتبادل الأحاديث عن تاريخ الحزب ورجالاته، أن سعاده أخبره، وكان يتمشى معه على كورنيش المنارة برفقة حارسه "علي"، أنه ينوي تجريد (ج. ع) من رتبة الأمانة، وأحداث أخرى لبعض الرجالات. فرجوته الإسراع بتسجيل مذكراته عن وضع الحزب خلال مرحلة غياب الزعيم في المهجر وبعده.

وكان سعاده قد باشر بالإتيان ببعض الشباب إلى الإدارة التنفيذية بعد حلّه مجلس العمد، وتشكيل مجلس وكلاء عمد من أعضاء من الشباب. ولم يعمد لتشكيل مجلس أعلى جديد من بين "الأمناء" آنذاك. فكان فعلاً في عملية إحلال إدارة جديدة محل السابقة، لكن الظروف لم تسعفه فاستشهد تاركاً الحزب في أيدٍ غير "أمينة"!

كان أول تعديل للدستور عام 1951، كما كان الأمر سارياً خلال فترة غياب سعاده القسري، خير مثال على استمرار الانحراف، وما يتبع كل انحراف من مفاسد وبروز أنانيات وأزلام.. فيُهمل حال الشعب وتسوء أوضاعه، وتُنتهك سيادة الوطن في ظل صمت مريب، ويبعد الحزب عن الاهتمام بعملية اغتصاب فلسطين! والحقيقة أن قيام "الدولة اليهودية" استدعى القضاء على سعاده! ويتقوقع الحزب في المصالح الضيقة "لأصحاب" الكيانات. حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه على صعيد الوضع الشعبي ضمن الكيانات السورية، وأيضاً على صعيد "الأحزاب" القومية الشاذة عن القواعد والأصول الحزبية الصارمة. ما استدعى أن تكتب صحافية في جريدة "الأخبار" بتاريخ (29/03/2021) ما يلي: "يفترض في زمن التحديات، وإعادة ترتيب التوازنات الدولية ــــ الإقليمية، وتعاظم التهديدات من قِبل قوى الهيمنة على المنطقة، أن يقف الحزب السوري القومي الاجتماعي في مقدمة "حُماة" البلاد. ولكن قيادات الحزب تناست دوره، وزجّت به في خلافات داخلية وانشقاقات". وغابت "القضية القومية" لتحل محلها القضايا الفردية.

هذه الإدارات "الأمينة" على مصالحها لاستمرار وجودها على رأس الحزب، في إهمال كليّ لدور الحزب القومي والشعبي! هؤلاء "الأمناء" الذين ساهموا في عمليات انشقاق الحزب عدة مرات، وكان على الأعضاء ـــ لقلّة ثقافتهم ـــ أن يختاروا الوقوف مع "أمناء" دون "أمناء" آخرين!

وكان سعاده قد سلف المجلس الاعلى صلاحيات تشريعية وتنفيذية على ان يخضع المجلس الاعلى "للاتجاه السياسي - الاداري العام ولتوجيهات الزعيم" (رسالة الزعيم لرئيس المجلس الأعلى (1938/7/2)

فكان ان خالف المجلس مضمون "الوكالة" وتصرف بالحزب بصلاحيات "الزعامة" آنذاك.... إن هؤلاء "الأمناء" عادوا إلى إدارة الحزب بعد استشهاده، وبموجب تعديل عام 1951 للدستور، غدا المجلس الأعلى السلطة العليا في الحزب ـــ كما كان الأمر سارياً في أعوام (1938 ـــ 1947) ـــ له مطلق الصلاحية في شؤون الحزب. فكان هو يعيّن "الأمناء" في إهمال كليّ للتشريع للرتب الدنيا! وتابع على المنوال نفسه بعيد استشهاد سعاده. وظن الاعضاء - وان بعد الظن إثم- ان المجلس الاعلى يملك صلاحيات الزعامة. وانه بعد غياب سعاده يحق له اجراء التعديلات الملائمة له. وخصع الاعضاء لمشيئة المجلس في هذه التعديلات المخالفة لفكر سعاده الدستوري. ومازال الامر مستمرا "بحكم النظام".

ونتيجة أزمة عام 1954 الداخلية، عُقدت تسوية، عُيّن بموجبها 31 أميناً!

وبعد المحاولة الانقلابية، جَبُنَ "الأمناء"، وكان عددهم يربو على الثمانين أميناً، عن الالتقاء لانتخاب إدارة حزبية جديدة. وبقي الحزب بدون إدارة لغاية خروج الإدارة السابقة من السجن. وكانت بعدها نتائج ملكارت الصادمة (1969)، ليعودوا عنها في دوفيل (1974) والعمل بالمرسوم السابع عنواناً لا مضموناً. ليجري بعدها اعتماد طريقة توزيع أسماء المقترحين لنيل رتبة الأمانة على الفروع الحزبية، لعدم وجود ملفات للأعضاء خلافاً للفترة التي كان فيها الزعيم في الوطن، حيث كان المكتب الأعلى المختص (مام) يقوم بهذه المهمة. وكان سعاده، لطالما طلب من المسؤولين الاهتمام بالاحتفاظ بالسجلات في دوائر الحزب. فهو يكتب ـــ على سبيل المثال ـــ لوليم بحليس (منفذ عام سان باولو ـــ 09/12/1941): "وهذه المراسلات الرسمية... تخص المنفذية فيتسلمها الخلف عن السلف ليستنير بها ويقف على سوابق سير الفرع. فالرسائل الرسمية الواردة إلى المنفذية من مكتب الزعيم أو غيره من المراجع العليا والواردة من المديريات التابعة للمنفذية تدخل في وقائع جلسات هيئة المنفذية، وتودع في دائرة سجلاتها التي يشرف عليها ناموس المنفذية ويعتني بحفظها".

إلى أن كانت بدعة "لجنة منح الأمانة" في إهمال للمادة الخامسة من الدستور الأساسي: "الرتب". منذ 72 عاماً بعد غياب الزعيم ولتاريخه، لم تعمد الإدارات الحزبية لوضع سلسلة الرتب. مع أن معظم أعضائها كان لديه شركات، ونظام لشركاته و...! دون أن يدفع "الأمناء" أعضاء المجلس الأعلى للتشريع لتنظيم أعمال الحزب ووظائفه وفقاً لدستور سعاده. وتقع مسؤولية ذلك على "الأمناء" والأعضاء على السواء. وهؤلاء الأخيرون ما زالوا كما بالأمس، ساكتين عن مفاسد "الأمناء" أعضاء المجلس الأعلى "بحكم النظام"! وكذلك الأمر بالنسبة إلى "القضاء" الحزبي ومحاكمِهِ الذي لم يضع يده على هذه "القضية" لأسباب معلومة!

وكان الدكتور عبد الله سعاده قد ألقى محاضرة له في أول آذار 1987 في مكتب الطلبة، صارح فيها الطلبة بقوله: "... العلة في القيادة، وأنا منها، ...مرسوم الأمانة لو طبّقناه كما نصّ عليه المعلم لطالبت أنا بإعفائي من شرف الأمانة".

وكان رئيس الحزب عصام المحايري، قد ألقى خطاباً في أول آذار 1987 جاء فيه: "... لقد سقط الأساس الذي قام عليه نظام الديمقراطية التعبيرية بعامل فساد تطبيق القانون الدستوري عدد7 ، بعامل تطبيقه لمصلحة الفئويات ومراكز النفوذ الفردية... إن جسم الأمناء في حالته الحاضرة لا يصلح أساساً لانبثاق سلطات قومية اجتماعية بمعناها العقيدي والدستوري والمناقبي...".

الحقيقة، أن جسم الأمناء بمعظمه فاسد منذ غياب سعاده عام 1949.

وإذا كان الحزب قد قام ببعض الأعمال المهمة والبطولات النادرة في ظروف محددة، فهذا عائد إلى إيمان الأعضاء بزعيمهم واقتدائهم به لا بإداراتهم الحزبية الفاسدة. لذلك تراجعت عائدات الحزب لدى شعبنا. وابتعد الشعب عن "حزبه القومي". لأن الإدارات الحزبية لم تكن "أمينة" على العقيدة والنهج والنظام! فوصلنا إلى الكارثة.. وصار القوميون شتاتاً... و"طوائف" و"مذاهب"... وتتابع إدارات التنظيمات المنشقة أعمالها كأن شيئاً لم يكن، فتدعو كل واحدة منها إلى عقد "مؤتمرها" الحزبي الخاص.

كما تمعن هذه الإدارات الحزبية الفاسدة في عملية "توظيف" الأعضاء في "مشاريعها" السياسية، و"التجنّد" في العملية الانتخابية الرئاسية التي ستجري في الكيان الشامي في 26 أيار القادم!

ويتابع القوميون في كل فريق العمل "بحكم النظام" مع "أمناء" على المصالح الفردية، وكل فريق يقيم الحواجز بينه وبين الآخرين، وكل فريق يدّعي إقامته "المؤسسات" الجديدة. ويا لغرابة هذا الادّعاء!

هذا "الحزب" الذي لم يشهد طوال تاريخه وجود "مؤسسات" منذ غياب سعاده، لا على الصعيد القومي، ولا على الصعيد الشعبي. لأن هؤلاء " الامناء" لا يفقهون معنى المؤسسات كما شرحها سعاده في كتابه العلمي" نشوء الأمم". ولا كيفيه بناء المؤسسات كما هي في الدستور. ولا علاقه المؤسسات بالقيم الاساسية للانسان الذي ينشد التقدم. ولا علاقتها بالنظام القومي العام في وحدة مؤسساته المرتبطة بالقيم المجتمعية ولا علاقتها بحياة المجتمع القومي كله. لذلك ابتعد الشعب عن الحزب، واقترب من الأحزاب الطائفية والمذهبية لأنها تؤمن له "قوت عيشه".

هذا وترفع كل إدارة "قميص" الشرعية في وجه الإدارات الأخرى. وهم لا يدرون أن شرعية الحزب في عمله وفق العقيدة و"النظام الجديد"، هذه العقيدة المحيية، وهذا النظام الذي أرساه سعاده واعتبره "هبة سورية" إلى البشرية. فقعد الأعضاء في تخلٍّ كلّي عن واجبهم القومي نتيجة الإحباط والملل والكلل، تاركين الشعب فريسة تتقاذفه الحكومات الفاسدة والأحزاب المذهبية والاثنية!

في ظل هذا الواقع، تتبرج "الإدارات الحزبية" في إقامة المهرجانات في ظل جائحة كورونا، وكأنما لا تكفيها "شرعية" ما اقترفته في 13 أيلول، فتعاود الكرة في الصرفند والشوير و... مفتعلة "فئويات" مرضيّة تحفر عميقاً بين القوميين. في ظل غياب يكاد يكون كلياً عن "شرعية" سعاده وتعاقدهم معه على "قضية قومية" تساوي وجودهم، وعلى "الوقوف معاً أو السقوط معاً في سبيل تحقيق المطلب الأعلى المعلن في مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي وفي وغايته"!

"سيف" حق "الأمناء" الحقيقيين على كل تراث الزعيم الخالد، أصدق أنباء من كل ما يجري على ساحة الحزب من مفاسد. هؤلاء النابهون، المتنورون، الأوفياء لقسمهم، والمؤمنون إيماناً عالياً بزعيم النهضة. هم أهل الحل والعقد، وهم الفلاسفة الحكماء الذين يحملون عبء بناء "المدينة" التي تهدمت بمعاول الجهل والتخريب والتهديم والفساد الأخلاقي والمناقبي. هذه الفئة الحية، المستيقظة الوجدان، ستعاود بناء القيم التي عمل سعاده على إرسائها في حياتنا القومية، وتوثيق أواصر الإيمان وتقوية المعنويات وإحياء الثقة بالانتصار الأخير لقضيتنا القومية، وترسيخ العادات والتقاليد القومية الجديدة التي أُهملت بعد غياب زعيمنا والتي "تظهر فيها قيمة نظرنا واتجاهنا وفاعليتنا في الحياة ... والتي تؤمّن حياة جديدة فيها العز والكرامة والخير والمجد".

هذه الفئة التي ستنتقي من "أمنائها" إدارة موقتة لفترة موقتة، من أصحاب الإيمان القومي الصحيح، توحي بالثقة والاحترام، بإمكانها إعادة بناء ثقة الأعضاء بالمسؤولين، فتعمل على ترسيخ الإيمان في نفوس القوميين، وتولّد عندهم شعوراً حيّاً بالعمل الجاد على تحقيق غاية الحزب. هذه الغاية التي "... هي قضية شاملة تتناول الحياة القومية من أساسها ومن جميع وجوهها. إنها غاية تشمل جميع قضايا المجتمع القومي، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والروحية والمناقبية وأغراض الحياة الكبرى. فهي تحيط بالمثل العليا القومية وبالغرض من الاستقلال وبإنشاء مجتمع قومي صحيح. وينضوي تحت ذلك تأسيس عقلية أخلاقية جديدة ووضع أساس مناقبي جديد وهو ما تشتمل عليه مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي الأساسية والإصلاحية، التي تكوّن نظرة إلى الحياة كاملة، أي فلسفة كاملة". (المحاضرة العاشرة)

وددتُ من هذه الإشارة، إعادة لفت النظر إلى محاضرات سعاده، في الندوة الثقافية عام 1948 التي أعاد فيها شرح عقيدة ونظام الحزب في عملية "تأسيس" جديدة بعد الخراب الذي ولّده "أمناء" في فترة غيابه القسري، معاوداً التأكيد على أن فيهما الخلاص الوحيد لشعبنا من كل المفاسد والشوائب السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وأنهما الطريق الوحيدة لتحرير كل الأراضي السورية، ليعود الشعب السوري ينعم بالحرية والاستقلال والسيادة. وداعيا الرفقاء للنظر الى مسألة العودة لدرس العقيدة والنظام القوميين ليقفوا على معنى التعاقد على قضيه تساوي وجودهم لا العمل "لوحدة " الحزب بما حمل من مفاسد في قياداته طوال تاريخه بعد غياب سعاده . و داعيا إياهم ايضا للتصرف وفاقا لروحية الجهاد بما عناه سعاده في كلمته :

"إن كلمتي إليكم أيها القوميون الاجتماعيون هي العودة إلى ساحة الجهاد" لم يقلها زعيم النهضة عبثاً لدى عودته من اغترابه القسري، وبعد وقوفه على انحراف الإدارة الحزبية وسكوت القوميين على انحرافها وفسادها.

فالساحة خاوية، تنتظر فرسانها...!


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه