شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2021-07-18 |
المؤتمر... والمؤتمرون (2) شرف "الدستور" حكاشة أضراس! |
إذا كنتَ تتذكر يوسف وهبي، فأنت من نادي الكهول الذي يُسعدني أن أرّحب بك فيه شخصياً. أما إذا قلّبت شفتيك إستفساراً، فهذا يعني أن أمامك سنوات عدة قبل الوصول إلى مرحلة الحكمة والتعقل. صاحبنا يوسف ممثل مصري برز خلال الخمسينات في السينما والمسرح الكلاسيكي، وعُرف بصوته الجهوري الطاغي. ومن العبارات المشهورة عنه الجملة التالية: "شرف البنت زي عود الكبريت... ما يولعش إلا مرّة واحدة"! وكنا أثناء مراهقتنا الشيطانية نضيف التالي: "بعد أن يولع العود سيصبح حكاشة أضراس". إسترجعت هاتين العبارتين وأنا أتابع حواراً بين عدد من الرفقاء حول مسائل دستورية وشرعية تتعلق بالحزب، وبالتطورات التي تعصف به حالياً. بعضنا يجزم بدستورية هذا الطرف أو ذاك، وبعضنا الآخر ينفي الصفة الشرعية بصورة مطلقة... وبين هذين الطرفين النقيضين يتخذ آخرون موقعاً وسيطاً ويقولون إن ما جرى هو لادستوري من حيث المبدأ لكنه شرعي من حيث النتيجة. ويندلع نقاش متشعب، غالباً ما يفشل المشاركون به في التوصل إلى صيغة متفق عليها. نحن نرى أن إثارة هذا الموضوع تتجاهل الواقع الدستوري المزري الذي أوصلتنا إليه قيادات متعاقبة. ولا أظن أن فتح ملف التعديلات الدستورية منذ مؤتمر "ملكارت" مطلع السبعينات سيكون مفيداً، لذلك سنكتفي بمؤتمر العام 2016 الذي أنتج مجلساً أعلى شكل أفظع ما وصلت إليه سلطة تشريعية حزبية من استهتار بكل القيم النظامية والمناقبية القومية الاجتماعية. يبدأ الخلل من تركيبة المجلس القومي المكوّن من الأمناء ومندوبي الفروع. ولن نطيل الحديث عن كيفية انتخاب مندوبي الوحدات الحزبية، إذ أن طعوناً عدة قُدّمت إلى المحكمة الحزبية ولكن لم يتسنَ لها البت فيها. أما جسم الأمناء فحدّث ولا حرج. كلنا نعرف أن لجنة المنح تحوّلت إلى حاضنة تفريخ للأمناء بحيث تضخّم العدد بشكل غير طبيعي. وتكمن مشكلة تراكم الأمناء في ناحيتين: الأولى أن غالبيتهم لا يتمتعون بالصفات والشروط المنصوص عنها في الدستور. والثانية تتمثل في عقلية "المانح المستفيد"، أي أن ثمن الرتبة هو الصوت الانتخابي كل أربع سنوات. هذا المجلس القومي بأكثرية أمنائه ومندوبيه، وبالحالة التي نصفها، سيكون فاقداً للشرعية الدستورية والشرعية المناقبية. ولذلك عندما اجتمع أعضاؤه في الشوير للقيام بـ"الواجب" الانتخابي، كان كل ما صدر عنه يعتبر لادستورياً ولاشرعياً... ابتداء من انتخاب رئاسة هيئة المؤتمر، وصولاً إلى أعضاء المجلس الأعلى وأعضاء لجنة منح رتبة الأمانة. وما كاد المجلس الأعلى الجديد سنة 2016 يتولى مهماته، حتى أقدمت الغالبية فيه على سلسلة من القرارت أقل ما توصف به أنها ذبحت دستور الحزب ومناقبه من الوريد إلى الوريد. الخطوة العرجاء الأولى كانت تعديل الدستور بالسماح لفترة رئاسية ثالثة. وعندما ألغت المحكمة الحزبية هذا القرار، جاء الانتقام السريع بحل المحكمة. وفي ظل انقسامات واستقالات وصراعات حول مصالح فردية، إستهلكت تلك الغالبية الرئيس تلو الآخر... ناهيك عن رفض الرئيس ـ الوزير الالتزام بالنص الذي يمنع الجمع بين الرئاسة والوزارة، ولم يجرؤ المجلس الأعلى على أن يقول له "ما أحلى الكحل بعينك"! هذا غيض من فيض "إنجازات" الأكثرية المتحكمة بالمجلس الأعلى آنذاك، ولا ضرورة للإطالة... فالقوميون يعرفون الكثير. لكن مشكلتنا تكمن في كل شخص راهن على هذه المجموعة، ووافق على التعامل معها وتحمل مسؤوليات في ظلها، فأعطاها مصداقية لا تستحقها... هذا إذا لم يكن شريكاً في ارتكاباتها. إن كل ما نتج عن المجلس القومي الذي اجتمع ذات يوم سنة 2016، ابتداء من انتخاب هيئة رئاسة المؤتمر وصولاً إلى قرار عقد مؤتمر أيلول 2021، نعتبره غير دستوري وغير شرعي... وغير مناقبي في الوقت نفسه. فليسمح لنا الذين يشهرون بوجه القوميين عيدان كبريت "الشرف الدستوري"، فهم الذين حولوها إلى مجرد حكاشات أضراس منذ سنوات. ورحم الله يوسف وهبي كم كان صادقاً.
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |