شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2022-03-10 |
رفيقان من الكيان الشامي، جميل محمد ووليد بخاري |
لفتني وانا أطالع مذكرات الرفيق جهاد جديد "جنوح الأشرعة" ايراده لمعلومات عن كل من الرفيقين جميل محمد من ديفة (اللاذقية) ووليد بخاري من جسر الشغور. ننشر ذلك للإطلاع، ولتقديمها الى اي باحث او مهتم حين يرغب في الكتابة عن الحضور القومي الجتماعي في الكيان الشامي. * الرفيق جميل محمد: أذكر "جميلاً " انه منذ الصغر كان يكبر عمره، وكأنه بتلك النظرات اللامحة، والمحادثات الهادئة، والمواقف الجادة، كان يتهيأ ليكون ذا شأن في وقت مبكر. كان جميل، يبتسم للطّرفة المازحة المسالمة، وينأى عن الثرثرة العابثة. وكان يُرحّب بالمعارف الجديدة، يعالجها ويقرّبها ويجعلها ملائمة لما فطر ونشأ عليه. وحين أعتنق العقيدة العقيدة القومية الاجتماعية جعلها تتعايش في وجدانه مع الزاد الروحي الذي كان يخترنه ويحرص عليه. وظلّ طوال حياته يسعى لتحقيق التوازن والانسجام بين البعدين الروحي والقومي . منذ التقينا، في الصف الثالث الإعدادي، تقاسمنا، بعفوية ومحبّة، الوقت والهمّ والأمل. وتقاسمنا الدرس والطعام والمسؤوليات. رآني مقصراً عنه في اللغة الإنكليزية فبذل جهوداً كبرى لأتقنها في الطريق، وفي ساحة المدرسة، وأثناء الطعام، كان يذكّرني بالمفردات الجديدة، وبعض قواعد اللغة. وأحياناً يقرأ لي شعراً. افترقنا قليلاً بعد الثانوية، وظلّت السنوات تأخذ كلاً منّا إلى أعمال ومواقع مختلفة، ورغم البعدين الزمانيّ والمكانيّ، ورغم اغترابي الطويل في الجزائر، كنت أحرص على زيارته والاطمئنان عنه. وفي السنوات الأخيرة ألحّ عليه المرض وحبس رنين صوته الوادع... وأوشك ان يُقعدهُ. وحين كنت أعودهُ في قريته الجميلة "ديفة" كان ينهض لاستقبالي، تبرق عيناه، وترتسم على وجهه المستدير بسماتٌ صادقةٌ وحزينةٌ، ثم يفتح ذراعيه، وحين أضمّه مشتاقاً ومؤاسياً أشعر بانفراط الدموع من عينيه . الرفيق وليد بخاري: جاء وليد من جسر الشغور وأتيتُ من كلماخو، ألتقينا في مديرية الطلاب باللاذقية. مذ عرفته، كان رفيقاً مؤمناً صلباً، وكان لطيفاً رضيّاً، يحاور بعينيه اللّتين تشعّان حبّاً وبراءة، ويحاور بإبتسامته النديّة التي تحرج المتطرف وتخفف من حماقة المكابر... ويحاور بلغته الحاملة قيم العقيدة ومفردات الزعيم التي تتصدّر معجم هذا الطالب المتمرّد على نواميس أسرته "الإقطاعية" فرّقتنا، بعد حين، مقتضيات العمل، وبقينا نلتقي تحت ظلال العقيدة. وفي الجزائر كان اللقاء الأطول. زارني حيث كنت أدرّس في مدينة البليدة. هذا هو بأريحيّته وعفويّته ونبله والتزامه. طال انشغالنا باللقاء، وأهملنا من حولنا. ثم قدّم، بعد برهة، السيدة عقيلته، وصديقه الدكتور فوزي هنانو. أسعدتنا جداً تلك الزيارة، غمرنا جميعاً فرح مفاجئ ومدهش. وانتشرت في أجواء منزلنا الصغير أنسام المحبّة المعطّرة بعبق الماضي. وخلال وقت قصير جداً، كانت سيّدتا هذا اللقاء تنفردان وتتبادلان الحديث عنا، كلينا. عن تعاقدنا، وصداقتنا، وأزماتنا، وطموحاتنا، وعن الاغتراب. في تلك الفترة كان وليد يقدّم لي صديقه الأكاديمي المتقاعد: هو ابن عم الزعيم إبراهيم هنانو، وزوج اخته. جاهد، وكافح، وتثقّف، وعمل في ميادين أكاديميّة، ودبلوماسيّة. وهو اليوم في طريقه الى العمل أستاذاً في جامعة الجزائر، ثمّ واثقاً ومن غير استشارة أو حرج قال: سيبقى الدكتور معكم، ريثما يُعطى منزلاً في العاصمة. وسوف نزوركم بين حين وآخر. رحّبنا بفرحٍ، وأكملنا أحاديثنا الجادّة والناقدة. بعد الغداء، عاد وليد وعقيلته الى "دلّس" المدينة التي يعملان فيها، وبقي معنا ضيفه الشيخ الذي كان جسم ضئيل، وذهن متوقّد، وبديهة يقظة. كان ظلّه خفيفاً، وحديثه حلواً. أسرنا بتهذيبه الجمّ وعلمه الموسوعيّ الغزير، وكان في الأمسيات يزوّدنا بالمعارف مستمدّة من قراءاته وتجاربه، ويمرّر في تضاعيفها، بخفّة وظرف، بعض الطرائف الممتعة، والحكايات المسلّية، التي تحمل قدراً مهماً من العبر. حين أذكر وليد الذي رحل مبكراً. أذكر معه الدكتور فوزي، أبتسم قليلاً ثم تغمرني سحابة حزن تحمل في طيّاتها أسماء الرفقاء الأحبّة "وليد، جميل، إبراهيم، كمال".
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |