شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2023-05-12 |
منفذ عام بيروت، عميد الدفاع، رئيس المجلس الأعلى، نقيب الصيادلة، الأمين أديب قدورة . |
كان للحزب حضوره اللافت في مدينة بيروت وانتمى إليه عدد هائل من أبناء العائلات البيروتية في قسميها "الشرقي" و "الغربي"، من بينهم الأمناء والرفقاء: محمد البعلبكي، زكريا لبابيدي، مأمون اياس، اديب قدورة، زكي النقاش، إبراهيم يموت، إبراهيم صندقلي، عبد الرحمن بشناتي، خليل محيو، محمد الادلبي... والكثيرين غيرهم. هذا والكثير غيره سيرد في الكتاب عن الحزب في العاصمة بيروت، الذي نأمل صدوره في وقت غير بعيد. * لا شك أن الأمين أديب قدورة هو أكثر وجوه الحزب السوري القومي الاجتماعي في بيروت، تولياً للمسؤوليات المركزية، وحضوراً على الصعيد العام، سياسياً، نقابياً واجتماعياً. فهو كان منفذاً، عميداً، عضواً ورئيساً للمجلس الأعلى. كان أيضاً نقيباً للصيادلة أكثر من مرة، وكان مرشح الحزب للانتخابات النيابية في أكثر من دورة . لذا فإن سيرة الأمين أديب قدورة، ومسيرته الحزبية والعامة لا تختصرها مقالة ولا أكثر. عنه هذه الإضاءة . * في مقدمته لكتاب الأمين أديب قدورة "حقائق ومواقف" يقول الأمين جبران جريج، وهو الذي عرف الأمين قدورة جيداً: " كان من الطبيعي أن ندون مذكرات أديب مصطفى قدورة ابن العائلة البيروتية العريقة التي خرجت على المألوف في منتصف القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين حيث كان محرماً على أبناء العائلات البيروتية، الدخول إلى مدارس الإرساليات الأجنبية خشية أن يؤدي ذلك إلى الانحراف عن المعتقدات الدينية. " لكن هذه العائلة تعالت فوق هذه المفاهيم البسيطة وانتسب أبناؤها إلى تلك المؤسسات لتخرّج أول طبيب وأول صيدلي، وأول فتاة بيروتية تتخرّج من الكلية الأميركية للبنات كانت من آل قدورة وهي عمة أديب . " وقد شقّت هذه العائلة الطريق أمام الآخرين لمتابعة مسيرة التحصيل العلمي وطلب المعرفة. " أديب قدورة، ذلك الطالب الجامعي الذي نشأ بالأصالة، سمع تعابير النهضة فاستهوته واستعملها ولم يكن يعرف بادئ الأمر أن هذه التعابير تحمل مضامين نهضة قومية اجتماعية، حتى فاجأه أحد زملائه الطلبة بالقول إنه قوميٌ اجتماعيٌ دون أن يدري(1) . " تساءل أديب عن معنى هذا الكلام، ففاتحه صديقه بموضوع حزب سرّي ثم عرّفه إلى النهضة القومية الاجتماعية وزعيمها وهي لا تزال في عامها الثالث. عام 1934 التزم أديب بالحزب السوري القومي الاجتماعي. " بعد مدة من العمل والنشاط الحزبي السرّي وإبّان انكشاف أمر الحزب من قبل سلطات الانتداب تعرض أديب للمضايقة من قبل إدارة الجامعة الأميركية وهُدد بالطرد. " عندها استأذن أديب الزعيم أن يسمح له تجميد نشاطه حتى ينال الشهادة، فأذن الزعيم له. " في حزيران 1938 أنهى أديب قدورة دراسته وبدأ العمل في صيدلية والده، فذهبت ابلغه قراراً بتعيينه منفذاً عاماً لمدينة بيروت وتعييني ناموساً للمنفذية. فتسلّم مسؤوليته فوراً. وبدأت قصة الصراع الطويل !... " كان أديب مثالاً للحيوية والحركة والالتزام. عنيداً، صلباً، شجاعاً، غير مساوم. استمر يتحمل المسؤوليات وأعباء السجن والتشرد دون كلل، لم يثنه السجن ولا العذاب ولا عمله كصيدلي عن الاستمرار ملتزماً، مصراً على القيام بواجباته الحزبية كاملة. "عند عودة الزعيم من مغتربه القسري عام 1947، كان أديب في فرنسا، فاستدعاه الزعيم ليتبلغ أمر منحه رتبة الأمانة وتعيينه عميداً للدفاع. " حاول أديب الاعتذار ليتسنى له متابعة أعماله في شركة صناعة الأدوية والصيدلية، لكن إصرار الزعيم جعل أديباً يطيع الأمر وينفذه. "واستمر عميداً للدفاع ملازماً الزعيم، أوكلت إليه مهام عديدة وخطيرة واصطحب الزعيم في لقاءاته السياسية والمصيرية. كان سعاده يثق به ثقة عظيمة. حمل عدة مسؤوليات حزبية. من منفذ عام إلى عميد دفاع إلى عضو مجلس أعلى فرئيس مجلس أعلى وأخيراً عميداً للخارجية. "في العام 1958 أحسّ أديب بالخطر المحدّق بالأمة والحزب، فتحرك باتجاهين: الأول محاولة إقناع كميل شمعون بعدم التجديد لنفسه وتجنيب البلاد مخاطر الحرب الأهلية. والثاني تجنيب الحزب هذه الحرب. ويفاجأ أديب بموقف قيادة الحزب دخول الحرب إلى جانب كميل شمعون وحزب الكتائب. حاول جاهداً أن يثني قيادة الحزب عن قرارها ولكن إصرار رئيس الحزب الأمين أسد الأشقر في حينه سبب خيبة أمل كبيرة لأديب الذي قدم استقالته بصمت وسافر إلى خارج البلاد احتجاجاً مسبقاً على الانحراف. "وكما يقول أديب دائماً، قدم استقالته من مسؤولياته، لكنه بقي قومياً اجتماعياً في الفكر والنهج والحياة. "لقد تمسك أديب خلال حياته الحزبية على أن مصلحة سورية دائماً فوق كل مصلحة. لذا استفاد من وضعه العائلي الممتاز لمساعدة الحزب بإقامة العلاقات الطيبة مع الحكومات العربية ومع الأصدقاء في أنحاء العالم... "من خلال موقعه كنقيب للصيادلة، ساعد العديد من القوميين الاجتماعيين، وبقي منزله مقصداً لمعظم الأمناء والرفقاء وبقي صديقاً للجميع، ولم يتخلّ يوماً عن الإخلاص للمؤسسات الدستورية الحزبية رغم اعتكافه عن العمل الحزبي . " أقعد المرض أديب منذ حوالي السنتين، فانصرف لكتابة هذه المذكرات التي تعتبر تجربة رائدة تستحق التدوين والقراءة، لأهميتها ولما فيها من أمور لم تدون من قبل، ولا يعرفها إلا أديب نفسه " . * تلك المقدمة للأمين جبران جريج توجز حياة الأمين أديب قدورة الحزبية، والعامة. إليها أضاف الأمين قدورة في كتابه – المذكرات، المعلومات التي نوجزها على الوجه التالي: • ولد في 10/11/1917 في ساحة رياض الصلح - وسط بيروت، حيث كان منزله فوق صيدلية والده المعروفة بـ "صيدلية المشرق"، وعرفت لاحقاً بصيدلية قدورة . • جده لأبيه، أديب مصطفى قدورة أول طبيب مسلم محمدي(2) في لبنان، تخرج عام 1881 . • والده مصطفى أول مسلم محمدي يتخرج من كلية الصيدلة، وقد نال شهادته عام 1899 من الجامعة اليسوعية. عمه حليم كان الطبيب المسلم الثاني في لبنان وقد تخرج في العام 1900 ثم سافر إلى فرنسا وتخصص في الجراحة فكان أول جراح مسلم في لبنان ونائب بيروت لدورتين. أما عمته ابتهاج فكانت أول خريجة مسلمة من كلية البنات الأميركية في زقاق البلاط. وهي من أوائل من ناضل لحقوق المرأة ولتحريرها، وترأست لسنوات عديدة الاتحاد النسائي اللبناني، ثم رئيسة الاتحاد النسائي العربي بعد وفاة هدى الشعراوي. أما عمه الدكتور نادر فقد توّجه إلى ألمانيا وفرنسا بعد تخرجه عام 1921، وتخصص بأشعة "روتنجن" مدة سنتين وعاد إلى لبنان ليصبح أول اختصاصي في هذا الحقل . • والدته خانم الحسامي درست في المدرسة اللعازارية وبعد زواجها اكتسبت ثقافة واسعة في الطب والصيدلة من زوجها ومن سلفها الدكتور نادر، وكانت مولعة بمطالعة التاريخ والعلوم . • شقيقاته، من أوائل الطالبات اللواتي تخرجن من كلية البنات الأميركية – زقاق البلاط – ثم من كلية بيروت الأميركية للبنات (B.U.C. ، واسمها حالياً L.A.U.): - أديبة عقيلة الدكتور جودت قزعون، قب الياس . - الرفيقة وديعة عقيلة الدكتور أديب خرطبيل(3) . - رفيقة عقيلة السيد عبد الفتاح الميقاتي . - زاهية عقيلة الدكتور محمد كفافي(4) . وشقيقه لبيب عمل معه في حقل الأدوية ثم استقل في مستودع "ميمس" للأدوية . • اقترن من السيدة نهلة العطار، من دمشق، وهي ابنة أخت الرئيس شكري القوتلي (تولى رئاسة الجمهورية الشامية) ورزق منها أربعة أولاد: ابتهاج عقيلة أحمد محجوب. مصطفى، أسامة ورولا . * أديب قدورة النقابي بدأت مسيرة الأمين أديب قدورة، النقابية، مع أواخر سنة 1937 عندما انتخب في كلية الصيدلة– الجامعة الأميركية – رئيساً لجمعية الصيدلة . عام 1945 أصبح عضواً في مجلس نقابة الصيادلة. وفي 14/11/1954 انتخب نقيباً للصيادلة. ثم انتخب مرة ثانية في 14/11/1963، وثالثة في 30/11/1969، وخلال تمرّسه برئاسة النقابة للمرة الثالثة انتخب لعضوية مجلس الضمان كممثل للمهن الحرة: الأطباء، أطباء الأسنان، الصيادلة، المحامين، المهندسين، أصحاب الصحف وأصحاب المدارس. مثل الأمين قدورة لبنان في المؤتمرات الصيدلانية العربية والدولية، وهو أحد مؤسسي اتحاد الصيادلة العرب، ومساعد الأمين العام لاتحاد الصيادلة العرب وممثل لبنان فيه . ساهم في تحضير أول مؤتمر للبيئة في لبنان وكان عضواً في اللجنة التي توّلت ذلك. إلى ذلك كان الأمين أديب قدورة عضواً في مجلس إدارة المقاصد الخيرية الإسلامية، وفي مجلس إدارة جمعية خريجي الجامعة الأميركية، وفي ناديها. دخوله السجن دخل الأمين قدورة السجن للمرة الأولى في أواخر العام 1939، وأمضى فيه مدة ثلاثة أشهر ونيف. ثم ما لبث، بعد الإفراج عنه لفترة وجيزة، أن عاد إلى السجن ثانية. خلال السنوات الأربع الأولى للحرب العالمية الثانية، تعرّض الأمين أديب خمسة مرات للسجن آخرها كان عام 1949 إثر حادثة الجميزة حين اعتقل مع العديد من القوميين الاجتماعيين في منزل سعاده. يقول: " في 8 تموز 1949 نقلت إلى غرفة أخرى حيث الأمين فؤاد أبو عجرم وشقيقه الرفيق خليل، غسان تويني، الزعيم (في الجيش) زهران يمين، فؤاد أرسلان وضابط من آل ذبيان " . في حديث أجراه الصحافي زهير هواري مع الأمين أديب ونشر في جريدة "السفير" بتاريخ 6/8/1994 يقول الأمين قدورة أنه عندما كان في السجن عام 1949 استدعاه القاضي يوسف شربل(5) إلى المكتب وقال له: "ان رياض الصلح أوصاني بك. لأن هناك علاقات بين عائلتينا، ثم إن 32 عائلة بيروتية ذهبت إلى الصلح وحذرته من المس بي. وقال لي شربل، أكتب تعهداً بترك الحزب نهائياً وتخرج غداً. وفي أول دورة تأتي نائباَ. ثم وزيراً. سألني ماذا أقول؟ أجبته: "دخلت الحزب بإرادتي ولا أخرج منه إلا بها أيضاً". ويضيف الأمين أديب: "نظر شربل إلي بغضب قائلاً: "حرام أن تبقى في الحبس، يجب أن تنقل إلى العصفورية". خوضه الانتخابات النيابية لم يأخذ الأمين أديب برغبة القاضي شربل، وطبعاً لم ينتقل إلى العصفورية، إنما هو خاض الانتخابات باسم الحزب. - المرة الأولى عام 1947 عندما استدعاه سعاده اثر عودته إلى الوطن، من باريس، ليس فقط ليعيّنه عميداً للدفاع، إنما ليفاجئه برغبته في أن يخوض الانتخابات النيابية مرشحاً عن دائرة رأس بيروت وليجد أن صوره معلقة على الجدران والاجتماعات الانتخابية بدأت قبل وصوله. - الثانية، عام 1956 عن الدائرة الثانية. نال الأمين قدورة منفرداً ما يزيد على الثلاثة آلاف صوت فيما نالت اللائحة الفائزة المؤلفة من السادة جميل مكاوي، جوزف شادر، فوزي الحص، موسيس ديركالوستيان، ورشيد بيضون، سبعة آلاف صوت، واللائحة المنافسة لها المؤلفة من الصحافي عبدالله مشنوق ورفاقه، حوالي الستة آلاف صوت. - والثالثة عام 1972 عن الدائرة الثالثة في بيروت . وفاتـه أصيب الأمين أديب قدورة بالداء العضال الذي راح يقتات من عافيته إلى أن وافته المنية صباح يوم الاثنين 24 تموز 1995 . يوم الأربعاء 26 تموز أقيم للأمين الفقيد مأتم حاشد، صليّ على جثمانه في جامع عين المريسة، وبعد صلاة الظهر ووري الثرى في مدافن الباشورة. في 28/7/1995 نشر مروان التدمري في "الديار" كلمة في الأمين الفقيد جاء فيها: "سياسي حصيف رصين ذو أصالة وذو حكمة وصدق. صراحته مدرسة. صداقته شرف وافتخار، لائق ذو تأدب ومحبة واحترام. ذكريات الحزب تخرق في عظامه وفؤاده ووجدانه. وليس يطيق الزاحلة. "لم يغدر بمخلوق. وفيّ كأنه خارج عن الأسطورة. تصرّفه الشهم والأريحي يجعلك تقول أنك رأيته منذ ألف عام أو ألفين أو منذ مئات السنين في المكان الفلاني وفي حدث تاريخي موثق". * عندنا رجال * من كتاب الأمين أديب قدورة "حقائق ومواقف" كنت منفذا عاما لبيروت وكان الرفقاء عبدالله محسن، خليل ابو عجرم، محمد راشد اللاذقي وزكريا لبابيدي نظارا، فازدهرت المنفذية لما بذلناه من جهود أثمرت مديريات في جميع أنحاء بيروت تضم مجموعة كبيرة من الأعضاء. قررنا عقد اجتماعات موسعة ندعو اليها بعض السياسيين الحياديين الذين لم يتخذوا مواقف خصومة من الحزب وتربطنا بهم صداقات شخصية او حزبية. فاعتزمنا إحياء حفلة خطابية في مقهى البسطة التحتا ندعو اليها خمسماية شخص بينهم الدكتور عبدالله اليافي، سامي الصلح ووجوه المنطقة الحياديين والمواطنين والقوميين. كان رياض الصلح خارج الحكم ولم ندعه بسبب تفوهه أمام الرفيق نهاد المنذرـ وكان رياض الصلح يجهل انتماءه للحزب ـ بشتائم، وتهديد القوميين بأنه سيقضي عليهم فور عودته الى الحكم . تحدد الاحتفال صباح الأحد ففوجئت بأخي لبيب يبلغني حوالي منتصف الليل أن جماعة تخص رياض الصلح في طليعتهم احمد جلول وأبو شاكر بيضون حضروا الى منزلي مهددين منذرين، وسبب غضب القبضايات اننا لم ندع رياض الصلح. توجهت والرفيق خليل ابو عجرم لمقابلة رئيس المجلس الأعلى نعمة تابت واقترحت عليه تجميع عدد كبير من القوميين في حرج بيروت ينطلقون منه الى ساحة الشهداء مرورا بالبسطة التحتا فوافق على هذه الخطة . في منتصف الليل توزعنا الى شتى المناطق: الرفيق أبى عجرم الى الشوف، ورفيق آخر الى البقاع (ملاحظة: نرجح أن يكون الامين عبدالله محسن) والرفيق زكريا لبابيدي الى مديريات بيروت وضواحيها وأنا الى المتن الشمالي حيث اتصلنا بالمديريات لاستدعاء أكبر حشد ممكن في الساعة التاسعة من صباح اليوم التالي على أن يكون التجمع خلف مرمى سباق الخيل. في السابعة من صباح اليوم التالي عدت من المتن الى صيدليتي حيث وافاني زكريا لبابيدي وأدلى بنتيجة اتصالاته بالمديريات وأعلمني أن أبا شاكر بيضون واحمد جلول يرغبان في لقائي في صيدلية الخوجا، البسطة التحتا، في الساعة الثامنة. اصطحبت كلاً من الرفيقين لبابيدي وسامي صلاح الدين الذي كان يخفي رشاشا تحت معطفه، كما كنت أتمنطق بمسدسين في وسطي. وصلنا الى المكان المحدد وإذا بي أجد الرفيق محمد راشد اللاذقي والى جانبه ابو شاكر بيضون واحمد جلول، فطلب مني الأخير أن نتحدث خارج الصيدلية غير أن الرفيق اللاذقي أومأ إلي بإشارة الرفض، خشية غدرهما بي، فرغبت إليهما أن يسيرا أمامي وكان سامي صلاح الدين يحرسني عن بعد. بادرني بيضون بقوله: انك يا سيد أديب من عائلة إسلامية كريمة ونحن لا نقبل من حزب مسيحي، رئيسه مسيحي أن يعقد اجتماعا في منطقة إسلامية لا يحضره زعيم المسلمين رياض الصلح. فأجبته: اني كمسلم ومنفذ عام بيروت وضواحيها، وابن "عصور" التي تعتبر باب الدخول الى البسطة، أصارحك بأن الحزب ليس طائفيا، بل ينضوي تحت جناحيه شباب يمثلون مختلف الطوائف، وبصفتي الحزبية يمكنني إقفال البسطة متى شئت عندما أجد أية مقاومة، ولست بحاجة الى تثبيت وطنيتي ووطنية عائلتي بدعوة رياض الصلح. فرد علي بقوله: إذا دخلتم البسطة، فسيمنعكم أولادنا بالقوة . فتحديته بعنف قائلا: عندكم أولاد، أما نحن فعندنا رجال، وسوف نرى، وبخاطركم . لدى وصولنا الى الحرج وجدت ما يزيد على الألف قومي بانتظاري، فأصدرت التعليمات لتنظيم الصفوف، وتوجهت فرقة خاصة لتغطية المسيرة من سطوح البنايات، من الحرج حتى البسطة زيادة في الحذر وتحسبا لكل طارئ من خصوم الحزب . سار في الطليعة خمسة قوميين ثم عشرون من خيرة المقاتلين في الحزب. طلبوا مني أن أسير خلفهم فأبيت إلا أن أكون في الطليعة لأقاسمهم الخطر. عندما وصلنا الى البسطة التحتا دوى التصفيق من الجمهور على الجانبين ولم نشاهد أي اثر للجماعة الذين هددونا. وبعد أن برهنا لمن الساحة ألقيت خطب قصيرة واكتفينا بالمسيرة ثم تفرقنا بعد عشرات الهتافات الحزبية النظامية . * هوامـش (1) كان قريبه من جهة أمه، القاضي لاحقاً: الرفيق وفيق الحسامي . (2) ليس في عقيدتنا ولا في لغتنا القومية الاجتماعية أن نورد عن المذهب لأي مواطن، مع تقديرنا لكل المذاهب والأديان. إنما نشير إلى ذلك، نقلاً عن كتاب الأمين أديب قدورة، وتعريفاً إلى واقع . (3) أسست في بيروت، بعد نكبة العام 1948، الاتحاد النسائي الفلسطيني، ومثلت المرأة الفلسطينية في عدد من المحافل العربية والدولية، انتمت إلى الحزب عام 1947 . (4) بعد تخرجها من الجامعة الأميركية، تابعت تحصيلها في جامعة فؤاد الأول بالقاهرة ونالت الماجستير ثم الدكتوراه، وكانت أول امرأة غير مصرية تنال هذه الرتبة. توّلت في الجامعة اللبنانية منبر أستاذة للتاريخ في كلية الآداب، ثم أصبحت رئيسة القسم ثم عميدة لكلية الآداب في الجامعة اللبنانية 1971-1977 وهي أول امرأة تتولى مهمة عميدة. لها مؤلفات كثيرة في التاريخ الوسيط والحديث . (5) بصفته مدعياً عاماً، تناول يوسف شربل سعاده في الكلمة التي ألقاها في المحكمة العسكرية في 7 تموز 1949 عندما قال: إن الزرارير لما قام قائمها توهمت أنها صارت شواهينا فرد عليه سعاده فوراً: وفي الزرارير جبنٌ وهي طائرة وفي البزاة شموخ وهي تحتضر ولاحقاً أقدم الرفيق البطل حسين الشيخ على إطلاق النار عليه فأعطبه طوال حياته كسيحاً في بيته .
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |