شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2023-09-15 |
من تاريخ الحزب في مرجعيون |
بتاريخ 13/12/2013 عممنا عن المهرجان الذي اقيم في مرجعيون اواسط اربعينات القرن الماضي، نقلاً عن كتاب "على دروب النهضة" للروائي والمؤرخ الامين نواف حردان. نشاط آخر تحقق في نطاق منفذية مرجعيون في اواسط اربعينات القرن الماضي، يفيد ان يطلع الرفقاء والاصدقاء عليه، وقد حصل تحديداً في بلدة دبين(1) التي شهدت حضوراً جيداً للحزب، كجارتها بلدة بلاط. يروي الامين حردان في يوميته بتاريخ 5 ايار 1946 ما يلي: كنت في مرجعيون مساء هذا اليوم، في مهمة حزبية أقوم بها، فإذا بي وانا في محل ناظر المالية الرفيق يعقوب خنيفس، أرى الامين عبد المسيح ووكيل عميد الاذاعة الرفيق وديع الاشقر والرفيق يوسف حاتم ومعهم شخص رابع لم أكن أعرفه، يترجلون من سيارة ويدخلون المحل الذي كنت فيه. فوجئت بذلك.. ولكن الامين عبد المسيح عاد وفاجأني أكثر، عندما قال لي: - أتيت تلبية لطلب رفقاء دبين، ومعي الرفيقان يوسف حاتم ويوسف تاج ووكيل عميد الاذاعة، لكي نقيم حفلة في دبين(2). فوجئت بذلك، لأني لم أكن أعلم بأن رفقاء دبين تقدموا بذلك الطلب.. وفكرت قليلاً ثم أجبت: - أهلاً .. وسهلاً.. ولكن يلزمنا اسبوع على الاقل لكي أقوم بجولة على المديريات أدعوها لحضور الاحتفال. - لا لزوم لذلك.. نقيم الحفلة للمديريات القريبة فقط. مرجعيون ودبين وبلاط وابل السقي، لأن الرفيقين تاج وحاتم مرتبطان بمواعيد بعد غد في مكان آخر. - ليكن ما تريد – أجبت ثم تقدمت فصافحت القادمين، وأنا بالغ السرور بقدومهم. كان الرفيق يوسف تاج مطرباً مشهوراً معروفاً في لبنان كله، كبير الاسم ذائع الصيت، يتسابق المواطنون لحضور حفلاته، ويطربون كثيراً لسماع صوته الرخيم الذي لم يكن له شبيه قط. كذلك الرفيق يوسف حاتم، كان لا يقل عنه شهرة وصيتاً واسعاً، معروف بأنه "أمير الشروقي" الذي كان يرتجله ارتجالاً، فيخرج على أحسن وأفضل ما يكون الشعر القومي.. بالاضافة الى صوته الجهوري المرنان، الذي يبعث حماساً وإعجاباً كبيرين في السامعين. قررت بسرعة، ان تقام الحفلة في بستان يخص الرفيقين ابراهيم وجورج زريق كنت أعرفه في دبين، وأرسلت من يبلغ رفقاء مرجعيون بأن الحفلة ستقام الساعة الثالثة بعد ظهر غد وعليهم حضورها. كذلك أرسلت الرفيق إميل الطيار(3) برسالة الى مديرية ابل السقي بنفس الموضوع.. ثم توجهنا الى دبين.. حيث سهرنا وتعشينا ونحن في أحاديث طيبة، ثم طلب بعض الرفقاء من الرفيقين تاج وحاتم، ان ينشدوا بعض القصائد فلبيا الطلب امام سرور الجميع وتضاعف حماسهم وتفاؤلهم. في صباح اليوم التالي، ذهبت الى البستان حيث كانت ستقام الحفلة، مع صاحبه الرفيق ابراهيم زريق، فأعددنا منبراً خشبياً في ساحة كانت فسيحة في أول البستان. وفي تمام الساعة الثالثة بعد الظهر، بدأ رفقاء مرجعيون وابل السقي ودبين يتوافدون ويتشدون في الساحة، ثم وصل رفقاء بلاط الذين كان الرفيق يعقوب خنيفس قد دعاهم الى الحفلة. بعد قليل اعتلى المنبر وكيل عميد الاذاعة الرفيق وديع الاشقر، وارتجل كلمة بليغة طافحة بالايمان.. قوبلت بالتصفيق الحاد.. ثم صعد المنبر الرفيقان حاتم وتاج، وراحا يتناوبان على الانشاد، وقد بدأ الرفيق يوسف حاتم انشاده بقصيدة اذكر منها الابيات التالية: نحنــا قحمنـــا الويـــل والاهــــوال نحنا كسرنا القــيـــد والاغــــلال وعــدنا رفعنا الزوبعــة الحمــــــرا تخفق بأعلى جرودنا وجبال *** نحنـــــا رفعنـــــــــا للعلــــــى رايــــات هيهات ترجع لا ورا هيهات سارت جيوش الزوبعة قوموا ومـــــن المبـــادي ردوا آيـــات *** بكـــــره الزعيــــم يعـــود يجمعنـــا ويوقف امام الجيش يسمعنا ونـهتف لتحيــا سوريــة بلادي ونـــرفـــع زوايــــا عـــز أذرعـــنـــا *** يــــا زعـــيــمـــي عـــــود لــحــزبــك الما حاد شعره من على دربك الما زعزعوا طغيان أو زندان وظـــل حـــافـــظ عــهـــدك وحــبــك *** ميجانا... ميجانا... ميجانا والــزوبعـــة بتــلــوح فوق جــبــالنـــا عتابا: تلوح الزوبعة لعالي علمنا المبـــادي فكــر شــو زود علمنـا تـبلـغـنـا وصــايــــاه وعـلـمـنـــا سعاده ما ابتعد عنا وما غاب عتابا: سعاده في قلوب الناس بعدو ما أثر عا جنودو كثير بعدو مهــمـــا طـــال بـــالآفــــاق بــعـــدو منقطف مــن تعاليــمـــو ذهــــب وكان الرفقاء الحاضرون يقابلون الانشاد بالتصفيق الحاد والهتافات العالية، ويرافقون ابيات الميجانا بإنشادهم أيضاً في أجواء عابقة بالحماسة والايمان والنشوة المباركة. وجاء بعد ان توفق الرفيق يوسف حاتم، دور الرفيق يوسف تاج فأنشد أبياتاً أذكر منها ما يلي: يــا زعــيــم مـهـمــا جـــرى فــينـــا مـــاشــيــــن تـــا نـحــقــق أمــانـيـنـــا يــا زعــيــمــي الحــــــر للاحــــرار نــفــيــــوك مـــا نــفـيـــو مــبـــاديــنـــــا *** وكان يوسف تاج يملك صوتاً رخيماً جميلاً، يطلقه في سحبات طويلة متموجة حنونة، يعيد تردادها عندما يطلق "الأووف" كصوت الناي المرتفع، يأخذ بمجامع القلوب، وينزع الآهات من الصدور. يـــا زعــيمي عــــود لجــنــودك الباقين عالمبدا وعلى عهودك اشتاقوا لصوتك يرتفع ويعم تــا ينهضــوا وتـــا يــرفعوا بنودك *** يا شعب نادي دوم يا سعاده يـــا بطــل يا منقذ بـــلادي طولت حـتــى تــعــود لـــحزبـــك وتقود شعبك أيها الفادي * وهكذا تتابع الغناء والانشاد من الرفيقين المطربين أكثر من ساعة كاملة. بين الهتاف والتصفيق. وأخيراً غادر الرفيق يوسف تاج المنبر واقترب مني وقال هامساً: - لقد تقدم بي العمر وأشرفت على السبعين، وصارت ذاكرتي تخونني فأنسى الكثير من القصائد والاشعار التي كنت أحفظها. فهل لك ان تساعدني؟ - ماذا تريد؟ - أجبته. - لعله يوجد لدى أحد الرفقاء في هذه البلدة ديوان "الزوبعة" للامين عجاج المهتار. فهل لك ان تدبر لي لكي أتابع الانشاد منه؟ - حبا وكرامة. – قلت له. ونهضت فناديت الرفيق حسن غانم مذيع مديرية دبين، الذي كنت أعلم بأن لديه كتاب "الزوبعة" فأرسلته لكي يأتي به. وعدت فجلست وكتبت على ورقة ما يلي: لمـــا كــــــانـــت الامـــة أســـيـــــرا مريضا وضايعه وغامض مصيرا سعاده طل عالامة ولمسها بــيـمـيـنــو.. فـــاق وجـــدانا وضــمــيــرا *** لـــمــا طــل عــــالامــــة ســعـــــاده وسقاها المجد مـن نــور المـــبادي وطعمها العز من خبز السياده اسـتــفــاقـــت روحــها تغــيـــر مسيــــرا *** نفخ في أمتو روح الاصـاله وبعـــث فيهــا العزيــمة والرجـــولة شرح تاريخ مجدا والحضاره وسقاها العز في كاس البطولة *** وعدت للرفيق تاج فسلمته ما كتبت وقلت له: - "سكج" بهذه الابيات لبينما يعود الرفيق بالكتاب. فشكرني وعاد الى المنبر فأنشد أبياتي، ثم كرر انشادها. الى ان عاد الرفيق حسن فسلمته كتاب "الزوبعة" فتابع الانشاد منه. لم يكن الرفيق يوسف تاج شاعراً. كان مطرباً ينشد بصوته الرخيم الذي لم يكن له مثيل. ولا يزال الكثيرون يحتفظون بإنشاداته مسجلة على اسطوانات، ستبقى خالدة. ما بقي الفن وبقي الطرب. أما الرفيق يوسف حاتم. فكان يرتجل بسهولة ولا يتعب من الغناء ولو بقي ينشد على المنبر ساعات طويلة. رحم الله هذين الرفيقين اللذين يجب أن يبقيا حيين في ذاكرتنا، وفي تاريخ نهضتنا.. الى الابد. واستمرت الحفلة الى المساء. وانتهت بين فرح الرفقاء وسرورهم وتصفيقهم، ومشاركتهم الرفيقين في سحبات الميجانا وأبو الزلف. وفي مناخ معطر بالايمان الكبير المقدس والتفاؤل المبارك. هوامش (1) منها الرفيق يعقوب خنيفس، وهو من اوائل رفقائنا في دبين وبقي على ايمانه والتزامه رغم تقدمه بالعمر والى ان وافاه الاجل، والرفيق حسين حجازي الذي عرفته مديرية المصيطبة رفيقاً واعياً، ملتزماً، مناقبياً. (2) كتبنا سابقاً عن كل من الرفقاء وديع الاشقر، يوسف حاتم ويوسف تاج المنذر. لمن يرغب، الاطلاع، الدخول الى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية ssnp.info (3) إميل طيار: منح لاحقا رتبة الأمانة. للاطلاع على ما نشرته عنه الدخول الى الموقع المذكور آنفاً.
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |