Warning: Undefined variable $PHP_SELF in /home/clients/61e9389d6d18a99f5bbcfdf35600ad76/web/include/article.php on line 26
SSNP.INFO: من ثقافتنا القومية الاجتماعية -انتقال الأفكار- بقلم الامين سهيل رستم
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2024-03-22
 

من ثقافتنا القومية الاجتماعية -انتقال الأفكار- بقلم الامين سهيل رستم

الامين لبيب ناصيف

الأمين سهيل رستم بما كان عليه من ثقافة حزبية ونضال مميّز الى مناقب قومية اجتماعية تمتع بها طوال مسيرته الحزبية، كتب عنه كثيرا غداة وفاته ويستحق ان يكتب عنه لكثير بما تمتع به.

منه هذه المقالة التي كنا عممناها بتاريخ 18/12/2009، في فترة تولي مسؤولية عميد شؤون عبر الحدود، كما نشرت في العدد رقم 468 من "النهضة" الدمشقية .

نأمل من حضرة الامينة راغدة ان تزوّدنا بما ترى مفيدا نشره من مقالات ودراسات لحضرة الأمين الراحل.

ل. ن.

*

لا شك أن الاحتكاك بين الأمم والمجتمعات سينشأ عنه تعرف المجتمعات إلى بعضها البعض، وهذا ما ينشأ عنه تفاعل ثقافي يتناول بعض الأفكار، وتنتج عنه أفكار جديدة تلائم المجتمع الواحد، وتخضع لقبول المجتمع لها بما يتوافق مع مزاجه النفسي وثقافته وحاجاته، أو قد ينشأ عنه تسرب أفكار من مجتمع لآخر بغض النظر عن ملائمتها للمجتمع المنتقلة إليه، أو توافقها مع نفسيته وحاجاته. وفي العصر الحالي، وبسبب تطور وسائل الاتصالات وتعميم الإعلام، فإن المجتمعات تتلقى يومياً كماً كبيراً من الأفكار تفعل في مجموعات وأفراد يروجون لها في مجتمعهم باعتبارها حسب رأيهم، أفكاراً متطورة لا بد من مجاراتها كأمر واقع، أو أنها تبهر البعض ويعتقد أنها الأصلح والأفضل، وهذا ما نلمسه فيما تعمل له السياسة الأميركانية بأساليب عدة، أبرزها الدعوة إلى تعميم الأفكار والقيم الأميركانية، والنظام الأميركاني في السياسة والاقتصاد والاجتماع والأخلاق، وتلجأ أحياناً إلى فرض أفكارها بالقوة على المجتمعات التي تتمكن من التحكم بها أو الهيمنة عليها، فإذا لم يكن المجتمع محصناً ومدركاً لشخصيته وتمايزها واستقلالها، فإن الأفكار تتسرب إليه بشكل عشوائي وتفعل فعلها في بعض مكوناته، مع أنها قد لا تمس روحية

المجتمع ولا تتوافق مع قيمه ومطالبه، لأن أي فكر ينتقل من مجتمع إلى آخر، أو من بيئة إلى أخرى، فإن المجتمع إما أن يقبله إذا كان ملائماً له، أو أن يعد له ليصبح ملائماً، أو أن يرفضه بالكلية. فالأفكار ليست سلعاً تستورد، ولا بد لها لكي تنتشر في مجتمع من أن تلائم نفسيته ومطالبه.

ولقد تعرض سعاده لهذه المسألة، وأوضح بعض جوانبها في المحاضرة الأولى من "سلسلة محاضرات الندوة الثقافية" عام 1948 التي تحدث فيها عن مفهوم النهضة، وعن الفكر المضطرب، وعن اقتباس الأفكار بشكل عشوائي، فقال: «إن الأفكار المقتبسة اقتباساً من الخارج لا تحرك عوامل النفسية الصحيحة»(1)، لأن الأفكار مهما كانت عظيمة بالنسبة لمنشئها فإنها لا يمكن أن تفرض بالقوة على المجتمعات الأخرى، وقد تنتقل أو تنتشر في مجتمع إذا حصلت له القناعة بها، أي إنه يشعر أنها تمسه وتمس مصالحه ومطالبه النفسية وتتلاءم مع قيمه التي يؤمن بها، وهذا يتوقف كما ذكر سابقاً على مدى إدراك المجتمع لشخصيته ومطالبه، وعلى حصانته أمام الأفكار الوافدة إليه، أو التي يقتبسها بعض عناصره من مجتمعات أخرى، أو التي يحاول البعض فرضها بالقوة عليه. وهذا ما أشار إليه سعاده في مقالته "ضعف الإدراك من نقص العقل" من "سلسلة مقالات جنون الخلود" عام 1941 التي رد فيها على رشيد سليم الخوري (الشاعر القروي) إذ قال: «إن فرض العقائد بالقوة له حد يقف عنده، وإن أفضل الطرق لنشر العقائد بين الشعوب هو الاقتناع بها وليس الإكراه عليها»(2)..

ومن خلال إدراكه لأهمية هذا الشأن أوضح سعاده مسألة استقلال الفكر السوري، وإنه بتأسيسه الحزب وضع النظام الذي يعبر عن حاجات الأمة السورية، ويعمل لنهضتها، فقال في "الخطاب المنهاجي الأول" عام 1935: «إن نظام الحزب السوري القومي الاجتماعي ليس نظاماً هتلرياً ولا نظاماً فاشياً، بل هو نظام قومي اجتماعي بحت لا يقوم على التقليد الذي لا يفيد شيئاً، بل على الابتكار الأصلي الذي هو من مزايا شعبنا»(3). وفي خطاب أول آذار عام 1938، أشار أيضاً إلى أن العقيدة التي وضعها جاءت معبرة عن مصالح الأمة وإرادتها، فقال: «إن تأسيس قضيتنا القومية في مبادئ الحزب السوري القومي التي كنت حريصاً جداً على أن تكون معبرة عن مصالحنا وإرادتنا، أنقذنا من حالة اليأس وبدل من حالة التخبط حالة الجلاء والعمل الجدي المنظم في الحزب القومي»(4). ولقد توصل سعاده إلى ذلك قبل تأسيسه الحزب، إذ قال في مقالته مبادئ أساسية في التربية القومية عام 1930: «كل مبدأ عام لا يكون الغرض منه خير الشعب وضمان وسائل تقدمه نحو مثله الأعلى يكون عديم الفائدة»(5). ووفق ما طرحه سعاده، فإن المحافظة على شخصية الأمة وأسسها النفسية والثقافية المتوافقة مع مطالبها العليا، يتطلب التنبه إلى الأفكار التي تضخ يومياً ويتلقفها البعض دون تمييز، ودون معرفة ما يلائم المجتمع منها، أو ما يضر به. إذ لا يكفي أن تكون الأفكار براقة وهي ليست سوى شعارات تحاول بعض القوى نشرها وتعميمها لتحقيق مصالحها الاستراتيجية، لأن لكل مجتمع مفاهيمه وقيمه ونظرته الخاصة للأفكار المطلقة في العالم كالديمقراطية والحرية والنظام والقيم والمثل العليا، فهي وإن كانت مطلقة في العالم، فإن لكل مجتمع نظرته الخاصة لها بما يتوافق مع نفسيته ومطالبه وحاجاته ونظرته إلى الكون والمجتمع الإنساني. وإذا كنا لا

نستطيع إيقاف تسرب الأفكار إلى مجتمعنا، فلا بد لنا من وضع خطة ثقافية تعزز مبادئنا وقيمنا وثقافتنا الأصيلة وتحصن مجتمعنا من الانزلاق وراء الشعارات البراقة التي تغزو مجتمعنا كما تغزو المجتمعات الأخرى. لأن في الأفكار المتسربة ما هو أخطر من الاحتلال المباشر.

المستندات:

1ـ الآثار الكاملة- الجزء الخامس عشر- صفحة 15- سعاده.

2ـ الآثار الكاملة- الجزء التاسع- صفحة 156- سعاده.

3ـ الآثار الكاملة- الجزء الثاني- صفحة 186- سعاده.

4ـ الآثار الكاملة- الجزء الرابع- صفحة- 38- سعاده.

5ـ الآثار الكاملة- الجزء الأول- صفحة- 330- سعاده.





 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه