Warning: Undefined variable $PHP_SELF in /home/clients/61e9389d6d18a99f5bbcfdf35600ad76/web/include/article.php on line 26
SSNP.INFO: جزء من العمل الحزبي في منطقة عائشة بكار بقلم الأمين سايد النكت
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2024-10-01
 

جزء من العمل الحزبي في منطقة عائشة بكار بقلم الأمين سايد النكت

الامين لبيب ناصيف

شهدت منطقة عائشة بكار حضوراً حزبياً منذ ثلاثينات واربعينات القرن الماضي.

تميّز من الحضور النضالي الأمناء محمد جبلاوي(1)، ماجد الناطور(2)، محمد راشد اللادقي(3)، شكيب أبو مصلح(4)، والرفقاء: فاروق الناطور، حسن رؤوف حسن، رستم فخران(5) وغيرهم مما اوردنا أسماءهم في نبذات سابقة، الا ان التميّز اللافت فهو الذي سطره الأمين سايد النكت عندما تولى مسؤولية تنظيم العمل الحزبي في محيط المركز، حيث لم يكن شهد انتشاراً حزبياً الا بفضل العمل الدؤوب الإداري والاذاعي والشعبي الذي قام به الأمين سايد، ومن عاونه.

تلك الفترة اللافتة سطرّها لنا الأمين سايد في التقرير الغني بالاحداث والمعلومات عن فترة توليه المسؤولية في ادق الظروف، اثناء الاجتياح الإسرائيلي عام 1982،

ل. ن.

*

النشاط الشعبي في منطقة عائشة – بيروت (جزء اول)

"في أواخر السبعينات انتقلتُ إلى بيروت لمتابعة دراستي الجامعية (السنة الثانية) في الجامعة اللبنانية معهد العلوم الاجتماعية الفرع الأول (ساقية الجنزير- مطل الروشة)، بعد أن انجزت سنتي الأولى في معهد العلوم الاجتماعية الفرع الثالث في الشمال، وتحملتُ على التوّ مسؤولية مدير مديريتها من الأمين توفيق مهنا، وكنت اتابع دراستي نهاراً فيها، وأداوم ليلاً في مركز الحزب في فردان كضابط اشارة في غرفة الاتصالات السلكية واللاسكية، وأثناء مداومتي في غرفة الاتصالات حصل اشكال بين الحرس المركزي ومجموعة من الأمن الموحد التابع لحركة فتح، ليتطور الى اشتباك عنيف لم يستغرق طويلاً حيث حصل تدخل فوري من أعلى المراجع لايقافه. لكن ما أثار انتباهي وألمي ودهشتي أن البنايات المجاورة ـمخترقة حيث أطلق النار من بعضها علينا، والمركز الرئيسي للحزب مطوّق بحزام من أخصام الحزب. فكرت ملياً وبعمق كيف يمكن أن أساهم في تغيير هذه الصورة وتغيير هذا الواقع وأن أجد آلية لاختراق الأحياء المجاورة، فلا يجوز أن يكون مركزنا الرئيسي للأمة السورية في بقعة تخاصمنا، فحضرت في ذهني فكرة وباتت خطة، وفي اليوم التالي طرحتها على عميد الدفاع الأمين محمد سليم، حيث كنا نشغل غرفة الاتصالات في الطابق الرابع بجوار مكتبه، وكانت قد نشأت علاقة مودة بيننا ملؤها الاحترام،

- "شو رأيك حضرة العميد أنو وبظرف ستة أشهر، أذا ما دُعمت مركزياً، مستعد أن أقلب وأحوّل هذه المنطقة، المحيطة بالمركز، من منطقة مخاصمة للحزب إلى منطقة مناصرة للحزب، أو أقلّه "اذا لم تطلق النار معنا أن لا تطلقه علينا"، فنظر إلي نظرة الواثق قائلاً: ضع خطتك العملية خطياً إلي بأقرب وقت.

تحرّكت على الفور إلى الجهة المقابلة للمركز، قاطع الطريق، لشقة أرضية، لألتقي صاحبها الصديق محمد سعيدون.

"ونحن نرشف القهوة، ونقيّم ما حصل سألته:

- "يا أبا وسام اذا أردنا أن نفتح أفقاً جديداَ وأرضية من التعاطي الجديد مع أهل هذه المنطقة، عبر رابطة أو ناد لنخدمهم فما رأيك وهل عندك من مفتاح لهكذا نشاط أو اقتراح،

• أجابني على الفور: شوف يا زينون (كان اسمي الحركي والمحبب في ذاك الوقت)، ما في غير رابطة شعبية. منجمٍع الشباب منوفر الخدمات وأولها السلاح.

- سألته إن كان عندك من أحد نعتمد عليه نشيط تمون عليه ونحن من ورائك، استدعى على الفور شاب مقتدر من المنطقة إسمه عبد بولاد (رحمه الله). قال له وبلهجته البيروتية، "لك يا عبد، عنا مشروع يخبرك عنه زينون وبتحط نفسك في تصرفه"، قال له "بأمرك معلم"،

أطلعناه على مشروعنا، فأجاب بالإيجاب وأعلن استعداده لأن يكون رئيس الرابطة، شريطة أن نوفر لها مكتباً حديثاً فسيحاً وسلاحاً للشباب، سألتهم إن كان في الحي المجاور من شقة للبيع فاتصل أبو وسام (محمد سعيدون) بصديقه صاحب بناية حديثة (بناية دندن) في حي العلّية، وسأله أن يلتقيه وجاءنا بخبر سار أن عنده شقة للبيع في الطابق الثالث وهي غالية الثمن لحداثتها، فألقينا نظرة عليها وتسألا (ضمنياً على ما رجح في ذهني) عن مدى جديتي في خطوات ليست سهلة التنفيذ، وخلال يومين وضعت رسالتي لحضرة عميد الدفاع، وفيها الخطوات العملية لإطلاق "رابطة أبناء عائشة بكار" وتتضمن:

- شراء شقة في بناية دندن

- فرشها بما يستلزم من مكتب وصالة اجتماعات وتسلية ومطبخ وما يلزم فرشاً حديثاً

- إستصدار قرار بانشاء مفوضية مركزية في محيط المركز وأعين مفوضها، لا تتبع إدارياً لمنفذية بيروت بل للمركز مباشرة ليتسنى لنا التصرف السريع

- توفير معونات ومساعدات اجتماعية للمواطنين

- فرز السلاح اللازم عند توفر الشروط (السلاح كان مطلب عند الجميع في ظرف الحرب المدمرة لتحمي الناس مناطقها)

أعجب العميد بالخطة وحملها إلى جلسة مجلس العمد الذي صادف انعقاده في اليوم نفسه ليعلمني بعد انتهائه انه قد تمت الموافقة على صرف ثمن الشقة وتجهيزاتها، وعلي التواصل مع عميد المالية الأمين لبيب ناصيف لاجراء التنفيذ، وعندما علما الصديقين محمد سعيدون وعبد بولاد بانه صرف المبلغ لشراء الشقة، وهي غالية الثمن، بهذه السرعة غير المتوقعة، دهشا وتضاعفت همتهم وارتفع منسوب الثقة بنا وبالذي نطرحه ونتبناه.


أنجز عميد المالية الأمين لبيب ناصيف عملية الصرف وشراء الشقة، كما صرف المبلغ المتمم لفرش المكتب بتجهيزات حديثة وتأمين المستلزمات والمتطلبات لجهوزية الاعلان عن الرابطة.

وبدأ التواصل مع مجموعة من شباب الحي من أخصاء الصديقين محمد سعيدون، (الذي أمسى بعد حين رفيقاً)، وعبد بولاد، وحالفنا الحظ أن يكون في الحي المتفرع من حي العلّيٍة منزل الأمين الراحل محمد اللادقي الذي فتح وزوجته الفاضلة أم عبد، منزلهما لتواجدي وأختي الرفيقة سلمى، وكان إبنهما ماهر (الذي أمسى رفيقا)، وإبنتهما لينا من أوائل الذين نشطوا في الرابطة، ويقابل منزل الأمين محمد اللادقي، منزل الرفيق حسين قطان، الذي أمسى ابنه جهاد قطان رفيقاً، ومن اوائل الناشطين في الرابطة. ومن الجهة الأخرى من الحي كانت دعامة أساسية لتدعيم مشروعنا في عمل الرابطة منزل الصديق العصامي الراحل محمود نحلة (أبو خالد)، وزوجته الفاضلة أم خالد، الذين فتحا منزلهما منزلاً لي، وكنت أتردد إليه أساساً بحكم مهمتي في شعبة الاتصالات المركزية التي يرأسها الرفيق سمير الغضبان(6) (أبو زينون)، زوج الرفيقة غادة نحلة إبنة هذا البيت الكريم، وشقيقة الرفيق (الأمين لاحقا) ومنفذ عام بيروت محمد نحلة (أبو خنجر)، كما منه المواطن خالد نحلة، (الذي أمسى رفيقاً)، ورجاء وسكينة.. ولعبا دوراً هاماً طليعياً وسواهم، في المجابهة والمقاومة سنأتي على ذكر عناوين لها في مكان آخر.

تبادلنا ثلاثتنا (محمد سعيدون وعبد بولاد وأنا) النقاش في كيفية وتوقيت الاعلان عن الرابطة، وارتأينا أن يعلن عنها في سهرة رمضانية (وكان شهر رمضان قد أشرف على نهايته).

أولاً: لما لهذه المناسبة من معنى وجداني وأيجابي في المنطقة،

وثانياً: لتوفر حضور شعبي، يدعى اليها الحي باسم "رابطة أبناء عائشة بكار"، نحييها عند ملتقى الطريقين قرب جامع عائشة بكار (جامع القصار)، ونغدق عليها ضيافة وإعداداً.

وتواصلنا مع الأمين محمد جبلاوي، الذي كان يملك فرقة للأناشيد الرمضانية، فتبرع لنا بفرقته لإحياء السهرة. وأعلنا عن هذه السهرة الرماضانية في حي العلية والأحياء المجاورة، وليلة السهرة كانت باحة ملتقى الطريقين تعج بالحاضرين الجالسين على الكراسي المصفوفة والواقفين خلفها والمنتشرين فوق الشرفات المطلّة، وكنت أجلس في الصف الأمامي بين رئيس الرابطة عبد بولاد (الواجهة)، ومحمد سعيدون العقل المؤازر في التخطيط لولوج المنطقة، وكنت قد أعددت كلمة لرئيس الرابطة، تلاها مرحِّباً ومعلناً عن ولادة الرابطة مشيراً بالشكر للحزب السوري القومي الاجتماعي، الذي سيساندنا بأي دعم نحتاجه عبر المفوض زينون، مدللاً علي والذي سيكون بيننا لأي مراجعة بأي شأن، وأذكر انني اشرت في الكلمة التي أعددتها له وتلاها لأهمية حزبنا الذي يقاتل المشروع الانعزالي (الموضوع كان يعنيهم حيث كانت وسائل الاعلام تتناقل اخبار معاركنا في صنين)، وقصدت الاشارة الى ذلك لأبدأ تسويق تقبّل فكرة تآلف المنطقة مع الحزب، الذي قاتله شباب من أبنائها منذ شهرين، ونعلن ان الحزب داعماً لهم في مناسباتهم وعوناً لهم ومؤازاً لهم.

نالت هذه الخطوة إعجاب وترحاب أبناء المنطقة، حيث بدأ أصداء السهرة الرمضانية والاعلان عن الرابطة يأخذ مداه في حي العلّية والأحياء المجاورة وبدأ تهافت الشباب الى مكتب الرابطة للانضمام اليها وتوافد الأهالي للترحاب بنا.

فانضم عشرات الشباب من الرفقاء والمواطنين إلى الرابطة، نذكر: ماهر اللادقي، محمد هنداوي (أبو عزقة)، خالد نحلة (ماهر)، محمد نحلة (أبو خنجر)، جهاد قطان، عدنان بولاد، أبو طارق بولاد، محمود بولاد، وسام سعيدون، حسام سعيدون، علي سبيتي، محمد سبيتي، جوزيف سلامة (فيصل)، عدنان المصري (شهيد)، ايهاب كاج (شهيد)، مصطفى حامد (أوفا)، طارق السعيد (أبو البلاوي)، محمود غملوش، محمود الكردي، محمد الكردي، حمود غزائير (الخاروف)، الأفطس، محمد عيتاني، جلال المصري، فوزي بغدادي، أحمد إسماعيل، معن حمزة.

بدأنا العمل باتجاه خطوات ثلاث:

الأولى: تأطيرهم في العمل الاجتماعي في الحي لتوفير المعونات الى الأهالي وزيارتهم في منازلهم للتعرف على

أهاليهم واحتياجاتهم

الثانية: تنظيم لقاءات اذاعية اسبوعية في منزل الصديق محمد سعيدون المجاور لمكتب الرابطة حيث كان يعج صالونه بالحاضرين المتوافدين للتعرف على الحزب، وكنت أحي الجلسات والحلقات الاذاعية باسلوب مبسط للوصول إلى تعميق الشرح والفهم ومن ثم تخرّج البعض علناً أو سراً رفقاء ولن أنسى سخاء العزيز أبو وسام، محمد سعيدون، وزوجته الفاضلة، وعائلته الكريمة علينا استقبالاً وضيافة.

الثالثة: التأهيل العسكري حيث بدأنا بارسال الشباب منهم الى مخيمات الحزب للتدريب، لا بل أن اول خطوة تأهيلية لهم كانت ان نظمنا لهم دورة خاصة بهم، لشهر كامل، ليصار الى توزيع السلاح للحماية المحلية، ومن ثم تطورت المهام لتشمل الدفاع عن بيروت أثناء حصارها واجتياحها من قبل جيش العدو الصهيوني، ولبوا تلبية عظيمة وكان من بينهم الرفيق الشهيد البطل عدنان المصري(7)، الذي استشهد على مدخل الرملة البيضاء - فردان، كما ساهم عديد منهم مساهمة فعالة في نهوض العمل المقاوم والمشاركة في تنفيذ عمليات عدة، كما الدفاع عن الحزب والمشاركة في غالبية المعارك منها الكورة وطرابلس وكان من بينهم الرفيق الشهيد البطل ايهاب كاج(8) اضافة لاصابات بعضهم.

وفق الخطة المرسومة والجهد الذي صرفناه، سار النشاط كما أردناه وبات مكتبنا، وفي أقل من ستة أشهر، خلية نحل ومرجع لشؤون الحي ومتطلبات أبنائه، وبتنا محط أنظار المحيط وحديث أهاليه، وبالتالي محط حسابات كثير من القوى التي بدأنا منافستها في المنطقة والأخذ مكانها في منطقة الأكثر حساسية عائشة بكار ومحيطها حيث مركز دار الإفتاء للطائفة السنية الكريمة في لبنان.

لا شك ان حمل السلاح كان من اهتمامات الشباب في تلك المرحلة حيث كانت الحرب على أشدها وحماية المواطن نفسه وممتلكاته حاجة أساسية في ظل فقدان الدولة قدرة حماية مواطنيها وتوفير المعونات ولقمة العيش لهم وفلتان الوضع الأمني، فكان التسليح واضافة لتقديم الخدمات الاجتماعية، والمعونات الاقتصادية، ضرورة هامة عند الجميع وبنداً أساسياً في مبادرة انشاء الرابطة، وتوجهاً مبدئياً في استراتجية خطتنا التي رفعت الى قيادة الحزب وهو تحويل شباب المنطقة من حملة السلاح ضدنا الى حملت السلاح معنا او على الأقل غير مطلقين النار علينا، ومحيط المركز حزاماً شعبياً موالياً متآخياً معنا بدل من أن يكون متخاصماً معنا ومعاديا لنا".

بالطبع فتحت عمدة الدفاع ومن ضمن توجه العميد، مخازنها وقدمت كل ما نحتاجه من السلاح وتغطية نفقات المتفرغين وبات في محيط المركز فصيلاً من أبناء الأحياء المجاورة والملتصق بعضها مع مركز حزبنا الرئيسي في فردان وحزاماً شعبياً كما عاهدنا نفسنا وعاهدنا قيادة حزبنا بتنفيذه.

بالطبع استوجبني هذا التفرغ الكلي لصرف الوقت الكافي في تلك المرحلة ليلاً ونهاراً لأكون بين الناس إلى جانب المعنيين عن الرابطة وأعضائها الذين عملوا بفرح شديد وبهمة عالية وفتحوا منازلهم وأطّروا اخصاءهم ومعارفهم لانجاج نشاطنا، بالرغم من مسؤولياتي الأخرى كناظر للاذاعة في منفذية الطلبة الجامعين ومديراً لدائرة الشباب المركزية في الحزب..


معوقات ومحاذير

ان ولوج أحياء شعبية والعمل بين الناس في ظروف كتلك التي كانت سائدة من فلتان أمني ليس بالسهل أبداً، ففيه من المحاذير والخطورة، ليس بمنسوب النجاح أو الفشل وحسب انما بمستوى التصفية الشخصية، التي كادت أن تنال مني، لكن آليت على نفسي ان أكمل مهمتي مهما كانت المتطلبات والاستنزافات لا سيما مسؤوليتي عن عشرات الشباب المتحمس المسلح والمفرغ.

أولى تلك المحاذير: بدا عندما نشب اشتباك مسلح بين الشباب ومرافقي أحد رؤوساء احدى القوى النافذة حيث استدعى الأمر ومع تطوره وبناء لطلب عميد الدفاع الى ان اتحرك ووكيل عميد الدفاع الرفيق (الأمين لاحقا) أسعد حردان والمطران (الرفيق محي الدين جابر) ميدانياً لايقاف اطلاق الرصاص وبين زخات الرصاص وتنقلنا من بناية إلى أخرى، إلى أن نجحنا بايقافه حيث نظر إلي وكيل الدفاع ليقول لي بعد ذلك أن هذه المفوضية ستقتلك ربما لأنه وجد ان طبيعة إنتشار السلاح وبهذه السرعة، فيها من الخطر والمحاذير الجمّة ولا أخالفه التصور، لكن مجازفة أردتها ومهمة أرتضيتها ومسؤولية تنكبتها ولن أتراجع عنها.

ثاني تلك المحاذير: ذاك الاشتباك الذي نشب بين شباب المفوضية وقوات أبو الزعيم الذي يتخذ مكتباً قرب مركزنا الرئيسي في حي مجاور في منطقة فردان حيث دارت اشتباكات عنيفة استمرت ليومين واستخدمت فيها قذائف الأر بي جي، ولم يكن بالمستطاع توقيف الاشتباك الا بتدخل مباشر لاجتماع يعقد على أعلى المستويات في مكتب ابو الزعيم حضرته الى جانب عميد الدفاع وبحضور أبو الهول، ولم اعد اذكر ان كان فيه ابو الزعيم نفسه أو شقيقه حيث تقرر سحب قوات أبو الزعيم كلها من الحي وتلزيم الأمن في المنطقة للحزب ومنع اي تواجد عسكري او تدخل عسكري او امني مع ابناء المنطقة، وبالتالي طوّبت المنطقة كلها من جامع عائشة بكار ونزلة كركول الدروز شمالاً الى مدخل فردان جهة الرملة البيضاء جنوباً الى تلة الخياط شرقاً وسيار الدرك غرباً كلها تحت اشرافنا وادارتنا المباشرة.

ثالث تلك المحاذير: مخاطر تضارب الصلاحيات بين ادارة منفذية بيروت ومفوضيتنا المركزية، بحيث ان تحركنا الشعبي والاجتماعي والأمني على بقعة من مساحة المنفذية وباستقلال تام في ادارتنا لها، عادة يخلق الكثير من الاشكال، لكن علاقتي المميزة، كمفوض لهذه المفوضية المركزية، مع منفذ عام بيروت الأمين الراحل داود باز، والمسؤول العسكري الرفيق خضر أبو راشد حال دون وقوع اي اشكال، ورفقاء من مديرية عائشة بكار ومسؤوليها، لا بل في تنسيق مستمر بيننا لا سيما انهم وجدوا في عملنا الشعبي ومحصلته انجازاً مميزاً.

*

حصار بيروت واجتياحها

عندما بدأت قوات العدو الصهيوني وحلفائه الانعزالين، بالالتفاف حول بيروت الوطنية بغية الإطباق عليها وقبل أن تقفل المعابر، بأيام قليلة، اقترحت على عميدي المالية(9) والدفاع بالموافقة السريعة على صرف مبلغ من المال لشراء الطحين والمياه المعقّمة (صحة)، لتلبية الاحتياجات الشعبية من مياه وخبز في حال أطبقت القوات المعادية علينا وذلك سعفة للناس حيث كان بالامكان تمرريها من المنطقة الشرقية، بمسعى من رئيس الرابطة لقرابته مع أحد المتنفذين في أجهزة الدولة، وهذا ما حدث قبل أيام من أن تقفل كافة المعابر وأنزلنا حمولة الطحين وقناني المياه المعقمة، في مستودع البناية التي يركن بها مكتبنا.

وفي سياق تدعيم الصمود الشعبي وضعنا اليد على أحد الأفران في منطقة عائشة بكار، وتكلفت مجموعة من المتطوعين طهي الخبز ليلاً وتوفيره للناس المتهافتين عليه صباحاً، حيث قلّ مثيله في ذاك الحين، وكم كان البذل عظيماً لهؤلاء الرفقاء المتطوعين في مهمتهم ومواظبتهم، وأذكر كم كانت مهمة توفير الوقود صعبة للغاية وكم كان سعي أحد الناشطين محمد الهنداوي (أبو عزقة)، الذي أمسى رفيقاً يتنقل من بناية لأخرى ومن مكان لآخر لتوفير المازوت، ومع اشتداد القصف ومنعاً من تهافت الناس بكثرة الى الخارج، لسد حاجاتهم، لا سيما تأمين الخبز، انتدبنا عن كل ملجأ مندوب ومعاون، وفقط، يخرج، الى مكتب الرابطة، حيث تتجمع هناك، ربطات الخبز، التي أنتجها ليلاً مجموعة من المتطوعين المناضلين، على اسماء الملاجيء وعدد أفرادها، فنكون قد منعنا المواطنين من التراصف أمام الأفران، مما يعرّض حياتهم للخطر، وتابعنا كذلك، وكما كان للطحين وطهي الخبز أهميته البالغة في سد حاجات الناس وتدعيم صمودها، كانت لقناني المياه المعقمة أهميتها البالغة عينها، توزعها الرفيقات المتطوعات على الأمهات الرضّع، واللواتي يحتضن الأطفال والكهول والجرحى والمرضى، حيث انه وقبل أن تبدأ أطنان من المتفجرات يومياً، تهبط علينا من الطائرات المغيرة، أو تلك التي تحملها قذائف نيوجرسي، لا بل مذ لحظة بدء الحصار كانت قد بدأت المجموعات المعنية بتدعيم الصمود الشعبي تعمل، إلى جانب تلك التي فرزت من مفوضيتنا لتدعيم محاور المجابهة واللجان الأمنية، فتوزع عملها على عديد من الرفيقات والمواطنات، منهن من تطوع في خدمة الدفاع المدني في الملاجيء والدعم الاجتماعي الرفيقات: هلا غزالة، رفيقة الحاج، منى حمادة، سمر دندشي، سحر دندشي، رؤيا غزالة، سلمى النكت، فوزية سعيدون، تهاني سعيدون، برناديت حديب، لينا اللادقي، رجاء نحلة، لينا عيتاني، سكينة نحلة، سهام حرب، ابتسام حرب، سناء الحاج، وفاء الحاج،...

كما نذكر مشاركة الر فيقاىن موسى حجيج، حسين فرحات ودورهم اثناء الحصار.

وعلى أكثر من ملجأ، كما الذين توزعوا للمواجهة على أكثر من محور، تواسي الناس وتشد أزرهم وتوفر الماء والدواء، ويوزّعن الماء، ويعتنين بالمرضى، والجرحى والمصابين بالإحباط، بشكل منتظم. وعندما اشتد استهداف المنطقة نُقلت مخازن المياه الى مستودع في رأس بيروت – شارع جاندارك، وكان الأمين حبيب كيروز مشرفاً عليها، ومسؤولاً عن توزيعها، وكانت قناني المياه كالطحين الذي نخزّنه أهم من أية ثروة، عملة نادرة، وضعناها في خدمة الشعب.

أما الإغاثة المركزية فقد نُقلت إدارتها العليا من مكتب منفذية بيروت إلى مكتبنا في عائشة بكار، الذي إرتفع على سطحه مكبرات الصوت التي تنشد أغاني الفنان مرسال خليفة وأغان وطنية، لتشد عصب الناس وتطغى بصدحها على صوت الطيران المغير، وكان الأمينان قاسم صالح وداود باز من المقررين في لجنة الإغاثة العليا وادارتها وقد حققنا عبرها كثيراً من الخدمات، لتدعيم صمود المواطنين، لا سيما اننا حوّلنا مركز تجمع شباب النهضة (منطقة الصنوبرة)، الذي كنت أرأسه في حينه، أيضا، لنشاط شبابي للخدمات. نعم لقد تنكبنا مهمة تدعيم الصمود الشعبي، كظاهرة راقية من محصلة نجاح مهامنا، كتنظيم ملاجيء للناس في البنايات المجاورة لمكتبنا كما في بناية مكتبنا، كما فرزنا عناصر للدفاع المدني الذي أنشأناه، مع سيارتّي اسعاف، لرعاية الناس وسعفهم كسحب المصابين، والعناية بهم، والتنسيق الكامل مع عمدة العمل التي كانت توفر العناية بمستوصفها وبحالات الطواريء في المستشفيات والمراكز الصحية المتوفرة لا سيما مستشفى الجامعة الاميركية وكان عميد العمل آنذاك الأمين نصري خوري، وعمدة العمل خلية نحل، من العاملين الناشطين، في حقل الإغاثة.

وبخصوص مكبرات الصوت، كما قلنا، التي وضعناها فوق مبنى مكتبنا لتصدح بأغان وطنية لتطغي على صوت الطيران ولتخفف من جزع المواطنيين الذين تناثر جثث بعضهم أشلاء وتهبط على رؤوس بعضهم الآخر أبنية بكاملها، ولتشد العزائم إرادة الصمود والانتصار، أذكر ان تلفزيوناً أجنبياً أجرى معنا ومع بعض المسعفين حواراً أمام مدخل مبنى مكتبنا في عائشة بكار، كان يصور ونحن بهدوء والطيران كالكواسر المحلقة فوقنا ليعبّر الاعلامي عن فعل ارادة الحياة وقرار الصمود لأناس لا تهاب الموت.

وأذكر وبمبادرة من شباب من المفوضية ومنعاً من تراكم النفايات، وضع اليد على آليات تابعة لبلدية بيروت، واستذكر ذاك المسؤول، يتصل ليقول لي "أطلب من الشباب نزع علم الزوبعة عن آلية القمامة لا يليق بنا"، قلت له ان آلية نزع القمامة من الداخل كتلك الآلية لنزع قمامة الخارج معركة واحدة متكاملة، وعندما أنظر اليوم إلى تلك القمامة التي تسوح في غالبية الأحيان ان لم يكن معظمها، في شوارع بيروت استذكر جملتي، بمدى بلاغتها، فكانت الزوبعة على آلية تدّك صروح الأعداء وتواكب صروح ووجع الناس، على زند مقاوم وعلى آلية مجابه، وعلى مرّد صبية تطبب جرح وعلى ربطة خبز ومع قطرة ماء، وفوق مطَّهر للبيئة.

أذكر وقبل ان يقفل المعبر الأخير عن بيروت الغربية باتت المنطقة شبه خالية وكثيرا من من غادرها أمنّنا على ممتلكاته، منزلاً أو مخزناً أو متجراً، ومنهم على ما أذكر منزل الفنان عبد المجيد مجذوب، واحتفظنا بمفاتيحها الى حين عودتهم دون أن ينقص منها شيء او يصادر منها شيء.

*

الأحد الأسود

أيام لا تبارح الذاكرة ذاك اليوم "يوم جهنم" الأول من آب، شهدنا به الغارات الكبرى التي لم تشهد مشاهدها الا في الحرب العالمية الثانية، واليوم في غزة - العزّة، وكما قدر الخبراء أمطرنا في ذاك اليوم، ب125 ألف قذيفة سقطت فوق بيروت الغربية والضاحية الجنوبية تشكّل بالمعنى التدميري زهاء 26 ألف طن متفجرات في يوم واحد وحصدت آلاف الأبنية ومئات الشهداء وغيّرت معالم الشوارع والطرقات والأحياء، صمود تاريخي في كيلومترات محدودة، كما لا أنسى ما أحدثته تلك القنبلة الفراغية التي ألقيت لأول مرة (فبيروت كانت مختبراً لتجربة القنابل الممنوعة) على بناية عكر من مشهد سوتها في مكانها (بعد تفريغها من الجاذبية) رجمة من حجارة في فجوة أرضية هائلة، كان هذا تمهيدا للاقتحامات والمنازلات الكبرى التي لم نكن نشهدها كما قلنا الا بأفلام السينما والتلفاز عن اقتحام مدن عظمى كليننغراد سابقاً وغزة اليوم، لن أنسى القنابل الفراغية ولا النبالية ولا الفسفورية ولا العنقودية ولا كل الصواريخ والقنابل المحظورة والطائرات المغيرة، طيور الموت كرّف الزرزور لا تفارق ولا للحظة السماء فوقنا، كان هبوط الطائرات المغيرة على رؤوسنا تتسابق سرعة قنابلها وصواريخها، التي تتناغم وقنابل وصواريخ البارجة نيوجرسي، التي كانت تغزو، وزميلات لها، البحر قبالنا، لتعزف إنشودة جهنم لحن الموت المحتم، وفي صدد التجارب على القنابل المحظورة غير المعلومة وقتها، جاءني احد الشباب المقدامين محمود الكردي الذي أمسى رفيقا، وبيده صدفة حديدية بمليء كفه ليقول لي: "ما هذه يا حضرة المفوض"؟ صدفة غريبة قلت له لا تتركها وتوجهت واياه الى مكان تواجد عميد الدفاع ووكيله وكانا في جلسة خاصة هادئة في يوم يتسم بالهدوء النسبي، وما ان دخلت وسألتهم عن هذا الراكن على كف الرفيق، حتى صاح الوكيل بأعلى صوته اطبق يديه عليها ولا تتركها ابدا وارميها عن علو كمطل صخرة الروشة انها قنبلة عنقودية.

مسكت يده ونظرت الى عينيه فوجدتهم كالشهب الذي اعرفها به وقت الشدائد، واذكر ان الرفيق المقدام أبو خنجر قد رافقه الى تلك النقطة المحفوفة بكل المخاطر ورمت في البحر حيث انها ما كادت تلامس الموج والصخر حتى انفجرت وكم كانت يومها الى الان تقتل الأبرياء غدراً.

*

أيّام لا تغيب عن الذاكرة

لا يبرح عن بالي انه وفي اليوم الأخير وقبل الإطباق المحكم على بيروت، ألقت طائرات العدو علينا مناشير غطت سماء المدينة وفرشت أرضها مذيّلة ب اسم "جيش الدفاع الاسرائيلي" تدعونا للمغادرة الفورية كنداء أخير، خلال يوم واحد، لمن يريد أن يسلم بحياته ومن سيقرر البقاء حكم على نفسه بالموت، محددة على وريقتها الصفراء الفاتح، وراسمة مخرجاً واحداً متعهدة بأن لا يمس من هو خارج، مهما كانت مسؤولياته، بأي أذى "أخرج تسلم أبقى تموت".

أذكر دخَلت من هذا الممر فجأة أختي الرفيقة سلمى تطالبني الخروج الفوري لحالة والدي المفجوع بولده البكر الشهيد سمعان النكت الذي لم يكمل شهر على استشهاده على أيدي مجموعة مرتبطة بالموساد كانت مهمتها تصفية بعض الكوادر، لا سيما في الجبل، كمقدمة لدخولها، وانه ما زال يتقبل التعازي ولا يستطيع ان يتحمل أكثر، لحظة وجدانية ومع القسم بما التزم وأعهد نفسي عليه لأحسمها على الفور، مطالباً منها المغادرة، قائلاً لها:

أنا اعدّ الشباب في المفوضية والطلبة كمفوض وقائد بينهم وكناظر للاذاعة في الجامعات أحاضر في العقيدة وأعدّ الحلقات الاذاعية وفي اتحاد شباب النهضة لهذه المجابهة المصيرية وعندما حلّت أهرب، لن يحدث ذلك، سأبقى متنكباً قيادة المجابهة، فنظرت الي قائلة: اذا بقيت سأبقى معك، ربما لتضعني أمام مزيد من المسؤولية كي أعيد النظر أو لأنها لن تتركني لوحدي وتفي بقسمها، أذكر أنني ضممتها على صدري وقبلتها في قبة رأسها وقلت لها بوركت النهضة بأمثالك، وما ان اقفلت المعابر كلها وانتهت مدة الإنذار طالبتها أن تلتحق فوراً بعمدة العمل مع فريق الاسعافات وأنا أبقى في محيط المركز مع قوات عائشة بكار التي سهرت على انشائها ومع عديد من الرفقاء والرفيقات المتطوعين من الطلبة الذين نشطت وإياهم في اتحاد شباب النهضة ومنفذية الطلبة، في الاهتمام بسعف الناس في الملاجيء او الدفاع المدني او توفير الرغيف بطهي الخبز ليلاً أو تدعيم المحاور، ولن انسى دور الرفيق فادي بشناتي المؤاز لمفوضيتنا.

في عملنا الشعبي في منطقة عائشة بكار مرويات عديدة وتفاصيل عدة منها الشيّق والمثير في سياق الاعداد والنشاط لا يشتمله هذا المقتضب من الاضاءة لانها مسيرة بين الناس وللعمل بينهم، فيه بذل ومشقة لكنّ فيه قصص وعِبر وجماليات لا توصف ولا تقاس.

الى أولئك الشرفاء الأوفياء، الذي عملوا وثبتوا وتفانوا، في ذاك العمل، الشريف، على مختلف صروحه، بذاك الوقت العصيب، ألف تحية..

سيحمل ملف تأريخ الحزب أسماءهم العطرة بنقاء الإيمان وخبز القضية، وستحمل حلقة قادمة مروياتهم الشخصية مع ألف تحية لكل من ثبت وقاوم وقدم من عرقه وعروقه وما زال يقدم للقضية، ولتحي سورية.

*

السوق الشعبي في منطقة عائشة بكار

كان لعملنا الشعبي في منطقة عائشة بكار وقعه الكبير في المحيط بحيث ان رابطة ابناء عائشة بكار التي أسّسناها باتت الأكثر اهمية وحضوراً في الواقع الشعبي على نطاق واسع لا بل مرجعاً لأي عمل شعبي كمثل الذي بدأ يرشح عن ضرورة انشاء سوق شعبي، تقي الناس من التنقل بعيداً لسد حاجاتهم بحيث يستقبل السوق المنتوجات من الأسواق البعيدة، من المزارعين باسعار مدروسة دون وسطاء، مما يوفر للناس منتجات طازجة بأسعار مخفضة وامان من التنقل، تلبية لطلب أبناء المنطقة وتجارها،

فتم اختيار منطقة الملّا - عائشة بكار لاقامة السوق تحت إشراف القيادة العليا للعمل الوطني التي تمثل بها عن الحزب منفذ عام بيروت الأمين داود باز ونحن بتنا الأداة التنفيذية إلى جانب أحزاب وقوى محلية، استمر العمل ستة اشهر وجاء غاية من الاحتراف.

أعددنا كلمة الافتتاح، ألقاها رئيس الرابطة عبد بولاد نيابة عن القوى الوطنية والشعبية كما يبينه التقرير الذي نشره عدد مجلة "صباح الخير" رقم 332 تاريخ 26/12/1981.

وتحت عنوان: "افتتاح السوق الشعبي في عائشة بكار":

افتتح في 18 كانون الأول الجاري السوق الشعبي لمنطقتَي عائشة بكار والزيدانية بحضور أعضاء اللجنة الأمنية العليا سمير صباغ، حكمت العيد، داود باز (الأمين)، سعيد القصار وبشير الحربلي.

وبعد قصّ الشريط والتجوّل في أرجاء السوق، ألقى سمير صباغ كلمة قال فيها إنّ إنشاء هذا السوق يأتي ضمن خطة كاملة لتنظيم الأحياء والشوارع كجزء من خطة أمنية – اجتماعية شاملة.

ثمّ ألقى عبد الرحمن بولاد كلمة بِاسم الأحزاب والقوى الوطنية والشعبية في المنطقة، قال فيها: " يأتي افتتاح هذه السوق الشعبية استكمالاً للخطة الأمنية والشعبية التي تقوم بها القوى الوطنية والشعبية في المنطقة الوطنية والهادفة إلى تنظيم الشارع الوطني وتأمين حاجاته الأساسية التي تدعم صموده في وجه أشرس مؤامرة مُحاكة على شعبنا وعلى أرضنا ووطننا. هذه المؤامرة التي تعمل على ضرب الصف الوطني عبر تفريغه من مستلزمات الصمود الشعبية ".

وأضاف: " إنّ افتتاح هذه السوق الشعبية لهو المعبّر عن إرادة الصمود الشعبية المتجددة في ساحتنا الوطنية، وعن قدرة التنظيم التي تتمتّع بها قوانا الوطنية والشعبية ".

وأكّد بولاد "أنّ هذه السوق ليست إلا بداية لسلسلة نشاطات ومشاريع سنقوم بها في منطقتنا لتعزيز صمودها الوطني ودعماً لنضالها المحقّ والمشروع". وأضاف "أننا إذ نحتفل بافتتاح هذه السوق، نضع أنفسنا في خدمة الجماهير الوطنية مصرّين على الاستمرار دائماً وأبداً على كسر القيود التي تعمل على تكبيل منطقتنا الوطنية وتقويضها".

وقال: "إننا نضع الدولة اللبنانية أمام مسؤولياتها في تقديم المساعدات اللازمة لإنجاح مشاريعنا، لأننا إذا لم نتوصّل نحن أبناء الشعب إلى تنظيم أنفسنا، فإننا سنبقى أبداً ننتظر تنفيذ الوعود الواهية التي لا تُجدي نفعاً.

وفي ختام كلمته شكر بولاد اللجنة الأمنية العليا وجميع الذين ساهموا في بناء السوق الشعبي في المنطقة.

*

من مرويات وقفات العز

سوف نخصص حلقة خاصة لمرويات أبناء الرابطة من الرفقاء والمواطنين والمسعفين الذبن وثقوا تلك المرحلة.

احدى مرويات مجموعات المجابهة

اذكر انه طلبت عمدة الدفاع ان ادعم مدخل بيروت لجهة مثلث خلدة بمجموعة تسد ثغرة لمواجهة العدو في تقدمه، فحركنا مجموعة من اربع محمولات واسعاف، ومن المقدامين الذين كانوا في عدادها محمد الهنداوي (الذي سمي بالشهيد الحي)، ومحمد الكردي وعدنان المصري وطارق السعيد.. وغيرهم، حيث استبسلت، كما يروي الرفيق الهنداوي في مجابهة الانزال البحري الذي لاقام به العدو الى جانب قوات أخرى من فصائل المقاومة اللبنانية،

في المجابهة الى جانب فصائل أخرى من المقاومة الوطنية ويضيف بعيد مقاومتنا الباسلة لانزال بحري اشتد قصف الطيران علينا فاستشهد الى جانبي احد المقاومين، غبت عن الوعي وعند استيقاظي سمعت هدير الدبابات بقربي واصوات الجنود فبقيت بين اثلام الرمل من جهة المطار الى ان حل الليل فانسحبت باتجاه الاوزاعي ومنها الى داخل بيروت دون افقد بندقيتي، حيث وجدت اهلي فتحوا باب العزاء باستشهادي بناء لمعلومات مغلوطة وأول من استقبلني في المنطقة الرفيقة سلمى النكت والدموع على خديها فرحا بوصولي كما ناموس عمدة الدفاع الرفيق (الأمين لاحقا) كمال الجمل وكان جيش العدو قد بدأ يتغلغل في الاحياء الداخلية .

*

وعن الرفيق محمد سعيدون الذي كان له حضوره اللافت ننشر ادناه ما كان سطره لنا الأمين سايد االنكت عند وفاة الرفيق محمد اذ كان ولعائلته النشاط الجتماعي اللافت.

لعائشة بكار ولأبو وسام وللرفقاء الذين يحيطون بنا في الصورة الأمين محمد نحلة الرفقاء محمد الهنداوي، طارق السعيد، جهاد قطان وغيرهم العشرات العشرات لا بل مئات من ابناء تلك المنطقة الغالية على قلبي، رواية لا تختصرها الصفحات حكاية زمن عز نضال نهوض من عدم إلى واقع زوبعي ابطال مقاومين استبسلوا في الدفاع عن بيروت يوم اراد ان يطأها شارون وعن مواقع الحزب جميعها ومن بينهم شهداء ابطال، حزام شعبي لمركز الحزب في فردان ليس بالسهل أن يتكرر مثيله …

محمد سعيدون اول من قصدته لهذا المشروع الشعبي ومن هناك كانت القصة التي باتت في عهدة لجنة تأريخ الحزب

تروي رواية تلك الحقبة الهامة من تاريخ عملنا ونشاطنا الحزبي في بيروت وتروي ما قدمه ابو وسام وما ساهم به فاتحاً منزله لحلقات اذاعية أسبوعية اعقدها لابناء من حي العلية وجواره تخرج منها هو وسواه رفقاء اقسموا اليمين رفقاء ميامين منهم علني ومنهم دون العلن، أعطى رفيقنا الراحل المقدام هو وعائلته كل المستطاع كرماً وحضوراً وبات مكتب" رابطة ابناء عائشة بكار" الذي أنشأناه سوياً وشباب مقتدر من الحي، اهم مركز اجتماعي وشعبي في تلك الحقبة ما زال صداه حاضراً وأثره لا ينتسى ورفقاء ذاك الزمن الجميل هم أجمل من أستمر في زخم العطاء المقاوم الذي شاركوا في طرد جيش شارون من بيروت والجبل وما زالوا في طليعة المقاوميين.

ابو وسام كم يؤسفني رفيقي الحبيب انني تحدثت معك منذ مدة وجيزة لأعزيك برحيل زوجتك الفاضلة المفضلة علينا أم وسام لنتواعد والفرح لسماع صوت بعضنا لا يوصّف قريباً، نستذكر تلك المرحلة الرائعة من الزمن، إلا ان الموت حال دون هذا اللقاء المرتقب، كان المفوض "زينون" الأحب على قلبه وكنت انت الأحب على قلبي

الرفيق محمد سعيدون ابو وسام قامة بيروتية باسقة في التجارة ولا اقدر في الفن ولا ابدع خاض غمار الانتاج السينمائي ومنها فيلم "المغامرون" و سواه وكان يفتخر انه قومي اجتماعي، سيرة لا تنتهي ولو انتهى الجسد لروحك الطاهرة السلام كل التعازي القلبية لعائلتك ولرفقائك البقاء للأمة.

هوامش:

(1) محمد جبلاوي: منذ 6/6/1937 حين رفع يمناه بالقسم والتزم بسعادة، عقيدة ونهجاً وقدوة، لم يتقاعس يوماً عن واجب ولم يتراجع عن ايمانه في مختلف الظروف. تولى الأمين محمد جبلاوي مسؤوليات مركزية ومحلية، منها وكيل عميد العمل، ووكيل عميد شؤون عبر الحدود. للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية ssnp.info

(2) ماجد الناطور: ابن القاضي ــــ مستشار محكمة الاستئناف الشرعية العليا. للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى الموقع المشار اليه آنفا

(3) محمد راشد اللادقي: كما آنفاً

(4) شكيب بو مصلح: كما آنفاً

(5) رستم فخران: عرفته ناشطاً في ستينات القرن الماضي، وعرفته اكثر ابنه الرفيق نبيل، استاذاً ثانوياً، وناظراً للإذاعة في منفذية بيروت.

(6) سمير الغضبان (أبو زينون): كان رئيس غرفة الاتصالات السلكية واللاسلكية من أواخر السبعينات مطلع الثمانينات

(7) من الأسماء التي انضمت الى الرابطة: ماهر اللادقي، محمد هنداوي (أبو عزقة)، خالد نحلة (ماهر)، محمد نحلة (أبو خنجر)، جهاد قطان، عدنان بولاد، أبو طارق بولاد، محمود بولاد، وسام سعيدون، حسام سعيدون، علي سبيتي، محمد سبيتي، جوزيف سلامة (فيصل)، عدنان المصري (شهيد)، ايهاب كاج (شهيد)، مصطفى حامد (أوفا)، طارق السعيد (أبو البلاوي)، محمود غملوش، محمود الكردي، محمد الكردي، حمود غزائير (الخاروف)، الأفطس، محمد عيتاني، جلال المصري، فوزي بغدادي، أحمد إسماعيل، معن حمزة.

(8) عدنان المصري: استشهد اثناء اجتياح بيروت عام 1982.

(9) إيهاب كاج: استشهد في معارك الكورة صيف عام 1984.

(10) في تلك الفترة العصيبة تقرر في جلسة لمجلس العمد ان ينتقل بعض العمد الى خارج بيروت (الجبل، البقاع)، فيما اختار اخرون ان يبقوا في العاصمة كنت والأمين حنا قيصر من بينهم، نتابع كل الحركة المالية في منفذية بيروت وفي منفذيات مجاورة، وكان الأمين حنا يتعهد بإيصال الرزم التموينية الى كل المواقع القتالية في بيروت، وكنت اشرت سابقا الى الدور الذي قامت به ناموس عمدة المالية الرفيقة هلا نابلسي (الامينة لاحقا)، ومرافق العميد الرفيق غسان الشومري.








 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه