شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 1949-02-01 |
رسالة الى النايورجعيين العروبيين الجزء الثالث |
وان للقيادة القومية الإجتماعية علمها وفهمها وتخطيطها ومقدرتها التنظيمية. ولو كانت قوى الأمة السورية محتشدة في الحركة القومية الإجتماعية لما كنا خسرنا الإسكندرونة ولما خسرنا فلسطين!.
إننا نعترف مع السيد النصولي بأن لكل قضية عوامل تدفع نحو النجاح أو نحو الإخفاق. وإن هذه النقطة التي يثيرها السيد أنيس النصولي هي النقطة الوحيدة في ردّه التي تستحق البحث الجدي. ولولا ما نعرفه من ضعف المعرفة العلمية الإجتماعية والسياسية ومن تفشي مصطلحات نايورجعية غير صحيحة في أوساط واسعة من الشعب لما احتجنا الى معالجة كلامه في "الروابط التي تربط الجماهير بالقومية" بالإسهاب الذي عالجناه به وبالسخرية والتهكم الذين تستحقها روح المكابرة والتهكم المسيطر في معظم مقالاته.
إن الزعيم أعلن من زمان رأيه في فساد القضية "العروبية" وفساد نظرتها الى الواقع التي هي نظرة غفلة وفعول لا نظرة وعي ووجدان والتي لم تقدر أن تنشئ إيماناً جديداً محييـاً وعقيدة صحيحة فعالة تزود النفوس بقوة اليقين وعزيمة الحقيقة وفاعلية الإيمان والتي أبقت القديم على قـدمه الفاسد المهترئ وأوجدت للرجعية سفسطة نايورجعية تثبت الرجعية الفاسدة غير الصالحة لحياة الأمة وقضايا النهوض القومي والصراع التقدمي، كما أعلن من زمان رأيه في فساد القضية "التلبننية" وفساد نظرتها الى الواقع وعجزها عن إنشاء إيمان جديد محي وفاعلية وقوة وانطلاق. وأعلن الزعيم من زمان أن سياسة الخصوصيات والاحتكارات السياسية التي أخذت تغرر بالشعب بتعابير النايورجعية المتعربة والمتلبننة تقود الأمة السورية الى الخراب. وأعلن الزعيم من زمان فساد القضية والخطط التي تعالج بها القضية الفلسطينية. وهذا الرأي أظهره الزعيم صراحة في مباحثة دبلوماتية لسماحة مفتي فلسطين، الحاج امين الحسيني، رئيس اللجنة العربية العليا والمجلس الإسلامي الأعلى في الزيارة التي قام بها الزعيم للمفتي في دار الدكتور سامح الفاخوري سنة 1947 حين رفع الحظر عن سماحته، وكانت مباحثة الزعيم سماحته التي شهدها جمهور من القوميين الإجتماعيين وأعضاء اللجنة العربية العليا. وأعلن أيضاً للقـائد فوزي القاوقجي في اجتماعه به في مصر بحضور الرفيقين أسد الأشقر ومعين بشناق، والسيد عبد الهادي المعصراني وسكرتير القاوقجي. وكان ختام كلام الزعيم للقاوقجي شديداً الشدة التي تقتضيها خطورة الموقف حتى أنه قال له في ختام الحديث " يظهر أنكم لا تزالون متشبثين بالأسس والأساليب والأهداف عينها التي أوصلت قضية الأمة السورية والمسألة الفلسطينيةالى الموقف الحاضر، إنكم لا تزالون تعدون الشعب السوري بمثابة " حمير كراد تتعلمون البيطرة بها"!
وقد وقع هذا الكلام الشديد المدفوع بألم نفس الزعيم للحالة المؤسفة التي وصلت إليها الأمة السورية والمسألة الفلسطينية وللفوضى والأفكار الرجعية والنايورجعية التي تمعن في شل روحها أو ملاشاة عزيمتها عن هدفها الصحيح وصرفها عن قوميتها الحقيقية وقعـاً عظيماً في نفس القـائد القـاوقجي. وكانت نتيجـة تلك المقابلة ان القاوقجي قال للزعيم أنه يكون مستعداً، " بعد الوصول الى الوطن والفراغ من الإستقبالات، للقدوم الى أي موضع يكون فيه الزعيم وصرف عدة أيام إذا لزم الأمـر، في بحث القضية القومية ومسألة فلسطين وكيفية إنقـاذها". واتفق أن الزعيم والقاوقجي ركبا طيارة واحدة من مصر الى بيروت وقبل خروج الزعيم من الطيارة تجدد الوعد بينه وبين القاوقجي بالإجتماع القريب. ولكن حدث في اليوم التالي لاستقباله وإلقائه خطابه المشهور, أن الأمن العام ، عملاً بمبدأ الحرية الذي يعيش في وارف ظلـه السيدان النصولي وتنفيذاً لأوامر الحكومة، طلب الزعيم ليستجوبه في صدد خطابه الصريح الواضح والذي لا حاجة لأي استجواب في صـدده، فرفض الزعيم بأن يستجوب وقامت صحافة النايورجعيين المتلبننين تؤيـد الحكومة اللبنانية في الضغط على حرية الفكر وهبّ الحزب القومي الإجتماعي كلـه هبـّة رجل واحـد للـذود عن مبدأ الحريـة وعن حقوق رجال الدولـة اللبنانية المدنية والسياسية فكانت تلك المعركة الطويلة الشهيرة بين الحزب القومي الإجتماعي والحكومة اللبنانية. وكان قد حدث في اليوم السابق لتدخل الأمن العام ضـد الزعيم حادث الإصطدام المشهور بين الحزبيتين المحليتين فيها الذي أسفر عن قتلى وجرحى واضطرار القاوقجي الى مغادرة المدينة فوراً. فلـم يعد في الإمكان تحقيق الإجتماع الذي كان مقرراً. مع ذلك فقد قـام الزعيم بمحاولة حين كان متحصناً في بشـامـون لاستقدام القاوقجي الى مقرّه وكان القاوقجي حينئـذ في ... فأرسل اليه الرفيق كامل حسان، ناموس منفذية الساحل الجنوبي، وأحد الرفاق فاتصلا به فاعتذر عن القدوم في الحال وسأل تعيين موعد يكون بعدعدة أيام , وصادف انتقال الزعيم من تلك المنطقة. وبعد أن انتهت معركة المطاولة مع الحكومة لم يقم القاوقجي بأية محاولة لإعادة الإتصال مع الزعيم, وعادت مسألة فلسطين تدور ضمن نطاق الإحتكارات الرجعية والنايورجعية! وكان أول ما وجّه اليه الزعيم عنايته بعد سحب الحكومة مذكرة التوقيف قضية جنوب سورية الغربية، فلسطين، فـدعا الحزب الى حشد عام في بيروت ينفذ في 2 تشرين الثاني سنة 1947 بمناسبة وعـد بلفور ويعلن فيه الزعيم موقف الحزب من المناورات الإنترنسيونية ضـد حقوق الأمة السورية في وطنها. ولكن الحكومة "اللبنانية العربية" منعت الحشد القومي الإجتماعي! فاستعاض الزعيم عن الحشد برسالة زجهها الى القوميين الإجتماعيين والأمة السورية حـلل فيها حالة الأمة والقضية القومية وفساد القضايا والأهداف والخطط اللاقومية التي زادت الفوضى في الأمة السورية. وأوضح الأسس الصحيحة التي يمكن أن تقوم عليها نهضة حقيقية تقدمية تقـدر أن تحتفظ بفلسطين. وفي هذه الرسالة تنـبأ الزعيم بـوقوع كارثة فلسطين لأن الرجعيات والرجعيات الجديدة لم تشأ أن تأخـذ توصيات الزعيم بعين الإعتبـار، وتشبثت بتحكمها ومكابرتها واستخفت بقيمة الحركة القومية الإجتماعية وقوة فاعليتها وصممت على السير على طريق عقلية "العروبة اللاقومية واللاتعميرية الى الكارثة التي تنبأ بها الزعيم!
إن العوامل التي تدفع أيـة قضية نحـو النجـاح أو نحـو الإخـفاق هـي عوامل داخلية وعوامل خارجية وقد عـدد السيد النصولي العـوامل الخارجية فـقال أنها "قـوة الدولار اليهودي والسلاح الروسي والدبلماسية الأميركانية والبريطانية في الشرق!" وفي رأي السيد النصولي ورأي جميع النايورجعيين العروبيين أنه لم يكن للسوريين تجـاه هذه العوامل الخارجية إلا أن يتمسكوا بالعقليـة "العروبية" وينادوا "لا حول ولا قـوة إلا بالله"!.
أما العوامل الداخلية في خسارة فلسطين فهو يعزوهـا الى رجـال الكلام الذين لم نـر لهم تضحية واحدة في حرب فلسطين ولم يسفكوا نقطة من دمائهـم في سبيلها. ثم يتابع فيقـول أن جيش اليرمـوك أو جيش الإنـقاذ بـذل بعـض البذل وضحى شباباً كالزهر بينما كان بعضهم ينعمون بالفء في سرائرهم ويجعجعون بالمبادئ ..
ولسنا نـدري هل كان السيدان أنيس ومحي الدين النصولي بين الذين قاموا بالتضحية أو بين الذين كانوا ينعمـون بالدفء العروبي في سرائرهم ويجعجعون بمبادئ العروبة وبالخمسين مليون عربي!، كما فعـل أكثر المجعجعين بالعروبة الوهمية الإتكاليـة العـاجزة!.
إذا كان السيد أنيس النصولي يقصد القـدح في الحركة السورية القومية الإجتماعية فهو يـدل على جهله هذه الحركة وأفعالهـا جهلاً تامـاً.
قلنـا ان سهر الزعيم على القضية الفلسطينية في طورها الأخير ظهر حالاً بعـد انتهـاء المشادة المسلحة مع الحكومة حول المذكرة المشهورة. فأراد أن يهئ لـنـدخل الحزب القومي الإجتماعي في الأمر تدخلاً فعالاً فوقفت الحكومة اللبنانية في وجـه الحشد الذي كان مقرراً ليـوم بلفـور قبل اجتماع منظمة الأمم المتحدة للنظر في مصير المسالة الفلسطينية بنحو شهر، ووقفت العقلية العروبية تجـاه هذا الحـادث جـامدة كأن ما يجري حولها يجري في الصين بين روسيا وأميركانية!
وقد رأينا أن الزعيم أعلن عـدم موافقته على كيفية معالجة العروبة الوهمية الإتكالية العاجزة للمسألة الفلسطينية وتنبأ بوقوع الكارثة قبل وقوعها بزمان. وبما أنه مسؤول عن القضية القومية الإجتماعية بكاماها وعن العمل لإنقاذ المصير القومي بعد التخريب الذي تقوم به العقلية "العربي" وما سينتج في المستقبل من أخطار لم يكن جائزاً له أن يفض نظام القوميين الإجتماعيين ويسلمهم لقادة العقلية العربية ليهدروا دمائهم كما هدروا دماء الألوف غيرهم في أهداف وخطط لا يسلم بصحتها العقل السوري القومي الإجتماعي!
أما موقف الزعيم، بعد نزول قرار التسليم المسؤولة عنها سياسة الخصوصيات والحزبيات الدينية والعشائرية والنفسية النايورجعية فواضح في البلاغ الذي أذاعه في أول كانون الأول1947 إذ قال مخاطباً الأمة السورية:
" سنرى منذ اليوم بقية رواية الشعوذه "الوطنية" و "العروبية". وسنرى استمرار انتصـار الباطل الى أن يلوح انتصار الحق، انتصار الحق بات قريباً!" فواضح من هذه العبارة أن الزعيم كان يعرف كل المعرفة العقلية النايورجعية وأهدافها وخططها ويعرف الى أي مصير تؤول ولذلك أعلن في البلاغ عينه:"ان القوميين الإجتماعيين يشكلون جيشاً بنفسه، فلينضم كل قومي اجتماعي الى جريدته وفرقته!". وبعد إعلان هذه التعبئة قال البلاغ :"يجب أن يبتدئها الذين اعلنوا أنهم قد هيأوا الحرب وأن يشترك فيها الذين أعلنوا إنهم لها. فإذا كان الأمر مجرد شعوذة وإذا كانت القروض المالية والمصالح السياسية والاقتصادية قد جعلت التهديدات ابتهاراً وخدعة، فإن قوتنا تقف متأهبة ليوم أعلنه بإرادة الشعب لا ننساق إليه سوقاً بسياسة الاختلاطات الغريبة!".
إن الذين هيأوا الحرب هم الرجعيون والرجعيون المتجددون وهم الذين كانت في أيديهم كل القوى والموارد الشعبية. ولم يقم الحزب بعرقلة شيء من أعمالهم. فألفوا المكاتب لجمع المال وشراء السلاح وصناعة السلاح وجمعوا الشبان ودربوهم وأرسلوهم إلى الحرب. وقد استعدوا بعقليتهم النايورجعية لهذه الأعمال الحربية من زمان طويل وقاموا بها وسط حماس أذكاه كتابهم وصحفهم. أما الزعيم فكان يرى هذه الأعمال شعوذة لأنه ليس هكذا تبنى القضايا الصحيحة وتعد الحروب القومية. وقد تنبأ الزعيم بمصير هذه الشعوذة. وأن الذين أعلنوا أنهم للحرب هم الحكومات العروبية بعقليتها وأهدافها وأساليبها. وقد رأينا ما كان من اشتراك هذه الحكومات مما تنبأ به الزعيم.
أما القوة القومية الاجتماعية فقد أنقذتها القيادة من المصير المشؤوم الذي صارت إليه جميع القوى التي اعتمدت على تفكير المصابين بمرض العروبة النفسي. وقد أعلن الزعيم، في مقاله الأخير "انتصار القومية السورية يحقق الجبهة العربية القوية" المنشور في عدد "كل شيء" الصادر في 4 شباط الحاضر، إن النهضة القومية الاجتماعية، بعد تنبؤها بالكوارث، قامت بكل مساعدة كانت في مقدورها.
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |