شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 1945-12-25
 

الى يعقوب ناصيف 2

أنطون سعادة

أيها الرفيق العزيز،


منذ مدة غير يسيرة تسلمت كتابك ومقالك ومنذ ذاك الوقت وأنا أحاول جمع أوراق الجريدة وشؤونها عندي في توكومان واصدارها هنا ولكن الرفيق الأفيوني تأخر بإرسال الأوراق وأول أمس تسلمت منه كتاباً وورقة شحن وهو يقول انه أرسل لوائح الاسماء وأوراق الجريدة إلي.


سيحتاج الأمر الى صاف حروف على الماكينة فإذا لم أجد فقد أكلف السيد ميخائيل مراد صاحب "الصواب" أن يصف الحروف باليد وبعد إصدار عدد أو عددين منها بشكل جريدة أصدرها بشكل مجلة للابحاث القومية الاجتماعية لانهاء قضية جبران مسوح أمام الرأي العام.


لم أكتب إليك ولا إلى أحد من القوميين في المدة الأخيرة لأني متألم من جمودهم وخنوعهم وسيطرة خصوصياتهم على إرادتهم وتفكيرهم، فَهُمْ في نظري مثل باقي السوريين يتكلمون كلاماً جميلاً ويعدون وعوداً جيدة ولكنهم في الأخير كما قال المعري الخالد:


وكل يوصي النفس عند خلوه بزهد ولكن لا تصح العزائم


وقد صرت أخجل من نفسي بينهم إذ لا اعتبار عندهم لزعامة ولا لتوجيهات قيادة وكلما مرت الأيام أزداد يقيناً أنه لا اعتماد لي إلا على نفسي. ولقد قضيت وسط النزالة السورية في هذه البلاد نحو سبع سنوات فيا لضياع ما كتبت وما خطبت وما حدثت وما نفخت وما جمعت. كله كان عبثاً. ولولا أملي بما أنشأت في الوطن وبأفراد قلائل واعين في المغترب لصَمَتُّ وأعفيت نفسي من هذا العناء الباطل. وها قد مضت أيام عديدة على وعد رفقاء خوخوي لي بسعيهم في سبيل الحركة في الوطن وبأنهم يردون الي الكتب والنشرات التي بقيت عندهم وبعضها تبعثر ولم أعد أعرف مقره.


لست أريد أن ألوم أحداً ولا أن أطالب أحداً بشيء ولن أطلب شيئاً الآن غير الكتب والنشرات لأرجع إليها في ما أحب أن أرجع إليها فيه.


منذ نحو عشرة أيام سافرت زوجتي إلى بوانس ايرس لتصرف بعض الوقت مع أهلها وستعود في فبراير. وعلى أثر سفرها أصابني عدوى جراثيم دخات الأمعاء مع فاكهة أو خضر فأتتني حمى قوية بضعة أيام وحتى الآن لا أزال محمياً من اللحم والأطعمة الجامدة.


وفي هذه الأثناء وردني كتابان من الشاطىء الذهبي في أفريقية الغربية الأول من ناموس منفذية الحزب هناك الرفيق رفيق الحلبي والثاني من وكيل المنفذ العام الرفيق أمين الأشقر. واني أنقل إليك نتفاً من الكتاب الأول وهي كما يلي: "... حتى أصبح اليوم بالفعل أكبر قوة سياسية ساحقة في الوطن تمهد لخوض المعركة النيابية المقبلة التي ستكون ولا شك آيلة حتماً لانتصار قضيتنا وظهورها على مسرح السياسة العالمية الكبرى. واني أثبت لك ذلك بالفعل بالنسبة لما حدث في انتخابات بيروت الفرعية بين مرشح الكتائبيين الياس ربابي ومرشح الشعب فيليب تقلا. فقد تدخل الحزب بالفعل لسببين أولهما اختبار قوى الحزب الانتخابية وثانيهما خذل مرشح الكتائبيين اذ نال 11,000 يقابلها 21,000 لخصمه. وفي حوادث الشام الأخيرة قاد القوميون المعارك في مدينتي حلب واللاذقية وما بينهما قيادة مثلى. وكذلك في حوادث لبنان أعلن الحزب حالة الطوارىء ووضع جميع قواته العسكرية تحت تصرف الحكومة اللبنانية ولكن تحت قيادة قومية. وفي بيروت كذلك كان الحزب المسؤول الأول عن تلافي الحالة والحؤول دون الرجوع إلى حوادث نوفمبر سنة 1936. أما اليوم فقد تضخمت أعمال الحزب كثيراً في الوطن نسبة لانتشاره فأنشاء المجلات والجرائد وأقام المخيمات الرياضية الصيفية وأنشأ أيضاً مدارس قومية منها واحدة كبرى في بلدة قرنة الحمراء برئاسة الاستاذ جورج مصروعة".


"... ويسرني جداً أن أنقل اليك، يا زعيم، ان المتن والكورة وطرابلس والهرمل والبقاع والشوف والجنوب والغرب هي مناطق قومية حصينة، وصور وبيت شباب من عرائس المدن القومية وقد أنشئت الأندية في كثير من المنفذيات والمديريات. ثم هل تعلم بأننا نكتب إليك الآن بإيعاز من المجلس الأعلى في بيروت اذ قد وردنا كتاب من رئيسه الدائم الأمين نعمة تابت يحمل فيه شكر مجلسه لقوميي الشاطىء الذين هم في نمو وازدياد على امداداتهم المالية إبان أشد الأيام ظلماً واستبداداً.


وذلك أننا حولنا بين نوفمبر 1941 و21 فبراير 1945 مبلغاً يقرب من الألف ليرة استرلينية وسأضمن هذا في تقرير والذي سأرقعه لمقامك الرفيع والمركز في القريب العاجل. ويحمل كتاب الرئيس أيضاً وجوب استقصاء أخبار الزعيم ومعرفة ما يمكن معرفته عنه... وأمل العودة السريعة إلى الوطن الخ... ولئن تكن بحاجة للمال يا زعيم فكلمة واحدة لنا يمكنك بموجبها أن تتسلم ما ترغب من الرفقاء القوميين عندكم أو من غيرهم ممن يود تحويل بعض المال للوطن ونحن بدورنا هنا نتكفل بدفع القيمة التي تكون قد تسلمتها أنت للشخص الذي ترسلون لنا اسمه وعنوانه في الوطن الخ...".


هذا أرسله إليك لاطلاعك وليس للاذاعة لأني أكره طريقة الفهم الشائعة في أوساط السوريين لهذه الأمور. ولا مانع عندي في اطلاع سعيد على هذه الأخبار بشرط الكتمان واياك من اللغط وابتذال الأمور. واني أقول لك انه حالما تردني دعوة من الوطن مبنية على درس وإدراك فإني أصفـّي كل علاقة هنا بسرعة البرق لأعود إلى الذين يعرفونني وأعرفهم ويفهموني وأفهمهم لنعمل معاً لمجد أمتنا.


ارجو أن تكون والعائلة بخير وارجو أن يكون جميع الرفقاء كذلك.



ولتحي سورية


توقيع الزعيم



في 25 كانون الأول 1945



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه