شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 1942-08-31 |
إلى وليم بحليس 6 - الجزء الاول |
الحزب السوري القومي
مكتب الزعيم
رفيقي العزيز وليم ،
اني صرت أعمل تحت ضغط عصبي وتعب فيزيائي دائمين. وبدلاً من أن تفكروا في تحرير نفسي وجسمي من المتاعب الباطلة تفكرون في كيف تعوضون عن تفكيري بتفكيركم.
تسلمت كتابك الأخير المؤرخ في 16 يوليو الحاضر. وهو مرسل قبل وصول كتابي الأخير إليك الذي أجبت به عن كتابك السابق المؤرخ في 4 يوليو الحامل نسخة كتاب قديم لم يكن وصل إلي. سرّني أن يكون فؤاد فهم الغاية من كتابي إليه. وسرّني أكثر أن أعلم انه أخذ درساً واسعاً للمستقبل فلا يحوجني في هذه الظروف الحرجة الى العودة لكتابة مثله، الأمر الذي يكلفني تضحيات كثيرة روحية، ومادية الآن، وإذا كان لا بد من قول كلمة حول من كان السابق إلى مس إحساس الآخر بذاتيته فأقول انه قد يكون جبران المبتدىء وقد يكون نسي ما كتب قبل. وأنا قد بينت لفؤاد انع ليس القصد من كتابي تفضيل جبران عليه فللكتاب غرض آخر هو إصلاح المعوج من فؤاد.
أما القول الذي ورد في كتابك أن فؤاد كتب العبارة المشوشة التي أظهرت له غلطة فيها، بقصد سحق كبرياء جبران القائل انه لا يقبل ملاحظة من أحد فلا يبرر صيغة العبارة التي تمس الزعيم المعلم في عمله ومقدرته. فلو قال فؤاد انه سيبدي ملاحظة على احدى مقالات الزعيم وهو متأكد من ورود جواب من الزعيم يشرح ما أغلق عليه. أما أن يقول لشخص ثالث غير الزعيم "لماذا العود على الأموات والاهتمام بالحيف؟" فهو لوم صادر عن حكم جازم بفساد مقالة صادرة عن قلم الزعيم. وهو يعني أن كل فرد له الحق بانتقاد الزعيم تجاه الآخرين على هواه فكأنه يدل الآخرين على انتقاد الزعيم فيما بينهم بدون التروي والرجوع إليه أولاً. وهو لو كان وجه كلامه لي وحدي لما كان للهجته هذا الشكل من الضرر العام. وكنت أنا أفهمه حسبما أعرفه، ولكن ليس جميع الأعضاء قادرين على فهم المسائل كما يفهمها الزعيم.
والآن أريد أن أعلق على نقاط أخرى وردت في كتابك الأخير. فأنت تقول: "قرأت الكتاب أولاً وثانياً فتصورت حضرة الزعيم من خلاله عاملاً معتنياً برفقائه معطياً لكل منهم ما يلزمه من الدروس والنصائح الخ..". ثم تقول: "لأني أعلم أن معاليكم تفضلون رجلاً يفتش عن الحقيقة ويجادل في سبيلها حتى يجدها. وعندما يجدها يرضى بها ويتقبلها كما هي أكثر من ألف ألف رجل الخ". ثم تقول: "كان فؤاد صارحني مثلاً بعدم استحسان الكلمة الأخيرة وهذا نقلته إلى حضرة الزعيم. لكنه كان دائماً يقول لي أيضاً: ان حضرة الزعيم يرى ما لا نراه في هذه الأمور، ولا بد انه سيشرح لنا نظريته..الخ". فمجمل هذه الأقوال يدل على أن التفكير عندكم لا يحاول أن يرتقي من البسائط الى المركبات. ففؤاد يفتكر وأنت تقبل أن "يشرح لنا الزعيم نظريته". كأن لا هم للزعيم غير شرح نظريته لكل رجل "يفتش عن الحقيقة ويجادل في سبيلها حتى يجدها". ولو كان ذلك حرمان الخطة العامة المرسومة عند الزعيم والجماعات الكبيرة التي يعالجها الزعيم، من ساعات ثمينة من وقته ليتمتع أي واحد من هؤلاء الرجال بالاطلاع على الحقيقة من الزعيم رأساً بدون أن يتكلف هو الانتظار لفهم أهميتها من نتائجها التي قد تحتاج بعض الوقت لتظهر.
هذه الفائدة المحدودة التي تحصل بهذه السرعة لفرد كثيراً ما تضر الزعيم بتكليفه مجهوداً فوق منهاجه وساعات عمله وتضر القضية نفسها بأخذ وقت من عمل الزعيم وقسم من قوة تفكيره. الثقة أساس سياسي راق، الثقة ركن من الأركان الأولية. وهذه الثقة يجب أن تكون تامة متبادلة بين الجميع بالنسبة الى الصلاحيات والاختصاص. فالمختصون بالاذاعة مثلاً، يجب أن يثقوا من جهة المختصين بالسياسة بأنهم يدركون مهمتهم ويعرفون الأصلح ويغارون على المصلحة مثل الأولين. وهكذا جميع أهل الاختصاص والحائزون على ثقة الزعيم والأعضاء يجب أن تكون ثقتهم قوية بالذين يحملون المسؤوليات وثقتهم بالزعيم يجب أن تكون تامة بقدر ما هي مطلقة. إنها أساس الإيمان والثقة بالفوز. والين يحبون الاستفادة الفردية يجب أن لا يعرقلوا الخطط ويثيروا الشكوك حولهم وحول المراجع العليا لكي يستفيدوا، ويجب أن يكون عندهم شعور حي بمسؤولية العاملين ووجوب التخفيف عنهم. والرجال الذين يحبون البحث لولع خاص بهم او ليشبعوا جوعهم إلى الحقائق يجي أن لا يقولوا كالأطفال لا يقدرون أن يدرسوا شيئاً بالبحث والتأمل ولا يتعلمون شيئاً إلا بالسؤال ما هذا ولماذا ذلك ومن أين ذلك ويطلب الجواب من أحد العاملين ليل نهار للقيام بواجبات مسؤولياتهم.
...
في 31 يوليو 1942
الإمضاء
يتبع
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |