شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2007-03-30 |
تاريخ العراق من هولاكو إلى جورج بوش 2 |
تاريخ العراق العثمانية من 1534 – 1918 . العراق العثمانية كانت أشبه بالعراق (العربية) (والعراق العربية تعني العراق الإسلامية السنية )، بدون حدود واضحة. جبال زغروس التي تفصل العراق العثمانية عن العراق الإيرانية ( وهنا العراق الإيرانية تعني العراق الشيعية) أصبحت الآن واقعة على الحدود العثمانية الإيرانية، لكنها انزاحت مع قدرات الحرب. من الشرق والجنوب ذابت العراق في رمال الصحراء السورية العربية. لم يفصل ضم العراق العثمانية عن العراق الإيرانية فقط، بل أهلتها باتجاه الأراضي العثمانية في سورية والأناضول، مع علاقات جيدة تربط ولاية ديار بكر إلى الولايات العراقية. العثمانيون قسموا العراق إلى ثلاثة ولايات، لأسباب إدارية، فكانت الموصل وبغداد والبصرة وولاية شاهريزور شرقي نهر دجلة بالإضافة إلى الولاية الجنوبية - أل حسا - الواقعة على الشاطئ الغربي من خليج العجمم. هذه الولايات كانت تعكس القضايا اللغوية والدينية والجغرافية للعراق العثمانية. كل سكان الموصل وشاهريزور كانوا معظمهم من الأكراد وقليل من الأقليات. بينما سكان السهول والمستنقعات والصحراء كانوا يتكلمون العربية. عدد قليل من الذين يتكلمون اللغة التركية تواجدوا خارج بغداد وكركوك وقرى أخرى. مرت قرون من الجيشان والفتوحات وعدم الأمن العام، أثرت على سكان العراق وخصوصا في المناطق المدنية. إن خراب وإهمال وسائل الري حدّت من الزراعة عامة وأكثرها كان بين النهرين شمال العراق وضواحي مدينة البصرة في الجنوب. كان ما يقارب نصف السكان العرب والأكراد من الرّحّل أو نصف الرّحّل. خارج القرى، المنظمات الاجتماعية والولاءات الفردية كانت أساسا قبليا، مع الكثير من المزارعين الذين حافظوا على ارتباطاتهم القبلية. بغداد الواقعة في الوسط الجغرافي كانت تنقسم بين الشيعة في الجنوب والغالبية السنية في الشمال. خلافا للأناضول وسوريا ، كانت الجماعات الغير مسلمة صغيرة الحجم، كان هنالك العنصر اليهودي التجاري الناشط في بغداد، بينما كان الآشوريون المسيحيون الأغلبية في الموصل. الاحتلال في القرن السادس عشر والنظام الذي شكله السلطان سليمان بعد فتوحات القرن السادس عشر للعراق وسوريا ومصر والحجاز، وضعت كل المدن المقدسة الإسلامية وطرقات الحج وكل مراكز الخلفاء السابقين تحت الحكم العثماني، وقد قوّى ذلك سيطرة العائلة الحاكمة للقيادة العليا في العالم الإسلامي السني. إن حكم العثمانيين في العراق يمثل انتصارالسنية. مع أن الزعماء الشيعة في جنوب العراق ما زالو يتمتعون بالنفوذ المحلي والاعتبار, كانو ميالين إلى إثبات توجههم نحو أيران الشيعية ويكرهون الإدارة العثمانية التي تسيطر عليها السنة. وبقيت مشاعر الشيعة في الجنوب، منذ ذلك الزمن، تتوجه إلى إيران بعامل الولاء الطائفي، وإن تعاونت مع نظام الحكم الدنيوي في بغداد يكون ذلك من قبيل التحفظ السياسي وليس بالعامل القومي الذي يربط كل الطوائف المتعددة بما فيها الأقليات التي هي بدورها لها ولاءات طائفية مختلفة. إن السيطرة على الخطوط التجارية عبر البحر الأحمر إلى دجلة والفرات ومن إيران إلى الأناضول وسوريا والبحر المتوسط ، كانت عاملا هاما بجهود السلطان للتأكد من أن التجارة الشرقية-الغربية تمر في مقاطعاته رغم افتتاح الخطوط حول أفريقيا. وربما الأهم أن العراق هي منطقة الخط الدفاعي الأمامي ودرع واق لحماية أناضوليا العثمانية وسوريا ضد التحرشات الإيرانية أو تحرشات القبائل العربية والكردية العنيدة. درج حكم سليمان المباشر في العراق على التقاليد العثمانية المتبعة التي تضم الصلاحيات الإدارية مثل تعيين حكام الولايات والقضاة ووضع القوات العسكرية الخاصة (Janissaries) ، في عواصم الولايات وفرض المساحة أو تسجيل عام للأراضي والبنايات والمصالح لفرض الضرايب. الإقطاعيون العسكريون كانوا قليلين ما عدا في بعض المناطق في الشمال. مع أن الباشا في بغداد، أعظم وأهم مدينة عثمانية، اعطيت له صلاحيات "حاكم بغداد أيضا" كما كان حاكم مدينة دمشق، لكن هذا لا يعني ولا بأي طريقة توحيد الولايات الخمس. لا يعمل المستعمرون على توحيد ما سلخ عن جسم أمة من الأمم لأن توحيد الكيانات يتنافى مع مصالهم وأطماعهم التوسعية ولذلك يركزون على قاعدة "فرّق تسد" و " اكسرها تملكها" . ولم يمر زمن من الأزمان عملت فيه القوات المستعمرة على توحيد الكيانات في أي مجتمع من المجتمعات لأن وحدة المجتمع تتنافي مع مصالهم الابتزازية. إن ضعف القيادة في الحكومة العثمانية المركزية فسح المجال لنهوض زعامات الاستبداد المحلية في المقاطعات العراقية، كما حدث ذلك في المقاطعات الأخرى في الإمبراطورية. بنو خالد العائلة الحاكمة، حكمت أل- حسا كحكام من أواخر القرن السادس حتى 1663 ، وفي سنة 1612 قائد عسكري مجهول الأصول ، افرسياب ، اشترى حكم البصرة التي بقيت في يد عائلته حتى العام 1668 . بإذن وحتى بتشجيع الحكام والمديرين للتجار الهولنديين والبريطانينن والبرتغاليين الذين كانوا يمسكون التجارة في البحر الأحمر، أكسبهم موضع قدم في البصرة. لم يكن النزاع بين السنة والشيعة في العراق نزاعا جديدا خلقه حكم البعث الذي قادته شخصيات من أصل سني ولو كان حكما مدنيا بعيدا كل البعد عن التحزبات الطائفية. بكر سوباشي، قائد فرقة فى ثكنة القوات الخاصة في بغداد، ثار في أوائل القرن السابع وتفاوض مع السفافيد - شاه عباس - لتعزيز موقعه. وفي الصراع اللاحق تمكن العثمانيون من السيطرة على الموصل وشاهريزور، لكن وسط العراق بما فيها بغداد بقي تحت سيادة السفافيد أي الشيعة، من 1623 إلى أن طرد السلطان العثماني مراد الرابع الإيرانيين من العراق ثانية. رافق حكم السفافيد (من كلمة صفا) لبغداد تهديم بعض الجوامع السنية وبعض البنايات الأخرى وأدى إلى موت أو استعباد عدة ألوف أكثريتهم من السنة، كما يحدث اليوم بين حكومة الأكثرية الشيعية والمقاومة السنية العراقية. ولما عاد العثمانيون إلى بغداد اعتمدوا قانون " عين بعين وسن بسن" وقتلوا الكثير من سكان المدن الشيعية. ولا شك أن هذه الحرب الدينية بين الشيعة والسنة تتجدد كلما أتاها مستعمر يشعل الفتنة الطائفية ليتسنى له نهب ثروات العراق الطبيعية. السفافيد عائلة مالكة شيعية إيرانية ( 1502 - 1736 ) أنشأت الإسلام الشيعي كدين للدولة ولعبت دورا أساسيا في إنبزاغ الوجدان القومي بين الإصول الإيرانية المختلفة. اسماعيل 1 توج شاه أذربيجان وخلال عشر سنوات استولى على كل إيران وضم الولايات العراقية بغداد والموصل وغيرها إلى امبراطوريتة. إن معاهدة قصر- إي شيرين، عرفت أيضا بمعاهدة زوهاب سنة 1639 ، جلبت نهاية 150 سنة من الحروب المتقطعة بين العثمانيين والسفافيد, وثبتت الحدود بين الأمبراطوريتين وبقيت سارية المفعول حتى يومنا هذا. مع أن السيادة العثمانية أعيدت على بغداد، لكن الاستقرار في الوسط بقي يتعطل من قوات الثكنة العسكرية المضطربة و بالاضطرابات القبلية العربية والكردية. وفي الجنوب أيضا، مع أن الحكم الأفراسيادي الذاتي قد انتهى سنة 1668 ، السلطة العثمانية جابهت تحديات القبائل المنتفقية والهويزا في المستنقعات والصحراء. وفي هذه الأثناء، استغنم الإيرانيون الشيعيون فرصة الاضطرابات في هذه الدولة وبدأوا يتسللون إلى جنوب العراق وسيطروا على مدينة البصرة وجوارها. وبعد هزيمة العثمانيين في أوروبا تفاوضوا ووقعوا على معاهدة كارلويتز، تمكن السلطان من إرسال قوات إلى العراق واستعادة السيطرة السنية على البصرة. التطورات في العراق في أواسط وأواخر القرن السابع عشر عكست الفوضى في الدولة في اسطنبول. وبعد فترة حكم السلطان مراد الرابع الناجح، تلاه عهد ابراهيم الأول الضعيف سنة 1640 حتى سنة 1648, عرف بالمجنون ابراهيم، وقد اسقط حكمه وأعدم شنقا، وتبعه ابنه محمد الرابع إبن الست سنوات من العمر، سنة 1648 وحتى 1687 . إن الأزمة المستمرة في العاصمة كان لها تأثير بدون حل في كافة مناطق الامبراطورية العثمانية ، وقادت إلى إلغاء صلاحيات مراد الرابع وجلبت الفوضى السياسية والاقتصادية. ونري الحرب الماحقة اليوم بين السنة والشيعة في العراق، تطل مظاهرها في لبنان أيضا لكنها مقـنـّعة بقناع لا تخفي شفافيته حقيقة الأمر التي تمتد من لبنان إلى سورية (الشام) والعراق وإيران من جهة وإلى السعودية وتركيا ومصر من الجهة الأخرى. هل يعود الحكم العثماني ثانية لحماية السنة في العراق وفي أي مكان آخر؟ كان القرن السادس عشر وقت التغيير المهم في اسطنبول والعراق. إن حكم السلطان أحمد الثالث من سنة 1703 حتى 1730، عرف بالهدوء النسبي في العاصمة وبالإصلاحات المستوحات من المودالات الأوروبية ، ونفذت في فصل الشقائق سنة 1718 حتى 1730 ومن المندوب العالي الكبير إبراهيم باسا. حسن باشا الحاكم العثماني ، من أصل جورجياني، في العراق سنة 1704 حتى 1724 ، أرسل من اسطنبول مع إبنه أحمد باشا 1724 1747 حتى، أنشأوا بيت المماليك الجورجيين، أكثريتهم عبيد مسيحيين من القوقاس اعتنقو الدين الإسلامي، تمكنوا بواسطته من ممارسة السلطة والإدارة، وقد تعلموا في مدارس خاصة وبعدها أعطوا وظائف في الجيش وفي الإدارة . حسن باشا أصبح لا غنى عنه لأنه قضى على القبائل العاصية وكان يرسل الجزية إلى اسطنبول، وأحمد باشا لعب دورا فاصلا في الدفاع عن العراق ضد عدوان إيراني آخر. هؤلاء الباشاوات وسّعوا سيادتهم أبعد من ولاية بغداد لتضم ماردين وال أورفا أو العرفا والكثير من شاهريزور الكردية وسيطروا بذلك على الطرقات التجارية وأمنوا موارد دخل إضافية وسيطروا على البصرة والطرقات التجارية إلى الخليج الفارسي والهند. احتفظت الموصل باستقلاليتها من سنة 1726 حتى 1834 وحكمتها عائلة جليلي القوية. ولكن حيث كانت علاقة الجليلي مع السلطان علاقة الخدم، كانت دائما تقدم العسكر إلى الفتوحات أبعد من حدود ولاياتهم ، ولكن باشاوات بغداد لم يقدموا. القوات العسكرية التي كانت بإمرتهم بقيت في العراق لحمايتها من هيجان القبائل وخطر إيران. وبعد ذلك استولى نادر شاه على السلطة في إيرن سنة 1736 حتى 1747 ، مما أدى إلى تجديد التعديات على العراق العثمانية. وفي سنة 1733 ، قبل أن يحصل على لقب شاه ، نادر حاصر بغداد وفشل. وفشل أيضا في الاستيلاء على الموصل سنة 1742 ، وسنة 1746 توصلوا إلى تسوية ثبتت بنود معاهدة قصر – إي شيرين . إن المساعدة التي قدمها الباشاوات في بغداد والموصل بمقاومة الخطر الإيراني، حسنت حالهم في عين حكومة السلطان وحسنت موقعهم في المقاطعات الأخرى أيضا. لما توفي أحمد باشا سنة 1747، بعد وفاة نادر شاه بوقت قصير، شكل مماليكه كتائب مستقلة من ألفين رجل من المتفوقين. بعد محاولات فاشلة لإخضاع المماليك اضطر العثمانيون إلى قبول حكمهم. وفي سنة 1750 ، سليمان أبو ليلى أبن أحمد باشا ، الحاكم في البصرة دخل بغداد ثانية واعترف به كأول مملوك باشا في العراق. إن الحرب ما بين الشيعة والسنة فتنة دينية ما زالت مستمرة حتى اليوم في القرن الحادي والعشرين. وقد استشرف سعاده خطورتها التي لم تتوقف عند الحروب السنية والشيعية بل تعدتها إلى الحروب المسيحية الأسلامية أيضا، وكان أشهرها في القرن التاسع عشر في حرب 1860. ولم تقتصر رؤى سعاده على القضايا القومية وعلى تقسيم الوطن السوري إلى كيانات متناحرة، بل شملت القضايا الروحية والاجتماعية والاقتصادية أيضا ووضع المبادئ الاصلاحية الخمس ليحل كل هذه المساوئ التي تنهش في جسم الأمة والوطن. وكان أول هذه المباديء: المبدأ الإصلاحي الأول : " فصل الدين عن الدولة " المبدأ الإصلاحي الثاني: "منع رجال الدين من التدخل في شؤون السياسة والقضاء القوميين"
يتبع
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |