شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2007-05-09 |
حوار لرئيس الحزب مع مجلة تحولات |
يدور اليوم في لبنان نقاش جدي حول المقاومة وسلاحها وحول الاستراتيجيات الدفاعية لحماية لبنان من الخطر الاسرائيلي. "تحولات" تفتح ملف المقاومة في لبنان في محاولة لتسليط الضوء على تجربتها على مدى سنوات، وأيضاً لاستخلاص العبر والخلاصات التي أنتجتها هذه المقاومة منذ انطلاقتها في لبنان الى يومنا هذا، ولتقييم الدور التاريخي الذي قامت به لحماية لبنان وردع العدوان الاسرائيلي عليه، "تحولات" التقت قادة الأحزاب والقوى السياسية التي ساهمت وفي مراحل مختلفة في هذه المقاومة وطرحت عليها تساؤلات حول النجاحات والاخفاقات، الانجازات والعثرات، وحول آفاق هذه المقاومة ومستقبلها في لبنان وفلسطين والعراق.
وفي هذا السياق التقت "تحولات" رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين علي قانصو وكان معه هذا الحوار:
•لا شك أن الحزب القومي كان أول من أطلق المقاومة في لبنان، وكانت مشاركته في الفعل المقاوم أساسية وفاعلة، كيف تقيمون تجربة الحزب في اطار جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية؟ -قبل الاجابة على هذا السؤال، لا بد من التذكير بأن دور الحزب في المقاومة استند بالدرجة الأولى الى موقف عقائدي يقوم على اعتبار اسرائيل العدو الأول لأمتنا كونها تجسد خطراً وجودياً، وكونها تحتل أجزاء كبيرة من أرضنا القومية في فلسطين والجولان وجنوب لبنان، وبدون هذا البعد العقائدي لا يمكن أن تستقيم عملية فهم دور الحزب في اطار المقاومة سواء في لبنان أو في فلسطين، والنقطة الثانية، هي أن الحزب في موقفه الثقافي يمثل حالة مقاومة ليس فقط للعدو الاسرائيلي بل لكل الثقافات الزائفة التي تحاول التطبيع معه واعطاءه مشروعية في واقع الأمة، وأيضاً مع الأنظمة السياسية البالية التي تضعف حركة مقاومة شعبنا له، والحزب لا يفصل في نظرته الى المقاومة بين ما هو داخلي وما هو خارجي، ويعرف المتابعون لحركة الحزب أنه قام بأكثر من انتفاضة على أكثر من نظام سياسي تحت عنوان مقاومة أية حالة تخدم استمرارية الاحتلال لأرضنا القومية. والنقطة الثالثة أن الحزب لم يبدأ مقاومته العسكرية في العام 1982 كما هو شائع، انما بدأ هذه المقاومة مع بداية الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، وأيضاً في لبنان كان الحزب قد شكل قبل 82 منظمة نسور الزوبعة التي اتخذت أكثر من موقع لها في منطقة العرقوب، ونفذت العديد من العمليات العسكرية ضد الاحتلال، وقدمت العديد من الشهداء، وبعد الاجتياح الاسرائيلي الشامل عام 82 وسع الحزب دائرة مقاومته ودائرة عملياته، وكان للحزب شرف اسقاط "نظرية سلامة الجليل" وهو شعار بيغن خلال اجتياحه لبنان، وكلنا يذكر الصواريخ التي أطلقت على المستوطنات الصهيونية في شمال فلسطين من حاصبيا وغير حاصبيا، ثم أخذت العمليات العسكرية تتوالى، الى أن كانت العمليات الاستشهادية النوعية التي بدأها الحزب مع وجدي الصايغ وسناء محيدلي، هذه العمليات التي شكلت مفصلاً هاماً في العمل المقاوم بالنظر الى تداعياتها على مستوى لبنان والأمة، وقيمتها أنها أنتجت ثقافة للمقاومة جديدة عنوانها التضحية والفداء وحب الاستشهاد من أجل الحرية، وبفعل هذه العمليات بدأت قوى سياسية أخرى تفعل مشاركتها في اطار المقاومة الوطنية مثل حركة أمل وحزب الله والحزب الشيوعي والناصريين والبعثيين وغيرهم، واستمر الحزب في المقاومة خلافاً لبعض الشائعات، وسقط لنا شهداء في مراحل زمنية مختلفة في التسعينيات، في العام 1996 و1998 وخلال حرب تموز الأخيرة شارك الحزب بفعالية في العمليات القتالية على محور مرجعيون – حاصبيا، وسقط لنا جرحى، اذاً الحزب لم يبدأ مقاومته في العام 1982 وانما قبله، ولم ينته دوره بعد قيام اتفاق الطائف في لبنان بل استمر حتى عدوان تموز، ولم يزل الحزب في قلب حركة المقاومة على مدى الساحة القومية. أين نجح الحزب في تلك التجربة؟ أعتقد أنه استطاع أن يجسد ثقافة المقاومة في الفعل المقاوم المباشر، واستطاع ميدانياً من خلال مقاومته أن يوقع خسائر كبيرة في صفوف الاحتلال، وهذا معيار أساسي في تقييم تجربة المقاومة، وأيضاً استطاع من خلال مشاركته أن ينشر ثقافة المقاومة وهذه مسألة نجح الحزب في تحقيقها أي تعميق ثقافة المقاومة، ثقافة التحدي، ثقافة المواجهة، ثقافة الحرية في وجه ثقافات الخضوع والتراجه والانهزام، وشكل الحزب أيضاً نموذجاً رائداً في الاقدام والتضحية. أين أخفق أو تعثر؟ نحن اعترفنا أنه بعد اتفاق الطائف كان من الممكن تفعيل دور الحزب المقاوم، وتوسيع دائرته ليصبح أكثر شمولية، لماذا لم يحصل هذا الأمر؟ هنالك عدة عوامل، ولكن المسألة الأساسية اتصلت بمحدودية القدرات المالية والمادية ولم تكن كما يلمح البعض تتصل بأي جانب أخر. •ولكن، من الملاحظ أن الدور العسكري للحزب تراجع بشكل كبير منذ أواخر الثمانينات، وهذا يطرح تساؤلات جدية عن الأسباب. بالمقابل، ومنذ أيام، أطلق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مبادرة باتجاه تفعيل ما سماه " سرايا المقاومة اللبنانية" أي بكلام أخر، دعا الى احياء الدور العسكري للقوى السياسية اللبنانية الوطنية التي ساهمت في المقاومة منذ بدايات انطلاقتها، هل هناك امكانية لتفعيل الدور العسكري للحزب في اطار المقاومة في لبنان؟ -في سياق عرضي لدور الحزب في المقاومة أغفلت نقطة أساسية – آمل أن تذكر- وهذه النقطة تتمثل في الطابع الوطني والقومي الذي أعطاه الحزب للمقاومة، بحيث تعذر على أي كان ادراج المقاومة في اطار مذهبي أو طائفي محدد، وهذا الأمر على جانب كبير من الأهمية، وعندما نتحدث اليوم عن اعادة احياء "سرايا المقاومة اللبنانية" أو ما شاكل، فانما نتحدث عن هذه الميزة التي تفردت بها الأحزاب العلمانية، وتكمن أهمية الموضوع في هذا الجانب، اذ لا بد من تطوير صيغة المقاومة باتجاه أن تشمل قوى ليست محسوبة على طائفة أو مذهب، علماً أننا لا نضع مقاومة حزب الله في اطار طائفي أو مذهبي، فهو يقوم بدور وطني كبير، وجوهر مقاومته هو جوهر وطني وقومي بامتياز. •ولكن، هناك موضوع حساس في الواقع الطائفي اللبناني، اذ أنه بالرغم من الدور الوطني والقومي الذ يقوم به حزب الله اليوم، الا أن خصوصية المقاومة الاسلامية تتمثل في كون الاطار التنظيمي الذي يضمها هو اطار طائفي ومذهبي، وهذا جزء من المأزق الداخلي للمقاومة، هل يمكن للحزب القومي أو للأحزاب الوطنية العلمانية أن تساعد في حل هذه الاشكالية؟ -في الحقيقة بدأ نقاش جدي بين القوى السياسية الوطنية حول ضرورة تطوير صيغ العمل المقاوم وهذا الموضوع قيد البحث ولم يستكمل بعد. •في الصيف الماضي، حققت المقاومة في لبنان انتصاراً رائعاً تمثل في صمود المقاومة الذي حقق التوازن مع القوة العسكرية للاحتلال الاسرائيلي، كحزب قومي، كيف يمكن تثمير هذا الانتصار اللبناني فلسطينياً وعراقياً انطلاقاً من مبدأ ترابط الساحات؟ - لا شك، أن الانتصار الذي تحقق في حرب تموز، لا نبالغ اذا قلنا أنه انتصار تاريخي، لأنه في تاريخ الصراع العربي – الصهيوني تحقق انتصاران اثنان: الانتصار الأول في العام 2000 حين أجبرت المقاومة بكل تشكيلاتها الاحتلال الاسرائيلي على الاندحار من معظم أرضنا المحتلة في جنوب لبنان، والانتصار الثاني في 14 أب حينما هزم الجيش الاسرائيلي ثانيةً في لبنان، وهزم معه حلفاؤه في الداخل والخارج. قيمة هذا الانتصار لا تنحصر في ارتداداته الايجابية على الساحة اللبنانية، انما تشمل مدى الساحة القومية، انتصار المقاومة في لبنان شكل رافعة معنوية للمقاومة في فلسطين وفي العراق بمعنى أنه عزز ثقة المقاومة بخيارها وذاتها، وأعطاها جرعة من الصمود والمنعة لم تكن لديها قبل هذا الانتصار التاريخي. أطلق هذا الانتصار وتيرة عالية من العمليات العسكرية ضد الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين والأميركي في العراق. ونشر هذا الانتصار ثقافة المقاومة على مدى واسع بحيث بات شعبنا أكثر ثقة بنفسه، وأكثر تصميماً على انتزاع حقوقه المغتصبة، والأخطر بالمعنى الايجابي انتصار مقولة القوة على مقولات الضعف التي كانت ترددها الأنظمة وانفضح زيف النظام الرسمي العربي، ومن الارتدادات الايجابية تعميق المأزق الأميركي في العراق وفلسطين، وتراجع مشروع الشرق الأوسط الأميركي وخطره على الأمة بأسرها.
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |