شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2007-06-07
 

ثرثرة في مقهى شعبي (8)

سليمان عباسي

- يا فادي احضر لي فنجان شاي مع النعناع .

وإذ بصديق يجلس بجانبي ويقول : اجعلهم فنجانين يا فادي .

أرفقت ترحيبي بابتسامة باهتة وقلت : أهلاّ أبو جهاد .

تجاهل ابتسامتي الباهتة وقال : ما هي أخبارك أبو أدهم ؟؟

بملل وبتبرم لم أستطيع إخفاؤهما عليه قلت : كما ترى ما زلت على قيد الحياة ولا أدري إن كان بقاؤنا على قيد الحياة نحن الذين لا نملك إلا حب الوطن نعمة أم نقمة .

لاحظ ما أنا فيه فقال ضاحكاّ : نصف الألف خمسمئة أخي أبو أدهم .

هززت رأسي مستنكراّ وقلت : ما تقوله قابل للجدل فهناك الكثير يقول إن نصف الألف أربعمئة وهناك من يقول إن نصف الألف ثلاثمئة وآخرون يؤكدون بناء على أبحاثهم الحسابية أن نصف الألف سبعمئة ... فمن نصدق منهم ؟؟

أصابته الحيرة وعلت الدهشة محياه لكنه قال ممازحاّ: سلامة عقلك حبيبي أبو أدهم .

ضحكت في سري وقلت : لاعليك .. على كل حال إذا كنت متأكداّ أن نصف الألف خمسمائة فهي كما تريد يا صاحبي فأنت الأصدق .

شعر صديقي بالمتاهة فرغب بتغيير دفة الحديث فبادرني قائلاّ : منذ أسبوعين أو ثلاثة لم أقرأ مقالاّ بقلمك رغم الأحداث المتلاحقة فهل هي استراحة المحارب ؟؟

أشعلت سيجارة وارتشفت قليلاّ من الشاي وقلت : بل هي استراحة اليائس وإن رغبت بتعبير أصح هي استراحة القرفان من كل ما يجري .

اعتدلت في جلستي وأردفت : باختصار يا صديقي لقد اختفى صوتي من شدة الصراخ منادياّ أبو عمار واحمد ياسين وجمال عبد الناصر والمعتصم بالله وخالد ابن الوليد وجف حبر قلمي من وفرة كلمات النعي التي كتبتها في توديع شهدائنا وقتلانا مؤخراّ .

فرك صديقي إذنيه غير مصدقاّ ما يسمعه من هلوسة وقال :ولكن الأحداث تتلاحق بسرعة

ولابد من الكتابة وإبداء الرأي .

أشفقت عليه من هلوستي وبنبرة حاولت جاهداّ أن تكون هادئة قلت :لا أدري يا صديقي لماذا نستغرب ولماذا نستهجن ما يجري وما سوف يجري لاحقاّ فنحن يا عزيزي ( الحيطة المايله ) في هذا العالم الظالم فلو عطس أحدهم في الصين لقالوا بأننا وراء إصابته بالإنفلونزا الحادة ولو انفصل زوج عن زوجته في جزر الواق الواق لقالوا بأننا السبب وراء انفصالهما ولقاموا بإصدار مئات الفتاوى وبجميع اللغات بدءاّ بالعربية مبررين القتل الجماعي المتعمد ضد شعبنا الفلسطيني لذلك لا تستغرب ولا تستهجن .

انتابني إحساس بأن صديقي يحاول الهروب مني ومن جنوني ولكن الحياء يمنعه فرغبت بإعطائه فرصة للهروب فقلت : قال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام (( فإنهم في رباط إلى يوم الدين ))ولذلك اذهب الآن إلى بيتك وتوضأ وقم بالصلاة والدعاء إلى الله عز وجل أن يجعل يوم الدين قريباّ جداّ حتى نرتاح منهم ويرتاحوا منا .

نهض صديقي واقفاّ وودعني بعد دفعه الحساب ورجعت أنا إلى سيجارتي اللعينة .



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه