شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2008-01-08
 

الامين أسد الأشقر

أبصر الامين أسد الأشقر النور عام 1908 في ديك المحدي في المتن الشمالي .

غاب في 13 حزيران 1986 عن 78 سنة زاخرة بالعطاء الفكري والروحي والجسدي .

في مدرسة القرية تلقى دروسه ثم غادر لبنان الى فرنسا فدرس علم التاريخ والسياسة في جامعاتها ، وهو المنقب في كل المجالات العلمية ، خصوصاً الانسانية منها ، كالتاريخ والادب والسياسة ...

وبما ان العديد من أخوته واقاربه عملوا في أفريقيا بالتجارة ، انتقل هو بدوره من باريس الى غانا حيث شاركهم هذه الاعمال التي لم تشغله بالمقابل عن وطنه وابناء شعبه . وفي احدى المرات عام 1936 اثناء تنقله بين باريس وغانا ، وقعت بين يديه جريدة فرنسية تتحدث عن اكتشاف حزب سـري في لبنان يتزعمه انطون سعاده وقد ألقي القبض عليه . ومع وصوله الى غـانا راح يبحث بين ابناء جاليته عمن يعرف هذا الحزب او له صلة به فعلم ان له فرعاً ، مؤسسه رفيق الحلبي ومن اعضائه شاهين شاهين وامين الاشقر ونسيب عازار ، فتعرف اسد الاشقر على مبادئه وكان انتماؤه الى الحزب العام 1936 .

رافق سعاده الى البرازيل حيث شاركه السجن هناك فترة عشرين يوماً أثر وشاية . ومع مطلع الحرب العالمية الثانية عاد الى لبنان فتعرض للملاحقة من قبل الفرنسيين .

سجن في المية ومية مع عدد من رفقائه من الرعيل الاول في الحزب امثال نعمة ثابت ، عبدالله قبرصي ، انيس فاخوري وجبران جريج .. لم يثنه الاعتقال من عزيمته وعمله في سبيل حزبه ومصلحة بلاده . وبعد اطلاقه مع الذين اعتقلوا ايام الانتداب الفرنسي للبنان ، تعددت نشاطاته الحزبية فعمل على الصعيدين السياسي والاذاعي .

حين استشهد الزعيم العام 1949 استقر الامين الاشقر في لبنان وقد تعرض للاضطهاد مع رفقائه من قبل الدولة . وعلى أثر وفاة رئيس الحزب الامين مصطفى أرشيد العام 1957 انتخب الامين اسد الاشقر رئيساً . وفي العام نفسه ترشح للنيابة اللبنانية وفاز فيها مقابل سقوط مرشح الكتائب في المتن الشمالي .

والجدير ذكره انه كان رئيساً للحزب أثناء احداث 1958 . وفي تشرين الاول من العام نفسه منح وسام سعاده حيث قدم استقالته من رئاسة الحزب قبل انتهاء المدة وترأس وفداً مركزياً الى المغتربات 1958 – 1959 .

في عام 1961 شارك الامين اسد الاشقر في الانقلاب الذي قام به الحزب وسجن مرة أخرى بعد ان تمكن من التخفي مدة طويلة وقد اعتقل وهو في حالة المرض . حكم عليه بالسجن المؤبد فتنقل من ثكنة الامير بشير الى سجن الرمل الى مستوصف الكرنتينا الى " اوتيل ديو " بسبب مرضه ، حيث بقي هناك مدة ستة اشهر ثم الى سجن القلعة .

تجـدر الاشارة الى انه اثناء محاكمته اعلن في محكمة التمييز العسكرية انه اضرب عن تناول الطعام احتجاجاً على اساءة معاملته كما تضامن معه جميع الرفقاء المعتقلين بمحاولة الانقلاب حيث اعلنوا الصيام وامتناعهم عن الادلاء باستجوابهم امام المحكمة كما سحبوا وكالاتهم من المحامين الذين يتولون الدفاع عنهم فاضطر وكلاء الدفاع الى الانسحاب من جلسة المحاكمة بعد مضي ساعة على بدء الجلسة . وفي شباط 1963 رفض الامين الاشقر الادلاء بإفادة امام محكمة التمييز العسكرية احتجاجاً منه على حرمانه حق اعداد دفاعه بسحب الاقلام والاوراق التي كانت بتصرفه . وايضاً اثناء المحاكمة رفض مع بشير عبيد الرد على اسئلة النيابة والدفاع احتجاجاً منهما على تبيان الحوافز التي حملتهما على الاشتراك بمحاولة الانقلاب .

مرحلة السجن كانت غزيرة على صعيد الكتابة والمطالعة . كان ينام نهاراً ويقرأ ليلاً ، تعدت مطالعاته مئات الكتب التي ما زالت تحمل ملاحظاته وتعليقاته . وفي فترة السجن الاولى حرم الرفقاء من الورق ، فكان يجمع علب الدخان ويكتب عليها . ثم كانت مقالاته كثيرة نشر معظمها في " ملحق النهار " تحت اسم سبع بولس حميدان . وانصرف لتحضير الوثائق لمؤلفاته التي كان اهمها " تاريخ سوريا " الذي يقع في تسعة أجزاء .

ان ما يميز الامين اسد الاشقر هو شخصيته الحيوية وعمله على كافة الجبهات بدءاً من السياسة وصولاً الى التأليف والكتابة ومعالجة المشاكل الاجتماعية . انه موضوعي وعقلاني ومنهجي في فكره كانت له عدة مؤلفات أولها " من صميم لبنان " و" معابد الريف " ثم " اللقاء الثوري " و" من مفاهيم الانسان الجديد " و"تاريخ سورية" و"عصر العمالقة" .

العام 1973 انتخب مرة ثانية رئيساً للحزب السوري القومي الاجتماعي .

ومع بداية الاحداث اللبنانية التي اعتبرها حلقة في سلسلة حلقات التآمر على الوطن ، خرج من بلدته ديك المحدي مع افراد عائلته بعد ان هجرهم الطارئون الانعزاليون على منطقة المتن الشمالي حيث نسفوا منزله وكانت تلك مرحلة اصعب من مرحلة السجن عدة مرات حيث قال لزوجته الرفيقة رؤوفة : "تمنيت ان اموت قبل ان ارى البلاد وقد وصلت الى هذه الحالة والحزب غير قادر وحده على حسم حالة الويل التي تتعرض لها البلاد " .

انتقاله الى المدينة أثر في نفسه فشعر انه كالعصفور في القفص بعد ان كان يمضي يومياً ساعة عاملاً في الارض في بلدته ، فضلاً عن تألمه من الاوضاع . وليس بعيداً عن ديك المحدي ، دفن الامين اسد الاشقر في ضهور الشوير في بلدة العزّ القومي .

• نقلاً عن كتاب " عن الثورة القومية الاجتماعية الثانية " .



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024جميع المقالات التي تنشر لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع