إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

قــافـلـــة المـجـــد

نسخة للطباعة  | +  حجم الخط  - 2008-02-23

 


 


الى زعيمي ، الذي منذ عرفته عرفت قيم الحياة : الحق والخير والجمال !


                                                           الرفيق علي احمد سعيد

*

هذه القصيدة الرائعة، هي للرفيق الشاعر علي احمد سعيد عندما كان "ادونيس" في ايمانه وقصائده والتزامه واشعاعه .

عن "النظام الجديد" – حزيران 1948

الرفيق علي احمد سعيد (محافظة اللاذقية) شاعر موهوب تشهد بموهبته القصيدة العالية الروح التي ننشرها في هذا العدد. واذا كانت "قافلة المجد" تدل على شاعرية الرفيق علي سعيد فهي تدل على ما ينتظر منه في المستقبل، اذ هي تدل على قوة الشاعرية المبتدئة لا على حدودها المنتهية، فالرفيق علي احمد سعيد لا يزال في نحو الثامنة عشرة من عمره وفي دور طلب العلم والادب. فالامل بنمو شاعريته القوية كبير.

تحمل "قافلة المجد" امانة متينة للوطن والعقيدة السورية القومية الاجتماعية وايماناً عظيماً بالزعيم والنهضة العظيمة التي بعثتها تعاليمه وجمالا متسامياً في المرامي الروحية .

                                      **

 

هـا هـي الكأس، فانهلـي يا بلادي          من دمي .. من مشـاعري.. وفـؤادي

كلمـا مـرّ في الـورود صبــاح           سـفحتـه يـداك .. فـي اعــوادي

فتـلفـّتّ لفـتــة ... من عبيـر                   وقتـلــت الجمـود فــي آمــادي

هــذه الدار من تلفت " طوروس " " لســــينـاء " كعـبـــة الارشـــــاد

ومـن البحـر ... من رفيف الأسـاطيـر ... الــى شـاطىء الخليـج الهــادي

هــذه الـدار، دارنـا فـي مداها            كـبـــريـاء الآبــاء والاجــداد

مـورد للجمال ... كم شـربت منه ...       هــداهـا قـوافــل الـــــوراد

مـن هنا ، تنبـض الحيــاة ، ينابـيــع نبــوغ ... مـديـــدة الابـعـــاد

مـن هـنا ... تشرق الحضارة دنـيا         كحـبـيـب الاعـراس والاعـيــاد

من هنـا .. يا قوافـل الجـوع ... لـبتـك الامـاني ... فاســتطلعي وارتـــادي

" قبرص " والشموخ في شط " صور "           يـتهــادى علـــى رؤى " ارواد "

وظـلال الجمـال في " بعلبكّ ..."              وجــلال الابـــداع فـي " بغداد "

فتن ، روت الحيـــاة وهـزّت               باغاريـدها ضلــوع الجمــــاد !

                                          *

وغزاة ... لم يبسطوا ، ساعد الحب ..          ولــم يضربـوا قبــاب الــوداد

رشــفوا منهـل البـلاد وروّوا               جانحـيـهــا نوائبــاً وعــوادي

ما أتـوها مواكـبـاً من رجـالٍ               وأتــوها مواكـبـاً مـن جـــراد

كـم غـزونا ، فكـان يسـبقنـا الفجــر ،   بشــيـراً ، باليـمـن والاســعاد

يورق الصبح ، من سـرانا ويلهو               فتـنــاً فـي الجفــون والاكبــاد

وتريـق الصـلاح ، رفرفـة فـي الســيف تـزهــو ، وحمـرة فـي الجـواد

كـل غـازٍ ، لا ينهـل الحق منه               هـو أقصوصـة الـرؤى والسـواد !

                                *

 

كم على السفح ، من سرايا بغاثٍ               هـي لــون مـن كــل واد وواد

كمنت للنسـور ، تيهـاً وجهـلاً              واقـامــت لها شــباك اصطيـاد

ومـن الغبـن ، ان يهيـأ مـن فــرخٍ    ونسـرٍ. قـرنــا وغـىً وجــلاد

حبذا زحمة الصراع ، اذا    كان             صـــراع الانــداد للانــــداد

وسـرايا البغاثِ ، لم تـرو يومـاً           جـنــح قصـدٍ ، ولا حنـايـا مراد

                              *     

 

اي فلسطين ... والنـداء حبيب            من دمــي – ذلك الفتـي – أنــادي

جرحتـك الظنون ، والجرح دام             بطـر الاثـم ، راعـف الاحقـــاد

ان فـي " دولة الطيوف " بطاحاً             ناهــلات مـن عــدة واعتــداد

نهدت للحياة ... وانسدل الشـوق   عليهـــا مـطــارف ... اســـتعــداد

بدعة للخيال ، زوقها الوهـم ...            بأنــدى يـد ... وازهـى مـــداد

ما اراهـا حمـى تثـور ولكـن            هـي حمّــى ظميـئــة لابتــراد

ويقولـون : اننا ما زحفـنــا              لجـهــاد ، ونعمــة اسـتشــهاد

ويـرون الجهاد ... صيحة حزن             تتعـالــى فـي كـل دار ونـــاد

نحن لا نسـكب الدمـوع ونغفـو           خلــف نفـح الدمى ، وعطر الوساد

نحـن ... لا نلطم الجباه ... لنحيا           بســراب المنــى ... ووهم الجهاد

                                     *

قوتلتِ نزعة الحداد ... ففي النـفـس شــعور ، فـوق الأســى والحـــداد

اي فلسطيـن ... والنـداء حبيـب         مـن دمـي – ذلك الفتــيّ – انادي

كم لها ، حلمك الغرير ... علـى الشـاطىء ... نهبـاً لكــل بــاغٍ وعــاد

واخوك ... " اللواء " لـون من الطيـف المسـجّى علـى أكــف العـــوادي

 

أمسـكته يـد الخداع ... وألقت             فـوق جفنـيــه غفــوة اسـتعباد

انت  حرى ، مشــوقة للقـاه              وهــو حـران متعب القلـب صــاد

هـوذا ، مقبل اليـك حنانــاً              يتـهــادى ، فاقبلــي ... وتهــادي

ان في الغاب... في البطاح... زئيراً        عارمــاً ... مـن تلفــت الآســـاد

اطفأت جمرة الجمود ... والـوت           برنيـن القيـود .. والاصـفـــــاد

وغداً ... موعد اللقاء .. فيا عطر ...       تجمـد ... علــى الـذرى والوهــاد !

                               *

مـلء أكبادنـا ... جـراح ... وافيـــاء   جــراح ... معســولة الميــلاد

هي خضراء ... من تنهدة الحق ...          ومـن روعــة الجمـال الهـــادي

والجراح الخضراء ... آيــة  فن          عزفـتـهــا قيثارتـــا عـــوّاد

كم جراح ... تكشف الصبح عنهــا        هـي عـزف الدجـى ولحـن السـواد

سربت في النفوس ، فيض انكماش           وســرت في الجفـون وهـج رقــاد

ما خمدنا ... تلك الجراح ... انتصاراً        ربّ جـرحٍ لم ينتفـع بالضمــــاد

                              *

من جفون التاريخ ... ايقظت وهمي ...      وســكبت الشــراب في آمــادي

عميت عن رؤى الجمـال وخــالت        حبب الشـمــس بركةً من رمـــاد

ما عهدت التاريخ ... أسطورة للهو...       تـروى بالنقــل  والاســنـــاد

فاخجلي يا جفون  ، فالفجــر  زاه          وصبــاح النبـوغ بالمرصــــاد

عبقريـات أمتـي ، مـا طوتهــا          يــد طـاو ... ولا محتهـا عـوادي

وخلايـا الابـداع فجــر جمــالِ        رائـح ...  فـي تنهّـد المـوج غـاد

سافح ... كالعطـور ... والــورد ... افيـاء هـداه ... على رؤى الاحفـــاد

روِ .. يا موج ... يا تراث ، ضلوعاً         أنكـرت  فيـك  كـل مـــاء وزاد

وافتـح الـدرب للجفــون فيـا رب دروبٍ ... مفروشـــةٍ بالقتـــــاد !

                             *

يا زعيمي .. وانت اطروحة الدنيـا         وأغـرودة  الســيوف الحـــداد

ما أطل  الجهـاد ... للحــق إلا           كنـت في صبحـه ... حبيب الجهاد

فخلت  الايمـان ، فجـر انطـلاق          مرح الزهــو ، عاطـــر الاوراد

يرفــل الحق ... فيه رفة عطـر           وهـدى نعمـة ... ونجـوى فــؤاد

ويموت الجحود ... في وهجه الاخضر     اشـلاء رجفــة   وارتعـــــاد

جئت والحـق ... منهليـن      مـن الخير ... فهل أنتما ... علـى ميعـــاد ؟!

 

حضن النـور قلبك الرحب كونـاً            عبقــريّ الاجــواء   والآمــاد

ويـد النور ، ما طوت غير صدر            أنهــل الحـق مـاءه وهـو صــاد

انت ، من انـت .. ؟ ان من نعـمــة التفكـيـر الا ينـســاب في اجهــاد ؟

زعموا انك انكماش ...  وفي نفسـك للفيـض ... الف هــاد .... وهــــاد

فارتدوا – هاربين من افـقــك     الغـض – مسـوح النســاك والزهـــاد

لا ترعهم ... فرب قمــة نـورٍ       عبـدتهــا جوانــح الالحـــــاد !

                             *

يا بــلادي ... يا دفقة من ربيع          فيه ظلـي ... وفيـه مائــي وزادي

كلمـا ... مر من شـبابك ركـب       رف يحـدوه من شـبابــــي حـاد 

وتمثلت شـاطىء الكبـر دنيــا        حفلـت بالغــــزاة   والقـــواد

وهــاني بعل موجـة من ابـاء           حضنتهـــا مواكـب الاجنـــاد    

تغـزل الكبر والشـموخ خيوطـاً          زاهيــات الاثــواب والأبـــراد 

وأماني "ديدون " تنـســاب أجــواء   عبيــر – على مــدى الأبعــــاد

ناهدات ... فيها من القدر الطاغي ...     وفيـهـا مـن الصخــور الصــلاد

وصحاب الحياة ... فجر مـن الاضـواء ... فـي عتمــة الخطـوب الشــداد

قبـس من هـدى الزعيـم وفيض      مـن تعاليـمــه   ... ونور المبادي

غمرتهم رؤى الجمـال ... فكـلّ         يتملــى منــه ... وكـلّ ينــادي :

سوريا ... أمتي ... زعيمي: تراث        خلفتـــه الآبــاد ... للابــــاد !

 

 
جميع الحقوق محفوظة © 2024