شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 1925-07-30 |
الجنسيات الجزء 4 |
الجنسيات السورية واللبنانية والفلسطينية سوريا كما عرفناها أثناء درسنا التاريخ والجغرافيا هي البلاد الواقعة بين ترعة السويس وجبال طوروس وبين بلاد العرب والبحر المتوسط وعدد سكانها نحو أربعة ملايين نفس يمكن أن تصير إذا ارتقت البلاد نحو عشرة ملايين نفس وهي من هذا الوجه يمكنها أن تلعب على مسرح التاريخ دوراً مجيداً يؤهلها له مركزها التاريخي الهام وسعيها الذكي النشيط أما سوريا التي نعرفها على عهد الاحتلالين الإنكليزي والفرنسي فهي مقاطعة صغيرة شمال سوريا لا يصح أن تسمى دولة بالمعنى العصري وهي سواء كانت مستقلة أو غير مستقلة فلا رجالها ولا مالها ولا مركزها يمكنها من أن تكون أمة محترمة ودولة مهابة أو من أن تأتي شيئاً يستحق التسجيل في تلك المحكمة العليا التي تسمى التاريخ. وما يقال في سوريا من هذا القبيل يقال في لبنان وحلب والعلويين وجبل الدروز وفلسطين وسائر الدول من هذا التقسيم. أما البرهان على حالة الشلل فظاهر في جميع القضايا الوطنية التي يطلب حلها من الشعب ففلسطين المنفردة في مقاومة الحركة الصهيونية والانتداب البريطاني تجاهد كثيراً دون أن يأتي جهادها بالغاية المطلوبة لأن اليهود لا يزالون يتوافدون عليها ويشترون أرضها ويزاحمون أهلها على الحكم مزاحمة المتفوق وهذه حالة كان يمكن أن تتغير كثيراً أو قليلاً في مقاومة تغلب المصالح الفرنسية خصوصاً والأجنبية عموماً على المصالح الوطنية بدون جدوى ويرغب في استقلال سياسي واقتصادي ولا يناله ويطلب أن يحكم نفسه بنفسه ولا يجاب إلى طلبه وقس على حال فلسطين ولبنان حال دمشق وحلب والعلويين وسائر المقاطعات الأخرى. وهذه الحال تعود كما بيننا سابقاً إلى حالة الانقسام الموجود فيها البلاد السورية فإن الأقسام التي تؤلف ما يسمونه "الدول السورية" أقسام أصبحت لا حول لها ولا طول ولا قوة يمكنها أن تستند إليها في تأييد مطاليبها لذلك سمينا استقلالها سخرياً لأنه استقلال إذا كان حقيقة فهو استقلال وجوده وعدمه سيان للسبب الذي بيناه في الفقرة السابقة. بقي أن نذكر أن ضربة سوريا الكبرى هي في الزعماء الذين ليس لهم من أهلية الزعامة شيء، هم رجال يجب علينا أن نقول الحقيقية فيهم وهي أنهم خالون من الإدراك السياسي والحربي والاقتصادي بالمرة فأبحاثهم لا تدور إلا على أجورهم ومقتنياتهم وحالة معيشتهم وإذا اتفق أن تطرقوا إلى البحث في مسألة وطنية جوهرية بحثوا فيها كالأولاد الصغار مبدين آراء تضحك سخافتها الثكلى، وما يجب علينا أن نصرح به هنا أيضاً هو أننا لم نسمع حتى الآن أن واحداً من الجالسين على كراسي النيابة في المقاطعات التي أتينا على ذكرها ألقى اقتراحاً سياسياً من الدرجة الأولى أو الثانية ويكون له تأثير ما على حالة البلاد السياسية والاقتصادية ومثل الكتاب المعيب الذي أثبتناه فيما تقدم برهان واضح على العقم السياسي المصاب به أولئك الذين يعدون أنفسهم زعماء الأمة. أما منطق الكتاب فهو منطق يدل على مبلغ العقم الفرنسي الباهر بأجلى وضوح لأن المنطق الذي يعتبر الأرمن سوريين لمجرد أنهم كانوا (رعايا عثمانيين) منطق لا يعرفه غير ذلك العقم الباهر المختص بسياسيي فرنسا، وقد كان المنتظر أن يجعل هذا المنطق بعض أولئك المتزعمين يتكلمون شيئاً في ذلك ولكن ظهر الآن أن ذلك عبث. لم يقم بين الجالسين على كراسي النيابة في "الدول" السورية رجل واحد له من الإدراك السياسي والحربي ما يحمله على القيام بحملة سياسية على تقطيع سوريا وخص مقاطعاتها بجنسيات متعددة حتى أنه لم يقم بينهم واحد له من الذكاء الفطري ما يجعله يحتج على حسبان الأرمن الذين يفدون سوريا هرباً من جور الأتراك سوريين يحق لهم التمتع بسائر حقوق الجنسية السورية لا لشيء سوى أنهم كانوا قديماً رعايا عثمانيين مثل السوريين! أو بعد هذا يوجد من يصدق أولئك الخونة الذين يملأون العالم ضجيجاً بالقول بأن سوريا سائرة إلى الأمام في طريق الاستقلال بفضل الأعمال التي يقومون بها؟ أن الخطوة في طريق الاستقلال الحقيقي هي في إلغاء كل القوانين والجنسيات التي تجعل من السوريين أنفسهم أعداء لسوريا، بيد أن اتخاذ هذه الخطوة يقتضي القيام بحركة عامة في طول سوريا وعرضها وهو ما ندعو إليه، يجب على الأمة السورية أن تحافظ هي نفسها على حقوقها وسلامتها وبدون ذلك تكون الآخرة عكس ما يصوره لها الزعماء الكذابون الذين لا إدراك لهم ولا ضمير. تمت "المجلة" السنة الحادية عشرة، يونيو 1925
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |