شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2009-05-20 |
عندما تتصادم الاستراتيجيات الكبرى من المشرق العربي إلى القوقاز (3) |
نظام مارديني – (الحلقة الثالثة) تستكمل البناء نشر دراسة الزميل نظام مارديني حول الصراع من الشرق الأوسط إلى القوقاز في الحلقة الثالثة والأخيرة. "خسارة إسرائيلية" لا تمكن قراءة الدور"الإسرائيلي" في القوقاز عموماً، وعلى خطوط التماس مع الحدود الروسية خصوصا، إلا من خلال هذا الصراع القاري الذي أشرنا إليه، ودور "إسرائيل" هنا هو ضمن قواعد اللعبة الأميركية الأطلسية الساعية لخنق روسيا ومنعها من التمدد الى المياه الدافئة، حيث منابع النفط والمقاومة في الخليج والهلال الخصيب. وأياً تكن الحال فإن "تل أبيب" كانت بين العواصم الأشد خوفاً وقلقاً مما حدث في جورجيا، إذ لها تاريخ طويل وبائس في دعم الأنظمة الفاشلة، من عيدي أمين في أوغندا ومروراً بأوغستو بينوشيه في تشيلي، ولا نستثني هنا الحركات الانفصالية كحزب الكتائب في لبنان والأكراد في العراق، وهي لذلك وجدت نفسها في الأزمة الجورجية، بين فكي الرغبة في التعاطف مع حليفتها تبليسي والخشية من رد الفعل الروسي، وهو ما أكدته أورلي أزولاي من يديعوت أحرنوت بالقول: روسيا انتصرت في الحرب وبالتالي جورجيا والولايات المتحدة هزمتا. ولذلك على من في العراق وأفغانستان أن يفكروا بأنه لا سند لديهم في التحالف مع الولايات المتحدة. ولعلهم في إسرائيل يبدأون بالتفكير في الأمر مرتين .ويشير المعلق الأمني في "معاريف" عوفر شيلح: على " إسرائيل " إعادة النظر في مواقفها لأن ما يحدث في القوقاز يقرب من نهاية عالم القطب الواحد، مطالباً بإعادة التفكير في حكمة وتبصر من اعتمدوا على واشنطن بأعين مغمضة ومن يجلسون فيها معتقدين أن العالم ملك لهم. ولعل سقوط برويز مشرف في باكستان دليل على أن لعبة الأمم تتجاوز في النهاية الأفراد مهما علا شأنهم، في لعبة الشطرنج يموت الوزير ليحيى الملك. من هذا المنطلق بدت "إسرائيل " على المستوى المستقبلي أحد الخاسرين الإقليميين من هذا الصراع. وبطبيعة الحال ليس لنوعية الروابط العسكرية التي ربطتها مع جورجيا، ورفض وزارة الدفاع الإسرائيلية توصية الخارجية بضرورة إيقاف تلك الروابط للحفاظ على العلاقات الجيدة مع موسكو فحسب، وإنما أيضاً المؤشرات التي أظهرت مشاركة خبراء عسكريين إسرائيليين في الهجوم الجورجي على أوسيتيا الجنوبية. ولذا فإن العلاقات الروسية الإسرائيلية مرشحة للتوتر سواء على الصعيد الثنائي، أم امتداداته الإقليمية تجاه تمكين روسيا، كلاً من سوريا وإيران من حيازة منظومة صواريخ SS300 مضادة للطائرات التي تعتبرها "إسرائيل" خطاً أحمر، لكونها قادرة على اعتراض طائرات وصواريخ على بعد 150 كم، وأرتفاع يصل الى 27 كم. وهي بهذا أكثر فاعلية من الصواريخ الأميركية من طراز باتريوت. وكانت دراسة أعدها المعهد الأمني "الإسرائيلي" رصدت الكثير من أشكال التعاون الثلاثي الروسي الإيراني السوري. وهو التعاون الذي ارتقى الى درجات متقدمة من التنسيق وتبادل المعلومات منذ العام 2006 وحتى الآن، في رد واضح على الرعاية الأميركية غير التقليدية "لإسرائيل "، وهي رعاية ترى فيها موسكو خطراً على مصالحها في المنطقة، ويجب الرد عليها من خلال السعي الى تكوين تحالف استراتيجي لها في الشرق الأوسط، يكون درعاً قوية لها تخدم مصالحها الاستراتيجية والعسكرية على المدى الطويل، وما الوصول الى المياه الدافئة على البحر المتوسط إلا خير دليل على أن قيادة الكرملين وضعت قدميها الإثنتين في هذا البحر، ولذلك رأت موسكو أن ما يؤسس لهذا التموضع هو إنشاء مثلث التعاون الاستخباراتي بين روسيا وإيران وسوريا ، وهو المثلث الذي ستتحطم عليه الأهداف التي تسعى "تل أبيب" الى القيام به، على حد تعبير المعهد الأمني الإسرائيلي. من هنا جاء رد الفعل الأميركي "الإسرائيلي " عنيفاً على زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى موسكو في هذا الوقت المفصلي من التشابك الدولي، الأمر الذي يدفع الى قراءة أدوار أخرى "إسرائيلية"، لحماية خطوط النفط في الخليج، التي تقبع تحت سيطرة إيران ورحمتها في مضيق هرمز الحيوي، والذي يمر منه 40 بالمئة من نفط العالم، وحيث منابع المقاومة في الهلال الخصيب، المناهضة للمشاريع الأميركية "الإسرائيلية" في المنطقة، والمؤسسة لقيام شرق أوسط جديد، مداه العالمان العربي والاسلامي. في ضوء هذا الواقع، ربما يحق لواشنطن أن تسمح لنفسها بالرد القاسي على زيارة الرئيس الأسد لموسكو والمكاسب العديدة التي حصل عليها من هناك، إلا أن حكام "تل أبيب" يعرفون أنه مع بوتين ميدفيديف العازمين على ابراز سيطرتهما الراسخة على القوقاز للعالم كله، لا ينصح بالتورط، لأن الأمر لا يقتصر على قوة العملاق الروسي الجيوسياسية في الدور المركزي الذي يشغله في اللعبة الدبلوماسية مع إيران، بل هناك المسألة اليهودية أيضاً، فمئات آلاف اليهود يعتمدون مادياً على إحسان بوتين، ويكفي تلميح منه ل يعقد حياتهم ويحول وضعهم الى واقع لا يطاق. جورجيا: لا يتجاوز عدد سكانها 5 ملايين نسمة، وهي بلد قوقازي صغير وفقير، مع أنها كانت بلداً مزدهراً في العهد السوفييتي، حيث كانت تعتبر"حديقة فواكه" الاتحاد، إلا أنها بعد تحولات "البيريسترويكا" ، تحولت الى أفقر بلدان العالم. وهي ما زالت تتزود حتى اليوم بالطاقة الكهربائية مجاناً من روسيا، ومن دون هذه المساعدة الموروثة من العهد السوفييتي، فإن جورجيا معرضة للموت، وبالمعنى الحرفي للكلمة. ولا يتجاوز إنفاق هذا البلد العسكري 583 مليون دولار في العام، ويبلغ حجم جيشه أقل من 18 ألفاً، ويملك من الدبابات 128 ومن المدافع 109 ، ومن الطائرات 7 مع 35 مروحية. أبخازيا: يقع هذا الإقليم في شمال غرب جورحيا ويتمتع بالحكم الذاتي منذ مطلع العقد التاسع من القرن الماضي، وغالبية سكانه من الأرثوذكس، و 10 بالمئة من المسلمين المحمديين. وهي أعلنت استقلالها عن جورجيا في العام 1992 . وإذا كانت أوسيتيا الجنوبية تفتقر للمواقع الاستراتيجية فإن أبخازيا تحتل شريطاً طويلاً نسبياً على ساحل البحر الأسود.
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |