|
||||||||||||
|
||||||||||||
إتصل بنا | مختارات صحفية | تقارير | اعرف عدوك | ابحاث ودراسات اصدارات |
قواعد ومرتكزات في الفكر القومي الاجتماعي | ||
| ||
الإرادة: عام 1935 أعلن سعاده في الخطاب المنهاجي الأول مبدأ جديداً هو مبدأ الإرادة، إذ قال في إحدى فقراته «في هذا الزمن الذي هو زمن تنازع الأمم البقاء، وفي هذا الوقت الحرج وشعبنا تعمل فيه عوامل الفساد والتجزئة والملاشاة القومية، انبثق الحزب السوري القومي الاجتماعي كما ينبثق الفجر من أشد ساعات الليل حلكاً ليجعل مبدأ جديداً هو مبدأ الإرادة - إرادة شعب حي يريد سيادته على نفسه ووطنه لتحقيق مثله العليا - إرادة الحياة لأمة حية - مبدأ أن المبادئ توجد للشعوب لا الشعوب للمبادئ - مبدأ أن كل مبدأ لا يخدم مصلحة الشعب نفسه ووطنه هو مبدأ فاسد - مبدأ أن كل مبدأ صحيح يجب أن يكون لخدمة حياة الأمة». إن هذا الخطاب وإن كان موجهاً لجموع القوميين الاجتماعيين، إلاّ أن ما أعلن فيه يعني الأمة كلها، فمبدأ الإرادة الجديدة، ليس مطلوباً أن يكون فاعلاً في القوميين فقط، إنما في الشعب كله، وإذا كان مطلوباً من القوميين أولاً فلأن الحزب يجب أن يشكل النموذج الذي تشع أفكاره وأعماله ليشمل الأمة كلها، لأن أية مطالب أو أغراض لمجتمع ما، أو لشعب ما، لا يمكن أن تتحقق إلاّ إذا تولدت فيه إرادة تحقيق ما يطلب، ولا يمكن أن يكون له دور في تقرير مصيره إلاّ إذا تولدت فيه إرادة تقرير المصير، ويعلن سعاده في الخطاب السابق انتصار مبدأ الإرادة في الحزب القومي الاجتماعي الذي شكل نموذجاً معبراً عن الأمة، ووضع على عاتقه نشر مبادئه وقواعده في الأمة كلها، فيقول: «إن إرادتنا نحن هي التي تقرر كل شيء، فنحن نقف على أرجلنا وندافع عن حقنا في الحياة بقوتنا - ومن الآن فصاعداً تدير إرادتنا نحن دفة الأمور». وإذا كان سعاده قد توجّه للقوميين فلأنهم بما آمنوا به من مبادئ وقواعد، قد تحقق فيهم الوعي، وانتصر فيهم الوجدان القومي، وكانوا نواة الأمة التي يعملون لأجلها، فالحزب الذي أسسه لم يكن لمسائل جزئية أو آنية، أو مؤقتة، ولم يكن لتحقيق مصالح الحزب كحزب ولا لتحقيق مصالح أفراده، أو أفراد أمته، إنما لتحقيق مصالح الأمة، فهو معني بوحدتها ومبادئها على نفسها وارتقائها، وعليه يقع نشر فكره في الأمة كلها، إذ يقول في رسالة إلى حميد فرنجية منشورة في الجزء (2) من الآثار الكاملة: «الحزب لم ينشأ خصيصاً لأن الانتداب موجود بل لجعل الأمة السورية موحدة وصاحبة السيادة على نفسها، والإرادة في تقرير مصيرها»، وفي خطابه الذي ألقاه في جموع المواطنين والقوميين في تلكلخ عام 1936، المنشور في المرجع السابق قال: إننا اجتمعنا اليوم في سبيل غاية واحدة، وهذه الغاية أننا قررنا أن لا نكون بعد اليوم قطيعاً يساق، بل تكون إرادتنا هي التي تقرر في كل أمر له علاقة بمصيرنا»، ولأن سعاده اعتبر الحزب القومي الاجتماعي هو القوة الفاعلة، والوسيلة العاملة لانتصار إرادة الأمة التي في حال تحقيقها، تصبح الإرادات الخارجية والإرادات الداخلية المتعاونة معها، حالات لا تلبث أن تنهزم أمام إرادة الأمة التي تقرر أغراضها وأهدافها ومصالحها، إذ يقول في مقالته - مصير سورية بعد الحرب - الجزء السابع من الآثار الكاملة: «لأنه إذا انتصرت إرادة الأمة السورية بانتصار الحركة السورية القومية فكل ما تقرره العوامل الخارجية والإرادات الأجنبية يكون عارضاً ويزول». وفي نفس المقالة يوضح قيمة مبدأ الإرادة الذي أعلنه من خلال الصراع الداخلي الدائر بين المستسلمين للإرادات الأجنبية وبأنها هي التي تقرر سيادته ومصيرهم، وبين المؤمنين بإرادة الأمة وانتصارها، وأنه على نتائج هذا الصراع يتوقف مصير الأمة وإنجاحها، فيقول: «إن مصير سورية يتوقف على ما تختارونه أنتم، إنه يتوقف على انتصار مبدأ العمل بإرادتنا، أو انتصار مبدأ التسليم بإرادة غيرنا»، وفي المقالة نفسها يقول: «إن مصير سورية لا يتوقف على نتيجة الحرب أو العوامل الخارجية والإرادات الأجنبية إلاّ لفاقدي الشعور بشخصية سورية وإرادتها الذين لا يساوون أنفسهم بها وإن كانوا من أبنائها، أما أصحاب الوجدان القومي فيرون أن مصيرها لا يتوقف على شيء من ذلك بل على الصراع الداخلي بين إحياء الوجدان القومي في الشعب وإماتته، بين إيجاد إرادة الأمة السورية، فعلياً في التاريخ أو إعدامها منه». ومبدأ الإرادة هذا، والذي أعلنه الفكر القومي الاجتماعي لا يعني الأمة السورية وحدها إنما هو مبدأ يعني كل الأمم العاملة لتحقيق سيادتها على نفسها واستقلال شعبها فيها، ودونه فإن الأمم ستترك مصيرها معلقاً بالإرادات الخارجية التي تفعل باتجاه مصالحها هي، وتربط استقلال الأمم بما تقرره هي لها، لذلك اعتبر سعاده مبدأ الإرادة هو القاعدة الأولى التي يجب التفكير فيها، وتحقيقها، لتتمكن الأمة، أية أمة من تحقيق مطالبها في السيادة والاستقلال، فيقول في مقالته - الاستقلال السوري الموعود - في الجزء الثامن من آثاره: «إن أول ما يجب جعله قاعدة التفكير الصحيح في قضية خطرة كقضية استقلال أمة من الأمم، إن هذه القضية لا تتأسس على وعود صادقة أو وعود كاذبة من قبل دولة أو دول أخرى، إنها قضية إرادة الأمة وهذه الإرادة هي أساسها وشرطها الذي لا وجود لها بدونه». وفي دعوة سعاده لمبدأ الإرادة، يعطي مثالاً لفعلها في الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي أسسه، وفي سلوك أعضائه عندما تعرض الحزب لاختبارات، وكيف أن إرادة الحزب انتصرت على أهواء بعض الأعضاء، وعلى مصالحهم الفردية، وكيف عبروا عن الإرادة العامة بسلوكهم العملي، ففي انتخابات 1937 التي جرت في الكيان اللبناني بدا الالتزام الراقي للقوميين بما قررته إدارتهم العليا المعبرة عن إرادتهم العامة، التي قال عنها سعاده في مقالته - موقف الحزب - في الجزء الثالث من آثاره: «لأول مرّة في تاريخ الانتخابات نجد أفراداً يتقدمون إلى صندوق الانتخابات ليضعوا فيه أوراقاً لا تمثل رغباتهم الفردية، بل تمثل إرادة الحزب»، وعن التزام القوميين في المواقف السياسية التي تقررها إدارة الحزب يقول سعاده في مقالته - الأخلاق الحزبية، في المرجع السابق: «إن انصياع أعضاء الحزب لأوامر المركز في المواقف السياسية مع أن هذه الأوامر كانت في كثير من الأحيان معاكسة لبعض الرغبات الخاصة المتولدة من روح البيئة ومنافع الظروف، فنجاح الأمة يجب أن يسجل للحزب السوري القومي بمداد الفخر، فقد انتصر الحزب بهذا الموقف على الميعان الذي كان صفة عامة في الأمة، وأوجد للإرادة العامة حرمتها في ضمير كل فرد من أفراده» ولقد شكل انتصار هذا المبدأ احتراماً وتقديراً للحزب حتى من الذين كانوا في الجهة النقيضة له، إذ عبر القوميون عن الأخلاق العالية التي تقول بالمصلحة العليا للأمة كما يدعو لها فكرهم، متخلين عن رغباتهم الفردية وأهوائهم الشخصية والتي تخلّوا عنها بنسبة كبيرة باعتناقهم العقيدة الجديدة، ويعتبر سعاده أن توليد هذه الإرادة كان خطوة فاصلة في قيادة الشعب، إذ يقول في مقاله - الاستقلال الموعود، إن توليد إرادة الأمة بتكوين عقيدتها القومية كانت الخطوة الفاصلة التي قاد سعاده الشعب السوري إليها. وعند إعلان استقلال الكيان اللبناني وانقسام اللبنانيين باتخاذهم مواقف منظارية حوله، وهو الاستقلال الذي أعلنته الإرادات الأجنبية بإعلانها دولة لبنان الكبير، ومنحه الاستقلال حسب مصالحها هي، أوضح سعاده خطر الانقسام وخطر فقدان الإرادة العامة في تقرير ما تريد هي، لا ما تريده الإرادات الخارجية، مطالباً بتوحيد الموقف المعبر عن إرادة تقرر ما تريد بمعزل عن الإرادات الأخرى، واعتبر أن إعلان الاستقلال بإرادة خارجية هو احتقار لإرادة الشعب، وأن النهضة القومية أنشئت لتوليد الإرادة الشعبية وعدم الخضوع للإرادات الأخرى، فيقول في مقالته - مهزلة استقلال لبنان - الجزء العاشر من آثاره: «استقلال لبنان ليس سوى مهزلة مهينة لجميع اللبنانيين سواء الذين يريدون الانفصال والذين يأبونه لأن الإرادة الأجنبية قررته، ضاربة بحقوق الشعب السياسية عرض الحائط، ولا جدال في أن الذين قبلواهذا التقرير الأجنبي شجعوا تلك الإرادة على تنفيذ مراميها، وسببه ضعف ثقافتهم الاجتماعية السياسية وجهلهم مبادئ الحقوق المدنية» ويتابع: «إن اللبنانيين يجب أن يرفضوا هذه المهزلة عن بكرة أبيهم، فتقرير الإرادة الأجنبية أمورهم يعني إلغاء إرادتهم ووضع الإرادة الأجنبية محلها، وهو أمر يلغي كل أثر للسيادة القومية التي تعني إرادة الشعب: لذلك يجب أن يكون هذا الإعلان مرفوضاً وأن يشترك في مقاومته طلاب الانفصال مع طلاب الوحدة لأنه تهجم على كرامة الشعب واحتقار إرادته» إن هذه المقالة المكتوبة قبل أكثر من ستة عقود تنطبق على ما يجري في ساحة الكيان اللبناني الآن. إن سيادة أية أمة على نفسها لا يكون إلا بوعيها وإيمانها بإرادتها في تحقيق هذه السيادة، فمبدأ الإرادة هو قاعدة من قواعد استقلال الأمم، وفي توجهه لطلبة الجامعة الأميركية، في خطابه المنشور في الجزء (16) من آثاره، أعلن أن الإرادة المرتكزة إلى وحدة الحياة هي الأساس الواجب وجوده للنهوض بالأمة ومواجهة ما يعترضها من ضغوط خارجية وأفكار داخلية منساقة وراء إرادات خارجية، وإن الشعب الموحد الإرادة هو القادر على مواجهة كل ما يعترض حركته نحو التقدم والارتقاء، وإن الحركة القومية الاجتماعية قد حققت في داخلها هذه الإرادة، وستبقى تعمل لتحقيقها في الأمة كلها، فيقول في خطابه ذلك: «إن الحركة القومية الاجتماعية قد حققت شيئاً أساسياً داخلياً هو الوعي القومي واتخاذ القومية عاملاً روحياً، عاملاً موحداً القلوب والأفكار، موجهاً القوى القومية في إرادة واحدة وعمل منظم واحد نحو غايات الأمة العظيمة، هذا النسيج الجديد من الإرادة والأفكار هو شيء ضروري جداً، شيء لا يستغنى عنه مطلقاً للنهوض بالأمة من الحضيض الذي وصلت إليه والتقدم نحو ميادين الحياة الواسعة، كل محاولة بدون هذا النسيج، بدون هذه الوحدة الروحية الفكرية في الإرادة والعزيمة المرتكزة إلى شيء حقيقي واقعي، إلى مجتمع واحد في حياة واحدة ومصير واحد، بدون هذا الأساس لا يمكن النهوض ومواجهة الأفكار بأمل الانتصار».
|
||
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |