شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2009-07-10
 

«الاستخبارات الإسرائيلية، إلى أين؟»

تشير الدراسة في الجزء المتعلق بالبيئة الإستراتيجية لإسرائيل إلى أن العولمة ستواصل تشكيل صورة العالم في السنوات المقبلة. أما سماتها الأساسية فهي: مواصلة ذوبان الحدود بين الدول بوصفها حاجزا أمام حركة المعلومات، السكان، التكنولوجيا ورأس المال على وجه البسيطة؛ تناقص الشرعية لاستخدام القوة العسكرية؛ استمرار المؤسسات الدولية في أداء دور مهم في المنظومة الدولية؛ كما سيواصل الاقتصاد، الثورة التكنولوجية وعصر المعلومات أداء دور المحرك في تقدم العولمة.

وهناك ظاهرة تناقض العولمة في اتجاهها، لكنها تكملها بمنطقها وهي المحلية.

وتشرح الدراسة ظاهرة المحلية فتشير إلى أنها تعاظم عوامل القوة المحلية في الدول ذات السلطة الضعيفة. والأمثلة على ذلك: أراضي السلطة الفلسطينية، لبنان، العراق، السودان، أفغانستان. وتشكل هذه المناطق مرتعا للجهات المعادية. وبسبب الخشية من المساس بالسكان المدنيين ثمة صعوبة في تحقيق الردع في مثل هذه المناطق عبر استخدام القوة الشاملة، ما يستدعي، بالتالي، عمليات جراحية ضد الجهات المعادية، وهي عمليات تتطلب بداهة فعلا استخباراتيا.

وستواصل منظومة القوى الدولية ميلها للانتقال من عالم أحادي، يملي فيه الغرب جدول الأعمال العالمي، إلى عالم متعدد الأقطاب، تتواجد فيه قوى عالمية قوية أخرى، مثل الصين، روسيا (التي تطمح إلى استعادة دور اللاعب القائد) والاتحاد الأوروبي. وسيعزز النمو الاقتصادي السريع في شرق آسيا، وخصوصا في الصين والهند، مكانة هذه المنطقة الدولية، لكنها أيضا ستخلق تحديات في المجال الداخلي في ضوء الفجوة المتزايدة في تقاسم المداخيل بين السكان. صحيح أن نفوذ الولايات المتحدة قد يتراجع، لكنها ستبقى القوة الأعظم وستواصل محاربتها للإرهاب ولانتشار الأسلحة غير التقليدية. وسوف تستغل قوى الإسلام المتطرف وإيران تعاظم الوعي بالهوية الإسلامية لزيادة النضال ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، بوصفهما تهديدين عسكريين، دينيين وحضاريين.

وتقرأ الدراسة الميول في البيئة الإقليمية الإسرائيلية، فترى أن النزاع العربي الإسرائيلي سيواصل ترؤس جدول الأعمال الأمني والسياسي لإسرائيل ودول المنطقة كنزاع قومي ديني وحضاري، وفي قلب هذا النزاع سيبقى النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين. وهناك بؤرة نزاع ثانية: بين إسرائيل وسوريا وحزب الله. ومن الجائز في العقد المقبل حدوث مد وجزر في العملية السياسية. وهنا يجب الأخذ بالحسبان نشوء دولة فلسطينية «مسالمة» أو معادية/ غير مستقرة، وربما اتفاقيات مع سوريا ولبنان، ومع دول عربية أخرى. صحيح أن الأنظمة العربية اليوم تسلّم بوجود إسرائيل، ولكن قد يتعزز الخط الأيديولوجي الرافض لحق دولة إسرائيل في الوجود والتسليم بها في أوساط قسم من سكان العالم العربي.

وتعتبر الدراسة أن هناك بؤرة نزاع ثالثة تتدخل فيها إسرائيل في المنطقة وهي إيران والمنظمات الإسلامية المحلية والدولية. إذ سيواصل هؤلاء اعتبار إسرائيل عدوا يجب تدميره. وقد تتورط إيران في مواجهة بين إسرائيل وسوريا وحزب الله، كما أن هذه القوى يمكن أن تتدخل في مواجهة بين إيران وإسرائيل، إذا وقعت.

وفي تحليل مواضع انعدام اليقين ينبغي الأخذ بالحسبان تعزز المعارضة الإسلامية لدرجة تعريض استقرار أنظمة معينة للخطر (السلطة الفلسطينية ـ منظمة التحرير، مصر، الأردن، لبنان، سوريا، السعودية، باكستان) كذلك هناك انعدام يقين بشأن الوضع في العراق وآثاره على المنظومة الإقليمية وإسرائيل.

وتلخص الدراسة المخاطر الأمنية الأساسية على إسرائيل في العقد المقبل على النحو التالي:

أ ـ خطر السلاح غير التقليدي بأنواعه المختلفة وإمكانية وصول سلاح نووي لأيدي دول أو جهات متطرفة.

ب ـ خطر الصواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، خصوصا من جانب المنظومة الشمالية، إيران، والمنظومة الفلسطينية.

ج ـ خطر تقليدي من جانب الجيوش النظامية في المنطقة والتي يملك بعضها أسلحة متطورة.

د ـ أخطار شبه عسكرية وعصابية.

ه ـ أخطار الإرهاب من جانب جهات إرهابية في المنطقة أو من جانب جهات دولية. ويشمل ذلك احتمال عمليات هائلة الترهيب.

و ـ انتفاضة، عصيان مدني.

وتشير الدراسة إلى إمكانية تقاطع المخاطر وترى أن عددا من المخاطر القائمة في البيئة الإستراتيجية يمكن أن تتعاظم في ضوء الترابط بينها مثل:

أ ـ خطر سقوط أنظمة عربية معتدلة بالترافق مع خطر امتلاك سلاح نووي، على شكل الخوف القائم حاليا إزاء باكستان.

ب ـ خطر استعداد جهات إرهابية متطرفة لتنفيذ عمليات ترهيب هائلة بالترافق مع تسرب سلاح غير تقليدي.

ج ـ خطر تبلور دولة فلسطينية معادية بالترافق مع انتفاضة في أوساط متطرفين من عرب إسرائيل.

وتشرح الدراسة الآثار العملانية لهذه الأخطار على نظرية الأمن الإسرائيلية وتحدد أن هناك حاجة للاستعداد لمواجهة في جبهة أوسع مع عناصر إرهابية وعصابية ومع الدول التي تطور أسلحة غير تقليدية ومع «جهات في مناطق معادية لا وجود فيها لسلطة مركزية».

وتخلص الدراسة إلى أن لكل ذلك آثارا على أسرة الاستخبارات الإسرائيلية تفرض عليها «أ. شن حرب سرية في جبهة واسعة في ضوء طابع الأعداء وغياب المشروعية السياسية لاستخدام النار. فالعمل السري يسمح أيضا بتقليص مخاطر التصعيد، رغم أن ذلك ليس مضمونا. ب. تنفيذ عمليات جراحية معقدة في مناطق بعيدة. ج. تنفيذ عمليات إحباط واسعة ضد الأعمال السرية والجرائم الإستراتيجية على الصعيد الداخلي. د. تطوير قدرات هجومية ودفاعية في الشبكة العنكبوتية، كموضع قتال جديد في عصر المعلومات. هـ. توفير معلومات دقيقة وبكمية عالية لتجسيد القدرات النارية المتقدمة للجيش الإسرائيلي. و. توفير معلومات لتحقيق مصالح أمنية ـ سياسية، مثلا ردع الأعداء عن الحرب وإحباط مشاريعهم، عبر الكشف عن نواياهم، أو توفير «معلومات استخبارية مدينة» ضد أعداء يعملون تحت ستار من السرية والخداع للأسرة الدولية (مثال السيطرة على سفينة السلاح كارين إي). ز. المساعدة في الحرب على العقول، بكشف المعلومات التي تؤثر على شرائح مختلفة بهدف المساعدة في تحقيق أهداف أمنية قومية. ح. الخداع والحرب النفسية.



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024جميع المقالات التي تنشر لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع