شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 1946-05-26
 

إلى غسّان تويني رسالة 4 ج 2

أنطون سعادة

مهمتكم الأصلية الاتصالية: ان هذه المهمة، التي حققت القسم الأول من غايتها بوضع التقرير الأول وارساله مع الوثائق والمنشورات المزود بها الى مكتب الزعيم، قد اصبحت بالفعل بحصول الاتصال المباشر بين الزعيم والمجلس الأعلى ومكتب عبر الحدود بحيث لم تبق حاجة لاعتماد الاتصال المداور التي أقيمت بسبب فقد الاتصال المباشر بين الزعيم والمؤسسات المركزية. فابلغكم انتهاء مهمتكم الاتصالية رسمياً، الذي لا يمنع استمرار امداد الزعيم بجميع المعلومات التي يرى ان يطلبها منكم للوقوف على كل ما يلزم لتكوين رأيه في الحالة الحزبية الحاضرة، واستمرار التعاون في جميع المسائل التالية.

واني انتهز هذه الفرصة لتهنئتك باغتباط باحاطتك بالمسائل الحزبية الدقيقة المتشعبة وشؤونها التكنية ولقيامك بالمهمة التي انتدبت اليها غلى أفضل وجه.

تقريرك الأول: قد شمل هذا التقرير جميع نقاط الاستعراض اللازمة لتصوير حالة الحزب الحاضرة الداخلية وموقفه وخططه السياسية العملية الحالية بالنسبة الى حالة البلاد السياسية والحالات السياسية الانترنسيونية الطارئة التي وصفها التقرير وصفاً فنياً متقناً.

ان جميع القضايا التنظيمية والادارية والسياسية التي ذكرت في التقرير ستجد تحليل الزعيم وتعليله لها وحلولها في الخطاب الذي يوجهه الزعيم الى المجلس الأعلى في أول جلسة يحضرها الزعيم بعد عودته وتكون مخصصة لسماع هذا الخطاب، وفي الخطاب الذي يلقيه الزعيم بعد عودته في اجتماع حزبي عام يعين خصيصاً لهذه الغاية او يوجهه الزعيم الى مجموع الحزب.

الا انه لا بد لي من ابداء ملاحظة على تحليلك نهج الحزب في صدر الباب الثالث من تقريرك في وصف "الاتجاهات الحزبية الداخلية" اذ تقول: "لقد عرف الحزب في الماضي بالتشديد المتطرف على العقيدة، حتى انه تحول هذا التشديد الى تحجر اكاديمي جعل الحزب في موقف سلبي من السياسة القائمة بدلاً من اشتراكه في هذه السياسة والتميز عنها بوجود الأساس العقائدي كمبدأ تحاكم هذه السياسة بالنسبة اليه وكغاية يسعى اليها. وازاء هذا الوضع، وبالنظر للظروف السياسية التي لم تكن، في توجيهها النظري، موافقة للعقيدة القومية الاجتماعية، اتجه الحزب نحو اتباع نهج جديد، هو تطبيق عملي لمبادئه، فأحا العمل السياسي المجرد مكان الجدل العقائدي، وبالتالي تحلى بالمرونة، وتمكن بذلك من الاشتراك المباشر في الحياة السياسية العامة والعمل على اصلاحها من ضمنها الخ.." الى أن تقول: "كما أن هذا التحجر الاكاديمي صرف حيوية الأعضاء في الأبحاث النظرية حول طبيعة الأمة ووجودها وغير ذلك، بدلاً من النشاط الخلاق الذي يدخل العقيدة الى النفوس والعقول كأساس ضمني للنهضة الاصلاحية والثقافية التي يقوم بها الحزب".

اني أرى في هذا التحليل غلطاً في التقدير والاستنتاج ناشئاً عن عدم العناية بدرس نشوء الحزب السوري القومي الاجتماعي والكيفية التي نشأ فيها والظروف المحيطة بتلك النشأة. والظاهر ان مؤسسات الحزب الثقافية والاذاعية والسياسية لم تعن العناية اللازكة بهذه الناحية الهامة من الثقافة الحزبية او لم تسمح الظروف بتوجيه العناية اليها. واني لعلى يقين من ان دراسة صحيحة لتاريخ نشوء الحزب السوري القومي الاجتماعي تؤدي حتماً الى تعديل الآراء المتقدمة الواردة في تقريرك، التي يحتمل أن تكون آراء شحصية بحت مما تستنتجه ملاحظتك الخصوصية ويحتمل ان تكون آراء مشتركة بين عدد من أشخاص الادارة المركزية الجدد الذين لم يشتركوا في اختبارات الحزب الأولى لعهد نشأته. ويشجع على أخذ الاحتمال الثاني بعين الاعتبار ما يلاحظ في تعابير بعض المسؤولين الجدد من صيغة "الاستنباط" او "التجديد" كما في فاتحة عمدة الثقافة و "بيان عميد الثقافة والفنون الجميلة الاساسي" مما يحمل على الظن ان العميد يتوخى نهجاً جديداً غير الذي كان قبل توليه العمدة. فكل قول من هذا النوع يحتاج الى تدقيق كثير واعادة نظر ودرس تفاصيل عهد نشوء الحزب السوري القومي الاجتماعي وفلسفة عقيدته وخطوطه الأساسية، والا اضطرنا للدخول في سلسلة اختبارات "للاستنباطات" و "التجديدات" التي يأتي بها المنتدبون الجدد للمسؤوليات المركزية الذين لم يجتازوا امتحاناً في تاريخ الحزب ووحدة سياسته وادارته واستمرارها.

...

يتبع

صدر عن مكتب الزعيم، في 26 مايو 1946 ولتحي سورية

خاتم وامضاء الزعيم



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه