شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2009-11-18 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الرفيــق فــــؤاد خليفــــة شـاعراً وأديبــاً | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الرفيق فؤاد رشيد خليفة عرفناه ينتسب إلى عائلة قومية إجتماعية، عرفناه أيضاً رئيساً للجامعة اللبنانية الثقافية في ليبيريا، منفذاً للحزب فيها وفي الغرب، كما عرفناه رجل أعمال ناجحاً، وإلى ذلك كله رفيقاً مؤمناً بالنهضة، مناقبياً صادقاً في إلتزامه وعميقاً في وعيه القومي الاجتماعي.
كل هذا عرفناه عن الرفيق فؤاد خليفة، إنما لم نعرفه شاعراً تخرج قصائده من أعماق وجدانه.
عن الرفيق فؤاد خليفة يجدر أن نحكي الكثير ومثله عن أصدقاء عمره: الامناء الراحلون فؤاد صعب، حسن ريدان، رشيد رسامني، عادل شجاع، وعن كثير من الرفقاء منهم سامي حرب وتوفيق رافع حمدان.
عام 2006 أصدر الرفيق فؤاد خليفة ديوانه الشعري "خواطر على طريق العمر" الاهداء "الى التي شاركته حلو الحياة ومرّها"، زوجته نادية، والمقدمة، لصديقه ورفيقه الامين عادل شجاع.
بنشرنا المقدمة التي قدم بها الامين عادل شجاع الكتاب، نضيء على رفيق كان له حضوره المشع في ليبيريا وفي الوطن واستمر على مضاء إيمانه والتزامه بالنهضة حتى آخر زفرة من حياته.
*
ما لنا لا ندوّن أسماءنا
كلنا راحل
كل واحد منا له قبره في الطريق
(غسان مطر)
كثيرون هم الذين يهرعون إلى تدوين أسمائهم على صفحات اللحظة الحاضرة. كل واحد منهم يحاول أن يستمهل الرحيل وأن يستبعد ساعة المثول بين يدي القبر.
لكن الذين يترجمون الرحيل بقاءً يتجاوز حدود العمر ويشيِّدون فوق فوهة القبر جسراً للعبور ليسوا بكثيرين. أولئك هم الفلاسفة والعلماء والفنانون والادباء والشعراء, من بين هؤلاء الاديب والشاعر فؤاد رشيد خليفة.
في هذا الكتاب يزف المؤلف إلى فكرنا ومضات من فكره ويهدي إلى أرواحنا نفحات من روحه، ينثرها جميعاً صوراً نابضة بالحياة تتماهى أحياناً في الرقة واللطافة والصفاء حتى تخالها نسيمات عليلات تلامس إحساسك المرهف. وتفاجئك أحياناً أخرى بالتطرف والثورة والقسوة حتى نخالها بركاناً ثائراً يقذف حممه في كل اتجاه، أو عاصفة تقتلع وتجرف إلى الهاوية كل سخافة وكل سخيف.
عمارة الكتاب لها نوافذ وشرفات. نوافذها مشرعة على الفرح والحزن والحب والجمال، وشرفاتها مطلةٌ على رؤى وطنية المنشأ إنسانية الأبعاد.
- الحزن لديه إن طغى يعصف في الأعماق ألماً يمزق الأحشاء ويطفو على السطح أبياتاً من الشعر تبكي فقدان أم أو أخ أو صديق، لكن حزنه لا يعطل تفاؤل الإرادة لديه وآلامه لا تحجب فرح الحياة عن رؤاه فلنرافقه في رثاء والدته وهو يضم أجزاء تلك المفارقة بعضاً إلى بعض ويقدمها لنا لوحة رائعة الجمال. سر جمالها يفوح من تكاملها.
- والفرح لديه حين يزهو يعكس في زهوه روعة الربيع فلنقرأ ذلك في قصيدته بعنوان (الربيع).
دفؤه نشوة تطوِّف في الأرض وهزج الغابات صوت بشيره
أنت صيف سعيره نسمات تتهادى وروحــه في عبيــره
أنت أنت الشتاء أرشده نوح الليالـي إلى مقــر سـروره
أنت في عالم الزهور أريج أنت في القلب خفقةٌ من حبـوره
وكؤوس الشقيق يترعها الفجر دهاقـاً بدفقة من عطـوره
ويهز النسيم مبخرة الزهر ويرتدي وشــاح بخـــوره
- والحب لديه متى خطر في البال يؤجج في القلب نار الحيرة والغيرة ويفجر ينابيع العطاء كما في توجهه بالنصح لإحدى الحسناوات حيث يقول:
- واقرأه في وصف مشاعر صبية مراهقة حيث يقول:
- واصغِ اليه وهو يحكي قصته الموجعة مع الضياع حيث يقول:
- وأوسعه في قصيدةٍ له بعنوان (بعلبك)، حيث ينفخ الحياة في الحجارة الصماء:
- وعلى مشارف رؤاه يرسم وطناً يعتز بأصالة شعبه العريق ويفخر بعطاءات أبنائه المبدعين ويرفض التكلف والتزلف، ويسفَّه وصولية المتزلفين:
- وحسه الوطني المرهف يتجلى في مقطوعات شعرية ونثرية إرادةً صلبة وروحاً وثَّابةً.
في إحدى قصائده بعنوان (ارنون) يمجَّد روح التحدي ويهاجم الظلم والظالمين حيث يقول:
- وفي رثائه الشاعر إلياس أبو شبكة يضفي على الخلود معنّى جديداً ذا عمق فلسفي وأبعاد إنسانية حيث يقول:
- وفي مقطوعاته النثرية يتناول كارثة "قانا الجليل" وعودة جزين إلى حضن الوطن ولجوء الاسرائيليين إلى خديعة "الحزام الامني"، استشهاد الرفيق سعيد فخر الدين في معركة استقلال لبنان.
أما حسه الانساني المرهف وتطلعاته إلى مستقبل مشرق لبني الانسان فهذه كلها تتجلى في مقطوعات نثرية أخرى مثل "صراع العقل" و"صلاة الوداع" و"الرؤية الطموحة".
وأخيراً لا بد من الاشارة إلى إنتماء المؤلف إلى مدرسة سعاده الفكرية التي تنعكس قيمها الاخلاقية والانسانية ومفاهيمها الوطنية في الكثير من قصائده وكتاباته وتتجلى نزوعاً صارخاً إلى إعلاء صوت الحق وتتبدى نضالاً يصارع الباطل، وإيماناً بالوطن أماً ومآلاً للإنسان وبالعقل شرعاً أعلى يستنير بألق الماضي ليرسم في الحاضر مساراً للمستقبل يليق بإنسانية الانسان.
توفي الرفيق فؤاد خليفة في 16 شباط 2007 وأقيمت الصلاة عن نفسه في 17 شباط ونقل جثمانه الى مسقط رأسه عين عنوب حيث ووري الثرى...
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
جميع الحقوق محفوظة © 2025 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |