شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 1946-07-09
 

إلى غسّان تويني رسالة 5 ج 4

أنطون سعادة

ان الرفيق فايز صايغ يعود في باب "رسالة شخصية" وفي "مقدمة الرسائل" المنشورة في فاتحة هذا الباب الى الطريقة الصحيحة التي كان يجب، وبالاولى، ان يلزمها في "بيانه الاساسي" الذي يعتبر حجر الزاوية في عمله. وقد وجدت تشابهاً كثيراً، اذا لم اقل متابعة تامة، بين ما اورده الرفيق فايز صايغ في باب "مبادئ اساسية في سياسة عمدة الثقافة" وعبارتك التحفظية او الاحتياطية في ختام كتابك الأخير، اذ تقول في مقال الطالب القومي الذي نذر نفسه لخدمة بلاده وخدمة الانسانية من خلالها: "على ان لا يعني هذا تعصباً على الحق والخير والجمال اينما وجدت، لاسباب تخرج عن نطاقها، ولا قياس الحق والخير والجمال بغير قيمها المجردة" فما هو الداعي لهذه الاحتياطات والشروط وكم تنطبق هذه التحقظات على تغليم المبدأ السابع من مبادئ نهضتنا القومية الاساسية القائل بتأسيس الاستقلال الرروحي للسوريين واكتشاف عامل النفسية السورية الاصيلة المستقلة، والداوي بهذه العبارة: "اننا نستمد مثلنا العايا من نقسيتنا ونعلن ان في النفسية السورية كل علم وكل فلسفة وكل فن في العالم". ايمكن او يجوز ان نعتقد ان تأسيس استقلالنا الروحي وايجاد مثلنا العليا في نظرتنا القومية الاجتماعية الى الحق والخير والجمال سيعمياننا عن معرفة الحق والخير والجمال اينما وجدت؟ ايجوز ان نشك في نفسيتنا السورية الاصلية الى هذا الحد؟ ايمكن ان يكون ايماننا بتعليم نهضتنا بهذا المقدار, ايجوز ان نعتقد ان الحق والخير والجمال تحتاج الى تجردنا من نفسيتنا الاصلية وم نظرتنا الى الحياة والكون من مثلنا العليا الراسخة في نفوسنا لتدركها، واي فائدة لنا من ربح العالم كله وخسارة نفسنا، وماذا يبقى من قوميتنا حين نجردها من عناصرها النفسية، وماذا تعني بالحقيقة هذه التعميمات والمطلقات واي حق او خير او جمال بخشى ان "نتعصب عليه"؟ اهو حق الأرنب في رعاية الكلأ والبقول ام حق الأسد في افتراس الغزال، واذا وجدنا أنا وأنت، في قفر او برية بعيدة وكنا نتضور جوعاً ومر بنا غزال يتبعه نمر او ببر خاطف وكانت معنا بندقية فأي حق هو الحق المطلق، هل حق الغزال في السلامة او حق السبع في الفريسة أم حقنا نحن في السبع والفريسة معاً؟

ان مثل هذه العبارات الاحتياطية التي عرضت لها آنفاً يصح في الشعوب التي رمت بنظرتها الى الانعزال عن العالم وعن الاشتراك في الاجتهاد والانتاج والابداع الانسانية العامة وفي الأمم التي غرقت في قوميتها وسلاليتها الى حد الجنون. أما نحن فاننا في بداءة وعينا القومي وفي أشد الحاجة لادراك شخصيتنا وجمال نفسيتنا الأصلية ولتوليد ثقتنا بنفسنا ولمعرفة حقنا وفهم خيرنا، ولا خوف علينا من الانعزال لأن خطط نفسيتنا الاصلية ليس في هذا الاتجاه.

ان وعينا لقوميتنا ونفسيتنا الاصلية وتولد نظرتنا الى الحياة والكون والفن وحصول مثلنا العليا السامية الجميلة هي خير ضامن لقيم الحق والخير والجمال المطلقة والمقيدة والمجردة والمصاحبة.

اني رأيت متابعة بحث هذه النقطة الآن لم يعد له أهمية أولى بعد تمام الاتصال المباشر وانتهاء مهمتي كمفوض اتصال، لأني ارى علاقة هذه النقطة ببناء نفسك وزيادة وعيك القومي الاجتماعي أكثر مما هي بالمهمة التي كنت منتدباً لها. وهذه هي طريقتي في تأسيس النهضة: بناء النفوس المؤهلة في العقيدة والنظام. ولما كان العمل في بدئه افراديا ولا يزال قسم كبير منه افرادياً حتى الآن، فإني كنت أعني كل العناية بتثقيف الأفراد المؤهلين لكي تحصل وحدة النظر والاتجاه وكمال الوعي والفهم اللذين هما أساس كل تعاون مفلح.

أقف عند هذا الحد في التعليق على ملاحظاتي وجوابك لأتناول بكلمة موجزة رأياً آخر من آراء اخراج الحزب من "تحجره الاكاديمي" ووضع نهج جديد له.

…..

يتبع

صدر عن مكتب الزعيم، في 9 يوليو 1946 ولتحي سورية

خاتم وامضاء الزعيم



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه