شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2010-01-22 |
الرفيق الشاعر جرجس أبو جودة (أبو فاروق) |
رفيق مؤسس للعمل الحزبي في جل الديب-الزلقا، ابن عائلة قومية اجتماعية، وشاعر شعبي يجب ان يُعرف أكثر. من حضرة الأمين الجزيل الاحترام فاروق أبو جودة تسلمنا هذه المقدمة للديوان الذي سيصدر قريباً. هو جريس أبو جودة، وتمييزاً له عن بقية الأسماء المشابهة دعي بـ "جريس طانوس"، وعرف بإسم "أبو فاروق" حيث طغى اللقب على الإسم الأصلي. ولقب زجلياً "بالبلبل"، على غرار ما كان شعراء الزجل يطلقون على بعضهم، كالشحرور والحسّون والزغلول... ، بالرغم من أنه كان هاوياً وليس محترفاً ، كالزجالين الملتحقين بجوقات تمتهن الشعر ، لكنه كان يعتلي المنابر في كل المناسبات الوطنية والقومية والدينية والإجتماعية على اختلافها. ولد أبو فاروق في الزلقا – منطقة المتن الشمالي، سنة 1908، والده طانوس بولس "الخوري" ووالدته ندّي ميلان من بحنّس (ضهر الصوّان) وهو سابع العائلة بين إخوته: يو سف "أبو داوود"، وبولس "أبو رشيد"، وبطرس "أبو جودة"، وحنا "أبو نسيب"، وشقيقتيه: فريدة نعمة الله "أم شكري"، ومرتا شرف "ام إلياس". كان والده مزارعا ً ومِكارياً. ماتت والدته والأولاد صغار ، فتزوج والده ثانية من قنصلية زينون ، من بياقوت ، التي ربّت العائلة بحنان الأم وعطف الوالدة. لم يحصّل "أبو فاروق" من العلم إلا النذر القليل، لكنه كان قارئاً ومطالعاً. وكانت ملكة الشعر من ميّزاته الشخصيّة، فقرضه باكراً وبرع في مجمل أبوابه... • في باب "الفخر" قال: نحنا الغزلنا الغيم عالمغـزال وما زالنا نحنا الدهر ما زال ونحنا عا كتف الغيمة الزرقا نصبنا لزوار السمــا عرزال
• وفي إحدى القصائد الوطنية:
إن كان قصة دين ...تا نوفي الديون أو كان إستعمار لا تتعذبـي أهون علينا ندوق كاسات المنــون ولا بسرايا البرج يحكم أجنبي
• وفي مطلع "غزلياته":
يا ولف كل ما جيت عا بالك بتشوفني بِ عتمة خيــالك بتفنى الدني وبتخلص الأيام و الدهر حامل صورتي قبالك
• أما في المديح فقال لأحد الأطباء:
يا حسرتي حال المريض دون القريض ونبع الذكا عا حالتي بطـّل يفيض وسماعتك للفحص ما إلهــــا لزوم من بسمتك بيصحّ وبيشفى المريض
• وإلى أحد المحامين:
المجرم إذا بيحكم إعدامو التقـى وصارت حياتو بخيط غزل معلقـا بالمحكمة لأجلو إذا بتلقي دفـاع بيرجع بري من تحت حبل المشنقا
• وفي إحدى "الموشحات":
لحاظ عيونك رميونـــــي بحال التعتيـــر بحطـّـك عا ريف جفونــي لو بقدر طيـــر زايد عن قيس جنونـــــي وأكتر بكتيــــر يمكن ما بيـــــــحلوني خمس مطاريــن
• وفي رثاء حنا عاصي، والد الأخوين عاصي ومنصور الرحباني، قال:
كان " فردو " بيمينـو رصاصتو تسبق يمينـو وكان من عبسة جفونو السبع يركع بيعـــرينو
• وفي إحدى "الندبات":
يا بنت بيت الأكـــابر على عرسك ناطر وصابر بدل ما بالعرس غنــي جيت إندب عالمقابـــر
• وعندما زار "أبو فاروق" الكاميرون ورأى المحيط الأطلسي "الأطلنتيك" لأول مرة قال فيه:
حاج تعلى يا أطلنتيك وبو فاروق موكّـد فيك بحر الفن اندرتو عليك بجمّد موجك عا شواطيك ** تأثر الرفيق الشاعر جرجس بالفكر القومي ونهل من معينه الكثير ، وأعطته النهضة مجموعة من الأفكار والمواضيع فتلقفها وصاغ في المناسبات القومية أجمل القصائد وأحلى الأشعار وأروع المنظومات . إذ أنه بعد زواجه من ميليا ضومط زينون من جل الديب، تعرّف على الحزب "السرّي" آنذاك على يد شقيق زوجته، الرفيق يوسف، الذي كان أحد مؤسسي أول مديرية للحزب في جل الديب مع الرفقاء: عبدو رزق الله، زينون وميشال الحجل، نهاد ملحم حنا وغيرهم... فانتمى مع زوجته إلى الحزب خلال سنة 1933 ، مع الكثيرين من أبناء الزلقا وجل الديب، حيث أنه لم يخلُ بيت من بيوت المنطقة إلا ودخله فكر النهضة القومية، وكان هؤلاء الأعضاء يجتمعون "سراً" في الليالي الحالكات على ضوء القناديل أو الشموع، وفي الجنائن والبساتين، هرباً من جنود وعملاء الإنتداب الفرنسي الذي كان يحظّر تأسيس الأحزاب، كما كان يمنع تجمعات تضم خمسة أشخاص ، حتى كانوا يخفون سرّهم عن أهلهم وجيرانهم والأقربين إليهم. وفي مَرويّة عن حادثة غير منتظرة، يحكى أن إلياس ضومط زينون، دخل غرفة إبنه الرفيق يوسف، أثناء وجود الأخير خارج البيت، وإذ به يتفاجأ بصورة علم الحزب "الزوبعة" مرسومة على أحد الجدران، فسارع إلى معول قريب إستعمله لإزالة الرسم عن الحائط إعتقاداً منه أن هذا علم نازي. وعند عودة الرفيق يوسف، طرده والده من البيت، فإلتجأ الى أخته ميليا، وأخبرها ما جرى له مع والده، وأطلعا أبا فاروق على صدق الخبر، فقرروا جميعاً الذهاب للتوسط لدى "أبو يوسف". وذهب الثلاثة إلى جل الديب لإسترضاء الأب، ولما وصلوا ، وكانوا متهيبين لما يمكن أن تكون عليه الحال ، سألت " أم فاروق " والدها عن سر غضبه على شقيقها ؟ فإنتحى بها الوالد جانباً ، وبعد أن تطلع يميناً ويساراً ، وتيقّن أن أحداً لا يسمعه ، قال لها همساً: خيّك عم يعمل حكومه مع الإلمان ورح يخربلنا بيتنا!؟. وبعد شفاعة أم فاروق وأبو فاروق، وتعهدهما بألا يسمحا ليوسف بالعمل على تأليف حكومة "مع الإلمان" ، صفح عن إبنه وسمح له بالعودة إلى البيت. الا ان "أبو يوسف" بعد أن إطّلع على مبادىء الحزب وغايته وعقيدته، أصبح من كبار محبذيه ، كما كانت الحال مع معوض الحجل ، " أبو جورج " ، والد الرفقاء جان وميشال ومسعد (الأمين، رئيس الحزب)، الذي طلب أن تعقد كل الإجتماعات واللقاءات في دارته في جل الديب ، لاسيما زيارات الزعيم إلى المنطقة . كانوا كما يروون، يوقفون أحدهم ليراقب المارّين، فيطلق إشارة أو صوتا ً، عند شكّه بأحد المارة ، أو إشتباهه بحركة غريبة. في غالب الأحيان كان يقف خفيراً، "حمزة" المعروف بـ "حمزة النمّورة"، وصَدْرُ الحلوى أمامه ، وكانت العلامة بين المجتمعين سرا ً وبينه هي : " دبّر حالك بالرّبع " ، " النّمورة بربع " ، فيسارع الرفقاء إلى إطفاء الشموع وإنتظار الإشارة للعودة الى الإجتماع. من المرويات أيضاً، أنهم كانوا ينقلون مكان الإجتماع في الليلة الواحدة إلى أماكن متعددة، لدواعٍ أمنية. وفي أحد الإجتماعات وصل زعيم الحزب فجأة، وكان أكثرية الحاضرين لا يعرفونه، وبعد ان نهضوا وحيّوه التحيّة القومية، دعاه مدير الإجتماع ليجلس مكانه، فتمنّع قائلاً له: أنت الآن المسؤول الأول فأكمل إدارتك للإجتماع ، وتربّع الزعيم مع الآخرين على الأرض ، إذ لم يكن متسع على كرسي لكثرة الحاضرين وقلة الكراسي. عند الإنتهاء من أعمال الإجتماع طلب الزعيم متطوعاًً يحمل بريداً هاماً إلى منفذ عام طرابلس، فتطوع الرفيق جريس حنكش(1) لأداء المهمة سيراً على الأقدام لأنه لم يكن يملك ما يكفي أجرة الطريق. انخرط العديد من أبناء عائلات المنطقة في الحزب القومي الاجتماعي، وتأسست في نطاق الزلقا – مديريتان . من الرفقاء المنتمين: إبراهيم أنطون، جريس نجيب، رشيد سريح، الذي تعيّن مدّة، منفذاً عاماً للمتن الشمالي، يوسف رشيد سريح، وكان مديراً لمديرية الزلقا، نعيم غالب وشقيقاه يوسف وميشال، حنا طانوس، داوود أبو جودة، وإخوته أنطوان وأديب وجهاد وشقيقته هيام، رشيد بولس، جريس الجلخ، أدونيس سمراني، جوزيف سليم، ملحم ماضي وزوجته ليندة، إحدى المناضلات الكبيرات منذ أيام الحزب الأولى وحتى وفاتها، وأشقاؤه جريس وجوزيف وأسعد، وكان الأخيران مرافقين للزعيم على دراجتيهما الناريتين، وأولاده شوقي وسامي. ومنهم ايضاً: نعوم ميلان، ابراهيم وفوزي بطل فيلم (زهور حمراء) يوسف زينون وشقيقه فهيد، من بياقوت، عيسى سلوم وشقيقه طعمه وإميل غسطين وأنطون يوسف بشعلاني وبطرس سلهب وعيسى إبراهيم وسامي عيسى وغيرهم وغيرهم... ** أنجب الرفيق "أبو فاروق" ثمانية أولاد: صبياً واحداً وسبع بنات، وهم: - الأمين فاروق ابو جودة. - الرفيقة ماري زوجة الرفيق ميشال الحجل، وهو من مؤسسي أول مديرية للحزب في منطقة جل الديب. - الأمينة نادية زوجة الأمين مسعد حجل، رئيس سابق للحزب. - الرفيقة عفيفة زوجة الرفيق يوسف بو سليمان، أحد القوميين الذين إحتلوا مخفر المتين إبان ثورة الحزب الأولى 1949. - الرفيقة إيزابيل زوجة الرفيق أديب أبو جوده. - الرفيقة فوزية زوجة يوسف شرف. - الرفيقة ليلا زوجة ميجال خوري. - الرفيقة فريال زوجة الرفيق إليان شمّا .
اعتقل الرفيق أبو فاروق إبان الانتداب الفرنسي، بسبب إنتمائه إلى الحزب، وأمضى فترة في سجن "المية ومية" قرب صيدا، إثر وشاية أحد العملاء، وعلى ذلك قال: الواشي وشي والحاكم بسجني أمر وظن الوشي بوشايتو عبّى الكمر إن دارت الأيام ورجعنا ســوا منعلمك يا زيد شو بيعمل عمـر
كما تعرّض للملاحقة اثر الثورة الانقلابية 1961 – 1962، لكن إبن شقيقه ميشال، الصحافي اللامع، استحصل له على ورقة من "المكتب الثاني" تمنع عنه الملاحقة والإعتقال . بعيد إندلاع الحرب الأهلية الدموية عام 1975 ، نُسفت سيارته وقصفت دارته واحترقت مكتبته ، وسرق بيته، وتعرّض للخطف. كما أحرق بعضهم مكتبة إبنته الأرملة ماري ،وكانت مع أولادها الخمسة في الطبقة العليا من المنزل، ومنع بعضهم سيارات الإسعاف والإطفاء من الوصول لإخماد النار وإنقاذ العائلة ، بإطلاق النار عليها لإبعادها عن المكان ... اثر ذلك سافر وزوجته إلى الكاميرون، حيث أمضى وقتاًهناك ريثما هدأت الأمور وتغيّرت الأحوال وتبدّلت الأوضاع... في الكاميرون نظم الرفيق الشاعر كثيراً من زجلياته الغزلية والوصفية ، نزلت تحت باب " كاميرونيات " . في أواسط الثمانينات، عاد إلى الزلقا، وبقي فيها إلى أن وافته المنية يوم السبت 11/02/1995 عن عمر ناهز السابعة والثمانين، فأقيم له مأتم حزبي حاشد في اليوم التالي، في كنيسة سيدة النجاة، الزلقا. كلمة الحزب ألقاها عميد الإذاعة يومذاك المحامي الأمين جمال فاخوري وألقى الشاعر أنطونيوس بشير قصيدة رثاء . ** سيصدر قريباً الديوان الكامل (زجل) للرفيق الشاعر جرجس أبو جودة، منه هذه القصيدة:
الحاكم المجنون يا صديقي حزبنا مبغـوض من إمتو وشعبو وحكوماتـــو والعضو يلي بيدخلو مفروض عليه يتحمـّل ملمـّاتــو بدّو يكون مسؤول عن حالو هذا إذا رجال الدّرك مسكـــوه يمكن يموت ويهلكوا عيالـو يمكن لغير بلادنا ينفــــوه يمكن بحبسو يضمّ عشر سنين يمكن على طول الحيـاة يضـم يمكن يموت بلهبة المارتين ويبقى عَ وجه الأرض من دون طم حزبنا ما لو زعيم موجـود كان لو زعيم بس الطغاة حكمـوه كبلوه وربطوه على عامود وبرصاص الأشقيا قتلـــوه لكنـّما بقيت تعاليمـو ثابتة متل الحروف بالصخــر والحزب عم بيزيد تنظيمو والعضـوعميدخل إليه بفخـر وقدّيش نحنا ما تلوّعنـا وبالحبس أكتر وقتنا صرفنــا وعن هيك مبدأ ما تراجعنـا ووقفــة رجالات الوفا وقفنا ولا دور في أسرارنا بحنـا وبوقت كان في للحزب أســرار ياما تركنا بيوتنا ورحنــا وعالشوك حافيـن القدم ننـدار ياما الدرك هتكت منازلنـا وقدّيش خربوا للرفاق بيـــوت ونحن قوميين ما زلنــا ومنضل قوميين حتـّى نمــوت قبل ما تدخل توعّى شوي يمكن يصيــبك متلنا وأكتــر وحربات سـودا اللون تشوي شي بيصبغوهــا بدمّك الأحمر بحزبنا يا شريك شـو بدّك الحزب انبنى عالتضحـيـه والدم ادخل بحزب يكون عَا قـدّك بتضــل خالي من التعب والهم قلـّي عرفت مع كل هالتهديد قومي إجتمـاعي عضو بدّي كـون هيّن عليِّي الشوك والتشريـد حلوي عَ قلبــي عيشة المسجون لو هدّدوني بكومة بواريـد يا الموت يمـّا هالمبادي تكـون بهتف أنا قومي وجيلي جديد ودم البجسمي لأمتي مرهــون وإن كان موتي أمـّتي بيفيـد اشلحوني بلهبة الآتـــون بحيِّي بلادي بنصف رفعة إيـد بتقطعوا راسي بيجــــي غيري ومش رح بيبقى الحاكم المجنون
وهنا التصحيح في السيرة الواردة انفاً في مقدمة عرضنا لجانب من سيرة الرفيق الشاعر جرجس أبو جودة (أبو فاروق) ورد المقطع – العنوان التالي: " رفيق مؤسس للعمل الحزبي في جل الديب-الزلقا، ابن عائلة قومية اجتماعية، وشاعر شعبي يجب ان يُعرف أكثر ". الذي قرأ النبذة عن الرفيق الشاعر أدرك فوراً انه لا يعقل لمن يؤسس العمل الحزبي في الزلقا-جل الديب عام 1933، اي بعد عام واحد على تأسيس الحزب، ان يكون ابن عائلة قومية اجتماعية، انما – وهذا صحيح – ان يكون بنى عائلة قومية اجتماعية، من الأمين فاروق أبو جودة، الأمينة ناديا حجل، والرفيقات ماري حجل، عفيفة ابو سليمان، ايزابيل ابو جودة، فوزية شرف، ليلا خوري، وفريال شما. نعتذر عن الخطأ المطبعي غير المقصود، طبعاً
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |