شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 1946-07-09
 

إلى غسّان تويني رسالة 5 ج 5

أنطون سعادة

وردني مؤخراً كتاب من الرفيق أسد الأشقر من مصر يخبرني فيه عن أغلاط العمل التي وجدها في الحزب وسعيه لاصلاحها وانه قال للمجلس الأعلى: "ان القومية السورية تكاد تمسي عند القوميين وثناً يعبدونه ونحن لسنا عباد أوثان بل رجال اصلاح" وفيه يقول تحت باب "الحزب السوري القومي والعالم العربي". "عندما أرجع بفكري أدراج المراحل التي قطعها الحزب وافترض: لو كان الزعيم أسس في لبنان سنة 1932 "حزب الاصلاح اللبناني" وفي سورية "حزب الاصلاح السوري" وسير الحزبين في انسجام واتجاه متوافقين ماذا كان حدث؟ أجيب نفسي: كان الزعيم اليوم زعيم لبنان بدون منازع، وكان الزعيم اليوم موجه السياسة العربية العامة في "جامعة الدول العربية". ان الزعيم كان على صواب علمياً وعقائدياً وفلسفياً ولكنه لم يكن ناجحاً سياسياً واذاعياً".

سوف لا أجيب الرفيق الأشقر في آرائه لأني لا أريد صرف أوقات طويلة في مجادلة آراء كثيرة ولولا ما قصدته من كلامي اليك لما كنت توسعت كل هذا التوسع.

وختاماً لهذا البحث المختصر اقول أن رأيك في الانتقال من التشديد العقائدي الى التشديد السياسي هو صحيح الى حد ويقرب هذا الرأي من كمال الصحة اذ تقول: " ومنها ما هو داخلي يرجع الى ان بعض الأعضاء قد أساء تقدير التشديد على العقيدة" فتحجر "في تفكيره السياسي" ورأيي في هذه المسألة هو:

ان خطط الحزب السوري القومي الاجتماعي كما هو في فكر الزعيم وتخطيطه وتوجيهه وعمله لم ترم قط الى انشاء كتلة عقائدية متحجرة، بل الى منظمة عقائدية تفعل إدارة وسياسة وحرباً لتحقيق غايته. ودستور الحزب وتشكيلاته كلها تدل على اتجاهه العملي مع تأمين أساسه العقائدي. ولكن تطبيق هذا التخطيط لم يكن ممكناً بمجرد ارادة المؤسس المخطط، بل كان متوقفاً على تطور الحركة نحو تهيئة أساس التطبيق. وهذه التهيئة كانت تقتضي عدة شروط:

1 – اكتمال مرحلة التأسيس والنمو التي هي مرحلة ارساخ العقيدة واكتساب العناصر الفاعلة على أساسها، وهو أمر لا يمكن تعيينه بمرسوم او قانون من حيث مدته وعدته.

2 – حصول عدد كاف من الأعضاء المتنوعي المواهب للقيام بالأعمال المتنوعة التي يقتضيها التخطيط المذكور.

3 – حصول ظروف سياسية مؤاتية.

وكانت مرحلة التأسيس صعبة جداً. فيجب ان لا نرى المدة التي مرت في هذه المرحلة أطوا مما هي الحقيقة. فإن أحزاباً عقائدية نشأت في أمم كبيرة لها وعي قومي سابق وثقافة حية استغرقت مدة مثل مدة حزبنا وأطول منها. وما اعترض عمل حزبنا من اصطدامات مع القوة الأجنبية المحتلة وفزاعاتها وتماثيلها وألاعيبها من المواطنين – تلك الاصطدامات المتكررة – قطعت على الحزب تطوره الطبيعي وتطبيق خططه. وقد أقصت هذه الاصطدامات الزعيم عن الحزب في أشد أوقات الحاجة الة وجوده. وبعد انتهاء الاعتقالات الثالثة ببضعة أشهر احتاج الزعيم الى السفر الى المغترب ويبلغ بعده الآن عن أعمال الحزب الرئيسية مدة نحو ثمان سنوات. وفيما يختص بالشرط الثاني نجد أن الحزب كان يفتقر الى عدد من الأشخاص مؤهلين ومخلصين وقد تعرض بسبب افتقاره هذا الى اختبارات مرة ومحزنة. وكان السبب في غالب هذه الاختبارات: ضعف العقيدة وعدم رسوخ التعاليم المناقبية وضعف الأخلاق. ويمكننا ان نذكر حوادث مؤامرة الخائن شارل سعد الذي كان منفذاً عاماً لمنفذية بيروت واساءة تصرف يعقوب مفرج بمشروعه انشاء "الشركة السورية التجارية" وتلاعبه بالأموال المجبية لها واساءة تصرف صلاح لبكي في المهمات والوظائف التي انتدب لها حتى انه حين كان يشغل وظيفة "رئيس المكتب السياسي" كان "يلعب على الحبلين" لأنه كانت له مآرب نفعية خصوصية. وتبعه في هذا السبيل اميل خوري الذي عين مدة لعمدة الاذاعة، وتآمر جورج حداد الذي شغل الحزب في عدة قضايا من دسائسه.

وتأخر بعض العناصر المخلصة المثالية عن التعاون في المسؤوليات منهم الرفقاء جورج حكيم، رجا خولي، عفيق فاخوري، مقدسي وغيرهم. فلم يكن بد من انتظار حصول الجهاز الشخصي لتوزيعه على الأعمال المختلفة ليسير العمل باستمرار. ومما وصفته لي من حالة الادارة المركزية والتحقيق في المجلس الأعلى في أعمال الرئيس ثابت هو مثال من حالة الحزب الشخصية في الدوائر الرئيسية. وكانت الظروف الماضية دائماً مؤاتية فالملاحقات والسجون والمحاكمات والاشاعات والاراجيف في هذا الطور لم تسمح للادارة الحزبية العليا من القبض على أعنة الأمور

…..

يتبع

صدر عن مكتب الزعيم، في 9 يوليو 1946 ولتحي سورية

خاتم وامضاء الزعيم



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه