|
||||||||||||
|
||||||||||||
إتصل بنا | مختارات صحفية | تقارير | اعرف عدوك | ابحاث ودراسات اصدارات |
ديوان"صرخة المجد" لمحمد العبد بيضون.. قصائد صادقة بلغة سلسة مباشرة - زهرة حمود | |||
| |||
أصدرت دار فكر للأبحاث والنشر مجموعة محمد العبد بيضون الشعرية الأولى، وهي بعنوان "صرخة المجد." وقد قدم لها النائب الدكتور مروان فارس، فأبدع ـ كعادته في عالم الثقافة ـ وكتب نصه الخاص، متحدثا عن الصورة الشعرية وما في داخلها من إيقاع ونغم، مراقبا اللعبة الصوتية في القصيدة، وتكرار حرف بعينه في بعض النصوص، وكأني به يقرأ الكتاب على ضوء اختصاصه المتقدم في مجال علم الألسنية.
لقد قالت العرب قديما أن "أعذب الشعر أكذبه"، كما قالت أن الشعر:"هو الكلام الموزون المقفى"، يغيب التعريف الأول عن قصائد "صرخة المجد" المهدى "إلى مجاهدي الأمة"، بينما يرافق التعريف الثاني معظم القصائد. فهي بالإضافة إلى الوزن والقافية، تعتمد استقلالية البيت الشعري الواحد في معظم النصوص، فلا يضير إن قدمت بيتا وأخرت آخر، كما هو الحال في الشعر العربي الكلاسيكي، فلو راقبنا الأبيات التالية لظهرت لنا تلك الاستقلالية: لنا الجنوب وفجر العز منبعث آت علانا ألا يا فجرنا ارتسم لنا الروابي وقرص الشمس متكئ على مواض لنا في ساحة العلم يا أمة المجد يا حييت يا وطنا سيفا ينادي على زند لمقتحم وشعر بيضون صادق كله، والصدق ناجم عن صدق الالتزام، فالشاعر واحد من المؤمنين بفكر أنطون سعاده، وهو انتمى إلى صفوف الحزب السوري القومي الاجتماعي في ريعان شبابه، وقضى سنوات سبع من ذلك الشباب في السجن، بعد المحاولة الانقلابية عام1961 ـ كما تنبئنا بطاقة تعريف الشاعر المثبتة في آخر المجموعة ـ ويتجلى التزام الشاعر بصدق الانتماء وصدق الشعر، عبر قصائد كتبت بمجملها لتلقى في مناسبات وطنية وقومية. والتصقت بأرض الأمة من قانا في الجنوب اللبناني إلى بيروت وبغداد وفلسطين... وإذ يرى أهل الحداثة العربية أن الغموض ميزة من مزايا الشعر الحديث، فإن بيضون انتمى في شعره إلى غير زمن الحداثة هذا، حيث استسهل البعض كتابة الغامض من العبارات، المتحررة من الأوزان والقوافي، وهي في الوقت ذاته تفتقر، أحيانا، إلى سلامة اللغة، بينما نجد اللغة في قصائد بيضون لغة معجمية واضحة، عمل على اختيارها لتعبر عن مكنونات صدره، في هذا الموقف الوطني أو ذاك بنغم موسيقي اعتمد أوزان الخليل بن أحمد، التي دعا الحداثيون إلى التحرر منها مكتفين بالإيقاع الداخلي الذي ينبض فيه نص ما سمي بقصيدة النثر. وهكذا وصلنا إلى زمن كثر فيه الشعر وقلَّ الشعراء. أولى قصائد الكتاب مهداة إلى قانا، وقد ألقاها الشاعر عند أضرحة شهداء البلدة في الذكرى السنوية الأولى لمجزرة قانا الأولى في العام 1997: آت إليك لأمجاد إلى وطن نهر الجهاد وقانا شعلة العرب وعن "نهضة المجد" كتب الشاعر في مئوية سعاده هي نهضة للشعب وهي كفاحه هي زنده هي فجره المتحرر يا نهضة الدرب الطويل تحية يا كل يوم بالنضال يعطر وفي القصيدة التي حمل الديوان عنوانها يقول بيضون يا أمة المجد بات الكون في نزق أضحى على التيه في وهج بلا حلم بيروت صامدة والشام شامخة ما هان تاريخنا يوما ولم ينم درب الفداء جنوب المجد موطنه ساح الجنوب فما نامت على ضيم ومن مناسبة إلى أخرى يتنقل الشاعر بنص منبري من الطراز الأول، بشعر مرسل ببساطة وعفوية الشعور الإنساني، ومن المناسبات الوطنية والقومية، ينتقل الشاعر إلى الغزل الوجداني، حيث يثبت سبع "قصائد غزل" لا تختلف من ناحية الشكل عما سبقها، وإن اختلف الموضوع. يا لائمي في هواها اللوم يمقتني هذا الهوى في عروقي كيف ينهدم وفي قصيدة "أنت حلو" يقول قدر حبيبي شمس حبك لي قدر سهر وعمر الحب في قلبي سهر وأحب حبك يا حبيبي كلما طلع الصباح وهام في الحسن النظر بهذه البساطة المباشرة يتوجه الشاعر إلى حبيبته، فيخاطبها كما خاطب الأرض والثورة، بشعر لغته عذبة سلسة. لم يخرج شعر بيضون عن كونه مرآة تعكس الحدث الذي يتفاعل معه الشاعر، فيتغنى بالمناسبة وصاحبها، أو يشيد ببطولات شعبه، بعيدا عن التوجيه والإملاء، وتبقى تجربته مرتبطة في نطاق التزامه العقائدي القائم على صدق العاطفة، وعمق الإيمان، فتأتي مجموعته هذه صرخة يتردد صداها مجداً في مواقف قومية متعددة.
الكتاب صدر عن دار فكر للأبحاث والنشر، طبعة أولى 2011، 125 صفحة من القطع الوسط.
|
|||
جميع الحقوق محفوظة © 2024 |