شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2012-04-17 |
مقـتبسـات شريعـة موسـى من شـريعة حمورابي |
"مقتبسات شريعة موسى من شريعة حمورابي" كتاب من سلسلة مؤلفات الأب سهيل قاشا، الذي يوضح بالمقدمة التي حررها، مضمونه. يقول: عاش الإنسان دهوراً عديدة تحت وطأة العرف والتقليد البدائيين، قبل أن يعرف الكتابة والتدوين، بعد أن مرّ في دور شريعة الغاب. وحينما راحت يراعه تتقن الكتابة، بدأ التدوين، وخاصة حينما بدأ يعيش تحت نظام حكم معين، في ظل فجر السلالات، ونظام دويلات المدن وما تبعها حيث أفرزت لنا شرائع عدة، منها: شريعة أورنمو، وشريعة لبت عشتار، وشريعة إيشنونا، وشريعة أوركاجينا. أو تحت نظام الدولة الموحدة، أو الامبراطورية التي بلغ بها الإنسان العراقي القديم، أسمى مراتب التشريع وأفضل بنود القانون. وراح الملك حمورابي يشرّع لشعبه ودولته نظاماً تشريعياً موحداً، ملخصاً من الشرائع التي سبقته حتى أصبح معيناً لشعوب، وملوك عديدين، كالأشوريين، والعبرانيين، والحثيين، ومنهم موسى النبي الذي سن لشعبه شريعة ذات أصول عامة، تعتبر من الشرائع السامية التي تركها الإنسان إلى جانب أخواتها من الشرائع السابقة لها اللاحقة قبل تحريفها وتحويرها. إن القصص المروية التي كتبها العبرانيون، ليست بتاريخ إنما فيها نفحة تاريخية وطيلة عشرين قرناً الماضية، تمكن اليهود من تكريس الكثير من المفاهيم المخطئة القائمة على التحريف والإنتساب المزور للحوادث والشخصيات التاريخية، من أجل أن يجعلوا لشعبهم امتداداً تاريخياً مرتبطاً بحضارات العالم القديم، وعلى الأخص الحضارتين، العراقية والمصرية العريقتين. وتحس بكل تأكيد، إن أحبار اليهود، قد اقتبسوا من تواريخ الأقطار التي جاسوا خلالها بعض الحكايات، فعبرنوا كل المعلومات التي كان الغرض منها التلفيق والتزوير. إن مختصر التاريخ العبراني القديم- الذي تضمنه التوراة- قد وضعه كتّاب عاشوا في بابل بعد وقوع حوادثه بمئات السنين، واستندوا في رواياتهم عن قصص مروية تناقلتها أجيال من أسلاف الشعب العبراني الذي كان قد تزاوج مع سكان البلاد الأصليين من كنعانيين، وحوريين، وحثيين، وفقد الكثير من أصوله العرقية الجزرية العربية، وبالتالي خضعت مرويات هذا الجيل إلى التأثيرات التي أملتها مصالح الفئات المتناحرة، إلى ما كان يكنه اليهود أساساً من نوايا غير نزيهة تجاه الشعوب الجزرية (العربية القديمة) حيث استوطنوا أرضهم بالقوة والخداع، أو عاشوا بين ظهرانيهم تحت مظلة الأسر. وقد توصل العديد من الباحثين إلى أن ما تضمنه أسفار (العهد القديم) من قصص وأساطير وشرائع، إنما يرجع أصله إلى مثيلات له في المدونات السومرية، والبابلية، والأشورية، والمصرية. وإن اليهود اقتبسوا منها ما هو جديد بما احتواه تاريخ مؤسس الجنس اليهودي، وحذفوا بلا هوادة، كل ما لم يلق استحسانهم. وحتى الوصايا العشر التي يكاد يجمع العلماء على أنها الشيء الوحيد المتبقي من التوراة الأصلية، لم تكن بكاملها، وعلى هيئتها الحالية كالتي جاء بها موسى. وهناك الكثير من التشابه والتطابق بين قوانين موسى، والقوانين البابلية التي سبقتها بأمد بعيد. لقد أسهمت في تأليف كتاب العهد القديم مجموعة متباينة من الأحبار والمعلمين والكتبة. وظهر المشرع الأول للأسفار الخمسة في التوراة بشخص النبي موسى وهو يتكلم بلسان (يهوه). ومن الغريب إن لهذه الأسفار ما يقابلها في قوانين حمورابي التي كانت قد سبقتها بأكثر من ألف عام. ولقد توصل علماء للأثار مؤخراً إلى أن (سفر الخروج) نفسه، الذي يعتبره الكتبة اليهود واحداً من الأسفار الخمسة التي نزلت على النبي موسى قد تضمن قصصاً تشبه تماماً تلك التي جاءت في الحوليات البابلية. ومنها على سبيل المثال، قصة موسى الذي قاد العبريين إلى فلسطين بعد أجيال عديدة، وقضوها في مصر في القهر والعبودية. تتشابه وتتطابق لما دونه أحد الكتبة البابليين عن ولادة سرجون الأكدي (2350- 2295 ق. م) وهو يتحدث عن نفسه. وهناك تشابه بين (قصة الخليقة) (أينوماإيليش) البابلية، وبين قصة تكوين الأرض، كما وردت في سفر التكوين واضحة وتلتقي في أكثر من حدث. ونفس التشابه نلاحظه في قصة (خلق الإنسان) السومرية وتطابقها مع الأحداث التي ترويها التوراة عن أصل الخليقة. وكان لفكرة البعث والنشوء في ملحمة (كلكامش) الخالدة تأثيراتها الواضحة في التوراة بالرغم من أن التوراة دوّن بعدها بحوالي ألفي سنة. ومن بين تلك القصائد الغنـاء التي عثر عليها منقوشـة على لوح من الطين، قصيدة سـومرية تصف ( أرض الخلود التي لا يوجد فيها مرض أو موت أو حزن... ) هذه القصيدة فيها تطابق مذهل مع وصف التوراة ( لجنة عدن ). لقد وردت (قصة الطوفان) في أكثر من موقع في المدونات السومرية والبابلية، بحيث غطى المعمورة، ولم ينج من أهلها إلا زعيم ديني وأفراد أسرته والحيوانات التي حملها معه في الفلك التي أوحى إليه ببنائها من قبل. ولقد أورد سفر التكوين هذه القصة، بعد ألفين ونيف من السنوات مما أوردته الحوليات البابلية، ولكن كتبة اليهود كعادتهم نسبوا هذه القصة إلى مدوناتهم الدينية ولم يذكروا مصدر هذا الاقتباس. وهناك أسفار أخرى ذات تشابه مع المدونات البابلية والسومرية والأكدية والآشورية. من هذا المنطلق العام، نستخلص أن الشريعة الجديدة- شريعة موسى- فيها الاقتباسات والمتشابهات من التراث والتشريع العراقي القديم الشيء الكثير، نطرحها هنا على بساط البحث والنقاش.
ومن الكتاب هذا القسم من شريعة حمورابي: الـمـسلـة والأسـفـار إن شريعة حمورابي كما يبدو من موادها هي عبارة عن جمع منقح لمواد الشرائع التي سبقتها إذ أن حمورابي قد حذف من مواد الشرائع السابقة ما كان لا يتفق وطبيعة العصر الذي يعيش فيه وأضاف إلى شريعته مواد اقتضتها مصلحة الدولة آنذاك ولا سيما القوانين الصارمة الخاصة بعقوبة الموت والقصاص بالمثل والتي هي بلا شك سامية غربية (عربية قديمة) لأن القوانين السومرية كانت تتجنب مبدأ القصاص وترجح التعويض والغرامة المادية. سجل حمورابي هذه القوانين على مسلة كبيرة من حجر الدايوريت الأسود، طولها 225 سم وقطرها 60 سم، وهي اسطوانية الشكل. وقد وجدت في مدينة سوسة عاصمة عيلام، أثناء حفريات البعثة التنقيبية الفرنسية(1901- 1902). وموجودة الآن في متحف اللوفر بباريس. رتبت مواد شريعة حمورابي في أربعة وأربعين حقلاً. وكتبت باللغة البابلية على غرار شريعة لبت عشتار، وبالخط المسماري. تحتوي المسلة على 282 مادة، ومن المرجح أنها كانت تزيد على 300 مادة. وكان قد نقلها إلى مدينة سوسة الملك العيلامي (شتروك ناخونتي) الذي غزا بابل حوالي سنة 1171 قبل الميلاد، وقد محا عدداً من الأسطر ليسجل مكانها على ما يبدو اسمه، ولكن اللعنات التي تحويها خاتمة الشريعة بخصوص من يغير في نصوصها قد منعت الملك المذكور على ما يرجح من تدوين اسمه. في القسم الأعلى من المسلة نحت بارز يمثل الاله شمش، اله الشمس، جالساً على عرشه يسلم بيده اليمنى الملك حمورابي الواقف أمامه بخشوع أدوات القياس ليتسنى له بواسطة القياسات الدقيقة إعمار البلاد وتثبيت الملكية. بدأ حمورابي قوانينه بمقدمة على غرار مقدمات شريعتي أورنمو ولبت عشتار، ولكنهما- كما قلنا سابقاً- قد كتبت بكثير من التفصيل، إذ أنها قد ذكرت أعمال حمورابي في جميع المدن التي خضعت لسلطانه من الخليج العربي حتى أقصى الحدود الشمالية، كما أنه قد أطرى في تمجيد آلهة هذه المدن وتعظيمها إضافة إلى تأكيده البالغ على شرعية قوانينه، وإنها ما قننت إلا لتساعد على توطيد العدل، واحقاق الحق، وهداية الحكام والولادة في تطبيق الأحكام على الناس. وأخيراً ختم قوانينه بخاتمة طويلة كتبت بنفس الأسلوب التي كتب بها المقدمة، وفيها يذكر جميع ما قام به من الأعمال، ويطلب من جميع آلهة البلاد افناء من كل من لا يعمل بهذه القوانين ومن يحاول طمسها وتخريبها أو إضافة اسمه عليها. وهذا وقد عرضت مواد حمورابي في ثلاثة عشر قسماً، وهي على الوجه التالي: - القسم الأول: يحتوي على المواد 1 -5 التي تتعلق بالقضاء والشهود. - القسم الثاني: يحتوي على المواد من 6- 25، وتتعلق بالسرقة والنهب. - القسم الثالث: يحتوي على المواد من 26- 41، وتتعلق بشؤون الجيش. - القسم الرابع: يحتوي على المواد من 42 – 106، وتتعلق بشؤون البساتين والحقل والبيت. - القسم الخامس: يحتوي على المواد من 107 وتتعلق بالقروض، ونسبة الفائدة والتعامل مع صغار التجار وكبارهم. - القسم السادس: يحتوي على المواد من 108- 111 وتتعلق بساقية الخمر. - القسم السابع: يحتوي على المواد من 112- 126 وتتعلق بالائتمان والديون. - القسم الثامن: يحتوي على المواد من 127- 194، وتتعلق هذه المواد، بالشؤون العائلية كالزواج والطلاق، والإرث، والتبني، وكل ما له علاقة في الرابطة العائلية. - القسم التاسع: يحتوي على المواد من 195- 214، وتتعلق بعقوبات القصاص، والغرامات المفروضة على الإضرار التي يحدثها الأفراد بعضهم لبعض عند الشجار. - القسم العاشر: يحتوي على المواد من 215- 227، وتتعلق بالطب والطبيب البيطري والواسم. - القسم الحادي عشر: يحتوي على المواد من 228- 240 وتتعلق بالأسعار وتعيين أجور بناء البيوت والقوارب والصناع والرعاة، كما أنها تتعلق بالعقوبات المفروضة على من يخل بالتزاماته. - القسم الثاني عشر: يحتوي على المواد من 241- 277 وتتعلق بأجور الحيوانات والأشخاص. - القسم الثالث عشر: يحتوي على المواد من 278- 282 وتتعلق بشراء العبيد وعلاقاتهم بأسيادهم.
أما الشريعة الموسوية، فتتألف من الأسفار الخمسة الأولى من الكتاب المقدس (العهد القديم) التي تكوّن مجموعة موحدة كان اليهود يسمونها (الشريعة) أو (التوراة). وقد اتخذت باليونانية اسم (بانتاتيكوس) أي الكتاب ذو الأسفار الخمسة. وقد انتقلت هذه اللفظة إلى اللاتينية، وإلى معظم اللغات العصرية. وقد جرت العادة منذ أيام الترجمة اليونانية المعروفة بالسبعينية (وهي النسخة التي أجمع في كتابتها والتحقيق من صحتها سبعون كاهناً من أحبار اليهود الموثوق رواياتهم)، أن يسمى كل سفر حسب محتواه. فسمي الاول (سفر التكوين) لأنه يصف بدء العالم والانسانية، ودعي الثاني (سفر الخروج) لأنه يتحدث عن خروج العبرانيين من مصر. والثالث (سفر الأحبار) أو اللاويين، لأنه يحتوي على طقوس الكهنة أبناء لاوي.
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024جميع المقالات التي تنشر لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع |