|
||||||||||||
|
||||||||||||
إتصل بنا | مختارات صحفية | تقارير | اعرف عدوك | ابحاث ودراسات اصدارات |
الأمـيـن عـاطـف ضـو-الـرحـيـل الـمـوجـع | |||
| |||
عرفت الأمين عاطف منذ أوائل ستينات القرن الماضي. إنما عرفته أكثر، في مأتمه، ليس فقط عبر الحضور الحاشد الذي توافد من مختلف قرى الشوف، إنما عبر الكلمات التي قيلت فيه. ولأن الأمين عاطف ليس معروفاً على مدى فروع الحزب بسبب عدم توليه لمسؤوليات مركزية، إنما عُرف جيداً لدى رفقائه في الشوف، وبيروت، وفي مناطق كثيرة من لبنان، ووفاء له، رفيقاً، وأميناً، وصديقاً من النخبة التي تستكين لها وترتاح وتثق وتحب، ننشر نموذجين من الكلمات التي قيلت فيه، وهذه تشكل وثائق، تفي الأمين عاطف ضو حقه، وتحفظ له مكانته لدى جميع عارفيه ومحبيه. والأمين عاطف ضو، للكثير من مزاياه، يستمر حياً في أعماقي، وحاضراً لدى جميع رفقائه وأصدقائه، فأمثاله لن يبارحون. * كانت مجلة " الإقتصاد والأعمال "، التي كان الأمين عاطف ركناً في مجموعتها، قد أفرزت ملفاً خاصاً في أحد أعدادها للحديث عن الأمين الراحل . قالت:
فُجعت أسرة مجموعة " الإقتصاد والأعمال " بغياب أحد أركانها، فقيدها الغالي المأسوف عليه الزميل عاطف ضو المدير الإداري العام، الذي وافته المنية إثر مرض عضال صارعه أشهراً عدة بصبر وإيمان، وظل يداوم في مكتبه حتى اليوم الأخير. وقد شكّل نعي الزميل الكبير صدمة كبرى للمجموعة كما لبلدته ومنطقته وعارفيه، فعمّ الحزن والأسى، أسفاً على صفات الراحل وأخلاقه العالية. لقد ارتبط عاطف بكل فرد من أفراد أسرة " الإقتصاد والأعمال " من دون استثناء بعلاقة إنسانية وعاطفية قبل أن تكون علاقة مهنية، أحب الجميع ورعى أوضاعهم، وعالج مشاكلهم، ودافع عن كل ظلم لحق بهم.عايش كل فرد من الأسرة أخاً كبيراً قبل أن يكون مسؤولاً حكيماً. لقد أعطى الفقيد " الإقتصاد والأعمال " وقته وجهده وقلقه. وكان كل ذلك ممهوراً بولاء مطلق وإخلاص متناه، وحرص شديد. كان رحمه الله، مرجعاً لكل مشكلة صغيرة أو كبيرة يتلقاها برحابة صدر ورجاحة عقل وحسن تدبير. عمل الفقيد لسنوات أميناً للسر للهيئات الإقتصادية ثم أميناً للسر لجمعية تجار بيروت، قبل أن ينضم إلى أسرة " الإقتصاد والأعمال " قبيل التأسيس وخلاله وبعده حتى آخر نبض في قلبه. * كلمة رئيس مجموعة " الإقتصاد والأعمال "، الإستاذ رؤوف أبو زكي في رثاء رفيق عمره:
ما كنت أخال نفسي يوماً في هذا الموقف الصعب. لكن الموت حق وما علينا جميعاً سوى الرضى والتسليم بما كتبه الله لنا. عاطف لم يكن بالنسبة لنا في مجموعة " الإقتصاد والأعمال " مجرد موظف. كان من الأوائل بل ومن رعيل المؤسسين. كان المرجع الإداري والروحي لنا جميعاً. أبكي عليك عاطف أم أبكي معك. سنوات وعقود معاً، في الحياة العامة والخاصة. في ميادين العمل المختلفة. يا أبا سليم كنت في مجموعتنا مدرسة قيم ومناقب وسلوك. تقف مع الصغير قبل الكبير. تقف مع الفقير قبل الغني. كنت مرجعاً لنا جميعاً تهدّىء من روعنا عندما ننفعل وتصوّب مسارنا عندما نخطىء. كنت الأمين الأمين، الوفي للأقربين والأبعدين، تحفظ خصوصياتنا، تشاركنا أفراحنا والأتراح. رأيتك قبل أيام في المكتب تصارع المرض بصبر وبصمت وبإباء. تصارعه بإيمانك الذي لا يتزعزع. بقاعدة الرضى والتسليم التي لم تشذ عنها يوماً. تلقيت نبأ وفاتك وأنا في الطائرة. ومن طائرة الى طائرة لأكون معك لحظة الوداع. وما أصعب مثل هذه اللحظة أيها الحبيب. ما أصعب الفراق فكيف إذا كان مفاجئاً. كنت أخاف عليك وأخفي خوفي هذا واستبدله بشدّ أزرك وبخلق المزيد من الأمل لديك، وإن كنت في قرارة نفسي وبين الأصدقاء أبدي قلقي عليك لأنني كنت أعرف حجم المشكلة وكيف أن المرض الخبيث أصاب منك مقتلاً بل غير مقتل. نحن الآن في لحظة الفراق. في لحظة الصدمة. كنت أنا دائماً في حال سفر وكنت أنت الأمين المقيم في بيروت. عقلك وقلبك ومشاعرك كل مشاعرك مع " الإقتصاد والأعمال " التي عشتها معي حلماً وولادة وصعوبات وتحديات. وبقيت في خندقها في حرب لبنان القاسية، تعزز صمودها واستمراريتها. كم وكم من مرة عقدنا الاجتماعات وسط رصاص القنص وأصوات المدافع. كنت أنا المتحرك الدائم. وكنت أنت الثابت الدائم. الوفي على العهد. الأمين على الرسالة. باكراً رحلت أيها الحبيب، كنا نخطط معاً لنحتفل في مرور 20 عاماً على أول مؤتمر عقدناه معاً في بيروت. وهو أول مؤتمر يعقد في لبنان بعد الحرب. وكنا نخطط ونحلم معاً للاحتفال بمرور أكثر من ثلاثة عقود على " الإقتصاد والأعمال ". فأي حلم وأي حفل هو الذي يكون في غيابك. تركت لنا الوشاح الأسود. تركت لنا الغصة في الحلم وفي الحفل. عزاؤنا أيها الحبيب في وفائك وفي البصمات التي تركتها في كل عمل قمت به. كنت لنا مدرسة سلوك. لم تساوم يوماً على قناعاتك بتأثير أي إغراء. بقيت وفياً لمبادئك وقناعاتك المهنية والوطنية والقومية، وفياً لكل إنسان تتعامل معه ولكل عمل تقوم به. كم بتنا نفتقر إلى أمثالك يا أبا سليم. عزاؤنا فيك هو ان القيم التي مارستها وزرعتها تبقى مستمرة فينا. نتذكرك مع الأحرف والكلمات التي كنت المصحح والمنقح والمشذب لها. نتذكرك مع كل منعطف كنا نمر به حيث تكون لنا الناصح وصاحب الرأي السديد. عاطف: أنت بالذات الأخ الذي لم تلده أمي. فوداعاً يا اخي. وداعاً أيها الحبيب. وداعاً أيها العاطف العاطف الحكيم. رحلت باكراً وفي وقت نحن أحوج ما نكون إليك. قريتك دير كوشة أجمعت عليك رئيساً لها في وقت ندر الإجماع. و " الإقتصاد والأعمال " أجمعت عليك حكيماً في وقت عز الحكماء. * كلمة مدير عام تعاونية موظفي الدولة الاستاذ أنور ضو: ملءُ بُرديك القيم الكبار عاطف، يا حبيب القلب، ويا صديق العمر، لماذا جمعت أوراقك على عجل وارتحلت؟! أتراك ضقت ذرعاً بهذا الجسد الناحل الذي راح يعيقك عن النضال؟! فرحتَ تبحث عن بديل يعيدك قوياً، كعادتك، الى ساح الجهاد. أم تراك اشتقت لـ عصام، فودعت سليم وأسرعت الخطى بيت أبيك تأتمن ملحم على إرث الأهل وأمانة العائلة وتنسحب بسلام؟ ما أمرّ فراقك يا ابا سليم بل ما أمرّ فراق ذلك الوجه الصبوح والعقل النيّر والقلب الذي لا ينبض إلا بالمحبة والإخلاص. ما لانت لك عزيمة في مواجهة ظالم، أو في نصرة حق، أو في دفاع عن مبدأ، كما لم تجفّ لك دمعة وأنت تنظر في عيني فقير، أو في قضيّة مظلوم، أو في فراق حبيب أو قريب. آمنت بالقضية القومية فكنت سيفها المشهر وعقلها الواسع ولسانها البليغ. وحين دخلت حياتنا السياسية في الزواريب دخلت في نقائك وارتفعت، لم تشدك مصلحة عن مبدأ ولا منصب عن التزام ولا حزبية ضيقة عن صداقة ثابتة. فكنت الحليف الشريف والخصم الشريف والصديق الدائم الذي لا يتقن إلا لغة الصدق والوفاء. أحببت بلدتك فحملت وجعك أمس، وأتيتها بوفائك المعهود لتودعها أنفاسك الأخيرة، قبل أن تودع ترابها جسدك المتعب العائد الى التراب. أحبتك بلدتك فأتمنتك على مجلسها البلدي رمزاً لوفاق أبنائها، الذين أجمعوا عليك، وكنت في هذا المجلس الأب الحاضن والجناح الجامع. همّك المصلحة العامة تحميها وتعبر بها الى الهدف المنشود رغم العراقيل، كما يعبر اللاعب بالكرة الى المرمى من بين أقدام اللاعبين. فحققت الكثير من الإنجازات في هذه الفسحة القصيرة التي أتاحها لك عمرك القصير. ولعلّ الإنجاز الأبرز هو محبة الناس لك، وكيف لا يحبون من لا يفرّق بينهم بل يجمع ومن لا يحقد بل يحب ومن لا يتعالى بل يتواضع ومن لا يقسو عليهم بل يرأف. نعم كيف لا يحبك الناس وهم ما عرفوك إلا صادقاً شجاعاً كريماً محباً. تطالعهم دائماً بالبسمة الريّا والكلمة الحلوة والموقف الواضح والرأي السّديد، وتتابع شؤونهم باندفاع ومحبة، كأن كل قضية تكلف بها هي قضيتك أو قضية سليم. وفي المنطقة كنت رائد سلام وإنماء. مقدّس عندك العيش الواحد بين مكوّناتها، ومقدّم عندك الإنماء المشترك الذي يطال جميع قراها، لذا كنت أنت الأمين على العلاقات في ما بينها ولا سيما بين الكنيسة ودير كوشة. فهمت الدين طريقاً للحق لا سبيلاً للفرقة. واعتبرت التنوع غنىً حضارياً لا دافعاً للتعصب، وكان فكرك يتجاوز الآفاق الضيقة والحواجز المصطنعة ليروح محلقاً في سماء الوطنية والقومية. وكان نضالك ثابتاً من أجل الوحدة والحرية والديمقراطية وكرامة الإنسان. عاطف أيها الحبيب، لقد أفجعت كل قلب وأدميت كل عين. أما أنا، وقد غرقت في ضعفي أمام قوة غيابك. فماذا أقول وقد خسرت فيك أخاً ما ولدته أمي، وصديقاً كم أودعته همي. أيها المسافر على عجل وملءُ بُرديك القيم الكبار، أيها الراحل الذي لن يرحل، والمقيم الذي لن يغادر. ستبقى بصماتك ماثلة في بلدتك وفي قلوب رفاقك وأهلك ومحبيك. وستبقى صورتك الزاهية في قلبي ما بقي لي من أيام. فإذا ارتحلت عني، لن ترتحل مني أيها الغالي الباقي فينا أبداً. والباقي متجسداً قيماً وشمائل بـ رنا وسليم. فاطمئن انك ربيت فلاقينا ولاقيت. ولن يموت من ترك أثراً طيباً وعائلة رائعة كما تركت. ألا فليدخلك الرحمن في جنانه. وليدخل الصبر الى قلوبنا جميعاً. بإسمي وإسم بلدتك المفجوعة بغيابك، ةالتي خسرت فيك علامة فارقة من علاماتها وراية خفاقة من راياتها أذرف عليك دمعة حرّى، مسكنها القلب. دمعة صامتة خرساء. واقتل الدمع يا أخي ما لا يلمح البصرُ
|
|||
جميع الحقوق محفوظة © 2024 |