شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2012-12-12 |
المؤسسـات الثقـافية فـي حزب سـعاده 1 |
1- عمدة الثقافة والفنون الجميلة. 2- الندوة الثقافية. 3- الجمعية السورية الثقافية. 4- لجنة النقد العقائدي. الثقافة في العربية مصدر فعل ثَقِفَ ثقفاً، وثَقُفَ ثقافة، وثقَّفَ تثقيفاً. فثَقِفَ الشيء أخذه أو ظفر به، الحديثَ فهمه بسرعة. وثَقُفَ الرجل صار حاذقاً فطناً. وثَقَّفَ الرمحَ قوّمه وسوّاه، وثقَّفَ الولدَ أدبّه وهذّبه وعلّمه ودربه. والإنسانُ الثَقِفُ هو الحاذق الفطن. والمثقف هو الرمح لاستقامته. والثقافة في اللاتينية Culture هي الحرث والزرع، وفعل Cultiver يعني زرع وحرث وثقَّف. والشيء المثقف أو المزروع Cultivé هو الذي يتعهده الشخص بعنايته فيجعله على نحو أفضل، أكان هذا الشيء أرضاً أو نباتاً أو حيواناً أو إنساناً. والثقافة العامة Culture générale هي مجموع العلوم والمعارف والخبرات التي يُحصّلها الإنسان فيكون مستقيماً في فكره وسلوكه وعمله. وقد أولى سعاده الثقافة اهتماماً دائماً، شاملاً ومركَّزاً، فجعلها شرط حيوية مؤسسات الحزب – الدولة، وغاية هذه المؤسسات التي كفلت بعث نهضة الأمة. *** *** *** " الثقافة... بمعنى “Culture” وهي مجمل العلوم والفلسفات التي تتناول الحياة وما له علاقة بها، وما يحصل من ذلك من مستوى عقلي واتجاهات فكرية واعتقادات مناقبية وإدراك للشؤون النفسية والمادية ".(نشوء الأمم – الفصل السابع) "... والعودة إلى الأعمال الإنشائية والفكرية، ووضع قواعد المؤسسات العديدة التي أُهمل أمرها كل هذا الوقت الطويل... ومؤسسات الإذاعة كالندوة الثقافية و"النهضة"... وإن من الأمور التوجيهية التي أقوم بها حضوري اجتماعات "الندوة الثقافية" التي تتقدم باطراد والاجتماعات تحدث مرة في الأسبوع فتلقى محاضرة من قبل أحد من الأعضاء المؤهلين، ثم يجري نقاش وبحث في موضوع المحاضرة ووجهة نظر المحاضر، وفي الأخير أقول كلمتي في المحاضرة والموضوع والمناقشات فتكون الفصل. وبهذه الصورة أعطي توجيهات سياسية واجتماعية واقتصادية لعدد من المثقفين من طلاب ومعلمين ودارسين...".(رسائل حب 24/1/1938- إلى ادفيك شيبوب) "ثم أُنشئت الندوة الثقافية في الحركة القومية الاجتماعية في خريف سنة 1937 للأبحاث الثقافية ولِنَقْل الفكر من السطحيات ومسائل الإدراك العادي إلى الأساسيات وقضايا العقل العلمي والفلسفي".(من الزعيم إلى الدكتور شارل مالك 10/4/1938 نشرت في العدد 1 من النظام الجديد 1/3/1948) "إن معركة التثقيف لا تزال في بدئها، إنها جبهة من جبهات حرب العقائد الكبرى. إنها حربنا المقدسة... إن حرب العقائد التي أعلناها نحن حين أعلنا تعاليمنا السورية القومية الاجتماعية تتطلب منا جعل قضية الثقافة في مقدمة القضايا التي يجب أن نوليها اهتماماً خاصاً، وأن نخطط لها الخطط ونرتب الصفوف. ولذلك رأيت جمع المتخصصين في التدريس والتربية والتثقيف منا في مؤتمر تدرس فيه مناهج التدريس في جميع المناطق السورية، ويوضع فيه تصميم منهج التدريس والتثقيف السوري القومي الاجتماعي..."محاضرة الزعيم في مؤتمر المدرسين (العدد 5 من النظام الجديد – تموز وآب 1948) في أول اجتماع عُقد في هذا المكان، وكان مخصصاً للطلبة القوميين الاجتماعيين في الجامعة الأميركانية، وعدت الطلبة بإعادة النشاط الثقافي في الحزب القومي الاجتماعي بإعادة الندوة الثقافية التي كانت تأسست في الحزب قبل سفري واستمرت نحو سنتين، ثم تركت أعمالها بسبب الحرب والاعتقالات والمعارك السياسية التي تعرض الحزب لها. في الاجتماع الأول المذكور أعلنت للرفقاء الطلبة أني أرى أن انتشار الحركة القومية الاجتماعية، في السنوات الأخيرة، كان مجرد انتشار أفقي، سطحي، يعرّضها بقاؤها عليه للميعان والتفسخ والتفكك. ولذلك أرى الإسراع بإعادة الندوة الثقافية ودرس تعاليم النهضة القومية الاجتماعية والقضايا التي تتناولها، ضرورة لا يمكن إغفالها. أما الحضور إلى الندوة فيجب أن يُعتبر، خصوصاً في الأوساط الثقافية، واجباً أولياً أساسياً في العمل للحركة القومية الاجتماعية، لأنه إذا لم نفهم أهداف الحركة وأسسها والقضايا والمسائل التي تواجهها، لم نكن قادرين على فعل شيء في سبيل الحركة والعقيدة والغاية التي اجتمعنا لتحقيقها. فالمعرفة والفهم هما الضرورة الأساسية الأولى للعمل الذي نسعى إلى تحقيقه. وإذا كنا نريد، فعلاً، تحقيق النهضة القومية الاجتماعية وتأسيس المجتمع الجديد بتعاليمها ودعائمها، كان الواجب الأول على كل قومي اجتماعي في الأوساط الثقافية، الإطلاع على الأمور الأساسية، وفي صدر وسائل الإطلاع والمعرفة الصحيحة الندوة الثقافية". (محاضرة في الندوة الثقافية 7/1/1948) "إن تأليف القلوب وجمع فئات الأمة في مطلب واحد وعقيدة واحدة ونظام واحد وإرادة واحدة وقيادة واحدة، هو أول ثقافة يجب أن تُعنى بها الأمة السورية التي أخرجتها الفتوحات البربرية عن محور حياتها، وأفقدتها مُثلها العليا وخطط نفسيتها. كل ثقافة أخرى، قبل تمكين هذه الثقافة، تكون عملاً باطلاً، نحن بحاجة إلى تثقيف نفوسنا بالتعاليم القومية الاجتماعية التي تصيّرنا أمة واحدة حية قبل حاجتنا إلى محاضرات طائشة، مبعثرة في التاريخ والأدب والفلك والهلك والفنون الجميلة. لا فائدة لنا من جميع العلوم والفنون، إذا لم يكن لنا غرض موحّد في الحياة. الثقافة القومية الاجتماعية هي أساس كل ثقافة". (خطاب الزعيم في العيد القومي 1944.1.15) "... لأن نهضة الأمة السورية وإنصافها من الأمور الخطيرة التي تهم الارتقاء الإنساني. فالأمة السورية أمة ثقافية خرجت من ثقافتها أسس التمدن الحديث وعلّمت الشعوب حب الوطن وأساليب العمران الراقي... أمة ثقافية يحتاج العالم إلى فاعليتها الثقافية اليوم، كما كان يحتاج إليها في الماضي". (خطاب الزعيم في مأدبة أبناء طرابلس 5/8/1939) 1- عمدة الثقافة والفنون الجميلة: "ما الذي جلب على شعبي هذا الويل"، صرخة مدوية أطلقها سعاده بعدما لمس ما آلت إليه الحالة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية المنحطة للشعب السوري. فقد كانت سورية في سابق الأزمان "أمة ثقافية" بامتياز، وغدت زمن التسلط التركي لا يوجد فيها إلاّ قلة نادرة تعرف كيف "تفكّ الحرف" على حد قول المعلم بطرس البستاني. لقد كانت سورية أمة موهوبة، وصارت أمة أمية. وزّعت الابجدية والمعرفة، وأنشأت أولى المكتبات، وأولى آلات الفلاحة والزراعة، وأول الترعات لتوزيع المياه على الأراضي الزراعية و... فنهضت أوروبة على أساس المعارف والعلوم السورية. ونامت سورية بعد ذلك نومة أهل الكهف. أتى سعاده لإيقاظ الأمة السورية على حقيقة ماضيها المجيد، وباشر عمله النهضوي لاستعادة سورية دورها بين الأمم المتمدنة. ولم يجد مؤسسة تربوية، أو ثقافية وطنية في بلادنا بعدما قرر العودة إلى الوطن في ثلاثينات القرن الماضي. كانت الإرساليات الأجنبية قد غزت النفسيات السورية من النواحي التربوية والاجتماعية والسياسية. وبتنا نُقلِّدْ بعدما كنا نُقلَّد في كل المجالات العلمية والعملية. * روح النهضة: لقد كتب سعاده عن "روح" هذه النهضة الجبارة التي ستعيد أمجاد سورية، فوضع في صلب عقيدة الحزب المبدأ الأساسي السابع: "تستمد النهضة السورية القومية الاجتماعية روحها من مواهب الأمة السورية وتاريخها الثقافي السياسي القومي". فبحث عن المواهب السورية ليصقلها، وليهديها إلى الطريق السويَّ، للمساهمة في الكشف عن كل الخزان الثقافي السوري. لذلك، طلب سعاده من سعيد عقل نبش التراث السوري، لا إستعادة "أمجاد" بني إسرائيل "بنت يفتاح"... وقد كان سروره كبيراً بإنتاج جورج مصروعة "ابن زيكار" الذي اتبعه بـ "هنيبعل". ولهذه الغاية نفسها جال سعاده على دُور الصحف والمنتديات الثقافية والفكرية والأدبية في لبنان والشام. ولم يجد ضالته! إلتحق بالعمل في الكلية السورية الانجيلية التي عُرِفت لاحقاً بإسم الجامعة الأميركية في بيروت، علّه يجد مبتغاه في طلابها كونهم العنصر المؤهل لحمل الثقافة الجديدة. ومن يتصفح مقالات سعاده، ورسائله يجد فيها كماً هائلاً من المعلومات حول دور سورية الثقافي في العالم القديم والحديث، حيث يشير الى امتداد الفكر السوري لبلاد الإغريق والى أن سورية هي التي وضعت قواعد التمدن الحديث، ومقالات عديدة تروي تاريخ سورية العمراني والثقافي. وكيف انقلبت الأمور بعد ذلك رأساً على عقب، حيث وقفت الثقافة السورية عند حد، نتيجة ضياع المعنويات السورية، وتضعضع العقلية السورية وتخلفها، وانقضاض البعثات الدينية لتمزيق الوحدة الاجتماعية، وبداية التشبه بالأجانب الذي هو دليل ضعف الشخصية القومية، إضافة إلى انتشار الأمية والاقتتال الدامي الداخلي... أيقن سعاده استحالة الاعتماد على المؤسسات الإعلامية والأدبية ورجالاتها، التي صدف أن التقى بها أو زارها، وتبيَّن له عدم قدرتها على حمل رسالة النهضة القومية بعد السنوات العجاف للحكم العثماني البغيض الذي استمر 400 عام قد أعدمت خلاله كل حركة ثقافية أو علمية.... عمل مُدَرساً للغة الالمانية في الجامعة الأميركية، وساعده ذلك للبحث بين الطلبة على النفوس المهيأة والمستعدة للبناء النفسي والعلمي والثقافي. إذن، التفت سعاده إلى الطلبة، وباشر عمله الإنشائي العظيم لإعادة بناء الأمة على كل الصعد: الثقافية والعلمية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية و... ووجد صعوبة كبيرة في بداية عمله "لتعليم" كل طالب وإفهامه المبادئ الأساسية والإصلاحية. لكنه تابع عمله دون كلل أو ملل، وبحماسة قلّ نظيرها. فقد كان بعيد عودته عام 1930 إلى الوطن، قد قرر إنشاء حزب جديد، لإعادة إحياء الحياة الثقافية في بلاده. فأنشأ مجلة "المجلة" أولاً، وألقى بعض المحاضرات في بعض المجامع العلمية والأدبية، وكتب في بعض الصحف في لبنان والشام، لغرس بذور الثقافة الجديدة في البيئة التي سبق وأنتجت أغنى الثقافات. وقد التقى في ذلك الحين، ببعض الشخصيات الأدبية والعلمية في الجامعة وخارجها التي حذّرته من صعوبة عمله، لكنها لم تثنِهِ عن هدفه. * تعليم العقيدة: كان فجر النهضة، مع بداية تأسيس الحركة السورية القومية الاجتماعية لتحرير الفكر السوري من "إيحاءات الإرادات الأجنبية" والعمل لإنشاء الدولة السورية القومية المستقلة. وإن هذه النهضة نشأت في أرقى أمم العالم العربي، ومهمتها إعادة الدور السوري إلى الفعل في العالم المتمدن. لقد كان سعاده شديد الإيمان بأمته، ولطالما ردد في مقالاته إنها أمة عظيمة لأنها صمدت أمام الشدائد والمصائب والمكاره، وإن ما مرّ على سورية لو مرّ على أمة أخرى لاندثرت وغابت في غياهب التاريخ. إذن، مع تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي عام 1932، كان بزوغ فجر النهضة. كان هذا التاريخ بمثابة عودة "الروح" إلى سورية. فباشر سعاده عمله بنشر الثقافة القومية الأصيلة، والعمل الثقافي عمل شاق وطويل وهو يحتاج لمؤهلين... وفي هذا المنحى يقول في محاضرته في مؤتمر المدرسين: "قلت إنّ الخطوة الأولى التي كان علينا أن نخطوها لتسير الحركة السورية القومية الاجتماعية، هي تعليم العقيدة القومية الاجتماعية والغاية الرامية إليها. فهل كان سهلاً هذا العمل؟ إني وجدت صعوبة كبيرة في تعليم عدد من الأشخاص لا يزيد على أربعة أو خمسة بين 1930 و 1932 تعليماً أولياً غير راسخ. ثم وجدت صعوبة كبيرة في تعليم عدد بلغ نحو عشرة أو خمسة عشرة شخصاً في آخر ربيع سنة 1932، وفي سنة أخرى بلغ عدد تلامذة العقيدة نحو ثلاثين شخصاً. ويجب أن أقول إنهم لم يستوعبوا، كلهم، العقيدة كما يجب ولم يتمكن إلا القليل منهم من أن يكونوا تلامذة ناجحين ومعلمين لها. مع عظم الصعوبة التي وجدتها في توليد الحركة السورية القومية الاجتماعية فإن الصعوبة ازدادت عندما ابتدأت هذه الحركة تحتكّ بأوساط غرست فيها اعتقادات متنافرة تسد منافذ الوعي القومي على أصحابها. إنّ نشأة اللامبالاة التي نشأها الكثير من شعبنا مضافاً إليها انعدام المقاصد القومية، كانت، في حد ذاتها، صعوبة عظيمة في وجه توليد الحركة القومية الاجتماعية. ولكن هذه الصعوبة تتضاءل أمام صعوبة الاعتقادات الكسيحة، المشوّهة الفكر، التي تغرس في الناشئة بعناية فائقة، في مؤسسات تربوية وتدريسية أُنشئت لأغراض معاكسة للوعي القومي وللنهضة القومية الاجتماعية. كلما اتصلنا بمخرّجين من مدارس دينية ذات أغراض اجتماعية وسياسية خاصة، كمدارس اليسوعيين والبروتستانت والأرثوذكس، ومدارس الشيع المحمدية وغيرها، شعرنا حالاً أننا أمام جبهات نفسية تتصدى للتعاليم القومية الاجتماعية محاولة منعها من الانتشار والتقدّم، ليس فقط في ناحية القومية أو النظرة الفلسفية إلى الحياة والكون والفن، بل أيضاً في الميدان السياسي الداخلي والخارجي. يتضح لنا من هذا الاستعراض الموجز، أنّ القضية الأولى التي تواجه العقيدة القومية الاجتماعية هي قضية التربية والتثقيف، - قضية الصراع المميت بين تاريخ حديث وتواريخ دخيلة مستمرة – قضية الصراع الفاصل بين نفسية فتية تنظر إلى الحياة والكون والفن نظرة جديدة ونفسيات شائخة اعتادت النظر إلى شؤون الحياة والكون ضمن الحدود المغلقة التي تكونت فيها. فقضية الصراع العقائدي الذي أثارته الحركة السورية القومية الاجتماعية بتعاليمها الجديدة هي قضية صراع ثقافي تعليمي بين مبادئ الحياة الجديدة ومبادئ الحياة الجامدة".(النظام الجديد – عدد 5 – تموز وآب 1948) فسعاده يطلب من الرفقاء المدرسين، أن يلمّوا "بالقواعد والأصول الهامة في تربية الأحداث". وهو قد زار لهذا السبب بعض المدارس: "الجامعة الوطنية" في عاليه للرفيق جورج مصروعة، و"بيت الأطفال" للمقاصد الخيرية الإسلامية، وكتب في سجل الأخير "إن الأمة السورية تعتزّ ببيت الأطفال". وفي ذلك إشارة واضحة إلى النهج الذي يجب اعتماده. لذلك طلب من الأساتذة أن يرووا أحسن القصص للتلاميذ عن تاريخ بلادنا الثقافي ومنائرها العلمية والأدبية... * البناء الثقافي: لذلك، كانت عمدة الثقافة والفنون الجميلة مصلحة عامة رئيسية في ادارة الحزب، تُعنى بالشأن الثقافي العام في الأمة، فهي إحدى محاور العمل القومي لإعادة إحياء الدور الريادي الثقافي لسورية القومية. وذلك بخلاف كل الأحزاب في أوروبا. أنشأ سعاده هذه المؤسسة التي تسهر على بناء الشعب من جديد على الصعيد الثقافي لتوحيده وإطلاق قواه الحية الفاعلة، فهي مؤسسة تسهر على البناء الثقافي للدولة القومية، كما تسهر على بناء عدة مؤسسات في قلب المجتمع السوري كإنشاء أندية وجمعيات ثقافية ليمتلك الشعب "مناعة" ضد أي اختراق ثقافي للدول الأخرى المجاورة – الدول الأوروبية – بفضل اكتسابه المعارف الأساسية التي تمنع إعادة وقوعه فريسة للثقافات الغريبة عن تاريخه الثقافي القومي. قلنا، أن سعاده، قد جال على دور الصحافة ورجالاتها وبعض "المثقفين" بعد عودته إلى الوطن عام 1930. ولم يجد مأربه. فأشاح بوجهه نحو الطلبة، وباشر مهمته الإنشائية باختيار الذين لديهم استعداد نفسي للمهمة الخطيرة التي أُنتدبوا لها في زمن الانتداب الفرنسي – الإنكليزي على بلادنا. وكما البنَّاء يختار الأحجار السليمة المناسبة للبناء، فيرصف بعضها فوق بعض. كذلك فعل سعاده. بدأ باختيار "أحجار" الأساس... وهكذا كان... -2- الندوة الثقافية: وقد ترافق عمله التعميري، بالتعليم والتدريس والتثقيف... كان يدرك تمام الادراك أن مهمته صعبة... ولكنها غير مستحيلة. فأسرع بالعمل لتماسك البنيان مباشراً أعمال الندوة الثقافية عام 1934 على حد قول كل من الأمناء: إلياس جرجي قنيزح (مآثر من سعاده – ص. 30) وجبران جريج (من الجعبة – ص 357) ومذكرات عبد الله قبرصي (الجزء الأول – ص 158). وقد جرى خلط في إيراد المعلومات، لكن هناك إجماعاً على تسليم رئاسة الندوة للرفيق زكي نقاش، وناموسيتها للرفيق الأديب فؤاد سليمان. وصنَّف أعضاءها صنفين: مشتركين ومستمعين. نشأت هذه الندوة في منزل عبد الله قبرصي في رأس بيروت (ملك حمزه شاتيلا). وباشرت أعمالها دون "مرسوم ولا مراسم" كما عاد وفعل سعاده عامي 1937-1938 قبيل سفره إلى المغترب. ويذكر كل من جريج وقبرصي الأطروحات الأربع التي نوقشت في الندوة: دراسة عن ماكيافيلي للرفيق فكتور أسعد، ودراسة عن بوتشكين للرفيق مأمون أياس، ودراسة عن اتجاهات الأدب العربي الحديث لقبرصي، وبحث في تاريخ لبنان لمؤلفيه الدكتور أسد رستم وفؤاد أفرام البستاني، وجرى قراءة فصوله والتعليق عليها من قبل الحضور. ومن الأعضاء المشاركين: يوسف صوراتي، منير تقي الدين، عبد الله قبرصي، فخري معلوف، منير الحسيني، ناجي عيتاني، فيكتور أسعد، نعمة ثابت، مأمون أياس وعجاج المهتار. ومن الأعضاء المستمعين: جبران جريج، جورج عبد المسيح وأنيس فاخوري... وكان يتم تدوين وقائع كل هذه الجلسات الثقافية حرفياً بناء لطلب سعاده.. بعد انكشاف أمر الحزب وسجن الزعيم، توقفت أعمال الندوة. لتعود بشكل أكثر زخماً عام 1937. وكانت تابعة آنذاك لعمدة الإذاعة، كما يشير سعاده إلى ذلك في رسالته إلى ادفيك شيبوب. وكان يواظب على حضورها باستمرار، فيستمع إلى كافة الآراء ثم يبدي في الختام رأيه ويعطي توجيهاته للحضور. * الرسالة الثقافية: وبعد سفر سعاده عام 1938، تابع المهمة الأمين السابق فخري معلوف، بصفته رئيساً لدورة الندوة الثقافية عام 1938 – 1939، فعمل على تدريس كتاب نشوء الأمم فصلاً فصلاً. ثم توقفت هذه الندوة لاضطرار الأخير للسفر لمتابعة دراسته الجامعية في أميركانية. لذلك اهتم سعاده بعد عودته عام 1947 باستئناف أعمال هذه الندوة، لاسيما بعد نشوء انحراف عقدي ونظامي خلال فترة اغترابه (1938 – 1947) من قبل قيادة الحزب والسماح لعميد الثقافة فايز صايغ بالترويج لفلسفة مخالفة لفلسفة الحركة القومية الاجتماعية. فأعاد سعاده في عام 1948 الحياة إلى الندوة، داعياً كل أصحاب الاختصاص والطلبة المتخرجين، إضافة إلى بعض الأساتذة الجامعيين ، للانخراط فيها. وكان عدد المتابعين في ازدياد مضطرد كما ورد في النشرة الرسمية – العدد السادس – 15 شباط 1948. مما دفع اللجنة المسؤولة للتفتيش عن قاعة أكبر. فوجدت قاعة قرب منزل الزعيم في رأس بيروت. وكان الحضور مقصوراً فقط على الذين يحملون بطاقات دعوة شخصية. مما يدل على الأثر الثقافي الكبير الذي تركته أعمال هذه الندوة، فتقاطر إليها كل الأساتذة الجامعيين غير القوميين وهذا ما أعاد الحزب إلى الحضور الفاعل في الحياة الثقافية في سورية. وقد كتب سعاده عن أعمال الندوة عام 1937 وعن مواظبة الرفقاء على حضورها شارحاً أهميتها ودورها. يقول سعاده في رسالته إلى غسان تويني (4/8/1946): "وكانت اجتماعات "الندوة الثقافية" لذاك العهد تجري في بيت الأمين عبد الله قبرصي الذي كان قريباً جداً من بيت معلوف في رأس بيروت. وكان يحضر هذه الاجتماعات بصورة دائمة، فخري ورشدي معلوف ويوسف صايغ، وبصورة استثنائية صار يُسمح للأحداث حلمي وفوزي معلوف وفايز صايغ بالحضور والاستماع. وكان الزعيم يحضر جميع هذه الاجتماعات، حتى حين يكون مريضاً ومرهقاً، نظراً لاهتمامه الخاص الكبير بالناحية الثقافية ولأن الثقافة من أقوى أعماله وأغراض رسالته، وكان في آخر كل اجتماع يتناول محاضرة المحاضر فيحللها ويعرض لأسئلة الحضور وأجوبة المحاضر عليها، ويبيِّن مواضيع النظر في كل ذلك ويصلح الأغلاط، ويصحح الاستنتاجات بموجب قواعد أساسية يشرحها ويعطي توجيهاته فيستغرق كلامه أحياناً ساعة، وأحياناً أكثر أو أقل، على نسبة أهمية الموضوع وطريقة عرض المحاضر له. وأكثر ذلك كان يدوَّن في وقائع الاجتماعات. وكان الناموس المدوِّن آنئذٍ الرفيق فؤاد سليمان شقيق موسى سليمان، وأحياناً كنت أُملي عليه الأجزاء الهامة من كلامي التي كنت أخشى أن تُغفل، وفي سياق هذه الاجتماعات عرضت عليَّ فكرة السماح لأشخاص من خارج الحزب بحضور اجتماعات الندوة والاشتراك في حركتها وأعمالها، وذلك أن خبر الندوة وأبحاثها أخذ ينتشر في المجتمع في رأس بيروت، وأخذ بعض محبي الأبحاث الثقافية من معارف الرفقاء يُبدي رغبته في الحضور والاكتساب، فرحبت بالراغبين في ذلك بحسن نية وأعلنت أن غرضنا نشر الثقافة في جميع أوساط الأمة، وأننا نسمح لكل راغب في العمل الثقافي بالاقتراب منا والاشتراك في أعمالنا الثقافية بشرط أن لا ينتج عن ذلك إفساد لخطتنا وتعويج لأهدافنا الثقافية". ويضيف سعاده أنه تعهَّد الندوة الثقافية في "عهدها الأول" وأن بين الحضور كان على الأرجح "فايز صايغ مع أخيه يوسف ومع الرفقاء فخري ورشدي وحلمي معلوف". ويتابع سعاده أن فايز صايغ عميد الثقافة والفنون الجميلة في الأربعينات قد حضر "بعض اجتماعات الندوة الثقافية الأولى وأصغى إلى أبحاثها ومناقشاتها واطلع على توجيهات ثقافية كثيرة للزعيم، وهو فوق ذلك، أحد الذين كان من نصيبهم سماع أحاديث كثيرة للزعيم ولوجوده مدة من الزمن في دائرة المقرَّبين إليه وهي مدة كَثُرت فيها الأبحاث والأعمال ونشطت فيها الحركة الثقافية بإيجاد "الندوة الثقافية" التي قُصد منها إيجاد تأسيس أولي للثقافة والعمل الثقافي...". * الثقافة القومية: ويكتب فخري معلوف، حول الندوة (عام 1937) ومشاركة الزعيم، في مقالته، "ناحية من نواحي النهضة القومية" في (سورية الجديدة – 19 نيسان 1941): "... العمل الثقافي الذي بدأه الزعيم قبل تأسيس الحزب كان دائم النمو بعد تأسيسه. وقد أعطته الاختبارات والتجارب دوافع جديدة للتفرغ في مختلف نواحي الثقافة القومية. وهكذا فلم تمضِ برهة وجيزة حتى كان الشبان والشابات القوميون يتخصصون في إظهار العقيدة القومية في مختلف نواحي النشاط الفكري... فأخذ (الزعيم) يكرس قسماً كبيراً من وقته الثمين ليحضر بنفسه أغلب اجتماعات الندوة وليتولى نقد الآراء التي تعرض وتعيين قيمة الأبحاث التي تتلى دالاً على ما لها من القيمة ومنبهاً إلى ما فيها من الأخطاء. والأعضاء يصغون إلى حديث الزعيم بتقدير واحترام ومحبة. وجاء الوقت الذي قرر الزعيم فيه مغادرة البلاد بناء على خطة حزبية مرسومة. وخسرت الندوة الثقافية حظ الاتصال المباشر بزعيمها. على أن الاتجاه الذي كان وضعه في خلال العام السابق أعطى للندوة حيوية كافية للاستمرار في الاتجاه الذي أراده لها. غير أن الأعضاء شعروا أنهم ما زالوا بحاجة إلى التعمق في فلسفة عقيدتهم فقرروا صرف العام التالي في درس كتاب "نشوء الأمم"، درس تمحيص وتمعن. في خلال العام المدرسي 1938-1939 شرفتني عمدة الإذاعة بتولي رئاسة الندوة وطلبت مني أن ينحصر عملنا في درس كتاب "نشوء الأمم" فقبلت المهمة بسرور وحماس. وقد أخذنا نجتمع بعد ذلك نحواً من أربع ساعات متوالية كل أسبوع. وكان عدد الأعضاء يتجاوز الأربعين منهم أساتذة في الجامعة الأميركية والجامعة اليسوعية وكلية المقاصد وغيرها من كليات بيروت ومنهم المحامي والطبيب والصحافي... في هذه الاجتماعات المتوالية درسنا كل كلمة من كلمات الكتاب، ورجعنا إلى مراجعه الأولية، وبحثنا تطبيق مبادئه المقررة على حالاتنا الواقعية. وكثيراً ما كانت تستمر الأبحاث في سائر أيام الأسبوع... ورأت عمدة الإذاعة أن توسَّع دائرة هذا العمل فأمرت بإنشاء الندوات الثقافية في مختلف الفروع، وكانت ترسل أعضاء مؤهلين من المركز لحضور تلك الاجتماعات والإشراف على توجيهاتها. فنشأت فروع للندوة في مناطق عديدة أذكر منها دمشق وطرابلس وحلب وعدد كبير من القرى التي وُجد فيها الاستعداد. وانتشرت مع النوادي فكرة إنشاء مكاتب ثقافية فأسس الأعضاء عدداً كبيراً منها في جميع مناطق الحزب وفروعه. نعود الآن إلى الندوة المركزية. لم يطل الوقت على أعضاء الندوة حتى اكتشفوا أن الحقائق العلمية والتاريخية المثبتة في كتاب "نشوء الأمم" تقتضي كتابة تاريخ سورية من جديد وبعث حضارتها في مختلف العصور ونشر ما قدمه نوابغها للحضارة العامة، وكذلك يقتضي إنشاء فلسفة جديدة في النقد الفني وفي العلوم الاجتماعية. وكان كل من الأعضاء يعين محله من هذا العمل الكبير المشترك تبعاً لناحية اختصاصه ومؤهلاته. فتشكلت حلقات ضمن الندوة بعضها للبحث التاريخي وبعضها للنواحي الفنية وبعضها للمواضيع الاجتماعية والاقتصادية. ورأى الأعضاء نتيجة أعمالهم التي كانوا ينشرونها كلما تيسَّر لهم ذلك في صحف الوطن ومجلاته، فشعروا بالحاجة إلى إنشاء معهد قومي يتولى تعزيز هذه الحضارة الجديدة الناحية. وقد نشرت "سورية الجديدة" بعض الأبحاث حول هذا المشروع الذي حالت ظروف الحرب دون تحقيقه حالياً ولكنه لم يزل منتظراً التحقيق عندما تسنح الفرصة. هذه لمحة سريعة عن ناحية من نواحي النهضة القومية حاولتُ أن أبين فيها الطريقة الصحيحة لنشوء المؤسسات وكمية المجهودات المطلوبة لإعطاء النتائج الكبيرة" ( انتهى كلام المعلوف). * المتابعة الثقافية: وحري هنا، الإشارة إلى أن بعض رسائل سعاده إلى غسان تويني تضمنت معلومات وافية حول عمل عمدة الثقافة والفنون الجميلة قبل وبعد تولية فايز صايغ مسؤولية هذه العمدة. واعتبر سعاده أن للأخير فضلاً في تنشيط أعمال العمدة لكن لا في تأسيس أعمالها وأنشطتها. فالعمدة هي مصلحة عامة رئيسية وردت في الدستور المصنف عام 1937. وأن سعاده باشر أعمال الندوة الثقافية قبل انكشاف أمر الحزب وبعده. وأنه بعيد سفره إلى المغترب عام 1938، تابع فخري معلوف تدريس كتاب "نشوء الأمم" عامي 1938-1939. وإنه عند سفر الأخير إلى الولايات المتحدة لمتابعة دراسته أنشأ هناك "الحلقة الثقافية" كمثال ونموذج عما اكتسبه من سعاده لترسيخ العمل الثقافي. وحولها يقول في جريدة الزوبعة أول أيار 1944: "أُنشئ بفضل الروحية القومية ومجهودات القوميين حلقة لدرس القضية السورية عقدت أكثر من عشرين اجتماعاً درست فيها القضية من نواحيها الثقافية والاقتصادية والسياسية، وقد أصبحت القضية بفضل هذه الاجتماعات معروفة عند الجالية على العموم وبدأت بذورها تتأصل في الأرض الصالحة وأصبح لها مناصرون وأصدقاء عديدون. وبفضل هذه الاجتماعات أصبح بإمكان عدد كبير من الذين اشتركوا فيها أن يباحث ويجادل في الدفاع عن القضية السورية بوضوح ومعرفة". ونتيجة هذه الأجواء والروح الثقافية الجديدة السائدة في الحزب آنذاك لاسيما بعد إعادة العمل بالندوة عام 1948، استمرت الأعمال الثقافية في أوساط الطلبة في بداية الخمسينات في الجامعة الأميركية ببيروت، وهذا ما يشير إليه أنيس صايغ في مذكراته (ص 351) حيث يذكر أنه جرى إنشاء "لجنة بحث" كانت "تعقد اجتماعاتها دورياً ويحضرها المنتسبون للحزب من طلاب الجامعة يجري البحث فيها بالمواضيع النظرية في عقيدة الحزب وسياساته ورسالته". ويذكر أن "الجلسات الأولى تناولت موضوع الطائفية كمرض ينهش جسم الأمة وخاصة في لبنان". تفعيل دور الندوة بعد عودة سعاده عام 1947، ونتيجة اطلاعه على فساد الإدارة الحزبية وانحرافاتها عن عقيدة الحزب وفلسفته، أعلن في محاضرته الأولى من محاضرات الندوة الثقافية التي باشرها في 7 كانون الثاني 1948: "في أول اجتماع عقد في هذا المكان، وكان مخصصاً للطلبة القوميين الاجتماعيين في الجامعة الأميركانية، وعدت الطلبة بإعادة النشاط الثقافي في الحزب القومي الاجتماعي بإعادة الندوة الثقافية التي كانت تأسست في الحزب قبل سفري واستمرت نحو سنتين، ثم تركت أعمالها بسبب الحرب والاعتقالات والمعارك السياسية التي تعرض الحزب لها. في الاجتماع الأول المذكور أعلنت للرفقاء الطلبة إني أرى أن انتشار الحركة القومية الاجتماعية، في السنوات الأخيرة، كان مجرد انتشار أفقي، سطحي، يعرِّضها بقاؤها عليه للميعان والتفسخ والتفكك. ولذلك أرى الإسراع بإعادة الندوة الثقافية ودرس تعاليم النهضة القومية الاجتماعية والقضايا التي تتناولها ضرورة لا يمكن إغفالها". واضح من هذا الكلام للزعيم، أن تخلف المسؤولين عن العمل الثقافي في الحزب خلال فترة غيابه القسريه أدى إلى ما أدى إليه من تدني المعرفة العقدية والنظامية لدى الأعضاء. لذلك أسرع سعاده "بإعادة الندوة الثقافية" لتسد الفراغ الكبير في هذا الشأن. ويضيف تأكيده على اعتبار حضور الأوساط المثقفة "واجباً أولياً أساسياً" كما كان الأمر خلال فترة الثلاثينات. ويعتبر سعاده أن "الندوة الثقافية" هي في "صدر وسائل الإطلاع والمعرفة الصحيحة" ويلقي المسؤولية على المثقفين في الحزب "لإيجاد مجتمع جديد نيِّر" في بلادنا. كما يشدد على دور الطلبة والمثقفين للقيام بدور فاعل في هذا المجال الحيوي لإعادة دور الأمة الفاعل في العالم أجمع. ويوضح أيضاً في محاضرته المذكورة أن "الثقافة عمل طويل لا يمكن أن يتم برسالة واحدة أو كتاب واحد...". وقد ألقى سعاده في هذه الندوة عدداً من "المحاضرات الدراسية" فكانت عشراً، وكان الإقبال عليها من دور العلم وأوساط الثقافة من خارج نطاق الحركة القومية الاجتماعية" يزداد باضطراد كل أسبوع. فكانت تلك المحاضرات الأخيرة لسعاده قبيل استشهاده. وكانت المحاضرة الأخيرة بتاريخ 4 نيسان 1948، التي أعقبها سعاده بتاريخ 25 نيسان 1948 بنشر قانون الندوة الثقافية. وذلك "تثبيتاً للندوة الثقافية التي أُنشئت سنة 1937". * بعث الندوة: وهنا لا بد من الإشارة إلى ما ورد في مقدمة العدد التاسع من المجلد الأول من النشرة الرسمية (مايو 1948) لقانون الندوة الذي أصدره الزعيم في نيسان 1948": "وبينما الزعيم يحقق منهاج محاضراته كان يوالي عقد اجتماعات الندوة الثقافية كل سبت. وفي أحد الاجتماعات كلف لجنة قوامها الرفيق لبيب زويا والرفيق جورج عطية وضع مشروع قانون الجمعية وتلي في اجتماعٍ تالٍ ودُرسَ ثم أن الزعيم طلب المشروع وعدله مستفيداً من مشروع سابق كان في طور الإعداد في عمدة الإذاعة سنة 1938 وكان يقوم عليها آنئذٍ الأمين السابق فخري معلوف. وفي جلسة الندوة الثقافية صباح الأحد الواقع في 25 إبريل الماضي أعلن الزعيم نص القانون وتعيين الرفيق لبيب زويا رئيساً والرفيق يوسف صوراتي نائب رئيس والرفيق جورج عطية ناموساً والرفيق إنعام رعد معاون ناموس". وقد وضع سعاده هذا القانون، لإعادة بعث وتنظيم الندوة بشكل نظامي. واعتبرها مؤسسة ثقافية هامة سيكون لها دور ثقافي كبير في "صحراء" سوريا القاحلة على الصعيد الثقافي. اشتمل القانون على مادة وحيدة تضمن غاية الندوة. فإذا هي: 1- التعمق في درس التعاليم القومية الاجتماعية المتضمنة في المبادئ والشروح التعليمية. 2- إيضاح المبادئ والقيم والقواعد القومية الاجتماعية، والقضية الناشئة عنها، والنظرة إلى الحياة والكون والفن الحاصلة منه. 3- المسائل والقضايا التي تعالجها وموقف الحركة القومية الاجتماعية منها. 4- بعث التراث السوري الفكري، والإنتاج الأدبي والفني على هذه الخطط. كل ذلك في سبيل: أ - إحياء القيم الجديدة. ب- تحقيق الثقافة السورية القومية الاجتماعية المشتملة عليها. واضح من هذه الغاية، عِظم المهمة الملقاة على عاتق المسؤولين عن عمدة الثقافة وضمنها الندوة الثقافية، والدور المحوري الهام الذي يجب أن تلعبه في حياة الحزب الثقافية. وخلق الكوادر الحزبية المثقفة، ونشر الدراسات والأبحاث التي تُناقش في الندوة. لذلك يمكننا القول إن وظيفة الندوة الثقافية خلق أجواء ثقافية في الحزب، وبناء إمكانيات ثقافية متخصصة تساهم في رفع مستوى المجتمع والدولة السوريين. * حزب المؤسسات: وقد صاغ سعاده لهذه المؤسسة قانوناً داخلياً، وهي المؤسسة الأولى التي يضع لها سعاده هذا القانون المتضمن: العضوية، والتدقيق في شروطها، الهيئة الإدارية وكيفية تشكيلها وصلاحيات أعضائها، واللجان الرئيسية: الفلسفية، الاقتصادية والتاريخية. وكيفية تعديل هذا القانون. وكدلالة على موقعها الهام بين مؤسسات الحزب، أورد سعاده في المادة 12 من القانون مسألة تمثيلها في الاجتماعات والاحتفالات الرسمية. وجدير بالذكر في هذا المجال، أنه لتاريخه لم يوضع قوانين داخلية لمختلف مؤسسات الحزب كما ورد في المادة الأخيرة من المرسوم الأول (مجلس العمد) لسعاده. مما يعني أننا لم نسر على درب الزعيم في هذا المجال لناحية عمل المؤسسات وأنشطتها وعلاقاتها فيما بينها... باختصار شديد لا يمكننا أن نطلق على حزبنا أنه حزب المؤسسات التي اعتبرها سعاده "أعظم أعماله" بعد تأسيس القضية القومية الاجتماعية. نتيجة تقصير كل القيادات السالفة في هذا الشأن. يتبع
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |