شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2013-05-10 |
المربي الامين ميشال الياس |
من الامناء الذين كان لهم حضورهم في الاربعينات والخمسينات ويعرفه جيداً رفقاء منفذية الغرب، كما يعرفه الالاف من تلامذته في "مدرسة الاتحاد" التي اسسها في عالية في بداية اربعينات القرن الماضي، وعبرها انتمى العديدون الى الحزب، إذ ارادها الامين ميشال مدرسة قومية اجتماعية ومنبرا لسعاده، لا مؤسسة اكاديمية تخرّج شباباً مسطحي الرؤوس عديمي المقاصد الفكرية السامية والتطلعات الاجتماعية والسياسية الراقية. * من الرفيق د. ايلي الياس، ابن اخ الامين ميشال، المواطن عبد الكريم، هذه المعلومات القيمة عن الجد الرفيق الراحل الياس الخليل عين الشائبة، الامين ميشال هو الامين الثاني تدرجاً للرفيق الياس الخليل عين الشائبة (الياس) وهو من الاوائل الذين آمنوا بعقيدة سعاده والذين تعاقدوا معه. الرفيق الياس الخليل كان يمتلك روحاً متمردة على الظلم والفقر والطائفية والمذهبية. جعل من "اسفل" منزله (القبو) في مرمريتا ملجاً للفقراء والمشردين في المنطقة وجوارها، بغض النظر عن معتقداتهم الدينية وميولهم الفكرية – الروحية. كان يذهب الى منازل الميسورين ليجمع ما تيسرّ من مال وقوت ليطعم الفقراء الطيبين. شغل فكر سعاده حياته وكان محور احاديث مع كل زواره وما اكثرهم كانوا يومئذ. حتى ان عدداً لا يستهان به من رفقائنا في وادي النصارى والجوار اقسموا اليمين متأثرين بحواراتهم مع الرفيق الياس الخليل. كان منزله في مرمريتا بيتاً قومياً اجتماعياً بصدق وقوة . زاره حضرة الزعيم وتغدى فيه خلال زياراته لمنطقة الوادي وتلكلخ، واظهر اعجابه وتقديره باندفاع الرفيق الياس ومناقبيته القومية الاجتماعية . نزلت في ذلك المنزل حضرة الامينة الاولى مرتين، حيث امضت كل مرة يومين او اكثر خلال حديثي مع الدكتورة صفيّة سعاده، اكدت لي ذلك. كما انها تذكر ان والدتها الامينة الاولى فقدت خاتمها للحظات في المنزل. الخاتم تقدمة من من حضرة الزعيم لها، ثم وجدته في احدى زوايا المجلس. قال لي اكثر من رفيق من وادي النصارى، واحدهم الرفيق فؤاد مسوح والد الامينة بشرى مسوح انه يوم وفاة الرفيق الياس الخليل. اقيم له مأتم مهيب لم تشهد مثله منطقة الوادي الى الآن. وصل رتل السيارات وقتئذ القادمة من لبنان والاردن والشام الى قرية الحواش، حيث امّ القوميون الاجتماعيون والمواطنون المنزل للتعزية. إن تفاني الامين ميشال الياس العقائدي سببه الاساس هو المناخ المناقبي الذي نشأ فيه والذي بناه وكرّسه والده الرفيق الياس. بعد اسنشهاد المعلم، كُثُر من القوميين اهتزت ثقتهم بالحزب وتضعضع ايمانهم بالعقيدة على عكس الرفيق الياس الذي ظل يقول لرفقائه محبي الحزب " ان شهادة الدم التي قدمها المعلم ستكون حجر الزاوية في انتصار هذه العقيدة في الازمنة الآتية". واذكر تماماً ما قالته لي عمتي ليلى شقيقة الامين ميشال انه عندما كان يصارع الموت وقبل ان يستسلم قلبه بدقائق رفع يده بالتحية وقال:" تحيا سورية وليحي الزعيم الخالد انطون سعاده"، فقالت له زوجته:"هلق وقتها يا الياس؟"، فردد من صميم قلبه: "هلّق، هلّق وقتا" واسلم الروح لاله الشمس جوبيتر. يقول في رسالة وجهها لابنه البكر عيسى في المغترب (فرنسا) وذلك بعيد استشهاد الزعيم باشهر قليلة " ان العقيدة تكتسح فكر الشباب في المنطقة والجوار كالنار في الهشيم" . * رجوعاً للامين ميشال فلقد عرفته في عالية وكنت صبياً صغيراً ثم عرفته لاشهر عدة عام 1976، حيث هُجّرنا من الحدث على ايدي ما يسمى "بالمليشيات المسيحية". كان يحدثني دوماً عن العديد من المحطات في حياته الحزبية، عن حقبة الاربعينيات قبل وبعد شهادة المعلم. عن معارك شملان، عن ايام فؤاد شهاب والمكتب الثاني وعن ترحيله قسراً الى مرمريتا من قبل السلطات اللبنانية، لانه لم يكن يحمل الهوية اللبنانية. يوم حملته سيارة التاكسي من السجن الى مرمريتا مباشرة قال يومها قصيدة رائعة لم اعد اذكر منها إلا هذين البيتين: لعن الله الزمانا يوم ان جن وخانا قد مخضناه وفاء فلقيناه خيانا. * ولد الامين ميشال في مرمريتا عام 1913. والده الرفيق الياس خليل عين الشائبة. عرف باسم ميشال الياس. والدته حنّة صبّاغ. درس الابتدائية في مرمريتا ثم التكميلية والثانوية في دمشق حيث كان من اساتذته ميشال عفلق، قبل ان ينتقل في منتصف الثلاثينات الى بيروت مع شقيقه الاكبر عيسى الذي نقل الى موقع للجيش الفرنسي قرب ميدان سباق الخيل في بيروت. منح رتبة الامانة اواسط العام 1956 تقديراً لروحيته ولعطاءاته ولالتزامه الواعي. انتقل بعد اعتقاله اثر الثورة الانقلابية اواخر 1961 الى مسقط رأسه مرمريتا وبقي فيها الى ان وافته المنية، وكان يعصره الالم كلما تحدث عن التعذيب الذي طال القوميين الاجتماعيين اثر الثورة الانقلابية، والرفقاء الذين تعرضوا للتصفية. تم تعيينه مدرساً ثانوياً للغة الفرنسية بالرغم من حساسية النظام وقتئذ من الفكر القومي الاجتماعي، وكل من انتمى إليه، وذلك لسعة معرفته باللغة الفرنسية. بقي على ايمانه القومي الاجتماعي، متحدثاً عن العقيدة ، معتذراً عن الخوض في مسائل حزبية إدارية، مستعيداً في ذاكرته مرحلة إقامته في عالية، والمدرسة التي اسسها والدور الذي قامت به على الصعيدين الحزبي والتربوي. لم يقترن الامين ميشال بامرأة. كان يقول دائماً "الحياة لا تستمر بالضرورة بالدم ولكن بالفكر. ان كل شاب او فتاة اتمكن من ادخالهما الى الحزب هم اولاد لي بالفكر والروح". * اذ نتحدث عن الامين ميشال الياس لا بد ان نتحدث ايضاً عن شقيقه الرفيق خليل الذي كان بدوره مناضلاً قومياً اجتماعياً. ولد الرفيق خليل في مرمريتا عام 1922. درس الابتدائية في مرمريتا، أما التكميلية والثانوية فمع شقيقه الاصغر عبدالكريم، والد الرفقاء ايلي نديم وسرج، في مدرسة الاخوة المريميين (الفرير) في طرابلس . انخرط الرفيق خليل في جيش الشرق ايام الانتداب الفرنسي برتبة عريف ثم ترقى الى رتبة معاون اول. اظهر في حياته ذكاء حاداً وميلاً شديداً للتعاطي بالارقام وعلم الحساب، فحاز على ديبلوم في علم المحاسبة وبات من اقدر المسؤولين المحاسبين في الجيش الشامي آنذاك. على اثر حادثة المالكي اعتقل كما العديد من القوميين الاجتماعيين وعذب عذاباً شديداً، فقد تم اقتلاع أظافره، وكيّه بالكهرباء. طرد من الجيش الشامي اثر حادثة اغتيال العقيد عدنان المالكي، وحّرم عليه العمل كباقي القوميين الاجتماعيين. انما طُلب للعمل في دائرة المحاسبة والتدقيق في الجيش بصفته المدنية، نظراً لكفاءاته، ولمعرفته بالانظمة الحسابية المعتمدة في الجيش الشامي، مستمراً بالعمل في المؤسسة العسكرية الى ان تقاعد في نهاية السبعينات. وان لم يتولّ الرفيق خليل مسؤوليات حزبية ادارية انما كان محافظاً على قسمه القومي الاجتماعي في كل ابعاده، وبشكل خاص لجهة تربية اولاده. فجميعهم مؤمنون بالعقيدة القومية الاجتماعية، ومن بينهم رفيقان الياس واحسان، والباقون مواطنون اصدقاء وصالحون (شاب وابنتان). * الامين بديع خوري الذي كان تتلمذ على يد الامين ميشال الياس يفيدنا عنه انه كان واسع الثقافة، هادىء الطباع، ضليعاً باللغتين الفرنسية والعربية، مدرساً لهما، يتصرف بنظامية مع الاساتذة والطلاب، وكان منصرفاً بكليته الى مدرسته قاطناً فيها، عاملاً على تفوق تلاميذه في دروسهم. وعن مدرسة الاتحاد يوضح الامين بديع ان بناء المدرسة كان ملكاً لوقف الروم الارثوذكسي في عالية، التي كانت تعنى بمدرسة لعدد من الصفوف الابتدائية الى ان استلم ادارتها الامين ميشال عام 1951 – 1952 فجعلها تكميلية، للبنين والبنات، ولها حضورها، بحيث ان اهالي عالية من طائفة الموحدين الدروز راحوا يسجلون ابناءهم للدراسة، اسوة بابناء الطائفة المسيحية. يضيف الامين بديع ان البناء كان يستعمل في فصل الشتاء، كمدرسة، اما صيفاً فكان يقيم فيه، في السنوات الاولى من تأسيسها، السيد ميشال العم من اهالي الاشرفية في بيروت، فيما الطاولات والكراسي واغراض المدرسة في احدى الغرف الجانبية. من الاساتذة، يتذكر الامين بديع خوري، كلا من الرفقاء صبحي ابو عبيد (1)، حافظ سلمان، يوسف الجردي، سعيد صعب شميط، والمواطنين يوسف شلهوب وابرهيم خوري. ومن التلامذة: الرفقاء عصام العريضي وشقيقه سمير، سامي محمد ملاعب، نبيه ورفيق الحلبي، مسعود صعب شميط، والنائب الحالي اكرم شهيب، الرفيق الدكتور محمد الجردي والصحافي الرفيق سهيل قسيس. بعد حصول الثورة الانقلابية اضطر الامين ميشال الى مغادرة لبنان الى مسقط رأسه مرمريتا، فاقفلت المدرسة بعد ان كانت حققت نجاحاً باهراً. وعمد وقف الطائفة الارثوذكسية في عالية الى هدم البناء حيث كانت تستفيد منه مدرسة الاتحاد، وبناء قاعة الى جانب كنيسة مار الياس، ما زالت قائمة الى اليوم. من معلوماته ان الامين ميشال الياس كان ناشطاً في المنفذية وتولى مسؤوليات في هيئتها. من نشاطاته انه كان يتنقل في اوائل الخمسينات على دراجة نارية يقودها الرفيق داود خفاجة (2) فحصل حادث ادى الى كسر في رجله استمر طويلاً. كان الامين ميشال حريصاً على صحته، ومن الطرائف انه كان يجزىء السيجارة الواحدة الى جزءين، يكتفي بالنصف الاول منها، ثم، بعد ساعات، يتناول النصف الاخر. هوامش (1) من معاصر الشوف. تولى مسؤلية عميد الداخلية في اواخر خمسينات القرن الماضي. شارك في الثورة الانقلابية واسر. (2) سقط شهيداً في حوادث العام 1958.
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |