إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

أسئلة توقيف خديجة أسعد: متى بطولة القضاء على كبار المخالفين؟

هاني الحلبي - البناء

نسخة للطباعة 2017-05-06

إقرأ ايضاً


خديجة أسعد 78 عاماً ، كانت موضوعة منذ الإثنين الماضي في نظارة مخفر بلدة الدوير قضاء النبطية ، لأن أولادها بنوا خيمة على سطح المبنى القاطنة فيه، ويعتبر ذلك مخالفة لقانون البناء. وشكت الحاجة أسعد الأوضاع الصعبة التي تعيشها في سجنها، وأسفت لإصرار القاضية غادة أبو كروم، على سجنها رغم سنها ومعرفتها بإصابتها بمرض سرطان الدم، وتتلقى علاجاً كيميائياً.

حالة الحاجة خديجة أطلقت تعاطفاً واسعاً من رواد مواقع التواصل فبدأت دعوات لإطلاق سراحها تحت هاشتاغ « الحرية لخديجة سعد»، وإلا التضامن والاعتصام. واستنكروا قسوة القاضية وعدم أخذها بأي سبب تخفيفي بحالة المسنّة اسعد يحول دون التوقيف.

لم يتأثر القضاء بأحملة استنكار قراره، فرفض إخلاء سبيلها، بل حولت الى القاضي المنفرد الجزائي في النبطية محمد عبدو، بتهم مسّ بهيبة الدولة ، و تحقير القضاء ، و مخالفة قانون البناء ، كما تداولت وسائل الإعلام.

لم تجد القاضية اللامعة سوى سيدة منزل لتأمر بتوقيفها، رغم أن من بنى خيمة فوق سطح منزل خديجة هم أبناؤها، فهل هو مخالفة حقاً، لتهدّد جمال الجمهورية وتحطّ من هيبة دولة، وتهين القضاء، وتعيب رونق بلد عطل سياسيّوه مواسم سياحته منذ سنوات!

وأن توقف قاضية امرأة سبعينية مريضة، بينما مئات جمعيات العمل النسوي سكتت طلاقة ألسنتها، طيلة أيام.. أبسط ما يقال إن السكوت خطأ؟

ولو كان التوقيف من حق قاضية، لكن يبقى هامش الاستنساب وابتداع طرق لتطبيق القانون تلزم المخالف بأقل الأضرار عليه كإنسان، تميّز نباهة القاضي في اتساع صلاحياته وأن يستوحي مبادئ العدالة والإنصاف.

ما قيمة قيم جمهورية تُسجن فيها سبعينية مريضة؟

أية عدالة تلك التي لا تستعرض عضلاتها المفتولة قضاءً وأمناً إلا على سبعينية، بينما كبار المجرمين والقتلة ما زالوا ينالون الكثير من مزايا وحوافز إقامة الخمسة نجوم وتتسرّب محاولات وساطات بين فينة وأخرى للبحث في إخراجهم بتسويات مشرّفة ؟

ما وزن وخطورة مخالفة السبعينية أسعد من مخالفات الأملاك البحرية والاعتداءات على الأملاك النهرية والكسارات والمقالع والمياه الجوفية، فضلاً عن فضائح صفقات النفايات وغيرها، حتى لا يشمّر القضاء المقدام لفتح ملفاتها دفعة واحدة، وليكن له السبق في حرب الإصلاح؟

ألا يستحقّ القضاة، ومنهم القاضية أبو كروم وغيرها من زملائها، إن يشرب حليب سباع أصيلة، ليبدأ ثورة على الفساد السياسي والإداري، بدلاً من دفن الرؤوس في رمال السياسة والسياسيين؟

اللبنانيون بانتظاركم، تشريعاً لأنسنة القوانين، فلا تكونوا على الضعفاء فقط، بينما تتم حماية الطغاة بغض النظر عنهم وخوف أصحاب الصلاحيات من المساس بحماياتهم!

اللبنانيون بانتظاركم هنا، أن تكونوا سلطة أولى، وإليكم يحتكم المختصمون، قادة وساسة ومؤسسات، إذا اختلفوا، فلا يتم منع أحدكم من حضور اجتماع مجلس دستوري ليعطل دور المؤسسة؟

أين كانت العدالة لمّا أذلّنا وزير وضباط حين استضافوا عدوّنا مكرماً معززاً بالشاي وعبارات الترحيب، فلم يُرمُوا إلا بأوسمة وعبارات شطارة اللبناني!

نعم.. حتى لا يصحّ في خديجة.. استضعفوكِ فوصفوكِ. لماذا لم يصفوا شبل الأسد؟

العبرة هنا: هكذا تمكن الرأي العام والإعلام، بخاصة الإعلام الاجتماعي، ولو بعد تباطؤ في بدايتها، من خوض مواجهة ناجحة، حققت ما كان يجب أن يتخذه القضاء في البدء: تطبيق القانون من دون أذى ينافي الرحمة.

فرض الرأي العام نفسه قيادة خلف الضوء ليتحرّك الرسميون وتتخذ الإجراءات.

هل الإعلام والرأي العام مستعدّان لخوض مواجهات الإصلاح والتغيير المقبلة؟

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024