إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

«للحقيقة والتاريخ»... البطولة التي نفذت حكم الشعب وطبّقت القانون «البناء» تنشر الأدلة الكاملة على جرم الخيانة والتعامل مع العدو الصهيوني 1

اعتدال صادق شومان - البناء

نسخة للطباعة 2017-10-19

إقرأ ايضاً


لقاء نهاريّا: تأنيب من الأب بيغن للابن بشير

رتب الموساد لقاء بيغن بشير في مصنع للعتاد شبه العسكري ليس بعيداً عن نهاريا في أول ايلول 1982 عند الساعة العاشرة ليلاً. المرجع نفسه، ص 386 .

في الأول من أيلول عام 1982 سافر بشير إلى نهاريا ليقابل مناحم بيغن ليس كقائد ميليشيا مارونية، بل كرئيس للجمهورية هذه المرة، انتظر ساعتين كاملتين حتى اجتمع برئيس وزراء «إسرائيل».

كتاب: لبنان آخر وأطول حروب إسرائيل، زئيف شيف، ايهود يعاري، يعقوب، تيميرمان، ترجمة علي حداد، 1985، ص 179 .

استدعى بيغن بشير ليل 1 – 2 أيلول إلى اجتماع في نهاريا المدينة «الإسرائيلية» الساحلية الغربية من الحدود الشمالية.

كتاب: إيلي حبيقة القضية والقدر، لريما فرح، ص 94 .

كانت مروحية «إسرائيلية» من طراز CH-53 ياسور تابعة لسرب المروحيات الاول في سلاح الجو «الإسرائيلي» قد جاءت سراً لنقل بشير الجميّل وستة من معاونيه من محطة كهرباء الزوق وقد أنزلتهم في نهاريّا ونقلتهم من هناك مجموعة سيارات عادية يقودها رجال من الموساد إلى المصنع، حيث كان ينتظرهم آرييل شارون واسحاق شامير ودافيد كمحي وإبراهيم تامر وساغي واسحق حوفي وناحوم عدموني ومناحيم ناموت ص 370 .

هل تريد معاهدة صلح أم لا؟

سأل بيغن بشير بلهجة خشنة.

بلى! لكن يجب أن نحدّد الأساليب.

صحيح، أنّ كلّ ما طلبناه من بشير قد نفّذ: في سوق الغرب وعاليه وكلية العلوم، قال شارون متوسطاً، وطلبتُ منه أن يقبل بدخول بيروت فوافق.

لقد نفّذ بشير كلّ ما طلبنا منه. ص 375 .

الرئيس اللبناني بشير الجميّل التقى مناحيم بيغن رئيس الوزراء «الإسرائيلي» في نهاريا ليل الاول من ايلول.

وكالة رويترز البريطانية يوم 3 ايلول 1982 ص 381 .

بشير يقدّم لشارون مخطط معاهدة «الصلح والسلام»

هنا، لا بدّ من العودة إلى كتاب جورج فريحة الصادر حديثاً وفيه محضر «اللقاء التاريخي» الذي عُقد بتاريخ 12 أيلول 1982 في بكفيا بين شارون وبشير وكان فريحة ثالثهما. وهو الذي دوّن تفاصيله التي بقيت طيّ الكتمان نحو خمسة وثلاثين عاماً.

وعن لقاء نهاريّا، يقول شارون مخاطباً بشير في لقاء بكفيا: «ليس من الضروري أن نلوم رئيس حكومتنا على ما بدر منه، لأنّه حدّثك كما يحدّث الأب ابنه إذا تأثر منه وأراد أن يحتجّ عليه. ومن اللقاء هذه الفقرات:

شارون: أودّ أن أبحث موضوع السلام. إنّه بالغ الأهميّة بالنسبة إلينا. والسؤال الأول الذي يتبادر إلى ذهني في هذا الصدد هو: ما هي العقبات التي تعترض سبيلنا؟ ما الذي يحملك على الظنّ أنّ الوصول إلى عقد معاهدة صلح بين لبنان و»إسرائيل» غير ممكن؟ كيف ترى، أنت شخصيّاً، إمكان الدخول في مفاوضات في هذا الشأن؟

بشير: ما قلنا يوماً إنّ عقد معاهدة صلح بيننا غير ممكن. جلّ ما في الأمر أنّ هذه الأيام هي الوقت المناسب للمفاوضات الرامية إلى ما نريد. إنّما لدينا مشكلات علينا أن نتخطّاها. الكسليكيون زاروكم وعادوا من عندكم بالانطباع نفسه الذي أعنيه. وما ينبغي لكم أن تأخذوه بعين الاعتبار هو:

أولاً: إنّ السوريّين عندنا. وليس صحيحاً أنهم لن يهاجمونا. هناك نصف مليون مسيحي تحت سيطرتهم. إذا عقدت معكم معاهدة صلح قبل 23 أيلول، والحال كما هي الآن، فإنّنا سنتعرّض لردّات فعل قاسية تنصبّ أهوالها على شعبنا في المناطق المُحتلّة.

ثانياً: انظر إلى حدودنا. بعد انسحابكم لن تكون هذه الحدود في مأمن. سيدخل السوريّون من نقاط عديدة. هناك 160 كيلومتراً من الحدود المفتوحة. لم تعمل الدولة اللبنانية شيئاً، منذ العام 1943، لصيانة حدودها. لم يكن لنا حزام حديدي يحمي هذه الحدود. سينتقم السوريّون في البقاع، في زحلة وغيرها إذا عقدنا معاهدة معكم قبل أن يغادروا بلادنا.

ويقول شارون مخاطباً بشير: بيغن كان ينتظر شيئاً منك، ولو كلمة شكر. شنّت المعارضة علينا هجوماً شرساً بمختلف الأساليب واللهجات، وحتى هذه اللحظة ما يزال المعارضون يطالبون بخروجنا من بيروت، وبانسحابنا إلى مسافة 40 كيلومتراً عن الحدود، واستبدالنا بالقوات المتعدّدة الجنسيات، وعقد معاهدة صلح تجعل بلدَينا ينعمان بسلام حقيقي. الأمن هو مصلحة مشتركة بيننا. والمعارضة تسألنا علناً على رؤوس الأشهاد: ماذا حصل لبشير؟ ألا يقول عنّا كلمة؟ كلمة واحدة؟ أنت تعلم أنّنا سنواجه انتخابات، وأنّ لهذا الأمر تأثيراً كبيراً علينا. يجب أن نُبقي حربنا محصورة في لبنان، وأن لا نذهب إلى سورية. الناس في «إسرائيل» يسألون: ما هي النتيجة التي ستنتهي إليها؟ نجيبهم: ستتألف حكومة قوية في لبنان، وسيساعد الانسحاب السوري، ولو جزئياً، على تأليف هذه الحكومة، وهي ستطلب انسحاب جميع القوات الغربية من الأراضي اللبنانية. كان «الرجل» متأثراً إلى أقصى حدّ، وهو يشعر حتى الآن بأنّه مغبون ومهضوم الحق. كان يطلب كلمة واحدة منك، كأن تقول، مثلاً، إنّك تريد السلام، وترفض نشوب حرب بعد اليوم بين لبنان و»إسرائيل». ومن طبعه أن يقسو جداً حين يستاء. أعتقد أنّه من المناسب، بل من الواجب تأليف لجنة تبحث هذا الموضوع.

بشير: مَن تقترح؟

شارون: رئيس حكومتنا عيّنني مع إسحق شامير عن الجانب «الإسرائيلي». سأكون أنا المحرّك الأول والموجّه في اللجنة «الإسرائيلية»، وكلّ شيء سيحصل من خلالي. وإنّي سأعيّن الجنرال شامير ليعمل مع جماعتك على إعداد ورقة العمل.

بشير: من جهتنا، أعيّن الدكتور جورج فريحة يعاونه جوزف أبو خليل وزاهي البستاني في وضع ورقة العمل.

شارون: أنت وشامير وأنا سنعمل على مستوى أرفع، وأضيف إلينا تامير ودايف.

بشير: هل يمكن إبقاء هذه اللجنة سرّية؟ أريد أن أولّف حكومة، وأن أبيع هذه اللجنة إلى الحكومة.

شارون: نعم يمكن. ولنعقد اجتماعاً، شامير وأنا وأنت وحدنا لترسيخ أوّل اجتماع سرّي بشأن هذا الموضوع. يمكن أن نعقده مساءً الأربعاء المقبل في 15 أيلول.

بشير: موافق.

شارون: لا يجوز لنا أن نصعّب الأمور أو نعقّدها.

بشير: نلتقي إذن بعد الظهر.

شارون: ستكون جلستنا بمثابة افتتاح المحادثات، ومن شأنها أن تخفّف عنّا الضغط الداخلي، وأن تخفّف من حدّة التأثر في أبناء شعبنا.

بشير: هل تريد أن نعالج الآن أيضاً موضوع سعد حدّاد، أم نتركه إلى لقاء آخر؟

شارون: سنعالجه معاً معالجة خاصة، معالجة بين أصدقاء. الجنوب حيوي لأمننا إذا تعذّر علينا عقد معاهدة سلام. ولتبقَ هذه الأمور سرّية، يجب أن تُبحث معك وحدك، أو مع أقرب المقرّبين إليك. أتريد أن نسمّيهم؟ قد لا يكون من الأفضل لنا تهيئة قمّة مع رئيس حكومتنا. وإذا حدثت إشكالات بين فريقََي العمل على مواضيع أساسية تتدخّل أنت شخصياً، أو أتدخّل أنا لحلّها. طلب الأميركيون إلينا أن نبيع 12 دبابة «باتون» إلى جيشكم. أجبناهم: «سنفعل إذا طلب الجيش اللبناني، هو نفسه، ذلك». لا نريد أن نبيع دبّاباتنا للأميركيين ليبيعوها بدورهم إلى الجيش اللبناني. لدينا ألوف الأطنان من الذخائر استولينا عليها من مستودعات الإرهابيين. نعلم أنّ معدّاتكم روسية. نودّ أن تعطونا بعضاً منها، لن تحتاجوا إليها في المستقبل.

بشير: سأُعلِم فادي افرام بكلّ ما يتعلّق بالمطار وبعملية صنّين.

شارون: نعم: سنضرب السوريين في هذين اليومين.

قبل الانتهاء، قال بشير أريد أن أردّد أنني كنت مستاءً في نهاريّا. إنّنا حاربنا قسراً وكنّا على وشك الاضمحلال، لكنّنا صمدنا وبفضلكم انتصرنا. ولكي نقطف ثمرة الانتصار، أريد أن أطرح عليكم اتفاقاً يكون صالحاً لكم ولنا بنوع خاص. واختصر بشير الاتفاق الذي يراه مناسباً كما يلي:

إخراج ما تبقّى من الجيش السوري بسرعة.

المساعدة على تأمين حدودنا بواسطة جيش قويّ في عديده وعتاده، لربما 100 ألف جندي.

إخراج آخر عسكري «إسرائيلي» مع الجيش السوري.

محاكمة سعد حدّاد ثم الإعفاء عنه.

إخلاء المرافق الحيويّة في لبنان كافة، بخاصة المرفأ والمطار ومرافق الإعلام.

إقامة معاهدة سِلم مع الحكومة اللبنانية بعد إقناع الطرف المسلِم بها.

وانتهت الجلسة الساعة الثالثة من صباح 13/9/1982.

وقف شارون مودّعاً، وتعانق وبشير طوال ثوانٍ معدودة، كأنّ كابوساً قد أُزيل عنهما. وقال له: «أنا أوافق على شروطك لمعاهدة السلام، وأقول إنّ غيمة سوداء قد مرّت في نهاريا ويجب أن ننساها، واطمئنّ بيغن سيوافق أيضاً.

كانت عيونهما تلمع سروراً.

واستطراداً أضاف بشير: «إنّي أصرّ على أن يوافق بيغن على شروطي، وأن يرسل موافقته لي بأسرع وقت». وأبى إلا أن ينقل شارون بسيارته من بكفيا إلى مطار الطوافة في جونية.

هنا، لا بدّ من التأكيد بأنّ كل ما ورد في هذا اللقاء ومن محضر الاجتماع، أنّ علاقة بشير بـ»الإسرائيليين» هي علاقة استراتيجية وثيقة وثابتة لا تتزعزع، وكلّ ما في الأمر أنّ بشير الذي هو أحد أزلام وبيادق العدو المحتلّ كان يسعى إلى استراتيجيا تمكّنه من تبييض صفحة عمالته وتاريخه الأسود، وقد تفهّم العدوّ حاجته تلك وتناغم معه بتوزيع منسّق للأدوار لتضليل الرأي العام، لإحكام القبضة على لبنان في محاولة يائسة لمحو الذاكرة ورهان يائس على الوقت، وبأن يكون النسيان سبيلاً للهروب من أعماله الشائنة وخيانته العظمى.

في 12 ايلول راسل مناحيم بيغن رئيس الوزراء الإسرائيلي بشير.

«فخامة الرئيس بشير الجميّل، لقد سررتُ لاجتماعكم مع آرييل شارون في 12 أيلول 1982 في منزلكم في بكفيا، حيث اتفقتم على العلاقات المهمة بين لبنان وإسرائيل. إني اهنئكم على هذا الاتفاق مع موافقتي التامة على بنود الاتفاقية كافة. حفظكم الله مناحيم بيغن».

كتاب: جورج فريحة رئيس المستشارين لبشير الجميل، «مع بشير ذكريات ومذكرات»، الطبعة الثانية، صفحة 273 .

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024