إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

أهميَّـة الثقافــة في مواجهــة العدو الصهيونــي

خالد زهر

نسخة للطباعة 1998-07-08

إقرأ ايضاً


القيت هذه المحاضرة في ندوة للطالبات الجامعيات في مخيم بشامون .تموز 1998


كان من ألأدق و الأسهل لو كان موضوع هذه المداخلــة  (دورألاعلام في المعركة ضد العدو الصهيوني ) .. و لهذا القول سببان , الأول أن الثقافة مسألة تحتمل الزيادة و النقصان , و هي بذلك تتعرض لعمليَّة التوهين ATTENUATION   مما يبعد منحـى البحث عن الدقـــة , و بالتالــي عن قواعد البحث العلمــي ذاته Scientific Method ,كما إتفقنـا عليهــا عبر رحلتنــا الدراسيَّــة . و السبب الثانــي قد يقبــع في صميم التجربَّــة الذاتيَّــة التي إكتسبناها نحن القوميين الاجتماعيين , من خلال عقود طويلــة في معترك المجالات الثقافيَّــة , فكم عانينـا من زلات المثقفيـن الذيـن كانوا من غلاة المأخوذين بالثقافـة كيفما جائت , مـمـا أورث الكثير من الإحباطات و الغموض لدى المثقف السوري و العربــي و بالتالــي إنعكـس على الوضــع الاجتماعي و السياسـي و الاقتصادي بشكلً قلما وجدنا له مثيلاَ في مجتمعات الدول الناميَّــة .


هذا من الوجهــة السلبيَّــة , أمـا من الوجهــة الإيجابية فتدبُــر مسائل الإعلام أمرٌ أبسط و أدق , و هـو بالنتيجــة علمٌ لــه قواعده و أدواتــه و يمكنـنـا درســه و نقده و تسجيل الملاحظات حولـه و رســم الصور البيانيَّــة له و العودة الى مناهل نشوئه و تطوره , كما يمكنـنـا وضــع المناهـج المطلوبــة للعمـل بــه على ضوء الحاجــة اللإجتماعيّة أو الاقتصادية أو العسكريَّــة الــــــخ ……...!! كما يمكنـنـا تبنيّ تجارب الغير و لو كان الغير عدواً قومياً و العمل بهـا دون أي حرج . و من ثم نحــن بحاجـة ماسة, تساوي الخبز اليومي , لكل أنماط الأعلام .


و الحقيقــة المؤلمة أنـنـا, شعوب هذه المنطقــة, التي أسماها كسينجـر السيىء (( بحيرة اللاهوت )) , بحاجــة جديَّــة و ملحــة لتنظيم طرحنـا الإعلامي و تحديثـه بما ينـاسب ثقافــــةالشعوب المستهَدَفــة .أمـا تجاربنـا الفاشلــة في هذا المضمار ففشلهـا عائد الى الطريقة التي نستعمل فيها بعض المرتكزات الثقافيَّـة التي ننطلق منهــا و المجذَّرة في تراثنـا الحضاري , و مثلً واضـحٌ على ذلك هي مقولة العدالة التي تسيطر على طروحنـا الإعلامية بما يخص إعلامنا حول المسألة الفلسطينيَّــة , فالعدالة التي هي إحدى أهم القيم التي أنشأنا صروحنـا الحضاريَّـة فوق أعمدتهـا , والتي كانت إحدى أسباب نشؤ القوانين و الشرائع الأولى في التاريخ , لم تعد تعنــي كثيراًً للمستهلك ألغربـــــــي الذي عُلِّـب عقلــه بطريقــة تتجاوب مع (التحايل) أكثر ممـا تتجاوب مع الحق ..ومع القوة اكثر من العدالة , و لدينـا مثل تاريخي على ذلك لا يقبل الجدل. ففي أوائل الستينات كانت المعركة على رئاســة أمريكا بين ريتشارد نيكســون الحقوقي المجرب و صاحب الخبرة الطويلة في متاهات السياســة , و بين جون إف كندي , الشاب المترَف إبن البيت الأرستقراطي . و التقى ألاثنان في حوار على (الراديو) إنتظرتــه أمريكا لأنه كان الحدث الأول من نوعــه , و بنتيجــه الآمر أيد الشعب الأمريكي بأكثريتــه المرشــح نيكسون الذي أفحم خصمــه بمنطقــه و خبرتــه , و قبيل يوم ألانتخاب إستطاع أحد عباقرة الإعلام من فريق كندي أن يجر نيكسون الى حوار متلفَّــز . و رأى الشعب الأمريكي نيكسون القبيح الوجــه يتهجَّــم على ذلك الشاب الوسيم الجميل , قلت رأى و لم أقل ســمـع , و كانت النتيجــه كما توقعها ذلك الإعلامي , نجح كندي و أصبح معبود الناس و ما زال, رغم مواقفه السياسية التي أودت بحياته .


فالعدالة و الحق قيمتان ثقافيتان أساسيتان لكل مجتمعات الأرض , و لكنهمـا ليستا قيمتين إعلاميتين مطلقتين , بمعنى أن مضامـيـنهمــا لا تصلح , كما هي , لكل زمـان و مكـان و مثلٌ آخر يصب في الموضــوع , فعام 1967 و يوم وقعت الحرب الثالثة بين العرب و إسرائيل أرســـــل العراق جيشـاً للمشاركة , و أثناء وداع الجيـش في بغداد ألقى رئيس العراق يوم ذلك ( عبد الرحمن عارف ) خطاباً في الجيش الذاهب إلى المعركــة و في الخطاب أوصى الجيش نفس الوصيَّــة التي أوصاها الخليفة الراشدي عمر بن الخطَّاب للجيش المسلم الذي كان ذاهبا لفتح الهلال الخصيب , فقال عبد الرحمن عارف , " لا تقتلو امرأة و لا شيخاً و لا طفلاً و لا  تقلعواشجرة " و حين و صول الجيش العراقي الى مفرق النقطة الرابعة على الحدود الأردنيَّة , أغارت عليه الطائرات الإسرائيلية و استطاع الجيش أن يســقط بعضهــا , و كان قائد إحدى طائرات الميراج المغيرة فتاة في الثامنـة عشرة من عمرها .!!!


علينـا أن نختار من تراثنــا الحضاري الثقافي بكثير من التأنـي , و علينـا أن نعلم علم اليقيــن , أن زمـن التبشـير الملقى على عواهنـه قد مضـي , صحيـح إنـنا قوم نعتّـز بقيمنـا العليا , و قيمنـا العليا تلك سـرت على وجـه الأرض كما يســري ضباب الصباح , إلاّ أننا لا نري اليوم لتلك القيـم إسـماً واضحـاً على جداول البورصات المالية و التي تتحكـم حتى بنوع الهواء الذي يتـاح لنـا إستنشـاقـه . ليـس المطلوب التخلي عن قيمنـا العليـا تلك و لكـن كل السـلع تحتأج لتوضيب خاص يتنـاسب مع ســوق الإستهلاك ... و يبدو أنـنـا و في حالـة الدفاع عن النفـس علينـا أن نلقي بكل أسلحتنـا في حميم المعـركــة , فالغـرب الجشـع الأعمـى لا يـرى إن هنالك أشياء في هذا العالم مصنـوعـة من غيـر  الإسـمنت ..!! و قد صاغ سـُـلم قيـمه على هديـر ثورتـه الصناعـة فجائت منحنيّـة كعتلــة القطار و لكنهـا تحمـل خاصيّـة الحركـة و نعمـة بلوغ الهدف تمشياً مع مثلهم الغير مناقبي المعروف The name of the game,is to win it ( قيمة اللعبـة في ربحهـا )....حتى (الغزال) أيهـا الشابات ...و قبيل لحظـة إستسلامـه لبراثن النمــر .. يقف و يبصق عليــه ...!! ( حقيقة علميّة )


إن المشكلة الكبيرة التي ما زلنا ندور حول نارها الدرويشَّـة,هي معنـى التطوير بحد ذاته و هنا تقبـع بوضوح عملية العلاقة بين المخزون الثقافي الحضاري و عمليَّــة تحديث الجملة الإعلامية , فالحداثـة لا يمكن أن تُجتــــرح بتجديد الأشكال, كوســائل و أدوات التحديثTools  ,


إنهـا عمليَّة ( (Process  على جانب كبير من التعقيد و تحتاج الى نهضـة تغييرية شاملة و الى METHOD  ( منهـج ) يأخذ بعين الاعتبار الواقع العملي (الديناميكي) و يستقي من المخزون الحضاري (( الستاتيكي )) عوامل و ديناميات ثقافيَّـة مشعة على سـلم ألاستمرار الحضاري الداكن. و هذا أمر كان لا بد من أن يتعرض لـه سعادة بشـجاعـة الفاتحيين الكبار . علينـا درس و توضيـح و تشعيب مقولـة سعادة حول ما سماه بالعقليّـة الأخلاقيّـة الجديدة ...!!


يبقى هنالك أمرٌ لا يحمل الجدل , و هـو أن الثقافـــــــة , و في أي إتجاه إتجهــت , هي بالمحصلـة الأخيرة أمرٌ معرفي Epistemic أو إدراكي مكتَســـــب, بعامـل موروث و مـركــوز يقبـّـع في صلب التكوين الجينــي فينــا , و غايتــه الوحيدة الجامعــة المانعــة , هي البقاء Survival , بهذا المعنــى نستطيع تعريف الثقافـــة أنهــا معرفــة مكتســبة نمت و تطورت من صراع الإنسان من أجل البقاء و التنوُّرْ Enlightenment . الثقافــة نشــأت و تطورت من عمليَّــة صراع الإنسان المستمر على هذا الكوكب مع عوامل الطبيعــة ( الصراع العامودي ) من جهــة , و عوامـل الغَلَبـة حسب تعبير إبن خلدون أي (الصراع ألأفقي) من الجهة ألثانية.و علينـا أن نلاحظ أمراً فلسفياً على جانب كبيـر من الأهميـة و هـو أن فكـر سعادة الفلسفي الأخلاقي لم يكن فكراً ( تنسيقياً  RECOMPOSED) بل كان فكراً (توحيدياً RECOMBINED) فديناميات الإصلاح في المبادئ الإصلاحيّـة تنطلق من رحم المبادئ الأسـاسيّـة , في وحدة مدرحيّـة بديعـة التكوين . و هنا تقبع علميَّـة القوميَّة الاجتماعية بشكل يتعدى كل أنواع الجدل الذي تسمعونه في الكثير من الطروحات الثقافية الزائفـة .ففي التفكير العربي الحديث الكثيـر من الســـــقط (JUNK) و الذي حاول سـعادة جاهداً فضحـه و تسخيفـه و القضاء عليــه و كان يحاربه على جبهـات عديدة, أخطرهـا حربـه على(الرومنسّـية)التي أورثنـا إياها(المستشـرقون ) الغربيون على إختلاف أنواعهــم , و لا أظن أنهـا كانت بريئـــة و إن ألبســوهـا لباساً علمياً .


للثقافــة مصدران المصدر الأول ,  و يمكنـنـا أن نسميــه المصدر الغير الرســـــمي أو الغير الشكلي Informal , و المصدر الثانــي هــو المصدر الشكلــي أو الرسمي Formal . فالمصدر الأول يُعزى الى الحركيَّـة الاجتماعية العامــة حيث يســعى الإنسان للحصول على ديناميات ثقافيَّــة و مهاريَّة تمكنــه من السلوك في مجتمــع ما, في حقبــة حضاريَّــة ما , تخولــه هذه(المهارات) المشاركــة في تقافة الحقبة التي وجد فيها. أما المصدر الثاني فهــو مصدر تعليمــي ترعاه مؤسسات المجتمـع أو الدولــة , حيث يتم تجميــع الخبرات و تحويلهــا الى نظريات يتم تدريــسها وفق مناهج معينــة . هذا هـــو التعريف المتــبَّع للثقافــة و لكنــنـا  لا نستطيــع أن نمّر على الموضـوع دون و ضع الأمور في مســارها التاريخــي , فنحــن بالنتيجــة مجتمعــات مسحوبــة في حيز زمنــي , و الملاحظ أنـنـا كلما تقدمنــا في مناهل المدنيَّــة وجدنـا حاجــة ملحة الى العودة للجذور, تزداد زيادة توازي التقدم في مسارات المستقبل .


إذا كان لا بد لنا من أن نعزو الأمور الى منابعهــا Foundation كيمـا نتمكَّــن من فهمهــا من حيثُ هي , و كيمـا نحيط بأسباب بداياتها , فعلينــا أن نـنـظر الى أمور الثقافــــــــة من الزوايـــا التاليــَّة :


أولاًَ ــ الثقافــة هي ناتج إجتمــاعي , لأن أي تجربــة في التاريخ الإنساني قام بهـا فرد و لم تنتشــر في المجتــع ,هــي تجــربــة لم تحدث بالفعــل , و لا يمكنــنـا تصورها بالقوة , فالمعرفــة أنـَّـى كانت , كما علمنــا سعادة , قد تبداْ بالفرد و لكنــها لا تصبــح معرفــة إلاَّ إذا إنتقلت من الفرد الى المجتمــع و بالتالي الى التاريــخ .


ثانياً  ــ تقبــع جذور و بدايات العمليَّــة الثقافيَّــة المعقدة في مقولــة الصراع من أجل البقاء , و ما برحت حتى يومنـا هذا تسير بالاتجاه نفـســه , فمقولة الصراع من أجل البقاء تتحكــم بكل إنتاجنــا الإنساني , و إن أخذت أشكالاً مغايرة .فالأنسان نشأ بالتطور , فهو لم ينشأ إنساناً تاماً دفعة واحدة , و تلك العمليَّـة المعقدة الغارقة في القِدَم كان إحد أهم سـبل إستمرارها , التجمـع و التراكم الثقافـي , حتى أنـنـا لو أردنا الفصل بيــن السبب و المسبب لقترفنا زلـة (المـماوهــة) PARADOXICAL  .تماماً كما يصيبنـا حين نحاول الفصل بين المادة و الروح .


تالثاً  ــ إن عمليَّــة التبادل بيــن الوعي ( العقل ), و الثقافــة إي (تجمّـعْ الوعي) أغنت كلا الطرفيــن و لكن علينـا أن لا نغفل أمراً بديهياً , و هو أن العقل ( Medium) هو بالتالي القول الفصل فــي اختياراته , فهو الذي يقرر شكل الوسيلــة الناقلة ( Mo-dem) . بهذا المعنــى تستطيع العقول النيرة أن تلعب دوراً ملحوظاً في توجيــه الثقافــة بما يناسب مصالحهـا الكبرى و خارج سجنهــا الثقافــي في حالات مميزة , و رغم صعوبة هذه العمليَّــة و قلـة أمثالها في التاريـخ , إلاّ أن سعادة , بمثابرة و فهم قل نظيره , تمكن أن يجترح هذه الأعجوبة الثقافية كمايخرج الفجر من أشد ساعات الليل حلكاً ,ذلك الفجر الذي لم تخلُ سماؤه من الغيوم حتى اليوم . و الواقع إنكم الجيل المثقف الأول منذ تأسيس النهضة , الذي سيكون لديه القدرة العمليَّـــــــة على دراســة هذه الظاهرة و الإضافة حولها و عليها و نقلها ثقافيا إلى أرجاء هذا العالم الذي بدأ ينطلق مادياً بتسارع و عماء خطيرين , وستجدون , وكلمـا سرتم قدمـا في معتركات العلـــم و التحصيل و الثقافــة , أن أغلى ما يمتلكــه هذا الوطن , هو هـــــــــذا المنهــج , خاصــة إذا تسنى لكم الأمـر و خرجتم الى الغرب في تحصيل العلوم و التجارب , و كنتم جديين في ذلك , فسوف ترون أن الفرق بين التحصيل و التطور بالمنهج و حولــه , او عدم الانطلاق من المنهج , كالفرق بين نبعـة الماء و وعاء الماء .


رابعاً : الموضوع الثقافي ليس أمراً حتمياً نهائيا أو مطلقاً , بل هو أمر نسبي لجهــة الإرادة و الظروف التاريخيَّــة , فكما أن الأرض تقدم لنا الإمكانيات لا الحتميات كما يقول سعادة , فالثقافــة تقدم لنــا مجموعــة هائلــة من الخيارات أيضاً .


العالم واقع ثقافات , و ليس ثقافة جامعـة كما نعلم , فإنـنــي و أنا أجلس الى جهاز الكومبيوتــر , أتواصل مع كل جهات الأرض , أبقى , في كل جملة أو صورة أو فاصلــة , مشدوداً الى جذوري الثقافيَّــة الحضاريَّــة شئت أم أبيت , علينـا أن لا نقــع في المطب الإعلامي (للعالميَّـة) و كأنهــا بديــل نهائي لتمايز المجتمعات و الثقافات . و لكن المطلوب و نحن على أبواب إنهيار ..؟؟ حضارة تحكمت في سـير العالم ( التقنـي ) و الروحي , أي الحضارة السوريَّة, و طبعتـه بطابعها الذي كاد أن يكون خالداً , مطلوب منا تحديث الخطاب الثقافـــــــي  ( للإعلام ) و تحويله الى ســلاح صراعــي علـه يعكس أو يخفف من قسـوة السقوط .


و هنا لا بد من أن نسأل السؤال الجريء الذي نحن مؤهلين للوقوف عنده , ماذا عن الثقافة الدينيَّــة حيال هذا الطرح ….؟؟؟؟ و هذا السؤال سيساعدنـا على الاسترسال في هذه المحاورة , خاصــة و عدونــا الرهيب , عدو ثيوقراطــي (ديني) من الطراز ألأول …!!


قد تكــون الأديان والأخلاق و العادات و التقاليد و مؤســســاتها هي رأس الحربــه في التواصــل بيــن حقبــة حضاريَّــة و حقبــة لاحقــة أو سابقــة بقطع النظر عن صفاتهــا , و لكــن طبيعــة المؤسسات الناتجــة عن هذه الأنماط , هي بالغالب مؤسسات مطاطيَّــة الحركــة و القابليَّــة , فهي تعيش في المراحــل دونمــا أي حرجٍ , حتى يخَّـيـل للعقول الملويَّــة تحت هديرها , أنها صالحــة لكل مكان و زمــان . و الواقــع أن لا حرج في ذلك لو أن الأرض ليست كرةً للصراع , فالمطلوب, بالمحصلة الأخيرة, استمرار الحياة , و لكن حين تكون الأرض بمجتمعاتهــا حلبــة صراعٍ مستمـر , فالمطلوب أيضاً أن تـتشـكَّــل المؤسـسـات الاجتماعية ـ الأخلاقية كلهـا بطريقة تعطي الفرصــة الحقــة لاستمرار مجتمـع معّـنْ في الحياة و التقدم .

,و هذا طرح مغاير لما قد يسـمى صراع الحضارات ..و لكن بالمحصلـة المنطقيّـة الأخيرة قد لا يكـون هنالك حضارات ..؟؟ بل حضارة واحدة قامت على هذا الكوكب خاضعـة لقوانينــه الفيزيائيـة الواحدة محكومــة في سجن الخلايـا عينهـا يحدهـا حَبـل الــ  DNA من الداخل و خمس حواس سخيفــة من الخارج .حسبنـا أن ظروفنـا الموضوعيّـة أملت علينـا نمطاً ســاحر النتائـج فأرسينـا مداميك هذه الحضارة و لا نظنـنـا في ندم من أمرنـا مهمـا كانت ظروفنا المستقبليّـة , و ما فقدانـنـا لرشـدنا اليوم ســوى وجود إســرائيل بين ظهرانينـا .


على هذه الكــرة المتأرجحــه في متهات السديـم , كان لجدودنـا السورييون اليد الطولى في إنشاء المدنيّـة الأنسـانيّـة التي عمت العالم , و هنالك اليوم دراسات إنثربولوجيّـة جديدة تكاد أن تؤكد أن الأنسانيّـة بشكلها الحاضر بدأت من حوالى خمسون آلاف إنســان تمكنوا من البقاء بعد مـرحلة ثوران البراكين العظيمـة منذ مائة و خمسون ألف ســنة .و الملفت أن هؤلاء تمكنـوا من البقاء في المنطقـة الممتدة من أغوار الآردن حتى أطراف دمشــق , و منهم تسرب الإنسان الى أكثر أصقاع الأرض حاملاً ما تعلمــه من فتـرة صراعه العامودي ــ مـع الأرض , و الأفقــي ــ مع تداعيات المجتمـع الأول .


علينـا أن ندرس هذه الدراسـات الحديثـة و نســبر أغوارها بكل الطرق العلميّـة المتاحة لنا .


لا بد لنـا من ملاحظــة هي على جانب كبير من الأهمية في صراعنــا الأكبر هذا , نحن نعلم علم اليقين أن الحركــة الصهيونيَّــة مرتبطــة إرتباطاً تامـاً بالدين اليهــودي فكل مقوماتها السياسيَّــة هــي جذور توراثيَّــة ناصعــة لا تقبل الجدل , إلاّ أن الحركــة الصهيونيَّــة كانت حركــة علمانيَّــة المظهــر و خاطبت العقل الغربــي خطاباً علمانياً واضحاً , و تبنَّت أنماطه العلمانيَّــة دون هوادة . فقد تمكن اليهود من إستعمال العلمانيَّــة لبلوغ غايتين أساسيتين , الأولى وقف العداء للسـاميَّــة في مجتمعات الغرب المسيحيَّــة و القضاء على التمييز العنصري نحوهم , و الثانيَّـة إقناع الدول الغربيَّة و على رأسها الولايات المتحدة أن إنشاء دولة ديمقراطيَّة في الشرق الأوسط هو من مصلحتهـا القوميَّـة كما سبق و تم إقناع الاتحاد السوفيتي قبلاً بأن التجربـة الاشتراكية في الكوبوتات اليهوديَّــة , يجب أن تعطى فرصــة الحياة في شكل رسمي ,أي دولة إسرائيل . و الملاحظ اليوم أن ألامر بدأ بالتغير بعد أن أستتب لدولة إسرائيل الأمر و بشكل يلفت أنظار المراقبين ألاجتماعيين و السياسيين في العالم .

أما نحــن , شعوب العالم العربي , فالامر لدينــا يكتنفــه التشويش و الإستهتار المميت , فنحـن أصحاب الفسحة الحضاريَّــة التي زودت العالم بأكبر دينين سـماويين , و من منطق الأمور أن نكون على وعي تام بمقاصد هذين الدينين و على علم واسع بماهيــة غايتيهمــا و طبيعـة نشوئهمــا . و لكنـنـا , و نحــن أصحاب التبشير الاول , غرقنــا في شكليَّـة التبشير و متاهاتهــا الاجتماعيَّـة و السياسيَّــة و خرجنــا خروجاً مضحكاً عن صلب الموضــوع . فاصبحت أي دعوة علمانيَّــة تقع تحت عرف التكفير , و ترفض من قبل القيمين على مؤسسات الدين ,  كما يحدث اليوم حين بداء نواب الحزب عندنا بطرح مشـروع الأحوال الشخصية و الزواج المدنـي .


سعادة انطلق من مقولــة إساسيَّة تقول , إن الدين هو بالنتيجــة مَعْلمٌ حضاري و من أهم المعالــم الحضاريَّــة , و هو من الأهمية بحيث يجب أن يكون عامل قوة في إلامــة و ليس عامل ضعف .و لا يتم ذلك عن طريق تغيير الدين أو تحديثـه أو عصرنتــه , فسعادة كان يعي خطورة ذلك على المجتمع . فهو يريد بقاء الدين كعامل قوة للمجتمع و كغنـى حضاري و إنساني , و يريد بالوقت نفسه أن لا يكون الدين معوقاً لتقدم المجتمــع . فكان لا بد من فصل الدين عن الدولة , و تعزيز المناقب الدينيَّة في المجتمع العلماني . الحقيقة أن هذا النهج ليس نهجاً توفيقياً , للسبب الجذوري المغاير لكل معطيات العالم الغربي , فالدين هـو من نتاجنا الحضاري , و ليس المطلوب توفيقيَّــة بينه و بين المجتمع الراهـن , أو العمل على دك صروحه كما يبتغي الغرب العلماني , فنحن نرى بوضوح أن الحركات الثوريَّـة في الغرب الصناعــي كانت تعمل بشكل جديّ و بجذور فلسفيَّـة لدك الدين , فالدين دخـل أروقــة الغرب من شـباك عولمـــة ذلك الزمـان فهـو , أي الدين , عولمتـنـا نحـن ..!!


ما لم يستطعه( هاني بال) بجيشــه اللجب ..إستطاعــه رجال الكنيســة الأوائل , فقهـروا رومــة بملائكــة المحبــة.

المطلوب منـا اليوم صَهـر مدرحــي يتميِّـز عن أي تجربة غربيَّة من جهــة , والمطلوب بنفس الوقت إبقاء الدين لانــه من مداميك الأساس الحضاري في هذه ألامــة .من هنا تـختلف علمانية سعادة عن أي علمانيَّــة ثانيَّــة في العالم . هي عَلمانيّـة إستراتيجيّـة أرســى مداميكهـا في كتابـه (الإسلام في رســالتيــه المسيحيّة و المحمديّـة) و من السخف و المهاترة أن يقال أن ذلك الكتاب كان عملاً توفيقيـاً كلاسيكياً .


الواقـع أننـا نحن أصحاب برنامج العولمــة الأول في التاريـخ , فبعد إكتشــاف الكتابــة لـم نتوان لحظـة عن زّجْ مضاميننـا الحضاريّـة و المدنيّـة في زوايـا الأرض و نحن أيضاً لم نوّفـر فرصـة للربـح ..؟؟ فيوم ثقفنـا أرجاء البحـر ( السوري ) المتوسط رأينـا أن الحرف كان يسير في خط متوازٍ مـع أقمشة الإرجوان و الزجاج الملّـون ..!! و لا ضيــر في ذلك لأن صراعنـا ذاك لم يكن يحمـل أي ميسّـمٍ من مياســم الهمجيّـة , و من ثم كان غزونـا الروحـي لأوروبـا و متاهات أسٍٍيا حتى حدود سـد الصين , غزواً إنسـانياً من الطراز الأول .


خامساً  ــ إن الإعلام هـو جزء من أجزاء الثقافــة , فالثقافــة أشمـل و أرحب , و لكــن الأعلام هـو جزء يكاد أن يزهــو تألقاً على الكل الذي هــو منــه , فثمــرة التفاح هي بدعــة لشجرة التفاح , و لكنهــا هي التي تعلن عن كل ما في جذور الشجرة من معنــى , كل إعلامــي هــو بالضرورة مـُـثَّـقِف Educator  و ليس كل مثَّـقِفٍ هــو إعلامــي .المثَّقِّــف يتناول الحدث الثقافــي من حيث مـا هــو عليــه و لكــن الإعلامي يأخذ الحدث الثقافــي من حيث ما يجب أن يكــون .


سـادســاً  ــ إن أغلى ما تعلمناه من التاريــخ هــو أن المدنيات الكبيرة معرضــة للضمور و السقوط و التلاشــي . و ما الآثار التي نتعثَّــر بهــا كل يوم , إلاَّ دليل على ذلك , قد يقال إن المضامين الحضاريَّــة هي أمور خالدة , و لكنهــا تبقى شــبحيَّــة المعنــى ما لم تتجسَّــدْ في حركيَّــة المجتمــع ؛ و يقال أن الأشباح لا يراها إلآَ قلــة من الناس .نحــن بقايا امــة هاديَّــة للأمــم , مضامينـنـا الحضاريَّــة تلف هذا الكوكب طولاَ و عرضاَ , و لكنـنـا أمــة تقارب مشارف التلاشــي , بالمعنــى الحضاري و العملــي أيضاَ .ما قيمــة تلك المضامين الحضاريَّــة التي نختزن في ترابنا و ذاتنـا و ذاكرتنا التاريخـيَّــة , إن لم نكن رافعــه جديَّــة لهــا , لكــي تستمـر في خيرها العام ..؟؟


هل يســمح لنـا هذا السرد أن نقول التالــي : إن لم تكــن الثقافــة التي نتكلم عنهــا هي الثقافــة التي خمرنــا عناقيدهــا منذ آلاف السنين , و إن لم تكـن تلك الثقافة هي المركَب الذي سينقلنــا آلي مشارف المستقبل , إن لم تكن ذلك ,تكـــون الثقافة عينهـا أعدى أعدائنـا ..؟؟


إن حالة الفسيفســاء الفكريَّــة التي تحدث عنهـا سعادة في المحاضرات العشــر , حالــة تقارب الأجزاء دون إتحادهــا , هي حالــة ثقافيَّــة بمعنــى أو بآخــر , و لكنهــا ليست حالــة نهضويَّــة ( منهجيّة ) على الإطلاق .دعونــا نركز قليلاَ على العلاقــة بين الثقافــة و النهضــة , و بشكلٍ نقديِّ منتــج . لقد رأينــا من خلال البحث أن حالــة النهوض الإنساني كان شـــرطها

الأول شـرطاً ثقافياً , حتى أن هنالك أبحـاثـاً مـمـيزة تربط بعض أنماط النهوض البيولوجـي بالثقافة .. غاية النهضــة هي العمل على خروج مجتمـع معيّـن , من حال معينَّــة الى حال أفضل .و في اللحظة التي تتوقف فيهـا هذه النهضـة عن الحركـة , تتحول الى ( دوغما ) فتتجمَّد في أرتالهـا و تحدث حالة الدوران الدرويشــي المعوقـة . فالحركــة هي شرط النهضــة و الحركـة هي حكماً حركة ثقافيَّــة .يقول سعادة كلما وصلنا الى قمـة تراءت لنا قمَـمٌ جديدة نحن جديرون ببلوغهـا .و يقول أيضاً تستمد النهضــة روحهـا من تاريخ الأمة الثقافي . أي أن علاقــة الحاضر و المستقبل , بالماضي علاقــة جدليَّــة و ليست علاقــة ستاتيكيَّــة .الماضي هو بالواقـع أنماط ثقافيَّــة من خبرات و مهارات و أشكال سياسيَّــة و عقائد دينيَّــة و أحداث جامدة .و روح الأمة هنا ليس سوى مجموعــة أنماط حضارية من شرائع و قوانين و اكتشافات رفعت الحالة الإنسانية من شكلها الوحشي الأول الى حال التمدن التي ما زلنــا في إطارها حتى اليوم , و قد شكلت مخزوناً ثقافــياً متراكــماً و منوَّعاً خط للعالم أكثر خطوط ســيره .إن هذا التراث الهائل يمكن التعامل معــه بطرق مختلفــة فيمكن أن يكون المفتاح الذي يفتح لنــا شُــرف المستقبل و يمكن أن يكون الحائط الذي يمنعنـا من رؤية الفجر . كل هذا يتوقف على طبيعــة تعاطينـا مع التراث .


من هنـا كان لا بد من وضــع Method منهَّــج يكفــل لنــا صدقيَّــة هذا التعامـل , و الحقيقــة أن أهم ما قام بــه سعادة هو وضـع ذلك المنهـج الذي حاول دائمـاً أن يضفي عليــه صفات المنهـج العلمــي بكل ما فيهــا من قدرة على الاستمرار و عدم الوقوع في حالــة عدم الحركــة .و مما لا شك فيــه أن وجود الحركــة الصهيونيَّــة كان عاملاً مؤثراً على الكثير من تفاصيل ذلك المنهَّــج ,فقد لا حظ سعادة من خلال وعيــه للتراث و التاريخ و علم الاجتماع أن الحركة الصهيونيَّــة سيكتب لها النجاح إذا استمرت الحالة الثقافيَّــة العامـة في الأمة و عالمها العربي على ما هي عليــه .فكان على عجلـة من أمره دائمـاً و لكن ليس على حساب المنهج نفـســه.


والواقــع أن أكثر الذيـن حاولوا نقد فكر سـعادة ( نقداً سلبياً )تركز نقدهم على تفاصيل جزئيَّــة , أما المنهـج فنراه يتبلوَّر يومـاً بعد يوم و يتألق و يطوِّر ذاتــه بذاتــه بشكل عز نظيره في متاهات الفلسفة و العلوم الاجتماعية و الإنسانية .علينـا أن نقوم بتوضيح ذلك المنهـج و ذلك بدرسـه على ضوء المتغيرات المتسارعة حولنا , و بتسليط كل شعاعات الحداثـة عليــه و بلورة خطوطـه العامـة و تفسـيرها و نشرها و التحدث بها و تربية الأجيال القادمـة على نبراسها . و المنهج من المناعة و القوة بحث يتحمل كل أنواع الإضافات و الاجتهادات و يحمل في طبيعتــه القدرة الهائلـة على محاذاة التطور . أليس من المعيب على شعبنا أن يكون بين مثقفيــه من لم يقرأ سعادة ..؟؟


ما أردت قو له هنـا هو أن الثقافــة هي بالحقيقــة ( ثقافات ) , و علينـا أن نختار من تراثنـا وواقعنــا وواقع العالم النموذج الذي يكون بــه خلاصنـا الحضاري . و علينــا اختيار ذلك بكثير من الحذر و التأنــي و نصب أعينـنـا مصلحتنـا القوميَّــة و خير شعبنـا العام .فنحـن نواجـه اليوم عالمـاً جديداً متصلاً ببعضه اتصالا مختلفاً عن أي شـبه في التاريــخ , و علينـا , و نحن على هذه الشرفــة العاليـة , أن نتمسَّـك بحاجزٍ صلبٍ يقينــا السقوط . فإذا كانت النظريَّــة الداروينيَّــة تم توظيفها  كمبرراً فلسفياً سحبه الغرب المستعمـر على الشعوب المتأخرة بنظره , ليفلسف الحالة الاستعمارية تحت شعار (ألأصلح يبقى) , فأن نظريَّــة العولمــة يمكن إستعمالهـا قريبأً بطريقــة تسمح لأمريكا السيطرة على كل سـكان الأرض و تصبح الاكتشافات العلميَّــة التى من المفترض أن ترفـع مستوى الإنسان , احد أسباب قتل الإنسان .


و السؤال الأهم هــو التالــي: 


كيف نستطيع أن نتوسّــل الثقافــة في صراعنــا مع العدو الصهيونــي


أولاٌــ لا بد لنــا من المنهــج , فالمنهَـج يكون سبيلنــا الأهم لوضــوح مسيرة الصراع . و هو بالتالــي يحدد شكل التعاطي مع القيم الثقافيَّــة المتراكمــة في حضارتنــا Culture . علينـا دراســة مضامين الحركــة القوميَّــة الاجتماعية و أبعادهــا الفلسفيَّــة على أن يكون نصب أعينـنـا أن نأخذ من ديناميات حضارتنـا ما يقينــا في متاهات دروب المستقبل .و ذلك بدراسة الأمور التاليَّــة :


(1 ) ــ الدور الحضاري للهلال السوري الخصيب في تمدين العالم .فنحن اُمـة هادية للاُمم و إستمرارنـا أمر يقدم للإنسانية نموذجاً منتجاً .


(2 ) ــ دراسة تاريــخ الهلال الخصيب منذ الفجر السومري حتى اليوم و الوقوف عندالإنجازات الحضارية . و نشرها بكل الطرق الممكنــة و اللغات المعروفــة


(3) ــ دراســة جديدة للأديان في الهلال الخصيب (ومن ضمنها الدين الياهودي)  ولديكــــم كتاب الإسلام في رسـالتيـه كمرجع أساسي لدراسة من هذا القبيل .   


ثانيا : ــ لا بد لنا من الالتزام بالمنهج , و البناء على أسـاسـه و العمـل على تطوير أشكالـه و إغنائه بالتجارب العصريَّــة و مكنَّنــة و سـائل نشره و تبسيطهـا , و إلاّ سنصل حكمـاً الى حالة الضياع الثقافـي في زمـن لن يســمح لنـا حتى بمـمـارســة نعمــة التأمـل.

كل تجمع ثقافي متخصص , إذا لم يكن لديــه إلتزام بقضايا الوطن ,و عبر منهـج واضح يتحول الى فوضى و غموض و يصل الى حالة التلاشي و الاندثار .و هذا الالتزام يجب أن يكون من خلال خطة إعلاميَّــة هادِفــة , نحن بلاد البدايات الأولى في حقول الثقافـة الإنسانية , فشرائعنـا و إكتشافاتنـا العلميَّــة وأســاطيرنـا الرمزيّـة و أديانـنـا الجبارة , كلهـا كانت لغايات عمليَّــة عينيَّــة تهدف أولاً و أخيراً لرفــع مستوى الحياة و إعطاء الإنسان أدوات تقدمــه على هذه الكرة الغريبـة . إن النكبات التي حلت بهذه المنطقــة النموذجية في السُلّم الحضاري , حولت تلك الإنجازات الأساسية الى إرهاصات تاريخيَّــة بدت أمام أعينـنـا و كانهـا ضباب مرآة حاقهـا التلوث , فجلسنا نتداول التنظير بدل أن نجلو تلك المرآة فنرى أبعاد المستقبل تحت خيوط و ميض أبعادها الهائلـة .


لنقرأ سـعادة . و شكراً لإصغائكم __________ بشـامون _ تموز 1998


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024