إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

السياسة و جدلية اللون البرتقالي

مأمون شحادة

نسخة للطباعة 2010-04-05

إقرأ ايضاً


الألوان كثيرة، منها الاحمر، والاخضر وغيرها من الالوان، ولكن اللون الذي يمتلك الشهرة هو البرتقالي، باعتباره ذا دلالة رمزية للتعبير، حيث اعتبره الهولنديون كرمز للاستعداد والحركة، فيما اعتبره التشيليون والاوكرانيون كرمز للتحرك الشعبي، وفق نظرة مستقبلية تغييرية تسمى “الثورة البرتقالية”، ما يعني ان هذا اللون يعبر عن الشعور بالكآبة والضجر، والتحرك من اجل الاصلاح، ولكن دون تحريف لرمزية ذلك المعنى. بما معناه، فان عملية اختيارية طوعية يختارها شعب من الشعوب كأسلوب للتعبير والتغيير دون فرضه بالغصب والاكراه، ولن يكون لذلك اللون اي معنى ان لم يكن نابعاً من حرية الذات.

هنا نتذكر قول احد الشعراء، حينما قال “ولون الدم يزور حتى في التأبين رماديا”، ولكن في اي كفة نضع التحريفات الأميركية والاسرائيلية لرمزية ذلك اللون، على اعتبار انه لوناً للاذلال والقهر، فالالبسة البرتقالية، التي فرضت على سجناء جوانتانامو تتوافق مع التحريفات الإسرائيلية، كنموذج يحتمل تطبيقه على الاسرى الفلسطينيين...!

ولكن الا يعتبر اللون البرتقالي رمزاً للمظلوم ومن لبسه فانه بطبيعة الامر كذلك؟ فوفقاً لهذا السؤال فان الاجابة ستكون متربعة بين حشايا الضمير كمطلب لرد المظالم الى اهلها، فهل يستطيع العقل الأميركي استيعاب هذا الجواب؟ ام ان بصيرة عقله لا تحتمل الا الاجوبة الاسرائيلية!؟!

من الظاهر ان تشعب تلك الاجابة ادت الى صبغ بعض من الشعوب بلون تلك الاجابة، كأسلوب حضاري، وكتعبير عن اليأس والضجر تجاه الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لإحداث تغيير جوهري وجذري في المجالات الحياتية، بمنظور مستقبلي يتلاءم مع متطلبات الجماهير.

بطبيعة الحال، فان هذه الجدلية تحتمل وتحمل عدة توجهات وتجاذبات في استخدامه، كالذي شاهدناه على سبيل المثال في جمهورية التشيلي ابان حكم بيونيشه، حينما احتدم التجاذب والصراع السياسي بين الجماهير، التي تسعى الى اصلاح اوضاعها الحياتية، والمناهضة للسياسة الأميركية، وبين الرئيس التشيلي بيونيشه الموالي لتلك السياسية، والذي ادى الى انتصار تلك الجماهير.

اما على الجانب الاوكراني فان الاوضاع كانت مغايرة للحالة التشيلية، فسياسة الرئيس كوتشما الموالية لروسيا جعلت من الجماهير الاوكرانية تفترش الارصفة وهي ترتدي الزي البرتقالي كاسلوب تؤيد فيه السياسة الأميركية ضد الروسية باعتباره “طوق نجاة” يخرج البلاد من ازماته المتلاحقة، ولكن بيضة القبان “وبعد ستة اعوام” عادت لتتمركز مرة اخرى لمصلحة المد الروسي بفوز يانكوفيتش، ما شكل ضربة قوية للثورة البرتقالية التي أسسها يوتشينكو ويوليا توميشنكو.

يتبين من ذلك ان السياسة هي من يحرك ديمومة ذلك اللون، وفق عدة مفاهيم تسعى لاحلال الثورة وتصفية الحسابات، والالتفاف، والاقصاء، والاحتواء... فعلى الرغم من تلك التقلبات البرتقالية الا ان ذلك اللون وباعتراف كل ضمير حي يعتبر لونا حضاريا للنهوض بالإنسانية.

ولكن الا يبدو انه اصبح رمزاً يعبر عن المصالح الأميركية؟ فالثورة البرتقالية “الاوكرانية” تحمل احلاماً أميركية، والمتهم بالارهاب وفقاً للمواصفات الأميركية صُبِغت ملابسه باللون البرتقالي، افلا يشكل ذلك امتداداً برتقالياً على شاكلة المد الاخضر والاحمر؟


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024