إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

هل هناك خلافات حقيقية في حماس؟

نضال حمد

نسخة للطباعة 2012-02-15

إقرأ ايضاً


للمرة الأولى في تاريخها تجد حركة حماس نفسها أمام أزمة داخلية معقدة قد تؤثر بشكل كبير على تماسك ووحدة ومكانة الحركة. فالمواجهة بين الزهار ومشعل معضلة صعبة وحقيقية وليست كما سابقاتها. فيما يعتبر اتفاق الدوحة الأخير بين مشعل وعباس الشرارة التي أشعلت فتيل الخلاف وجعلته يخرج بقوة الى العلن. ويقول المحللون في هذا الصدد أن اتفاق الدوحة يحتاج إلى معجزة لتنفيذه.

على ما يبدو أن الخلاف السياسي الكبير في وجهتي نظر كل من زعيم حماس خالد مشعل وأحد أهم قادتها في غزة محمود الزهار ناتج عن تراكم خلافات في الرؤية والمواقف بينهما. ولا نعرف لغاية اليوم بالضبط ما هو نوع وشكل الاصطفاف الذي أخذ يتشكل داخل الحركة منذ الخلاف العلني الأول بين الرجلين نهاية العام الماضي ، بعد تصريحات أطلقها مشعل في لقاء القاهرة مع محمود عباس رئيس فتح والمنظمة والسلطة الفلسطينية، التي قال فيها مشعل لنعطي عباس وقتا إضافيا للمفاوضات، ورفضها في حينه الزهار وقال أنها رأي شخصي لخالد مشعل ولا يمثل رأي قيادة حماس.

بعد تصريحات الزهار الأخيرة سمعنا تصريحات لقادة آخرين من حماس بالذات في قطاع غزة مع تصريح وحيد لعضو من حماس في المجلس التشريعي من الضفة،بعض هذه التصريحات أيد الزهار وبعضها عارضه وأيد مشعل.

محمود الزهار أحد أقوى وأهم قادة حماس في فلسطين المحتلة وبالذات في قطاع غزة ومعروف عنه تشدده في المواقف وقيادته الفعلية للحركة في غزة مع إسماعيل هنية رئيس وزراء حكومة حماس هناك، وذلك بعد استشهاد معظم قادة الحركة الأوائل والأساسيين في القطاع مثل الشيخ احمد ياسين مؤسس وزعيم الحركة، الدكتور عبد العزيز الرنتيسي ، إسماعيل ابوشنب ، إبراهيم المقادمة ، صلاح شحادة ، سعيد صيام و نزار ريان. ويعتبر الزهار مع هنية من أهم القادة المؤثرين في مواقف حماس في غزة ، ومن أكثرهما شعبية في صفوف الحركة الإسلامية.لكن يبدو أيضا انه هناك تضارب في موقفي كل من الزهار وهنية من اتفاق الدوحة فهنية أيده والزهار رفضه. .

ليست هي المرة الأولى التي يعلن فيها الزهار رفضه ومعارضته وعدم رضاه عن مواقف قائد الحركة خالد مشعل ومواقف قادتها في الخارج وبالذات في موضوع الحوار الوطني والوحدة الوطنية والمصالحة الفلسطينية. إذ حصل وعارض الزهار في مرات سابقة، وأطلق تصريحات منددة بما تم الاتفاق عليه بين زعيم الحركة خالد مشعل ورئيس السلطة محمود عباس أو قادة فتح الآخرين. معتبرا إن تلك الاتفاقات غير ملزمة للحركة وانه اجتهاد شخصي للسيد خالد مشعل ولا يوجد إجماع عليها داخل قيادة الحركة .

يوم أول أمس دخل على خط التصريحات خليل الحية احد قادة حماس في غزة حيث قال : أن الحركة هناك لن تقبل بعباس رئيساً للحكومة إلا بعد تعديل القانون وحلفه اليمين. لكنه تابع قائلا : ان مشعل تصرف ووقع الاتفاق كرئيس للحركة وهذا يدخل من ضمن صلاحياته. يبدو أن موقف الحية موقف وسطي يترك مجالا للمناورة بين الزهار ومشعل. ويبدو انه اقرب للدبلوماسية الرافضة والموافقة ، ولسياسة "اللعم" يعني لا ونعم معاً وفي آن واحد. أنها تلك السياسة التي برعت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في استخدامها في سنوات سابقة.

قيادة كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس بدرها لم تنأى بنفسها عن الخلاف و التصريحات والانقسام في المواقف إذ أعلن قائدها العام محمد ضيف تأييده لموقف محمود الزهارن فيما أعلن نائبه أحمد الجعبري تأييده لموقف خالد مشعل. واعتبر الجعبري أن صلاحيات مشعل كرئيس للحركة تخوله القيام بذلك بدون الرجوع لمجلس شورى الحركة. في إشارة لعدم موافقته على موقفي الزهار وضيف.

و كان الزهار أكد في تصريحات أطلقها من غزة أن تولى عباس مسئولية الحكومة الفلسطينية القادمة خطوة خاطئة لم يتم التشاور فيها داخل حركة حماس وهى سابقة لم تحدث في تاريخ الحركات الإسلامية. وتابع الزهار : عندما كان يحدث مثل هذا الأمر "الانفراد بالقرار"، كان يتم تصحيحه بالعودة إلى المجالس الشورية، لذلك لابد من تصحيح هذه الخطأ.

وفي رد فعل من القدس والضفة على تصريحات الزهار وحماس في غزة أعلن احد أعضاء المجلس التشريعي عن حماس في القدس وهو السيد عطون أن الاتفاق بين مشعل وعباس قد تم وليس من حق الزهار أو أي كان الاعتراض عليه. لكن رد الزهار جاء سريعا بالنسبة لمثل تلك المواقف ولإعلان بعض قادة حماس في الخارج ترحيبهم بالاتفاق. حيث قال : أولا نواب حماس في الضفة يعيشون تحت ظروف معروفة إما سجن أبو مازن أو سجن (إسرائيل)، وإذا كان هناك شخص أو اثنين بالخارج رحبوا سوف نسألهم هل استشرت أحدا، مؤكدا في الوقت نفسه أن حماس في غزة لم يتم استشارتها، وهى التي تمثل الثقل الحقيقي لحركة حماس، كما أن هناك من أعضاء الحركة في الخارج لم يتم استشارتهم .

من الواضح ان الخلافات هذه المرة قوية داخل حركة حماس وأن لغة الزهار فيها تحدي واضح للآخرين حيث انه ذكر بثقل الحركة ومكانها الأساسي وهو قطاع غزة. ملوحا الى قوة الحركة هناك والى أنها هي التي تقرر مستقبل المنطقة والحركة.وتدعم مواقف محمد ضيف قائد القسام موقف الزهار. لكن يجب ان لا يغيب عنا أيضا أن إسماعيل هنية وخليل الحية واحمد الجعبري وهم من أهم قادة حماس والقسام في غزة أيدوا موقف خالد مشعل واتفاق الدوحة مع عباس. كل هذه الأمور تجري بسرعة حيث تتواصل التصريحات الحمساوية المختلفة حول مؤيد ومعارض للاتفاق بين مشعل و عباس.

هناك من سأل : لماذا قدم أبو الوليد - خالد مشعل اقتراحه بأن يكون عباس رئيسا للوزراء؟ .. والزهار في تصريحاته وعد بالتحقق من ذلك في أول اجتماع قيادي للحركة في الداخل والخارج، في دليل على عدم رضاه وانزعاجه الشديد من موقف مشعل. ولكن هناك أيضا من أجاب أن: مشعل لم يفعل ذلك لكن أمير قطر هو صاحب الاقتراح الذي وافق عليه أبو الوليد ثم عباس بعد تردد.

لم يتوقف الزهار عن الرفض لكنه تساءل أيضا

"هل في هذه الأجواء التي صنعها أبو مازن بالتنسيق الأمني بين أجهزة الضفة و (إسرائيل) يمكن ان تجرى انتخابات حرة ونزيهة في الضفة المحتلة؟".

وقال "بالتالي كل ما تم الاتفاق عليه في الدوحة يتناقض مع الأمر الواقع وإمكانية تطبيقه وأيضا ما تم التوافق عليه في الورقة المصرية".

واشار الى ان الاتفاق يتضمن "وضع عدة أمور مختلف عليها مثل قضية عودة كوادر فتح لقطاع غزة وحرية أبناء فتح. لذلك هي اتفاقية تصب في مصلحة حركة فتح وليس لصالح مشروع المصالحة ومشروع الحركة الاسلامية".

كما تحدث الزهار عن اجتماع لقيادة الحركة في الداخل والخارج يعقد بسرعة لحسم هذا الموضوع.

في ظل التصريحات المتضاربة لقيادات حماس التقى مؤخرا في قطر خالد مشعل بإسماعيل هنية العائد من زيارة إيران ، ويقال أن القائدين الأبرز في الحركة الإسلامية لم يتوصلا الى موقف موحد حول الأزمة التي أثارها اتفاق الدوحة بين عباس ومشعل. مما يدل على جدية و خطورة الخلاف داخل الحركة. لكن المحللين والعارفين في شؤون حماس يقولون ان مشعل وهنية ليسا على طرفي نقيض فيما يتعلق بالنزاع الداخلي في حماس لكنهما يحاولان حل الخلافات داخل قيادتها الجماعية، وبالذات بين مشعل ومن معه في الخارج والداخل وبين قادة الحركة في غزة المقربين من هنية والزهار. ويجب ان لا ننسى ان حماس تعاني أيضا من تشتت قادتها وعدم وجود مقر لقيادتهم بعد خروج رئيسها ونائبه وبعض أعضاء المكتب السياسي من دمشق نتيجة تدهور الأوضاع في سورية،وكنتيجة حتمية لموقف حماس الذي لم يؤيد النظام السوري حيث أدى هذا الموقف الى انقطاع التواصل بين الجانبين ، والى رفض القيادة السورية مقابلة أي مسئول من حماس. والى تدهور العلاقات بين الحركة وحليفها الأقوى النظام السوري الذي يخوض حربا شرسة على كل الجبهات للدفاع عن نفسه وعن سيادة ووحدة سورية. والى رفض مصر والأردن وحتى قطر منح حماس مقرات بصلاحيات كما كانت مقدمة لها في سورية. وهذا قد يؤدي بقادة حماس الى تقديم مواقف سياسية مقابل الحصول على تسهيلات في تلك الدول. وقد يكون اتفاق الدوحة بداية لسلسلة من تلك المواقف المتساهلة.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024