إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

أغراض الحزب السوري القومي الاجتماعي(*)

سهيل رستم

نسخة للطباعة 2012-04-25

إقرأ ايضاً


لقد حدد سعاده منذ البداية غاية الحزب وأهدافه ومقاصده وأغراضه، ولأنه لا يمكن في هذه الزاوية التعرض إلى كل الأغراض التي عناها الحزب، فإنني سأتعرض الآن لبعضها، وربما تأتي فرصة يمكن التعرض إليها كلها، وبالتفصيل.

يقول سعاده في شرحه غاية الحزب المنشور في (الجزء الثاني) من آثاره، وفي المحاضرة العاشرة في كتاب (المحاضرات العشر): " إن غرض الحزب هو توجيه حياة الأمة نحو التقدم والفلاح، هو تحريك عناصر القوة القومية فيها لتحطيم قوى التقاليد الرثة وتحرير الأمة من قيود الخمول والسكون إلى قواعد مهترئة، والوقوف سداً منيعاً ضد المطامع الأجنبية التي تهدد مصالح ملايين السوريين وكيانهم، وإنشاء تقاليد جديدة نرسخ فيها نظرتنا الجديدة إلى الحياة ومذهبنا القومي الاجتماعي ".

في الشرح السابق يحدد سعاده قاعدتين أساسيتين توضحان الغرض من إنشاء الحزب، القاعدة الأولى هي: "توجيه حياة الأمة نحو التقدم والفلاح" وهو عندما حدد المفهوم القومي الاجتماعي للأمة بأنها "مجتمع واحد" وأن الفكر القومي الاجتماعي يعمل للارتقاء بالأمة إلى ما لا حدود بما وضعه من قواعد ومرتكزات لتقدم الأمة ونجاحها وتطورها، أدرك أن التقدم والارتقاء لا يمكن أن يتحققا إلا بتحديد مسار الأمة وفق اتجاه واضح تتطلع الأمة من خلاله إلى تحقيق مطالبها العليا النابعة من نفسيتها المتكونة عبر مسارها التاريخي الطويل، وبسبب ما تعرضت له الأمة من خمول نتيجة خضوعها لقوى خارجية فإنها تعرضت لضعف في تحديد اتجاهها ومطالبها، ولم تكن تملك إرادتها في تقرير مصيرها، وتحقيق أغراضها، وأهدافها، وغايتها، وبانطلاق الفكر القومي الاجتماعي بمبادئه وقواعده ومفاهيمه، أعاد رسم الاتجاه الصحيح للأمة والذي يؤدي إلى تقدمها وارتقائها. فتوجيه حياة الأمة وفق اتجاه واضح وعبر مسار مرسوم شرط أساسي لتقدمها ونجاحها فيما تسعى إليه، والأمة التي لا تحدد اتجاهاً، وتعمل وفق اتجاهات مضطربة أو متباينة، وأحياناً متعاكسة، فإن اتجاهاتها هذه تعرقل بعضها بعضاً وتؤدي إلى حالة من الركون والجمود وربما إلى حالة من التراجع، ولقد تنبه الفكر القومي الاجتماعي إلى هذه المعادلة، وانطلق يعمل وفق اتجاه واضح لما رأى أنه ينتقل بالأمة إلى حالات أرقى وأفضل.

والقاعدة الثانية الواردة في غرض الحزب آنف الذكر، تشمل أربعة عناصر هي:

- " تحريك عناصر القوة القومية فيها لتحطيم قوة التقاليد الرثة ".

- " تحرير الأمة من قيود الخمول والسكون إلى قواعد مهترئة ".

- " الوقوف سداً منيعاً ضد المطامع الأجنبية التي تهدد مصالح ملايين السوريين وكيانها ".

- " إنشاء تقاليد جديدة ترسخ فيها نظرتنا الجديدة إلى الحياة، ومذهبنا القومي الاجتماعي ".

فالحالة التي تعرضت لها الأمة ووصلت بها إلى ما هي عليه نتيجة عهود الخمول التي مرت عليها، ونشوء تقاليد فيها لا تعبر عن نفسيتها وروحيتها بسبب سيطرة قوى غريبة عليها أدت إلى تراجعها، هذه الحالة حرضت الفكر القومي الاجتماعي وفق تطلعاته للعمل على تحريض القوى الكامنة في الأمة، وتحريكها باتجاه النهوض بالأمة وارتقائها، وتحريرها من عوامل السكون التي سيطرت عليها، وإزالة التقاليد المتضاربة مع روحيتها ونفسيتها، لتعود إلى أصالتها وتقاليدها المعبرة عن روحيتها المستمدة من " مواهبها وتاريخها الثقافي السياسي القومي " الممتد إلى " ما قبل الزمن التاريخي الجلي " ولتنشئ تقاليد جديدة وفق النظرة الجديدة إلى الحياة الشاملة الأمة كلها والمعبرة عن العقيدة القومية الاجتماعية وقواعدها الهادفة للارتقاء بالمجتمع.

وأمام ما تتعرض له الأمة من مطامع الدولة الأجنبية المرتكزة في اتجاهها إلى قاعدة الصراع على المصالح، والتي تهدد الأمة بوجودها، وبمصالح أبنائها، فإن الفكر القومي الاجتماعي أقر من ضمن أغراضه إنشاء قوة اقتصادية، اجتماعية، سياسية، عسكرية تستطيع أن تقف لمجابهة المطامع الخارجية التي تهدد المجتمع السوري بأكمله، وتنشئ مجتمعاً قادراً على الوقوف في ميادين الصراع لتحقيق مصالحه والدفاع عن وجوده، وقادراً على لعب دوره في النزاعات الدولية، وتوجيه الصراعات الموجهة التي يحقق فيها مصالحه، مع استمرار دعوته إلى النظرية الجديدة التي صاغها للعلاقات الدولية والتي تقول " بالتفاعل بين المجتمعات لتحقيق مصالحها " بدل النزاعات على مصالحها والتي تؤدي إلى حروب للمجتمعات.

كما حدد سعاده غرضاً آخر للحزب في الخطاب المنهاجي الأول في حزيران 1935، والمنشور في الجزء الثاني من آثاره، فقال: " إن الغرض الذي أنشئ له الحزب هو غرض اسمي، وهو جعل الأمة السورية هي صاحبة السيادة على نفسها ووطنها ".

إن هذا الغرض يشكل شرطاً أساسياً لنهضة الأمة وتقدمها وتطورها وارتقائها، فإذا لم تكن الأمة قادرة على ممارسة سيادتها الكاملة، وفي كل شؤونها، فلن يكون لها إرادة في تحديد اتجاهاتها، ومساراتها المؤدية إلى نموها وارتقائها، ولا تستطيع أن تعبر عن نفسيتها وروحيتها، ولا أن تحقق مطالبها ومثلها العليا، وستبقى خاضعة لتدخل الإرادات الأخرى لتحقيق مصالح وأهداف خارجة عن مصالح وأهداف الأمة، فسيادة الأمة على نفسها ووطنها يعني أن إرادتها تفعل ما يلائم تطلعاتها، وتفعيل طاقاتها، واستخدام مواردها على كامل ساحة الوطن الذي يشكل البيئة الطبيعية التي نشأت فيها، وأي انتقاص في السيادة سواء على المجتمع أو الأرض، أو على بعض منها، يؤدي إلى انتقاص في عملية الأمة وسلبها بعض إرادتها، وعرقلة طموحاتها في النمو والارتقاء.

فالحزب الذي نشأ يعمل لنهضة الأمة، حدد أحد أغراضه الأساسية بأن تكون الأمة سيدة نفسها، وأن تكون إرادتها هي التي تقرر مجرى حياتها في شؤونها كافة.

(*) من كتابه " الفكر القومي الاجتماعي: مفاهيم، قواعد ومرتكزات " الصادر عن " دار فكر ".


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024